قالت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” أنه لا يمكنها إعطاء أية معلومات حول الأنشطة التي يقوم بها جهاز الاستخبارات، أمام الرأي العام.
وجاء تصريح ميركل هذا خلال حديث للصحفيين عقب لقائها رئيسة وزراء لاتفيا، “لايمدوتا ستراوجوما”، وأضافت ميركل، “إن لزم الأمر سأعطي معلومات بشأن أنشطة الاستخبارات أمام لجنة تحقيق للمجلس الفيدرالي، هناك يمكن مناقشة مثل هذه الأمور لا يمكنني أن أطلعكم على أية معلومات بشأن ذلك”.
وأشارت المستشارة الألمانية أنها قالت جملة “إنه لا يمكن أن يكون هناك عمليات تنصت بين الأصدقاء” عقب كشف الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي “إدوارد سنودن”، عن برنامج التنصت الأمريكي، الذي طال رؤساء عدة دول من بينها ميركل، مشيرة أنها لا تستطيع التحدث أكثر من ذلك أمام الرأي العام، بشأن ادعاءات تنصت الاستخبارات الألمانية على تركيا.
وزير الخارجية التركي “أحمد داود أوغلو” قال بدوره أنه “من غير المسموح لأي دولة أن تجعل من تركيا مسرحاً لعملياتها الاستخباراتية، ومن غير الممكن، أيضاً، قبول هذا من دولة حليفة تربطنا معها علاقات تاريخية كألمانيا”.
وأضاف داود أوغلو، أن الطرف التركي بدأ بالتواصل مع المسؤولين الألمان، للتحقق من مدى صحة تلك الادعاءات، مشيرا إلى استدعاء وزارة الخارجية التركية، السفير الألماني لدى أنقرة، “إبيرهارد بوهل”، إلى مقرها وأبلغته بضرورة إصدار السلطات الألمانية بيانا حول تلك الادعاءات، وإيقاف تلك الأعمال في حال ثبوتها، وأنه أجرى مكالمة هاتفية، مساء أمس، مع نظيره الألماني “فرانك والتر شتاينماير”.
وأفاد داود أوغلو بأنه أخبر شتاينماير، خلال المكالمة الهاتفية، أنه في حال صحة تلك الادعاءات فإن ذلك لا يليق بالعلاقات بين دولتين حليفتين، وهو أمر لا يمكن قبوله، مضيفا أن شتاينماير أخبره أنه سيقوم ببحث تلك الادعاءات وأنهما اتفقا على أن يلتقي رئيسا مخابرات بلديهما لتوضيح الموقف، ومن ثم تقوم تركيا بتقييم الموقف بعد ذلك اللقاء.
وأشار داود أوغلو إلى وجود تعاون استخباراتي بين تركيا، وحلفائها، ومن بينهم ألمانيا، مستدركا أنه في حال أصبحت تركيا هدفاً لعمليات استخباراتية، فإن هذا لا يتوافق مع طبيعة العلاقات بين الحلفاء.
وكانت مجلة “ديرشبيغل” الألمانية قد قالت أن الاستخبارات الألمانية (BND) تتنصت على حليفتها في حلف الناتو تركيا منذ عام 2009.
وأسندت المجلة خبرها إلى أحد التقارير اليومية للاستخبارات الألمانية في عام 2009، حيث أشار الخبر إلى أن الأهداف ذات الأولوية التي تحدثها الاستخبارات الألمانية كل أربع سنوات، لم يتم تحديثها، بسبب تنصت وكالة الأمن القومي الأميركي على ألمانيا.
وأوردت المجلة في خبرها أنَّ الاستخبارات الألمانية تنصتت مرة واحدة على الأقل على وزير الخارجية الأميركي “جون كيري”، وبينت أنَّ التنصت تمَّ من قبل شبكة الاستخبارات الألمانية في الشرق الأوسط أثناء حديثه بهاتفه الفضائي.
كما أوردت الصحيفة تنصت الاستخبارات الألمانية على مكالمة أجرتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة “هيلاري كلينتون عام 2012 مع الأمين العام السابق للأمم المتحدة “كوفي عنان”.
