ترجمة وتحرير: نون بوست
وفقا لما أورده مؤلفو الكتاب المرتقب الذي يحمل عنوان “حروب الحدود: نظرة على سياسة ترامب الهجومية على الهجرة”، اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق النار على أقدام المهاجرين لإبطاء تقدّمهم نحو الحدود الجنوبية للبلاد، مرددًا بذلك التعليقات التي صرّح بها علنًا في سنة 2018، حين حثّ على إطلاق النار على المهاجرين الذين يرشقون الحجارة على الجنود الذين يقومون بدوريات على الحدود الأمريكية المكسيكية.
فضلا عن ذلك، يدّعي مؤلفو هذا الكتاب، الذي اعتمد على مقابلات أُجريت مع أكثر من عشرة مسؤولين من إدارة ترامب، أن الرئيس الأمريكي “كان يرغب في إقامة جدار حدودي مزوّد بأسلاك كهربائية شائكة ومسامير أعلاه قادرة على اختراق لحم البشر، كما اقترح أيضا بناء خندق يكون مليئا بالتماسيح.
عنصرية وحشية
من المستحيل معرفة من أين يستوحي ترامب أسوأ نزعاته العنصرية وأكثرها شراسة، نظرًا لأننا نعلم أنه ليس ملمّا بالتاريخ، أو أي شيء آخر، وهذا على الأقل ما توحي به كلماته وأفعاله، والتعليقات التي صرّح بها كاتبه الخفي السابق.
ما يبدو واضحا هو أن الرئيس الأمريكي الحالي ابتكر مقترحات سياسية فورية جاهزة للنشر على موقع تويتر تقوم على رد فعل تلقائي على كل ما كان يشاهده على شاشة التلفزيون، ولا سيما ما تبثه شاشة فوكس نيوز
في الواقع، أطلع توني شوارتز، الذي وظفه ترامب في أواخر ثمانينات القرن الماضي لتأليف كتاب “فن الصفقة”، صحيفة “نيويوركر” أن العنوان الأنسب للكتاب سيكون “المعتل الاجتماعي”، بناء على تجربته من تعقّب ترامب لمدة 18 شهرًا لمعرفة عباراته الساخرة ولغته المميزة ومعتقداته ومواقفه من أجل توجيه أسلوبه الخطابي. في سياق متصل، قال شوارتز إن ترامب يظهر “مستوى مذهلاً من المعرفة السطحية والجهل الواضح”. وأضاف قائلا: “أشك صراحة في أن ترامب قد قرأ كتابًا خلال حياته كبالغ”، مشيرًا إلى أنه لم ير يومًا كتابًا على مكتبه أو في شقته.
مع ذلك، ما يبدو واضحا هو أن الرئيس الأمريكي الحالي ابتكر مقترحات سياسية فورية جاهزة للنشر على موقع تويتر تقوم على رد فعل تلقائي على كل ما كان يشاهده على شاشة التلفزيون، ولا سيما ما تبثه شاشة فوكس نيوز، ودون استشارة أو بحث مسبق. بعبارة أخرى، يتفوه بأي كلام يخدم احتياجاته الشخصية والسياسية في تلك اللحظة، ولا أهمية للأدب والأخلاق بالنسبة له. من الواضح أيضًا أن ترامب هو “تلميذ لامع” لمعلمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ووفقا لمجلة “غلوباليست”، “لم يتعلم من معلمه فحسب، بل أضاف مبادراته القاسية”.
“أطلق النار على الكاحلين”
هل يمكن إذن أن تكون فكرة ترامب الهمجية لإطلاق النار على المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية على مستوى الكاحل مستوحاة من السياسات الوحشية التي طبقتها حكومة نتنياهو على الشعب الفلسطيني؟
في الواقع، أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرًا أنه قرر تغيير قواعد الاشتباك الخاصة به وإعطاء إذن للقناصة الإسرائيليين “بإطلاق النار على كواحل” الفلسطينيين. كما قال أحد المسؤولين الحكوميين لصحيفة “جيروزاليم بوست”: “كان من المعلوم أن إطلاق النار فوق الركبة أدى إلى مقتل العديد من المتظاهرين”.
إن المتظاهرين الذين يشير إليهم المسؤول هم فلسطينيون شاركوا في الاحتجاجات الأسبوعية والمستمرة من مسيرة العودة الكبرى، والتي بدأت في آذار/ مارس سنة 2018 ضد الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة. في السنة الأولى من الاحتجاجات، قُتل أكثر من 270 شخصا بنيران إسرائيلية.
قوات الأمن المكسيكية تحرس السياج الحدودي الأمريكي المكسيكي في 18 أيلول/ سبتمبر.
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، أصيب أكثر من 30 ألف محتج فلسطيني على أيدي القناصة الإسرائيليين خلال نفس الأشهر الاثني عشر، بما في ذلك أكثر من 6800 شخص أصيب بالذخائر الحية. وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 80 في المئة منهم أصيبوا بإصابات في الأطراف السفلية. وفي أيار/ مايو، حذرت الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى 1700 فلسطيني مصاب برصاص القناصة الإسرائيليين سيضطرون إلى إجراء عملية بتر الأطراف خلال العامين المقبلين.
حيال هذا الشأن، أورد جيمي ماكغولدريك، وهو منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: “يوجد 1700 شخص بحاجة إلى عمليات جراحية خطرة ومعقدة حتى يتمكنوا من المشي مرة أخرى. هؤلاء هم الأشخاص الذين تم إطلاق النار عليهم أثناء المظاهرات والذين يحتاجون إلى إعادة التأهيل وجراحة بالغة الخطورة والتعقيد لإعادة بناء العظام على مدار عامين قبل أن يبدأوا في إعادة تأهيل أنفسهم”.
تجاهل قاسي
وجدت لجنة تحقيق مستقلة أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة السنة الماضية “أسبابًا معقولة” للاعتقاد بأن القناصة الإسرائيليين ارتكبوا جرائم حرب من خلال إطلاق النار على المتظاهرين “الذين لم يشكلوا تهديدًا وشيكًا”. عندما أطلق قناصة إسرائيليون النار وقتلوا 55 محتجًا فلسطينيًا غير مسلح في يوم إعادة فتح السفارة الأمريكية في القدس، ألقت إدارة ترامب باللوم عليهم في مقتلهم، واصفة ما حدث بأنه “محاولة دعاية بشعة”. يقدم هذا الرد نظرة حول مستوى التجاهل القاسي الذي يحمله الرئيس الأمريكي للمهاجرين، بالنظر إلى أن ما يقرب من ثلثي سكان غزة البالغ عددهم مليوني لاجئ قد نزحوا بسبب التطهير العرقي الإسرائيلي للمدن والقرى الفلسطينية خلال النكبة.
هل يمثل ذلك في الحقيقة مجرد اعتقاد بأن إطلاق “إسرائيل” النار على المتظاهرين الفلسطينيين غير المسلحين مثّل مصدر إلهام ترامب لرغبته في إطلاق النار على اللاجئين غير المسلحين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، بالنظر إلى أن الرئيس يفتخر بكونه “ملك إسرائيل”؟ والأهم من ذلك، هل ينبغي أن يشعر الرأي العام الأمريكي بالصدمة حقًا من اقتراح ترامب إطلاق النار على المهاجرين غير المسلحين، بالنظر إلى أن دولارات الضرائب الخاصة بهم تمول السلاح ذاته (بندقية القناصة إم 24) والذي يستخدمه القناصة الإسرائيليون في إطلاق النار وإصابة المحتجين الفلسطينيين غير المسلحين؟ بالتأكيد لا.
المصدر: ميدل إيست آي