ترجمة وتحرير نون بوست
لطالما كانت الخدمات المصرفية والمالية أبطأ من القطاعات الأخرى في تبني أحدث التقنيات في عملياتها. مع ذلك، تحاول المؤسسات المالية اللحاق بالركب من خلال إدماج الذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل، وغيرها من التكنولوجيا لفائدة عملائها، ولتظل قادرة على المنافسة وتحسين نتائج الأعمال. فيما يلي أهم سبع اتجاهات تكنولوجية من شأنها أن تغير سير الخدمات المصرفية والمالية في سنة 2020.
الذكاء الاصطناعي
على الرغم من أن الخدمات المصرفية والمالية تميل إلى أن تكون أبطأ في اعتماد تكنولوجيات جديدة، إلا أن إحدى دراسات “برايس ووتر هاوس كوبرز” تؤكد أن غالبية صانعي القرار على مستوى الخدمات المالية يستثمرون في الذكاء الاصطناعي. وقد أكد 52 في المئة من المديرين التنفيذيين أنهم يقومون باستثمارات “كبيرة” في الذكاء الاصطناعي، بينما يعتقد 72 في المئة أن هذا الاستثمار سيكون ميزة تجارية. تُمثل وُفُورات التكاليف التي من المتوقع أن تصل إلى 447 مليار دولار بحلول سنة 2023 أحد الأسباب التي من شأنها أن تجعل البقية يؤمنون بإمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة.
إذن، كيف تستخدم المؤسسات المالية الذكاء الاصطناعي؟ يستعمل القطاع المصرفي الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء من خلال روبوتات الدردشة والروبوتات، وتستخدمه العديد من أكبر المؤسسات المالية، مثل “بنك أوف أمريكا” و”جي بي مورغان تشايس”، لتبسيط خدمة العملاء.
يساعد الذكاء الاصطناعي في التعامل مع العملاء أيضا من خلال تسهيل الخدمات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة، والتي تتيح للعملاء إمكانية إجراء العمليات المصرفية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. يساعد الذكاء الاصطناعى أيضا المؤسسات المالية على تعزيز الأمن ومنع الاحتيال وكشفه. وعموما، تساعد التكنولوجيا المؤسسات المالية على التعامل مع المخاطر وقرارات الإقراض، كما أنها أساسية في ابتكار تقنيات أخرى مثل تحليلات البيانات الضخمة، وأتمتة العمليات الآلية، وواجهات الصوت.
سلسلة الكتل
تمثل تقنية سلسلة الكتل، التي استخدمت لأول مرة في عملة البيتكوين الإلكترونية، قاعدة بيانات موزعة يمكنها تتبع المعاملات بطريقة دائمة ويمكن التحقق منها. وتتنبأ مجلة “هارفارد بزنس ريفيو” بأن سلسلة الكتل سوف تعرقل عمل البنوك بنفس الطريقة التي عرقلت بها الإنترنت عمل وسائل الإعلام. وتتميز سلسلة الكتل بأنها شفافة وآمنة للغاية ورخيصة نسبيًا في التشغيل. ونظرًا لأن المزيد من المؤسسات المالية تدرك كيفية تحسين سلسلة الكتل للأمن وتوفيرها للأموال وتحسين إرضاء العملاء، فسوف تتبنى المزيد من هذه المؤسسات هذه التقنية.
يمكن أن تدعم سلسلة الكتل الخدمات المصرفية بعدة طرق. فقد أظهرت بيتكوين كيف يمكن استخدامها للدفع، ولكن يمكن أن يقع تحويلها أيضا حسب الطريقة التي تعمل بها الأسواق الرأسمالية من خلال توكيل السندات والأسهم التقليدية وغير ذلك من الأصول ووضعها على سلسلة كتل عامة.
من شأن سلسلة الكتل أن تزيل حراسة البوابات والأطراف الثالثة في نظام القروض والائتمان مع جعل اقتراض الأموال وخفض أسعار الفائدة أكثر أمانًا. يمكنها أيضا إلغاء التسوية اليدوية للبيانات لدفاتر البنوك. ستتغير طريقة تبادل المعلومات والأموال الحالية من خلال العقود الذكية التي تعمل من خلال تقنية سلسلة الكتل.
