وإذا بـ نوري المالكي يطلق عملية ” ثأر الشهداء ” تقودها قطعات من الجيش وجهاز مكافحة الأرهاب في مناطق غرب وشمال بغداد ، تلك المناطق التي تكثر فيها الطائفة السنيّة ، ومنذ بدء هذه العملية وحتى اليوم تشّن هذه القوات حملات يومية لمداهمة المدن والقرى والبيوت في هذه المناطق ، وتقوم باعتقال أغلب الرجال المتواجدين ، ملصقة لهم تهمة الأرهاب والانضواء تحت لواء تنظيم القاعدة ، ثم بدأت هذه العملية بالتوسّع لتشمل المحافظات التي شهدت اعتصامات ومظاهرات ضد الحكومة وطائفيتها ، لتبدأ اعتقالات جديدة في محافظات : الأنبار ، الموصل ، صلاح الدين ، بالاضافة لمحافظة ديالى التي تشهد تهجيراً قسرياً طائفياً منذ فترة طويلة .
هذه العملية التي باركها نوري المالكي ، ودعمها ، وأعّد لها مكافأة كبيرة تقدّر بـ مليار دينار ، بعد ” محاربتها الارهاب ” تهدف لإفراغ حزام بغداد الغربي والجنوبي من السنّة ، ومحاولة تهجيرهم نحو مناطق ومحافظات أخرى لغرض إخلاء هذا الحزام منهم ، ولأعادة ملء السجون بهذه الطائفة التي شهدت منذ بدء الاحتلال تهمشياً ومحاربة من جميع الاطراف ، واتهاماً لها بإنها بعثية وتعمل تحت راية القاعدة !
وقد ندّد وشجب خطباء الجمعة في محافظات عراقية مختلفة ، وفي ساحات الاعتصامات ما يجري من طائفية وتهجير لسكّان مناطق حزام بغداد ، لكن التنديد والشجب لا تأثير له في أوطان اليوم ، فالحكومات الطائفيّة تفعل ما تريد ، شاء الشعبُ أم أبى !
عملية ” ثأر الشهداء ” والتي حضيت بمباركة الكثير ، ودعم آخرين ، معتقدين أنها حقاً ستخلَصهم من الارهاب والقتل اليومي العبثيّ ، والمفخخات التي ما عادت تستهدف سوى المقاهي والمساجد ، لم تكن سوى خدعة من حكومة المالكي لأيهام الشعب العراقي المسكين بأنها حكومة تحاول الحفاظ على أرواح هذا الشعب ، بيد أنها في الحقيقة ، محاولة لإعادة ملء السجون بمعتقلين أبرياء ، لا ذنب لهم سوى انتمائهم لطائفة معيّنة ، بينما الأرهابيون الحقيقيون ما يزالون طلقاء ، فالتفجيرات مستمرة ، والقتل اليوميّ يزداد ، والشباب يغادرون هذه الحياة بأحلام لم تتحقق !
فالمالكي وببساطة ، قام بدعم عملية هروب السجناء من سجني أبي غريب والتاجي ، والتي هرب فيها الكثير من القتلة ، ثم بدأ عملية ” ثأر الشهداء ” ليوهم الناس أنه يعيد من هرب إلى السجن ، بينما الحقيقة ، أن الهارب كان مجرماً ، والمعتقل اليوم .. مظلوم وبريء !