أعلن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته “نوري المالكي” مساء البارحة الخميس عن تنازله عن الترشح لولاية ثالثة بعد ضغوط كبيرة من داخل العراق وخارجه.
وقال المالكي في خطاب متلفز وبجانبه رئيس الوزراء المكلف، حيدر العبادي: “أعلن أمامكم اليوم ولتسهيل سير العملية السياسية ولتشكيل الحكومة الجديدة سحب ترشيحي لصالح الأخ الدكتور حيدر العبادي وكل ما يترتب على ذلك حفاظًا على المصالح العليا للبلاد”.
وأضاف المالكي “لم أتشبث بالسلطة ولكني كنت أدافع عن الحق والدستور”، في إشارة إلى تمسكه بما يراه “حقه” في تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن أعلن الرئيس “فؤاد معصوم” الإثنين الماضي، تكليف العبادي المنتمي لائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي بتشكيل الحكومة الجديدة.
المالكي قال أيضًا “استبعدت خيار القوة لتفادي العودة إلى الحكم الدكتاتوري”. ويظل المالكي القائد العام للقوات المسلحة العراقية حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت وكالة رويترز إن “المالكي أذعن أخيرًا لضغوط من داخل العراق وخارجه وتنحى عن منصبه كرئيس للوزراء؛ مما يمهد الطريق لحكومة ائتلافية جديدة يأمل العالم والقوى الإقليمية أن تتمكن من وقف تقدم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يهددون بغداد”.
من جهته، قال “علي الموسوي” المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء المنتهية ولايته، إن المالكي سحب دعوة كان قد أقامها أمام المحكمة الاتحادية العليا – أعلى هيئة قضائية – لإبطال قرار رئيس الجمهورية بتكليف العبادي بتشكيل الحكومة المقبلة.
وأشاد وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” بتنازل رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته “نوري المالكي” عن الترشح لولاية ثالثة في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال كيري: “نحيي القرار المهم والمشرف لرئيس الوزراء نوري المالكي، لدعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في جهوده لتشكيل حكومة جديدة، ووضع برنامج وطني يتسق مع الجدول الزمني للدستور العراقي”، معتبرًا هذا القرار “يهيئ لانتقال تاريخي وسلمي للسلطة في العراق”.
وأثنت مستشارة الأمن القومي الأمريكي “سوزان رايس” على قرار المالكي الانسحاب من الترشح لصالح العبادي في سبيل دعم تشكيل حكومة “تنسجم مع معطيات الدستور.
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض على لسان رايس: “اليوم أخذ العراقيون خطوة رئيسية أخرى لتوحيد بلدهم، نثني على رئيس الوزراء المالكي لقراره دعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في جهوده لتشكيل حكومة جديدة تنسجم مع الدستور العراقي”.
ودعا كيري في بيانه، العبادي والقادة العراقيين إلى “التحرك بسرعة لإكمال هذه العملية الأساسية لتوحيد العراق وتضافر جهود المجتمعات المختلفة ضد الخطر المشترك الذي تشكله الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام”.
وتزامنت الأزمة السياسية التي انفرجت مساء البارحة مع هجوم واسع يشنه “ثوار عشائر العراق” وتنظيم “الدولة الإسلامية” – والمعروف إعلاميًا باسم داعش -، على مناطق واسعة بالعراق، أسفر عن سيطرتهم على عدة مدن وأقضية أبرزها الموصل.
في الوقت الذي توجه فيه القوات الجوية الأمريكية منذ يوم الجمعة الماضي، ضربات تقول واشنطن إنها “محدودة” لوقف تقدم التنظيم باتجاه أربيل، عاصمة إقليم شمال العراق، و”حماية المصالح الأمريكية”.
وكلف الرئيس العراقي “فؤاد معصوم” الإثنين الماضي، النائب حيدر العبادي مرشح التحالف الوطني، النائب عن كتلة “دولة القانون” بتشكيل الحكومة رسميًا، وهو ما رفضه رئيس الوزراء المنتهية ولايته “نوري المالكي” وتمسك بتشكيل الحكومة لفترة ثالثة، قبل أن يتراجع مساء الخميس ويعلن تنازله عن تشكيلها للعبادي وسط دعم عربي ودولي للأخير.
وكان حزب الدعوة – الذي ينتمي إليه المالكي – أعلن يوم الأربعاء الماضي دعمه العلني للعبادي وطلب من المشرعين العمل معه لتشكيل حكومة جديدة، كما أعلن الزعيم الأعلى الإيراني “آية الله علي خامنئي” تأييده الشخصي للعبادي ونأى بنفسه عن المالكي.
ووصف “أبوعبد النعيمي” الناطق الرسمي باسم “ثوار عشائر العراق” كلاً من رئيس الوزراء المنتهية ولايته “نوري المالكي” ورئيس الوزراء المكلف “حيدر العبادي” بأنهما “مجرد وجهين لعملة واحدة”.
وقال النعيمي في تصريح هاتفي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ): “ثوارنا من أبناء العشائر وكبار ضباط الجيش العراقي الآن على مشارف بغداد، وفي الأيام القليلة القادمة سنزحف على العاصمة وسنلقي القبض على كل من المالكي والعبادي ومن سلك مسلكهم من الخونة والعملاء بالمنطقة الخضراء وستتم محاكمتهم أمام المحاكم الدولية”.
وتابع النعيمي حديثه من موقع قرب العاصمة، رفض تحديده لدواعٍ أمنية: “بعدها سنشكل حكومة إنقاذ وطني من ثوار العشائر يشارك فيها كافة المكونات العراقية سنة وشيعة وعرب وتركمان وأيزيدين، كل العراقيين بلا اختلاف وبغض النظر عن القومية والمذهب”.
وحول أسباب رفضه لإعطاء العبادي فرصة رغم ترحيب كتل سياسية عدة بتكليفه، قال: “لن نعطيه فرصة .. وكما قلت فنحن نؤمن أنه الوجه المقابل للمالكي؛ فهو ينتمي لذات الحزب الدعوة، والعبادي طائفي وسيفصل بين الشعب، وقد قلنا من قبل إن الاحتلال للعراق كان باطلاً وكل ما ترتب عليه يعد باطلاً وبالتالي فلا شرعية لا للمالكي ولا لمن يخلفه”.