خرج إلى النور مؤخرًا (يوم الأحد) المقطع الترويجيّ لمسلسل الدّراما التاريخيّة “ممالك النار” عبر منصّة “نتفليكس” العالميّة والتي تعمل بنظام “الدفع من أجل المشاهدة”، حيث وُصف العمل أنه “الإنتاج التاريخيّ الأضخم في المنطقة”.
وفور عرضه، تسبّب الفيديو الذي يكشف عن موضوع العمل، وهو الانتقال العثمانيّ إلى الشرق بدايةً من القرن السادس عشر على يد السلطان سليم الأول – خاصة أحداث ما بعد وصوله إلى مصر – في حالة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص الأغراض الحقيقيّة من هذا الإنتاج الضخم، والتي ستؤثر بالضرورة على زاوية تناول الأحداث التاريخية، بالسلب أو بالإيجاب.
الانتقام من الرمز
في حقيقة الأمر، بدأت حالة الجدل حول هذا العمل منذ بدأت شركة الإنتاج الإعلانَ عن اقتراب إتاحة الفيديو التشويقي على “نتفلكس”، وهو ما تزامن مع تصريحاتٍ رسميّة حول هُوية العمل وفكرته ومسار الأحداث المتوقَع؛ وهو ما فتح الباب أمام المواقع الفنيّة والكتّاب للتكهّن بكواليس الإنتاج، وظروف وملابسات الشّروع في العمل، من خلال المعلومات التي تمّ تجميعها من موقع التّصوير والممثلين المشاركين في المسلسل. ثم ازداد الصّخب بمجرّد عرض التشويقة.
وقد بدا من خلال هذه التشويقة الخاطفة، على المستوى السيميائيّ – علم دراسة الرموز غير اللغويّة التي تحمل مدلولات غير مباشرة، أن المسلسل مرصّع بالرموز الدّلاليّة التي تنحاز إلى وجهة نظرٍ معيّنة في قراءة التاريخ؛ حيث عُرض “الهلال” الذي ينتمي إلى مجال دلالي مرتبط بالإسلام على المستوى الديني والشرق على المستوى الجغرافيّ، مضرمًا بالنار؛ التي يروّج القائمون على العمل أنها بفعل التوجّه العثمانيّ إلى المشرق.
كما ظهر من “التريلر” أنّ المسلسل يعيد تطويع اللغة من أجل إعادة قراءة التاريخ؛ حيث يستخدم كتّاب “الإسكربت” في المقطع مفرداتٍ مستعارة من مجال دلاليّ ينتمي إلى “الغزو” عند عرض الأحداث من زاوية “العثمانيين”، وأخرى تنتمي إلى مجال “المقاوَمة” التي يقوم بها “المصريون” عند عرض الأحداث من زاوية المماليك.
وبعد عرض “التريلر” والإعلان الرّسمي عن موعد عرض المسلسل خلال هذا الشهر، تحوّلت هذه الإيحاءات والرموز إلى “تصريحات” مباشرة من القائمين على العمل؛ حيث كتب ياسر حارب، مدير الشركة المنتجة للعمل على حسابه بموقع “تويتر” تغريدةً يقول فيه إنه سعيد لإنتاج عمل يظهر “السلطان المملوكي طومان باي في القاهرة في مواجهة المحتل العثماني سليم الأول”.
فخور بالإعلان عن مسلسل #ممالك_النار الذي نأمل في جينوميديا أن نبدأ به مرحلة جديدة في الدراما العربية. وفخور أيضا أن يبدأ عرضه على شبكة إم بي سي.