تُعتبر كمية البيانات التي تم إنشاؤها بواسطة الصناعة المالية كمعاملات بطاقات الائتمان، وعمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي، ونقاط الأهلية الائتمانية أمرا محيرا
البيانات الكبيرة
تتمثل إحدى طرق تحديد تأثير التكنولوجيا على أحد القطاعات في النظر في كيفية استثمار هذا القطاع فيها. يعد القطاع المصرفي حاليًا واحدًا من أكبر المستثمرين في القطاع في مجال حلول البيانات وتحليلات الأعمال الكبيرة وذلك وفقًا لدليل الإنفاق للبيانات الضخمة لشركة البيانات الدولية.
تُعتبر كمية البيانات التي تم إنشاؤها بواسطة الصناعة المالية كمعاملات بطاقات الائتمان، وعمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي، ونقاط الأهلية الائتمانية أمرا محيرا. وتعتبر القدرة على استخدام تلك البيانات في اتخاذ القرارات التجارية ومعالجتها بفعالية لاستنباط الرؤى القابلة للتنفيذ، أمرًا حاسما للحفاظ على القدرة التنافسية في المستقبل.
يمكن للمؤسسات المالية استخدام البيانات الضخمة لمعرفة المزيد عن العملاء ولتكون قادرة على اتخاذ القرارات التجارية في الوقت الحقيقي بما في ذلك التعرف على عادات العميل في الإنفاق، وإدارة المبيعات مثل تقسيم العملاء لتحسين التسويق وكذلك البيع المتبادل للمنتجات، والتعامل مع الاحتيال والمخاطر، وإعداد التقارير، فضلا عن تحليل ملاحظات العملاء. ولا يساعد تحليل البيانات الضخمة فقط في تحديد اتجاهات السوق، وإنما يساعد أيضًا المؤسسات المالية على تبسيط العمليات الداخلية وتقليل المخاطر.
تؤثر أتمتة العمليات الآلية على المؤسسات المالية أيضا من خلال مساعدتها في ضمان الامتثال في الصناعة عالية التنظيم
أتمتة العمليات الآلية
نظرًا لأن أتمتة العمليات الآلية يمكن أن توفر العمالة والتكاليف التشغيلية وتقلل من الأخطاء، فإن العديد من المؤسسات المالية بدأت في الاستفادة من هذه التكنولوجيا لخلق أفضل تجربة مستخدم ممكنة للعملاء وتظل قادرة على المنافسة. بالنسبة لأتمتة العمليات الآلية، تُبرمج البرمجيات لتمكين الروبوتات والمساعدين الافتراضيين على إكمال المهام المتكررة والمكثفة بشكل صحيح وسريع دون تدخل بشري.
إن أتمتة العمليات الآلية من خلال روبوتات الدردشة لخدمة العملاء تُساعد البنوك على التعامل مع استفسارات منخفضة الأولوية من العملاء، مثل أسئلة الحساب والدفع لتحرير وكلاء العملاء البشريين من التعامل مع المخاوف ذات الأولوية العالية. أما في شركات التأمين، تُستخدم أتمتة العمليات الآلية لأتمتة أجزاء من عمليات التعامل مع المطالبات.
تؤثر أتمتة العمليات الآلية على المؤسسات المالية أيضا من خلال مساعدتها في ضمان الامتثال في الصناعة عالية التنظيم. واليوم، يمكن للعملاء بفضلها اتخاذ قرار بشأن طلب بطاقة الائتمان الخاصة بهم في غضون ساعات قليلة، ولكن في بعض الأحيان على الفور تقريبا بعد تقديم المعلومات. كما أنه يحسن معالجة الرهن العقاري.
تجعل الحوسبة السحابية خدمة العملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع من أي مكان ممكنةً
الحوسبة السحابية
الحوسبة السحابية هي تقنية لتخزين البيانات وتقديم خدمات الحوسبة، بما في ذلك الخوادم وقواعد البيانات والشبكات والبرامج والتحليلات وغيرها عبر الإنترنت. عندما يرغب فرد أو شركة ما في استخدام السحابة، فسوف يدفعون لمزوّد خدمة السحابة استنادًا إلى الاستخدام باستعمال نظام الدفع الفوري.
