استقبل العاهل السعودي الـملك “عبد الله بن عبد العزيز آل سعود” في قصره بمدينة جدة غربي المملكة، مساء البارحة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في أول زيارة يقوم بها السيسي للسعودية منذ انتخابه رئيسًا لمصر قبل شهرين.
وعقد الجانبان اجتماعًا موسعًا، أعقبه اجتماع ثنائي مغلق بين العاهل السعودي والسيسي.
وفي بيان صدر اليوم الإثنين، قال السفير “إيهاب بدوي” المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إنه عقب إجراء مراسم الاستقبال الرسمي في مطار الملك عبد العزيز الدولي، توجه السيسي والوفد المرافق، إلى قصر الملك، حيث عقدت جلسة مباحثات موسعة بين الجانبين المصري والسعودي برئاسة الرئيس والملك.
وأضاف بدوي أن الجلسة “تم خلالها استعراض مجمل الأوضاع الإقليمية وفي مقدمتها الوضع في غزة وجهود التهدئة التي تبذلها مصر حقنًا لدماء المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطيني، في إطار مبادرتها لتحقيق هدنة مستقرة يتم البناء عليها من خلال مفاوضات لاحقة، وبما يتيح استئناف التفاوض حول الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وبحسب البيان فقد تم خلال اللقاء استعراض تطورات الأوضاع في العراق في ضوء اتساع دائرة الإرهاب في المنطقة وانعكاسات ذلك على الأوضاع العراقية بصفة خاصة والإقليمية بصفة عامة، كما تم استعراض الأوضاع في كل من سوريا وليبيا وانعكاساتها على كل من مصر والمملكة العربية السعودية والأمن القومي العربي.
واتفق الجانبان على “العمل معًا للنهوض بالأمتين العربية والإسلامية، وتحقيق حلم التكامل والتضامن وتعزيز العمل العربي المشترك، ونشر قيم الإسلام الصحيحة الوسطية، التي تنبذ العنف والتطرف والارهاب، وبذل الجهود لتصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام في العالم، والتي أضحت مرتبطة بالإرهاب والعنف بعد ما طالها من تشويه”، وفق البيان.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إنه جرى خلال اللقاء الموسع “بحث مجمل الأحداث التي تشهدها الساحات الإسلامية والعربية والدولية وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية الـمحتلة والجهود المبذولة لإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
كما جرى، وفقًا للوكالة، “بحث آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين في جميع المجالات”.
وفي نهاية اللقاء، قلد العاهل السعودي الرئيس المصري قلادة الملك عبد العزيز التي تمنح لكبار قادة وزعماء دول العالم الشقيقة والصديقة “تكريمًا له وللشعب المصري الشقيق”، كما أعرب السيسي عن شكره وتقديره للعاهل السعودي، واعتزازه بهذا التكريم.
وحضر اللقاء من الجانب السعودي: الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، الـمستشار والـمبعوث الخاص للعاهل السعودي، الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة، الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية.
كما حضره من الجانب المصري وزير الخارجية سامح حسن شكري، رئيس ديوان رئيس الجمهورية هشام حسين الشريف، سفير مصر لدى المملكة عفيفي عبد الوهاب، مدير مكتب رئيس الجمهورية اللواء عباس مصطفى كامل، والمتحدث باسم الرئاسة، إيهاب بدوي.
وكان مصدر في مؤسسة الرئاسة المصرية صرح لوكالة الأناضول بأن السيسي سيعقد لقاءً مع العاهل السعودي “يتطرق إلى الأوضاع في غزة، وآخر استعدادات مؤتمر المانحين الذي سيعقد (في موعد لم يتحدد بعد) برعاية السعودية بهدف دعم الاقتصاد المصري”.
وحول زيارة السيسي، قال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل إن اللقاء الذي جمع مساء البارحة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جاء في الوقت الذي تتعرض فيه الأمة إلى “تدخل من قوى خارجية وفتن وخلافات في الداخل “.
وقال في تصريح: “لا شك أن اللقاء بين قيادتي البلدين ضروري في ظل ظروف الأمة العربية والإسلامية، حروب خارجية وتدخل من قوى خارجية، وفتن في الداخل، وخلافات بين الأمة العربية، بينما هي في أشد الحاجة إلى التضامن والتكاتف كوقفة رجل واحد لرد العداوات عنهم “.
وعن مبادرة العاهل السعودي لإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، قال وزير الخارجية: “البلدان متفقان في الأمر وينسقان حتى يقام هذا المركز ويكون فعالاً “.
وبين أنه سبق أن دعا “منذ عشر سنوات في مؤتمر الرياض إلى إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وقد حظي المقترح بتأييد العالم أجمع في حينه، وذلك بهدف التنسيق الأمثل بين الدول”.
ووجّه تحذيرًا جديدًا “لكل الذين تخاذلوا أو يتخاذلون عن أداء مسئولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، بأنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد”.
وقبيل يوم من توجهه إلى السعودية، دعا الرئيس المصري، خلال لقاء موسع جمعه مع إعلاميين مصريين في القاهرة، إلى تشكيل “حلف عربي” لمواجهة خطر “داعش” (تنظيم الدولة الإسلامية)، الذي سيطر على أنحاء واسعة من العراق وسوريا.
وهذه أول زيارة يقوم بها السيسي للسعودية منذ انتخابه رئيسًا لمصر قبل شهرين، والرابعة للخارج بعد زيارته الجزائر وغينيا الإستوائية والسودان، خلال جولة أفريقية في يونيو الماضي.
واللقاء بين العاهل السعودي والسيسي هو الثاني بينهما خلال شهرين، بعد اللقاء الذي جمعهما في طائرة العاهل السعودية، خلال زيارة خاطفة قام بها للقاهرة في 20 يونيو الماضي.
ورأى السيسي أن زيارته للسعودية “مهمة وفيها جانب عاطفي يتعلق بالعلاقة القوية وموقف السعودية”، في إشارة إلى حزمة المساعدات التي قدمتها المملكة إلى مصر منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وكان العاهل السعودي قام بزيارة خاطفة لمصر في 20 يونيو الماضي، حيث عقد معه السيسي لقاءً لمدة 35 دقيقة على متن الطائرة الملكية التي وصلت إلى مطار القاهرة الدولي.
وفي أوائل يونيو أيضًا، دعا العاهل السعودي، في برقية تهنئة بعث بها إلى السيسي عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، إلى عقد مؤتمر مانحين بشأن دعم مصر، في الوقت الذي كانت السعودية من أوائل الدول التي دعمت مصر بعد إطاحة قيادة الجيش بمرسي في يوليو 2013، حيث قدمت لمصر مساعدات اقتصادية بلغت حوالي 5 مليارات دولار أمريكي.
وكان وزير خارجية الإمارات الشيخ “عبد الله بن زايد آل نهيان” قد وصل إلى جدة مساء البارحة بالتزامن مع زيارة يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى المملكة.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إنه كان في استقبال آل نهيان بمطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، حيث عقد الطرفان اجتماعًا ثنائيًا في قاعة الاجتماعات بالمطار جرى خلاله تبادل الأحاديث الودية وبحث العلاقات ذات الاهتمام المشترك، فيما لم يعرف بعد ما إذا كان وزير الخارجية الإماراتي سيلتقي السيسي بالمملكة أم لا.