السلطان المملوكي طومان باي في القاهرة، في مواجهة المحتل العثماني سليم الأول@KingdomsOfFire @mbc1 @genomediatv
العرض 17 نوفمبر pic.twitter.com/nu9gmZTznj— Yasser Hareb (@YasserHareb) November 2, 2019
وقد اتضح أن التوقيت المختار لعرض العمل الذي يتناول الوقائع التاريخيّة بشكل ملحميّ، يكاد يتطابق مع تحضيرات عرض “قيامة عثمان”، الامتداد التاريخيّ والفنّي لمسلسل “قيامة أرطغرل” الذي نجح في اجتذاب نسب مشاهدة قياسيّة، لم تحدث من قبل في تاريخ الدراما التاريخية الإسلاميّة، بفضل تجسيده بدايات صعود الدولة العثمانية منذ القرن الخامس هجريًا.. ولكن من هم المنتجون؟
تعاون ثلاثي
عزّز الاتهاماتِ الموجهة إلى العمل “بأدلجة” التاريخ والفنّ، كشفُ التحالف المسؤول عن عملية الإنتاج؛ فبينما تقف شركة “جينوميديا” الإماراتيّة في الواجهة، بفضل تولّيها مسؤولية الإنفاق المباشر، يبدو أن تحالفًا ثلاثيًا مكوّنًا من الإمارات، والسعوديّة، ومصر قد تبنّى دعم هذا المسلسل سرًا.
وتُقدر المصروفات التي دفعتها شركة “جينو ميديا” على هذا الإنتاج بـ ٤٠ مليون دولار أمريكي، مُقسّمةً على أجور الممثلين، وفرق العمل القابعة خلف الكاميرا، والتنقل داخل الأراضي التونسيّة. ويعتبر مخرج العمل، “بيتر ويبر”، واحدًا من أهمّ المخرجين في العالم وأعلاهم أجرًا، حيث سبق له الإشراف على إخراج أعمال عالميّة مثل: “تمرد هانيبال”، و”الإمبراطورية”. وقد استعان هذا المخرج بفرق وأشخاص عالمية في المكياج والملابس والديكور، كان على رأسهم “لوجي ماركيوني” الذي عمل مع المخرج “ريدلي سكوتّ”.
وفور تسريب الحلقة الأولى من المسلسل عبر الإنترنت، بدأت روابطها تنتشر مثل النار في الهشيم عبر الصّفحات المصريّة التابعة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط حفاوةٍ رهيبة من “الأنصار” الذين رأوا في هذا العمل خلاصًا مؤقتًا من سرديّة “أرطغرل” التي استطاعت الوصول إلى كلّ الشرائح العمريّة والاجتماعيّة، على حدّ قولهم.
ويُرجح أن تكون هذه الدعاية المجانية في سوق ضخمٍ بحجم السوق المصري دعايةً غير عفويّة؛ نظرًا لتصريحات السيسي المتكررة عن أهميّة دعم الأعمال الفنيّة التي تخدم التوجهات “الوطنية” للنظام الحاكم، وطلبه بشكل شخصي الاستعانة بالفنانين في معاركه السياسية، خاصّة أنه “كتائب إلكترونية” للدفاع عن “الدولة” من خطر مواقع التواصل الاجتماعي من جهة، وتشارك مصر في العمل عبر وجهين، وجه البطل “خالد النبوي”، والمنتج “سليمان عبد الملك” من جهة أخرى.
وبدايةً من الـ ١٧ من نوفمبر الجاري، سوف تقوم شبكة “إم بي سي” السّعوديّة بمهمّة إيصال العمل وتسويقه للمشاهِد العربيّ العاديّ الذي لا يستطيع “الدفع مقابل المشاهدة” كما يحدث في “نتفليكس”.
“يا أهل مصر مقاومتكم إنتصار”#ممالك_النار ? إبتداءً من 17 نوفمبر
على شبكة قنوات #mbc
من إنتاج #GenomediaStudios pic.twitter.com/75Pyaq4GUm— Kingdoms Of Fire | ممالك النار (@KingdomsOfFire) November 3, 2019
ما علاقة تركيا؟
بالرّغم من أن النظام السياسيّ الحاكم في تركيا يشدد دومًا على أنه لا يمتلك أطماعًا ذات بعد “استعماري” في العالم العربي أو الإسلامي، نظرًا لما يمكن تسميته بانتهاء “عصر الاستعمار” (الكولونيالية) وتحوّل العالم إلى عالم سائل يختلف في بنيته عن عوالم العصور الوسطى من ناحية، وعدم قدرة تركيا فعليًا “كدولة ناشئة” على ذلك، حيث لا تزال تحاول بدورها تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقلالية السياسية، في ضوء معطيات الموارد والجغرافيا السياسية والاقتصاديّة.
