ترجمة وتحرير نون بوست
كتب سارة مارش ورضوان أحمد
أصبحت الحياة في أكبر مخيم عالميّ للاجئين أكثر صعوبة في الأشهر القليلة الماضية، ولا يفهم محمد -المزارع الروهينجي الذي فقد ساقه هربًا من العنف في ميانمار- سبب ذلك، يقول محمد: “قبل ذلك كنا نحصل على كثير من الطعام والمساعدة، أما الآن فيبدو أننا لا نحصل على الدعم الكافي من الحكومة والمنظمات غير الحكومية، وهناك بعض القيود على تحركاتنا أيضًا”.
كانت الحكومة في بنغلاديش قد شنّت حملة على المخيم وأغلقت المتاجر التي يديرها اللاجئون وحظرت الإنترنت وصادرت الهواتف المحمولة ونصبت سياجًا وفرضت حظر التجول منذ الساعة الـ8 مساءً مما يعني أن الناس لا يمكنهم مغادرة منازلهم ليلًا.
يبدو أن بنغلاديش أصبحت محبطة بشأن وجود أكثر من مليون لاجئ فتغيرت السياسات، وتقول التقارير أن السكان المحليين في كوكس بازار قد نفذ صبرهم، لذا تضع الحكومة اللمسات الأخيرة في خطتها لنقل 100 ألف لاجئ إلى جزيرة في خليج البنغال.
يقول وزير الدولة للشؤون الخارجية، شهريار علام أن السياج قد وُضع لأسباب أمنية، أما الإنترنت فما زال متاحًا على شبكة “2G” لكنه أصبح محدودًا لأسباب أمنية أيضًا، بالنسبة لمحمد فحظر الإنترنت يعني أنه لن يستطيع التواصل مع أقربائه في ماليزيا والسعودية.
على طول الطريق الترابي وسط المخيم أغلقت الشرطة عدد من المتاجر التي تبيع الطعام والملابس وغيرهم في الأسابيع الأخيرة، وأصبحت مداخلهم مغطاة بالقصدير الأخضر والأزرق، كما أصبحت المقاعد الخشبية أمامهم فارغة.
لا يفهم واسي رحمان، بائع روهينغي (20 عامًا) لماذا أغلقت الحكومة متجر ملابسه، يقول واسي: “لقد جاءت الشرطة وأغلقته، كنت أجني حوالي 4 آلاف تاكا (37 جنيه إسترليني) يوميًا”، أما عبد الله -30 عامًا- صاحب متجر دجاج فيقول: “أصبح الدجاج يموت في الداخل لأنني يجب أن أبقي الأبواب مغلقة والجو حار بالداخل، لقد ماتت 10 دجاجات بالفعل”، ولم تخبرهم الشرطة عن سبب ذلك وأمرتهم بالالتزام بالأمر حتى إصدار أوامر أخرى.
أصدرت الحكومة بيانًا للمنظمات غير الحكومية الشهر الماضي تطالبهم فيه بعد توظيف لاجئي الروهينغا، كانت تلك المنظمات تستخدمهم كمتطوعين في المخيمات بالإضافة إلى منح رواتب لبعض الأعمال الاعتيادية مثل الحمّالين وحراس الليل وعاملو البناء.
الجزء الأسوأ في ذلك الأمر هو أنه يقطع مصدر الدخل الشرعي الوحيد لهؤلاء الناس، والخيار الآخر الوحيد المتاح أمامهم هو البيع، لكنه أصبح ممنوعًا أيضًا. يقول مصدر دبلوماسي: “هذا الأمر يطرح قضية لوجيستية لمجتمع الإغاثة الذي يوظف الروهينغا”.
يقول أحد عمال الإغاثة أن عمل الروهينغا وتوظيفهم في المخيمات كان “منطقة رمادية” دائمًا، لكن هذه الحملة تأتي في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة نقل آلاف اللاجئين إلى جزيرة بهاسان شار الطينية عند مصب نهر ميغنه والتي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال القوارب.
أثار هذا الاقتراح قلق جماعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية التي تشعر بالقلق إزاء عزلة الجزيرة وأنها عرضة للفيضانات والأعاصير كما أن الرحلة إليها تستغرق أكثر من 3 ساعات بالقارب من البر الرئيسي.
يقول وزير الدولة لإدارة الكوارث والمساعدات إينامور رحمان أن 3500 لاجئ أعربوا عن رغبتهم في الذهاب، وإذا وافقت وكالات الإغاثة وقادة الروهينغا على ذلك فسيتم اتخاذ القرار النهائي لنقل الناس، وربما سيكون ذلك في منتصف نوفمبر. كما قال إينامور أنهم أخبروه بأن العديد من الروهينغا أعربوا عن رغبتهم الذهاب إلى الجزيرة.
