أثناء الحرب العراقية الايرانية سنة 1988، وحسب وثائق سرية للمخابرات الأمريكية نشرتها صحيفة الفوراين بوليسي، رصد الجيش الأمريكي من خلال الأقمار الصناعية تقدما لوحدات كبيرة من الجيش الايراني على وشك الحاق خسارة كبيرة بالجيش العراقي، ورغم علم المخابرات الأمريكية مسبقا بأن صدام سيستخدم الأسلحة الكيمياوية فإنها قدمت له خرائط وصور لأماكن تواجد أربعة كتائب رئيسية للجيش الايراني ولنقاط الامداد الخاصة بها.
الوثائق تؤكد أيضا أن إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغن كانت على علم بأن تسليم تلك المعلومات لصدام يعني استهدافها بالأسلحة الكيمياوية وتؤكد أيضا أن كل ما كان يعني الإدارة الأمريكية حينها هو ايقاف أي تقدم عسكري للايرانيين على حساب حليفها صدام حسين، وذاك ما حدث فعلا حيث استخدم صدام صواريخ محملة بغاز الخردل المحرم دوليا قلب من خلالها موازين القوى ملحقا خسائرا فادحة بالايرانيين أجبرتهم على الرضوخ والجلوس على طاولة المفاوضات.
وكانت ايران قد أعلنت أثناء حربها مع العراق أن قواتها تعرضت لهجمات بغازات كيمياوية مثل غاز الخردل وأعلنت أنها ستقدم الأدلة للأمم المتحدة لمحاسبة نظام صدام دوليا، غير أنها لم تنجح في الوصول إلى أدلة الكافية لإثبات استخدام صدام لهذه الأسلحة، الأدلة التي تؤكد الوثائق الأمريكية اليوم أن المحابرات الأمريكية كانت تمتلك حينها الأدلة الكافية لإثبات استخدام صدام لغاز الخردل.
وتشير وثائق المخابرات الأمريكية التي نشرت حسب القانون الأمريكي الذي يتيح نشر الوثائق السرية بعد مرور فترة من الزمن، إلى أن ويليام كازي مدير المخابرات الفدرالية والصديق المقرب جدا من الرئيس الأمريكي حينها كان على علم بأماكن تصنيع وتخزين الأسلحة الكيمياوية في العراق ووصلته تفاصيل صفقات أبرمها صدام مع دول أوروبية مثل ايطاليا للحصول على معدات تتيح له تسريع عملية تصنيع الأسلحة الكيمياوية وتخزينها.