وبينت ديرشبيغل أنَّ عمليات التنصت على كيري وكلينتون لم تكن بشكل متعمد، وإنما بشكل عَرَضي، حيث رصدت مكالمة كلنتون من قبل شبكة المراقبة التابعة لجهاز الاستخبارات الألماني في الشرق الأوسط في إطار عمليات تديرها ضد مشتبهي الإرهاب، وذلك خلال استخدام المشتبهين لنفس موجات التردد.
وكان عضو لجنة الرقابة على الاستخبارات في البرلمان الفدرالي الألماني “قسطنطين نوتز” قد طالب المستشارة “أنجيلا ميركل”؛ بتوضيحات حول عمليات تنصت الاستخبارات الألمانية على دول حليفة لها.
ومن جانب آخر وصف الرئيس المشارك لحزب “الخضر” في تصريحاته لجريدة “ولت آم سونتاغ”، “عمليات التجسس الألمانية على الحلفاء بأنه عمل لا يمكن قبوله”، مذكراً بعمليات التجسس التي قامت بها وكالة الامن القومي الاميركي على ألمانيا، والتداعيات التي خلفتها طيلة عام كامل.
كما اتهم نائب أمين عام حزب اليسار الألماني “جان كورتي”؛ جهاز الاستخبارات الألمانية (BND)؛ بإنشاء دولة داخل دولة، مطالباً بتوضيحات من لجنة رقابة الاستخبارات ولجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الفدرالي.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة ” Frankfurter Allgemeine Zeitung” الألمانية أن “مصادر حكومية أكدت تكليف دائرة الاستخبارات الإتحادية الألمانية “BND” بالقيام بنشاطات استخباراتية وتنصت إزاء تركيا”، مشيرة أن “الحكومة الألمانية تنظر إلى تركيا على نحو مختلف قياسا بباقي حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.
وأضافت الصحيفة أن المصادر أكدت أن التطورات في تركيا لها تأثير مباشر على الأمن الداخلي لألمانيا، مشيرة أن لتركيا وضعا مختلفا بالنسبة لألمانيا لجهة مكافحة منظمة “بي كا كا” الإرهابية، والتنظيمات اليسارية واليمينية الألمانية المتطرفة، والمخدرات، والإتجار بالبشر.
وأفاد”باتريك سينسبرغ” النائب في البرلمان الألماني عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” أن نشاطات التنصت الألمانية لا تستهدف أعضاء حكومات الدول الحليفة، ومن تعرض منهم لأمر مشابه فقد حذفت جميع التسجيلات المتعلقة، مشددا على أهمية إطلاع بلاده على التطورات الحاصلة على الحدود التركية مع العراق.
وأضاف سينسبرغ، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية: “نحن بحاجة للمعلومات الموثوقة من أجل القرارات السياسية، أود التحرك في ضوء المعلومات الاستخباراتية التي بحوزتنا”.
من جهته انتقد “رولف موتزانيش” النائب عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، النشاطات الاستخباراتية لبلاده الموجهة ضد تركيا، مشددا على ضرورة أن تكون العلاقات بين البلدين مبنية على الثقة المتبادلة.
وتساءل “موتزانيش”، في تصريح صحفي بالعاصمة الألمانية، برلين: “لم لا نجرب التواصل مع الحكومة التركية مباشرة للحصول على المعلومات التي نريدها بشأن منظمة (بي كا كا)”.
و كانت أزمة دبلوماسية مشابهة نشبت بين الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا في مطلع شهر تموز الماضي، بعد اكتشاف موظفَين في وزارة الدفاع و دائرة الاستخبارات الإتحادية الألمانية يعملان لحساب الاستخبارات الأميركية، طلبت على إثرها ألمانيا من ممثل الاستخبارات الأميركية في مغادرة البلاد.
يُذكر أنَّ الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي “إدوارد سنودن” كشف عن برنامج التنصت الأميركي، الذي طال رؤساء عدة دول من بينها المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”.