نعم ، هو الموت ذاته ، يعود يكرر نفسه دفعة واحدة ، ضجيج و صرخات ، ومشاهد تتوالى دون نقص لا شيء يتغير، سوى بعض أسماء اكثرها كانت تريد جزءا من الحياة في دائرة مغلقة تنجب الحرب ذاتها وتقدم موتا بالجملة بمفاهيم مجانية ، تلك المفاهيم التي باتت تستهلك أكثر من قيمة الانسان وكأنها تبرر مظاهر القبح التي ينتجها الموت وكأنها تعطيه لباسا أكثر بهاءا فلازلت لا أفهم كيف تتشابك مظاهر البهجة مع الموت !.
أرفض تماما تلك اللغة التي تستخدم مع تلك الحرب، التي تتوالد في قطاع غزة وتلك المفاهيم بألوان أيدولوجية مصطنعة ، التي تلتصق بموت إنسان، لازلت لا أفهم تلك المبررات الفظة في خلق انسان داخل مساحة يأكلها القتل في أن يجعل من فكرة الموت أمرا عاديا في سبيل الوطن !.
أعلم جيدا ما يعنيه “الوطن” لكنني أرفض تلك اللغة المستخدمة من قبل وسائل الاعلام و وعناصر من قوى السلطة تتحكم في مضمون خطاب مهتريء يجعل تلك الأرطال من الموت أمرا عاديا من أجل انتزاع انتصار غير موجود على أرض الواقع فالمعادلة هنا صفرية الجميع فيها خاسر !.
هذا الخطاب الذي تحدث عنه المفكر الفرنسي “فوكو” وأوضح أهمية اللغة فيه ومدى لعب السلطة في التأثير على الإنسان كي يلتهمه ويردده دون أدنى تفكير بتداعياته عليه !.
ولازال السؤال مفتوحا هل بعد كل تلك الابادة التي حصلت هل هنالك مجالا للحديث عن مفهوم واضح للانتصار ، إنتصار سيكون حول ذلك الركام الذي فقد صوت طفل كان حلمه أن يصنع بيتا من رمال وطن حر ، و تلك الابتسامة التي تحولت دما على أرض فاض بها الوجع ، من الواضح أن الفلسطيني لم يعد يتحمل أن يبقى “كإسفنجة ” يمتص كل تلك المعاناة دون ان يكون هنالك مخرج لتلك البداية التي لا يوجد حتى اللحظة بوادر انجاب مفهوم واضح لكرامة إنسان !.
شيء ربما قريب من العدم ، مشاهد متشابهه ، وكأن المشاهد العادي بات يعتاد على تلك الصور وكأن ذلك القتل بات مألوفا لحواسنا بشكل أو بآخر.
كل ما حدث ولازال يحدث حتى اللحظة ، مع تلك الفترة التي تزداد طولا وكأنها الحياة هنالك في قطاع غزة باتت تتمثل كشيء من “المطاط ” لزيادة تقسيط الألم ، ولم العجب وما حصل في سوريا ريما يكون أفظع أمام صمت دولي ، وكأنه النظام السوري قد أعطى تفويض شرعي أكثر لنضع مقارنة دون وعي ، أي الموت من بينهم كان أكثر أو أقل صوتا !.
هنالك احتلال اسرائيلي موجود ، ومقاومة تحاول أن تفعل شيئا ، لكن أن تبقى حركات المقاومة داخل دائرة السلاح دون احداث ثورة ايدولوجية مسبقة تكسر كل فكرة لهذا الموروث الثقافي التي تبتعد عن الحفاظ على حياة الانسان ، دون أن يكون لها جدار سياسي بجانب تلك “الوسائل العسكرية ” ، ودن اعادة تدوير لتحالفات دولية لتعطي لنفسها شرعية أكثر ، كل ذلك سيبقى في دائرة من العدم لا يضعها في دائرة وجودها ، بل ستبقى شيئا قريب من الهشاشة فإن لم تحاول صناعة نفسها كفاعل دولي يؤثر في السياسية الدولية وأن تجمع بين المصلحة العامة والفردية دون أن تطغى واحدة على الأخرى، في صناعة دولة تريد الحرية ، كل ذلك إن لم يتحقق فعلا فسيبقى ما يحدث يتكرر دوما وتفاعل المشاهد يزداد صمتا حتى يصاب بالتلبد !.