نقلت وكالة الأناضول عن العديد من السيدات الإيزيديات حكايات من معاناتهن خلال رحلة هروبهن من إقليم شمال العراق إلى تركيا، بعد أن سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف بـ “داعش” على المناطق التي كن يعشن بها في الإقليم.
وحكت السيدات، وهن يمسحن دموعهن بين الحين، والآخر، كيف اضطررن لقطع عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام، مع أطفالهن، في درجة حرارة تصل إلى الخمسين، هربا من المناطق، التي سيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” حتى وصلن إلى تركيا، وأشارت بعضهن إلى أقدامهن، التي تورمت من المشي الطويل.
وتقيم النسوة مع أطفالهن حاليا، لدى أقرباء لهن في قريتي “بوتش”، و”بوزجا”، في ولاية “شانلي أورفا”، التركية الحدودية.
ومن تلك السيدات “غفري قاسم”، التي قالت أنها لا تجد الكلمات، التي يمكن أن تصف معاناتها، مشيرة إلى أنها اضطرت للمشي مع (7) أطفال في الحرارة الخانقة مسافة (100) كيلومتر للوصول إلى تركيا.
وأضافت “غفري”، بأسى “كنا نعيش في سلام في وطننا، وجاءت تلك الهجمات، لتقلب حياتنا رأسا على عقب، واضطر الجميع للهرب للنجاة بحياتهم، حتى إن البعض نسي أطفاله في غمرة الهلع، مات عدد من الأطفال، وكبار السن، من العطش خلال رحلة الهرب، نحن تمكنا من الوصول إلى تركيا، لكننا لا نعرف ماذا سنفعل بعد ذلك؟”.
وقالت “أدول حسن” أن (3) من أقربائها قتلوا على يد تنظيم داعش، واختطف رابع، مضيفة أن قضاء سنجار في محافظة نينوى شمال العراق -حيث كانوا يعيشون- تحول إلى خرابة، على يد التنظيم، مشيرة إلى اضطرارها للهرب مع أطفالها الخمسة إلى تركيا.
وتذرف “فاضلة علي”، الدموع على اضطرارها لفراق عائلتها المكونة من والديها، وسبعة إخوة، وأخوات، فبعد أن وصلوا جميعا للحدود التركية، لم يُسمح سوى لها فقط بالعبور إلى تركيا، لأنها الوحيدة التي تحمل جواز سفر بين أفراد العائلة، لكن لا يزال يحدوها أمل في أن تلحق بها عائلتها.
وكان قائم مقان قضاء سنجار شمالي العراق “ميسر حجي صالح” قد حسم الأخبار المتضاربة حول عدد من تم إعدامهم في بلدة كوجو على يد تنظيم وعدد من تم اختطافهم من الأطفال والنساء منذ يوم الجمعة الماضي.
وقال صالح أن “تنظيم داعش ارتكب مجزرة بشعة جدا في كوجو أول امس الجمعة، ووفق المعلومات التي جمعناها من شيوخ العشائر في بلدة كوجو، فقد تم إعدام 413 شخصا من أهالي كوجو من عمر 13 عاما فما فوق، جميعهم من الإيزيديين”.
وأضاف “كما تم سبي 700 امرأة وطفل، والاطفال هم من عمر 12 سنة فما دون، وجميعهم من الإيزيديين أيضا”.
وقال صالح إن “7 أشخاص نجوا من المجزرة، اثنان منهم مصابون، و5 لم يصابوا بأذى، ووفق معلوماتنا فقد وصلوا إلى مكان آمن بجبل سنجار”.
ويعود السبب وراء الهجوم الذي يتعرّض له الأيزيديون اليوم على يد “داعش” وفي السابق على يد الجهاديين، هو ديانتهم الفريدة من نوعها؛ فهي مزيج من ديانات عدة مثل اليهودية والمسيحية والإسلام والمانوية والصابئة وتختلف معتقداتهم ورموزهم الدينية عن الديانات السماوية الثلاث، فهم يعتبرون الله ربهم ولكنهم يؤمنون بأن الملك على الأرض هو الطاووس الذي يعتقدون بأنه يحكم الأرض بمعية سبعة ملائكة خاضعة للرب الأعلى، ولديهم طقوس خاصة بهم ويشتهرون بصناعة الكحول والحلويات المنزلية، وبسبب معتقداتهم غير المألوفة، غالبًا ما يشار إليهم على أنهم “عبدة الشيطان.”
ومن الناحية القومية فان الإيزيديين يعدون من الأكراد، كما أن الكردية هي لغتهم الرئيسية، وملابسهم وعاداتهم تتشابه بشكل كبير مع الأكراد، وتقول تقديرات غير رسمية ترجح أن عددهم في العراق لا يتجاوز 600 ألف نسمة، ويتواجد معظمهم في محافظتي نينوى ودهوك.
وكان تنظيم داعش قد بسط سيطرته على مركز قضاء سنجار والمجمعات والقرى التابعة له التي تقطنها أغلبية من الإيزيديين في الثاني من أغسطس الجاري بعد انسحاب قوات البيشمركة (جيش إقليم شمال العراق)، ما اضطر آلاف العائلات في شمال وجنوب سنجار للجوء إلى الجبل الذي يتوسط القضاء، وهو جبل معزول ولا يرتبط بسلسلة جبال أخرى، وقد حاصره التنظيم لأيام قبل أن يفك حصاره من قوات البشمركة وبدعم الطائرات الأمريكية.
الأناضول + نون بوست