إلا أنها تقول في الوقت ذاته أنها تستلهم من الرافد التاريخي “العثماني” قيمًا ومخيالًا معينًا، كان للأتراك خلاله دورهم في حماية “الوحدة الإسلاميّة”، التي تحاول إحياءها من جديد على هيئة تحالفات وشراكة مع دول مستقلّة مثل “باكستان” و”ماليزيا”، حيث يكون ثمّة فاصل بين ما هو قوميّ، وبين ما هو أكبر من ذلك :”الوحدة من خلال التنوّع”.
في المقابل، تنظر بعض الدول العربية إلى النفوذ التركيّ النّاعم باعتباره خطرًا وجوديًا على مستقبلها، على أساس أنها لم تعد تمتلك مشروعًا حقيقيًا بعد انتهاء صلاحيّة المشاريع التقليديّة (القومية العربية مثلًا)، وفشلها في الوفاء بوعودها وواجباتها الأساسيّة على كلّ المستويات. سواء على المستوى السياسيّ بعد مصادرة حلم التدوير السلمي للسلطة، أو على المستوى الاجتماعيّ بعد الفشل في تحقيق “دولة الرفاه” المنشودة، أو على المستوى القيميّ النضاليّ بعد الهرولة على التطبيع مع الاحتلال “الإسرائيلي”.
فلم يعد أمام هذه الهويات المتشظية إلا تقديم إصلاحات “سطحيّة”، تغازل بها الغرب الحقوقيّ، وتداري بها على سياسة “أمننة” المجتمعات باستخدام “التكنولوجيا”، بناءً على سرديّات وسلطويات غير متجذّرة قيميًا أو اجتماعيًا مثل “العسكرتاريا” و”القبيلة” و”العائلة المالكة”، مع شيطنة “المشاريع الأخرى” ومحاولة إفشالها بالمؤامرات، وتشويهها بالمال والإعلام؛ حيث يتمحور دور هذه الألة الإعلامية على لعب دور “السّلب”، خاصّة أن المشروع التركي، – إذا ما قورن بالمشروع الإيرانيّ من ناحية الخطورة على هذه الأنظمة -، ستكون له الغلبة من ناحية اقترابه من الهُوية العربيّة، وتقديمه “نموذجًا” في القبول بالتداول السلمي للسلطة، والقدرة على التعامل مع “الغرب” دون الارتماء في أحضانه كدولة “منفتحة” على الجميع.
وقد نشبت بالفعل أكثر من أزمة بين بعض الأنظمة العربية وتركيا على هذا الأساس، والتي كان أشهرها تلك الملاسَنة التي دارت بين الرئيس التركي رجب أردوغان وبين وزير الخارجيّة الإماراتي عبد الله بن زايد، حينما اتّهم الأخير القائد العثمانيّ فخر الدين باشا بسرقة أموال المدينة المنورة، فردّ عليه الرئيس التركي متسائلًا: “أين كان جدّك، عندما كان يحمي البطل العثمانيّ المدينة المنوّرة؟”.
وتعتبر منصّات إعلاميّة مقروءة مثل “إيلاف”، “وعكاظ”، و”اليوم السابع”، وأخرى مرئية مثل “روتانا”، و”إم بي سي”، و”سكاي نيوز”، رؤوس حربة أساسيّة في معركة السلطويّات العربيّة الحديثة ضد التاريخ العثمانيّ باعتباره أساسًا تستند عليه القوّة الناعمة التركية، بينما تتشح منصّات أخرى في نفس المعركة بثوب التنوير، مثل “حفريّات”، و”دقائق”، و”مؤمنون بلا حدود” التي تتلقى تمويلاتٍ هائلة من بحار النفط، لتجميل وجه العواصم الخليجية بصبغة أكاديميّة، تنظر إلى التاريخ الإسلامي برمّته كصنو للرجعيّة وتجسيد عملي للتخلّف، الذي تضمن هذه السلطويات عدم عودته من جديد.