تجعل الحوسبة السحابية خدمة العملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع من أي مكان ممكنةً. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحوسبة السحابية على تعزيز مرونة المؤسسات المالية وتجعل توسيع نطاق الخدمات أسهل وأسرع. نظرًا لأنهم يدفعون فقط مقابل الخدمات التي يستخدمونها، يمكن للحوسبة السحابية أن تساعد المؤسسات المالية على التحكم في التكاليف. تمكن الحوسبة السحابية أيضًا من الدفع الآمن عبر الإنترنت والمحافظ الرقمية والتحويلات عبر الإنترنت.
الواجهات الصوتية
يتم تطبيق حلول روبوتات الدردشة، التي أُتيحت بواسطة الذكاء الاصطناعي المتطور، عن طريق المؤسسات المالية لتقليل التكاليف وتلبية توقعات العملاء فيما يتعلق بالاستجابة السريعة وحل المشكلات بشكل فعال. ويمكن استبدال الأشكال التقليدية للاتصال ثنائي الاتجاه مثل البريد الإلكتروني والهاتف والرسائل بروبوتات الدردشة. وبحلول سنة 2020، من المتوقع أن تتعامل برامج الدردشة مع ما لا يقل عن 85 في المئة من تفاعلات خدمة العملاء، وذلك وفقًا لجارتنر.
يجب أن تقوم المؤسسات المالية بأكثر من مجرد الاستثمار في التدابير التقنية للحماية من الهجمات الإلكترونية. يجب عليهم تبادل المعرفة وأفضل الممارسات مع بعضهم البعض
توفر روبوتات الدردشة تجربة محادثة فورية تقريبًا يمكن أن تكون مخصصة حتى يحصل العملاء على خدمة متميزة بسرعة. استخدم “بنك أوف أمريكا” و”كابيتال ون” و”ولز فارجو” مواقع الدردشة لسنوات لاستفسارات الحساب البسيطة، ولكن يمكن أن تقدم مواقع الدردشة المتقدمة اليوم حتى الاستشارات المالية. كما أن الروبوتات قادرة أيضا على توفير إدارة مالية مركزية حول القنوات المتعددة التي يتفاعل العملاء من خلالها مع مؤسساتهم المالية، وتصحيح ما كان يُعتبر في الماضي مفككا. تستمر هذه التكنولوجيا في التحسن وسوف تُمكّن العملاء من التواصل مع البنوك الخاصة بهم وفقا لشروطهم.
الأمن السيبراني والقدرة على الصمود
في مجال يتعامل مع المعلومات الشخصية والمالية الحساسة، التي تعد هدفا جذابا للمجرمين على الإنترنت، يعد الأمن أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للمؤسسات المالية. سيكون من الجيد أن تفترض المؤسسات المالية أنه سيكون هناك خرق أمني ومخطط لكيفية تقليل الضرر إلى الحد الأدنى، لأن منع جميع الهجمات الإلكترونية يكاد يكون مستحيلا نظرا للطرق المختلفة التي يتفاعل من خلالها المستهلكون مع أموالهم ونقاط الضعف العديدة الموجودة بصرف النظر عن مقدار الوقت والطاقة الموضوعة لدفع خطر الهجمات الإلكترونية. بدء من تطبيقات الجوال وبوابات الويب إلى شبكات الأطراف الثالثة وحتى نقاط الضعف التي يقدمها الموظفون والعملاء أنفسهم، لن يقع ضمان السلامة أبدا حتى لو كان بإمكانك إحباط أي هجوم بشكل دوري.
يجب أن تقوم المؤسسات المالية بأكثر من مجرد الاستثمار في التدابير التقنية للحماية من الهجمات الإلكترونية. يجب عليهم تبادل المعرفة وأفضل الممارسات مع بعضهم البعض، والعمل مع الحكومات لضمان إعطاء الأولوية للأمن السيبراني، وأن يكونوا سباقين لتثقيف الموظفين فيما يتعلق بمسؤولياتهم المتعلقة بالأمن السيبراني وأهمية اتباع البروتوكولات اللازمة، والتواصل مع الجمهور لمساعدتهم على فهم الموقف ودورهم في الحفاظ على بياناتهم الشخصية آمنة.
المصدر: مجلة فوربس