انتشرت الشائعات في المخيم حول قطع المساعدات وأن الظروف ستتجه إلى الأسوء لذا من الأفضل الموافقة على الذهاب إلى بهاسان شار، يقول ماجهي أحد قادر المخيم أن المسؤولين قالوا في اجتماعهم الأخير أن المساعدات ستقل في المستقبل وأنه من الأفضل الانتقال إلى الجزيرة حيث ستتوفر مرافق صحية وأمنية، ويضيف: “يرفض العديد من الناس الذهاب، في الاجتماع وافقت 22 أسرة على الذهاب لكن لا أحد من مجموعتي يوافق على ذلك”.
لكن القيود المفروضة على المخيم تجبر الناس على الرحيل، حيث يرغب محمد صابر -مزارع، 36 عام- في الرحيل، يقول محمد أنه فقد 3 من أشقائه في أحداث العنف في ميانمار، وأنه يفتقد حياته السابقة حيث يستيقظ منذ الخامسة صباحًا ليصلي ويرعى الماشية.
يقول محمد: “لقد أصبحت الحياة في المخيم أكثر صعوبة مع زيادة القيود ولا نحصل على الدعم الكافي، أتمنى أن أكون أكثر حرية في بهاسان شار، لقد شاهدت في الأخبار أن هناك مبانٍ وألواح شمسية”، لكن أثناء حديثه قالت زوجته من خلف الباب أنها لا ترغب في الذهاب إلى هناك فشرح محمد قائلا: “إنها تشعر بالخوف لأن الجزيرة تقع وسط المحيط وتغرق تحت الماء من حين لآخر، إنها تعتقد أنها ستغرق هناك”
قال محب الله رئيس جمعية أركان الروهينغا للسلام وحقوق الإنسان التي تمثل المجتمع الروهينغي عندما التقى بدونالد ترامب في البيت الأبيض مطلع هذا العام؛ أن الظروف السيئة في المخيم لن تجعل الناس ينتقلون إلى الجزيرة، كما أنه لا يعتقد أن هذا هو هدف السلطات.
يعتقد محب أن هذا النهج الصارم للحكومة سببه عصابات المخدرات التي تدير عملها من المخيم، ويقول: “هناك العديد من الجماعات الإجرامية داخل المخيم والتي تدير وتنظم عملها في سوق تجارة المخدرات من خلال الهواتف المحمولة، وتواجه الحكومة صعوبة شديدة في التعامل معهم، لا أعلم تمامًا لماذا تُفرض القيود على المخيم، لكن أعتقد أن هذا هو السبب”
يأتي ذلك في أعقاب إطلاق النار على اثنين من اللاجئين بواسطة الشرطة البنغالية أثناء معركة بالبنادق في مخيم اللاجئين بعد اتهام اللاجئَيّن بقتل مسؤول في الحزب الحاكم، ومن نتائج هذه الحملة السماح بعدد قليل من تصاريح الخروج من المخيم للعلاج في المستشفيات، يقول محب الله أنه مريض بالسكري ويشعر بأنه ليس بخير.
يضيف محب: “هناك مضاعفات طويلة المدى للسكري إذا لم أحصل على علاج مناسب فهو يؤثر على الكلية والعينين، وقد كنت أشعر بتوعك منذ عدة أيام لكنني حصلت على دواء من منظمة أطباء بلا حدود وآمل أن أحصل على فحص مناسب قريبًا”
شارك محب في التجمع الأخير لإحياء الذكرى الثانية للرحيل من ميانمار والتي أزعجت السكان المحليين، ومنذ ذلك الحين تعرض هو وعدة قادة آخرين إلى قيود لفحص شديد مع وجود ضباط في ملابس مدنية يحرسون مسكنه.
هناك أيضًا العديد من التقارير الإخبارية في الصحافة المحلية التي تشعل التوترات بين السكان المحليين واللاجئين، فقد نشرت إحدى الصحف صورة لأدوات مشروع زراعي لمنظمة غير حكومية وقالت أن اللاجئين يحصلون على سلاح، كما يقول محب أن خطابه في تجمع إحياء الذكري قد تعرض لفهم خاطئ، فقد كان يقول أنهم يرغبون في العودة إلى ميانمار، لكن وسائل الإعلام قالت أنه لا يرغب في العودة.
في أثناء الحديث مع محب الله دخل اثنين من الضباط البنغال في ملابس مدنية وقال محب أنه مضطر للرحيل، تشير الأجواء المتوترة التي صاحبت دخولهم إلى الجو السائد في المخيم وانتشار المزيد من الخوف والقلق، يقول محب: “هدفنا الوحيد أنه نعود إلى الوطن، لا نرغب في شئ أكثر من ذلك”
المصدر: الغارديان