أين الحقيقة؟
إذًا، ستجسّد الدراما التاريخية الجديدة الحدث التاريخيّ كمعركة مقاومة وطنيّة من “المصريين” ضد “الاحتلال التركي”، ولكنّ الباحث في التاريخ الإسلاميّ كريم درويش يرى أن هذا التصور تعتوره عدة مشكلات منهجيّة، تجعل من هذا العمل ضربًا من الابتذال والاستخفاف بعقول الجماهير.
وفي حديث له مع “نون بوست” قال كريم “بشكل عامّ، إن كلمة ‹‹احتلال›› على سبيل المثال، قد حدث لها تطور دلالي يسمّى في علوم الدلالة ‹‹انحطاط الدلالة››، حيث كانت هذه المفردة تعبر في المدوّنات التاريخيّة عن حدثٍ شبه طبيعيّ في العصور الوسطى، وهو أن تقوم عرقيّة ما بفتح أراضي مملكة أو إمبراطورية أخرى أقلّ قوة، لأغراض اقتصاديّة أو ثقافيّة أو دينيّة، أو لكلّ هذه الأغراض مجتمعةً. وبالمثل كلمة ‹‹الغزو››. فالهُويات سائلة ومتداخلة بطبعها. ولم تنحطّ دلالة هذا المصطلح إلا مع نشوء الدول بمفهومها الحديث، خاصّة الدولة القوميّة. لذلك، قد تجد من يوثّق تاريخ أمته في هذا الوقت باستخدام مفردات من هذا المجال بلا أي مشكلة”.
وبحسب درويش، فإن” التاريخ الإسلاميّ منذ الخلافة الراشدة عبارة عن سلسلة متّصلة من تناوب الهُويات الفرعيّة على السّيادة والحكم، بدءًا من بني أميّة، ومرورًا ببني العبّاس، ووصولًا إلى الدولة العثمانية التي قامت على أنقاض الدولة العباسيّة؛ ولكنّ التيار القومي، والتيار التنويري، أكثر تحسسًا من الدولة العثمانيّة لأنها الأقرب زمنيًا إلى عصرنا الحالي، والأكثر بقاءً من حيث طول المدّة في الحكم، وفي الوقت نفسه، تزامن ظهور النزعات القوميّة المتطرّفة في العالم العربي مع بدايات أفول نجم الدولة العثمانيّة. والآن، ارتبطت نهضة تركيا الحالية باستلهام روح الأجداد العثمانيين، وهو ما يمثل تطورًا مقلقًا على المستوى النظري”.
برومو مسلسل #ممالك_النار ?
? شبكة الMBC
? 17 نوفمبريحكي قصة الصراع بين السلطان المملوكي #طومان_باي في القاهرة، والعثماني #سليم_الأول في اسطنبول
— جينوميديا Studios (@genomediatv) November 3, 2019
وفيما يخصّ مضمون العمل الذي ينسب الجرائم والفظائع للدولة العثمانيّة أثناء التمدد شرقًا، خاصّة في مصر، فإن هذه الرواية، تعتمد على مراوغةٍ نفسيّة تسمى “الانحياز التأكيدي” ومغالطة منطقيّة تسمى “الاستدلال الدائري”، وهي مغالطات معروفة في البحث العلمي الأكاديمي، حيث يحذر العلماء شبابَ الكتاب والباحثين من فكرة تبنّي رأي مسبَقٍ، ثم البحث عن أدلّة داعمةٍ لهذا الرأي؛ بينما تقتضي “الموضوعية” أن تترك الأدلّة تقودك إلى الحكم.
