لو أخبرت أحداً بمجتمعنا العربي عن أكثر ما يشغله لوجدت أن المعظم ينشغل بالخوف من الحسد والعين أكثر من إنشغاله بالعمل والإنتاج والسعي بالرزق ، والأغرب من ذلك أننا نعتقد أن من يرمي الناس بأقبح العبارات وأسوءها لمجرد الدفاع عن ذاته أو وطنه فإن ذلك حلال وحجة لا يمكن النقاش حولها؟ ، أمور غريبة تحدث في عالمنا وبالتحديد في حوارات الإنترنت ، يزخرف ذلك بسيرة بسيطة عن ذاته يخبرك أنه شخصية نرجسية أو من برج عاجي يملك كل مقومات الشجاعة لحواره ، فإن اقتربت منه تجده يفرغ نقص ذاته عليك ، سلاحه الجهل وأن يشتت جهدك ويقف ضد كل نجاح تقف عنده لأنه يريدك أن تتوقف لحظة حتى تتساوى الحماقة بينه وبينك ، فإن قمت بالرد تساوت قيمتك معه ، وإن امتنعت أنتصرت على ذاتك لأن الحماقة أعيت من يداويها فلا يمكن لأحمق أن يفهم في سطور بسيطة من تكون وماذا أنجزت ولمن عملت وكيف يقدر الأحمق نصيب المجتهد؟
ولو اطلعنا على النتاج الثقافي على الإنترنت ، لما تطابق ذلك مع الأرث التاريخي لأمتنا ولغتنا ، ركاكة اللغة والحوار والحجج ، يراد لنا أن نضيع في بحر التيه ، حوارات لا تنبع من أصل وفكر صحيح تجدها تتعارك على تفاهات أن تغريدتك لم تضع الفاصلة قبل النقطة أو تقارن صورتك مع عباراتك ، وكأنها جيوش سخرت للسخرية من الآخرين أو أنها مكابح الإنجازات التي تريدك أن تعطي اهتماماً لمن ينتقدك ويشتمك ، هؤلاء يذكروننا دائماً حينما يهاجم الصقر من قبل أسراب الغربان فإنه لا يتعارك معها ولكنه يحلق إلى آفاق أوسع وأعلى حتى تتركه الطيور المزعجة وشأنه ، هكذا هم أصحاب الإنجازات لا ينزلون لمستويات الحوار الدنيء بل يرتفعون عنهم بالصد والإعراض عنهم ولعل الحجب أو المنع عن متابعتهم لك أحد نقاط الحفاظ على الوقت والاستمرار بالإنجازات.
أقول للناجحين من يمتلك بداخله رؤية متفائلة فقد امتلك الدافع النفسي الذي يعصمه من الإنهيار وقت المشكلات ، ولعل المرجفون في الإنترنت يزيدوننا إصراراً ، هم وهن الأمة وبلاؤها فحينما لا يقدرون على إثبات وهن ذاتهم يحاورونك بحسابات وهمية استبدلوها بصور مزيفة وأسماء غير حقيقية ، يكتبون بها نفس حججهم الواهية وبنفس الأسلوب ولكن من حسابات أخرى ، ووحدها لوحة الحروف التي يكتبون بها وأياديهم التي تنقش خبث سطورهم شاهدة أمام الله عليهم وعلى فراغهم وقتاً وفكراً في أكل أعراض الناس واتهامهم زوراً وبهتاناً.