أعلنت الولايات المتحدة اليوم تأييدها للرئيس العراقي “فؤاد معصوم” كحامٍ للدستور، وذلك بعد اتهام رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، له بـ”خرق الدستور”.
وقالت نائبة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية “ماري هارف” في تصريح صحفي مكتوب البارحة الأحد إن “الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل الرئيس فؤاد معصوم في دوره كحامٍ للدستور العراقي، ونؤكد دعمنا لعملية اختيار رئيس وزراء يستطيع تحقيق تطلعات الشعب العراقي عن طريق بناء اجماع وطني وحكم بطريقة شاملة”.
وبينت هارف معارضة بلادها لأي محاولة تخالف الانتقال الدستوري للسلطة، قائلة: “نرفض أي جهد لإحراز نتائج عن طريق الإكراه أو التلاعب بالعملية الدستورية أو القضائية”.
ولفتت إلى استعداد بلادها لـ “تأييد حكومة جديدة وشاملة في حربها ضد داعش”، مؤكدة على أن هذا السبيل هو “أفضل وسيلة لتوحيد البلاد ضد داعش، والحصول على دعم من دول أخرى في المنطقة والمجتمع الدولي”.
وكان رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته “نوري المالكي” قد اتهم رئيس البلاد فؤاد معصوم، بـ”خرق الدستور”، مشيرًا إلى أنه يعتزم تقديم شكوى ضده إلى المحكمة الاتحادية وهي المختصة بالفصل في النزاعات الدستورية.
وقال المالكي في كلمة متلفزة، في الساعات الاولى من صباح الإثنين: “سأقدم شكوى إلى المحكمة الاتحادية على رئيس الجمهورية لارتكابه خرقين للدستور ولتغليبه مصالح فئوية على مصالح العراقيين”، مضيفًا أن “رئيس الجمهورية خرق الدستور بتمديد مهلة اختيار مرشح الكتلة الأكبر وتجاوز المهلة الدستورية متعمدًا”،
وقال المالكي إنه نبه رئاستي مجلسي النواب والجمهورية إلى خطورة أي تجاوز على الدستور، معتبرًا أن هذا الأمر يأتي انطلاقًا من مسئوليته الوطنية والشرعية والأخلاقية
ودعا المالكي رئيس مجلس النواب إلى مساءلة رئيس الجمهورية “على خرقه الصريح للدستور”، وأضاف أن هذا التصرف يمثل في نهايته “انقلابًا على الدستور والعملية السياسية وله تبعات خطرة على وحدة العراق”.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر شرطية بالعراق أن “قوات خاصة موالية للمالكي نُشرت في مواقع استراتيجية في بغداد ليل الأحد بعد أن ألقى كلمة صارمة في التلفزيون أشار فيها إلى إنه لن يرضخ للضغوط الرامية إلى تخليه عن محاولته البقاء لفترة ثالثة في رئاسة الحكومة”، كما قالت الشرطة العراقية أن ميليشيات شيعية موالية للمالكي صعدت دورياتها في بغداد، كما تمركزت دبابة عند مدخل المنطقة الخضراء ببغداد حيث توجد مباني الحكومة.
ونقلت الوكالة كذلك عن مسئول أمريكي – دون الكشف عن اسمه – أن “الولايات المتحدة تعتبر التصريحات التي تنم عن التحدي والتي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مثيرة للقلق ولكنها لا ترى ما يشير إلى تعبئة القوات العراقية بأسلوب غير معتاد على الرغم من الأجواء المتوترة في بغداد”.
ووفقًا للدستور العراقي، فإن على رئيس الجمهورية “فؤاد معصوم” أن يدعو خلال 15 يومًا من أدائه اليمين الدستوري – الذي كان في 24 يوليو – الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب (التحالف الوطني الذي يضم الكتل السياسية الشيعية) إلى تسمية مرشحها لرئاسة الوزراء، وهو ما لم يتم حتى اليوم، على أن يتم تشكيل الحكومة خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ التكليف، بحسب الدستور.
ويتوجب على الكتلة الأكبر أن تحصل على تأييد 165 عضوًا في البرلمان العراقي من أصل 328 عضوًا، لتضمن منح مرشحها لرئاسة الوزراء الثقة، والمضي في إجراءات تشكيل الحكومة.
ويدور الخلاف الأبرز على هوية رئيس الوزراء القادم، بعد تمسك المالكي الذي يرأس ائتلاف دولة القانون (أكبر الكتل داخل التحالف الوطني)، بالترشح للمنصب، والرفض الواسع من القوائم السياسية الشيعية والسنية والكردية للتجديد له لدورة ثالثة.
ويتهم منتقدو المالكي بانتهاج أجندة طائفية همشت السنة ودفعت بعضهم لدعم مقاتلي “داعش” الذين أدى إحدث تقدم لهم عبر شمال العراق إلى إثارة قلق حكومة بغداد وحلفائها الغربيين.
ويبدو أن صبر واشنطن نفد إزاء المالكي الذي وضع ساسة شيعة موالين له في المناصب الرئيسية في الجيش وشبهه البعض بالرئيس العراقي الذي تم إعدامه “صدام حسين” وهو الرجل الذي تآمر عليه من المنفى منذ سنوات.
وكشف مصدر مطلع من داخل التحالف الوطني – الشيعي – البارحة الأحد أن المفاوضات التي أجريت خلال الأيام الماضية لإقناع المالكي بالعدول عن الترشح لرئاسة الحكومة لولاية ثالثة قادت إلى الاتفاق الأولي على أن يترشح القيادي في ائتلاف “دولة القانون” حيدر العبادي لشغل المنصب.
وفي تصريحات خاصة للأناضول قال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه إن “أزمة مرشح رئاسة الوزراء شبه حسمت بعد الاتفاق الأولي على أن يترشح القيادي في دولة القانون حيدر العبادي والذي يشغل منصب النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي لمنصب رئيس الوزراء بديلاً عن المالكي الذي واجه رفضًا سياسيًا واسعًا إلى جانب رفض المرجعية الدينية (الشيعية) في النجف الأشرف لولايته الثالثة”.
ووفقًا للتقسيم المعتمد للمناصب منذ عام 2003، وهو تقسيم لا ينص عليه أي بنود دستورية، فإن منصب رئاسة الوزراء في العراق من نصيب المكون الشيعي، ورئاسة البرلمان للمكون السني، أما رئاسة الجمهورية فمن حصة المكون الكردي.