وفي هذا الصدد، يؤكد محمد إلهامي، الباحث في التاريخ العثماني، أن كتاب المسلسل قد اعتمدوا في إنتاجه على روايةٍ واحدةٍ تخدم تحيزاتهم المسبقة، وهي رواية المؤرخ “ابن إياس”، بينما أغفلوا عددًا كبيرًا من الروايات الأخرى المهمة، والتي لا تخدم أجندتهم في العمل، وعلى رأسها رواية المؤرخ المصري “ابن سرور البكري”. كما أغفل القائمون، على العمل، بحسب إلهامي، حقائق أخرى مهمة مثل أن “طومان باي”، الشركسيّ، قد عرض على سليم الأول أن يوليه مصر وأن يعترف به سلطانًا تحت الولاية العثمانيّة، وأنه (طومان باي) كان حاكمًا متغلبًا على (الخليفة) العباسي، الذي كان يقيم قبله. لذلك لم يجاهد المصريون في صفه ضد الجيش العثماني، كما فعلوا مع الحملة الفرنسية على مصر عام ١٧٩٨.
فرص النجاح وشبح “الممرّ”
شركة “جينو ميديا” المنتجة للمسلسل، هي شركة إماراتيّة تأسست حديثًا عام ٢٠١٦، لإنتاج برامج علميّة واجتماعيّة باهظة الثمن، اعتمادًا على تقنيات إخراجيّة شديدة الإبهار، تصبّ جميعها في نطاق تعزيز الفردانيّة، واحترام الأبويّة السياسيّة، وتعزيز “العلمويّة” في مقابل “الثقافة”، كتجسيد إعلاميّ ناضج لهُوية دولة الإمارات.
وقد أنتجت الشركة بالفعل عددًا من البرامج الناجحة مثل:”ما قلّ ودلّ” الذي قدّمه “ياسر حارب” مدير الشركة، وأُنتج منه خمس سلاسل حتى الآن، وبرنامجي “لحظة” و”السديم” الذين شهدا تعاونًا مع وكالة “ناسا” الفضائية وعددٍ من حائزي “نوبل” في العلوم؛ ويعتبر مسلسل “ممالك النار” أول تجربة إنتاجية للشركة من هذا النوع.
ويتوقع نقاد فنيون أن يحظى المسلسل بمشاهداتٍ عالية فور بداية عرضه على المحطّة السعوديّة، وأن يكون المسلسل تجربةً أدائيّة وبصريّة غير مسبوقة في العالم العربي؛ نظرًا لتوافر كلّ مقوّمات النجاح في هذا العمل، خاصّة مع خبرة شركة الإنتاج في هذا المضمار، وقدرة الكوادر الإماراتيّة المعروفة بالإبداع في مجال تسويق المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي وصنع “البروباجاندا”.
ولكنّ المشكلة الأزليّة بالنسبة لكلّ المحتوى المنتج من هذا النوع، سواء كان إعلاميًا أو فنيًا، أنه في الغالب يفتقد إلى “الروح” المتمثلة في قوّة الحبكة، والسيناريو، وجودة الكتابة، وقبل ذلك: الجديّة، والمغزى الأخلاقي، وهي نفس المشاكل التي تواجه الترسانة الإعلامية الإماراتية المتقدمة بشكل عام، وفي القلب منها مؤسسة “سكاي نيوز”.
وبحسب محمد حسني، باحث سياسي واجتماعي مصري، فإن الإمكانيات التقنية ليست شرطًا حتميًا للوصول إلى قلوب المشاهدين وإن كانت ضرورية. كذلك، فإن أرقام المشاهدة المتوقعة كتفاعل لحظي مع المنتج الجديد ليست دليلًا على استدامة النجاح. “وقد استطاع مسلسل الزيني بركات، المسلسل التاريخي المصري الذي أُنتج منذ نحو ٣٠ عامًا خطف الجماهير، بل وفرض لغته كلغة صالحة للتداول حتى الآن، بالرغم من إمكانياته الضعيفة في التصوير والمونتاج”.
وتذكرنا هذه المفارقة بفيلم “الممر”، الذي تم تقديمه هذا العام كـ”أضخم الأعمال السينمائية المصريّة إنتاجًا”، حيث أشرفت المخابرات بنفسها على تصويره واختيار القائمين عليه، وتبنّته مؤسسة الرئاسة سياسيًا؛ ولكنه، فشل في الوصول إلى الجماهير، لاعتماده على قصة تاريخية غير حقيقية، وابتذاله الرسالة السياسية الواضحة من إنتاجه، حتى أصبح أبطاله مادّةً خصبةً للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.