لأول مرة منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر و”إسرائيل” بوساطة أمريكية عام 1979، تطفو على السطح تقارير جدية عن نية واشنطن فرض عقوبات على مصر، بسبب مخاوف من علاقتها مع روسيا بشكل عام، وحصولها على أسلحة نوعية متطورة من موسكو بشكل خاص.. فما القصة؟
البدايات
تقول القاهرة إنها بدأت خطة طموحة وغير مسبوقة لإعادة تأهيل قواتها المسلحة وتحديثها وإمدادها بأسلحة متطورة، لمجابهة التطورات الجديدة في المنطقة، وإحلال الأسلحة الروسية القديمة التي حصلت عليها إبان تحالفها مع الاتحاد السوفيتي، بشكل لا يمثل تهديدا على أي من جيرانها؛ حيث تتجنب مصر، بحسب تصريحات رئاسية، التصريحات والاستعراضات التي يمكن فهمها بصورة خاطئة في هذا الشأن.
وفي خضم هذه الجهود، ظهرت تقارير عام 2015 تفيد بتوقيع القاهرة عقدًا مع روسيا للحصول على مقاتلات “Su-35” المتطورة بعدد 12 مقاتلة؛ ولكن موسكو نفت لاحقًا هذه التقارير أكثر من مرة، كان أهمها على لسان نائب رئيس شركة “روسبورن إكسبورت” المسؤولة عن تعاقدات السلاح، خلال لقاء جمعه بوكالة “إنترفاكس” الروسية على هامش معرض “LIMA” الدفاعي في ماليزيا.
وبعد مرور مدة قليلة على هذه التصريحات الروسية، نشرت تقارير جديدة قاطعة تؤكد تعاقد مصر على هذا النوع من المقاتلات، مع الكشف عن تفاصيل حقيقية تخص الصفقة، حيث أُعلن أن العدد لا يقل عن 20 مقاتلة ولا يزيد عن 24 مقاتلة، بقيمة تصل إلى 2 مليار دولار (تدخل فيها الذخائر والصيانة)، على أن يبدأ التسليم عام 2020 وينتهي قبل 2021؛ وهو ما رجح أن النفي الروسي المبدئي كان بطلب من القاهرة، التي تنتهج سياسةً صارمة فيما يخص تفاصيل عقودها العسكرية.
أغلب الظن أن التهديدات الأمريكية بتفعيل قانون محاربة أعداء أمريكا ضد مصر متعلقة في حقيقة الأمر بالخوف من امتلاك حليفة واشنطن لهذا النوع من الطائرات، وليس مجمل الصفقات الروسية العسكرية إلى مصر
تزامن هذا الإعلان المؤكد عن الصفقة العسكرية مع ثلاث مناسبات مهمة؛ أولى هذه المناسبات كانت تحركات الرئيس المصري للدفع قدمًا في اتجاه إقرار تعديلات دستورية وُصفت حينها بأنها “تقضي على الحياة السياسية، وتكرس سلطاته في حكم مصر”، والثانية كانت زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تلك الزيارة التي اعتُبرت بمثابة “الضوء الأخضر” المنتظر لتمرير هذه التعديلات، والثالثة هي مناقشة الكونجرس الأمريكي لميزانية الولايات المتحدة للعام الجديد ونصيب مصر من هذه الميزانية؛ حيث تحصل مصر من واشنطن على معونة سنوية قدرها 1.2 مليار دولار.
وبالفعل، أشارت اجتماعات الكونجرس حينها إلى 3 ملفات حساسة متعلقة بالشأن المصري، هي “المحتجزون في السجون المصرية من حملة الجنسية الأمريكية”، وتنامي العلاقات المدنية والعسكرية بين مصر وروسيا، بعد منح الأخيرة مصرَ قرضا لبناء محطتها النووية الأولى، وتوقيع عقود لتوريد أسلحة روسية متطورة أهمها مقاتلات “Su-35″، وآخرها ملف التعديلات الدستورية وأوضاع حقوق الإنسان؛ حيث أكد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إبريل/ نيسان، لأعضاء من الكونجرس أنه “تم إبلاغ مصر أن حصولها على هذه الطائرات، سيضعها تحت طائلة العقوبات، بموجب قانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة”.
هدأت الأمور أو تجمدت لمدة سبعة أشهر، ثم عادت من جديد بلغة أوضح وأكثر حدة، حينما قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي كلارك كوبار، على هامش معرض دبي للطيران، أمس الاثنين، إن “مصر تعلم بالفعل أنها ستعاقَب بموجب قانون محاربة أعداء أمريكا، حال أتمت صفقة شراء طائرات سوخوي الروسية”، في تأكيد لما ورد في تقرير “وول ستريت جورنال” عن تولي كل من مايكل أسبر، وزير الدفاع، ومايك بومبيو وزير الخارجية، مسؤولية التفاوض مع مصر وتحذيرها من عواقب شراء هذا الطراز من الطائرات.
الأفعى
أغلب الظن أن التهديدات الأمريكية بتفعيل قانون محاربة أعداء أمريكا ضد مصر متعلقة في حقيقة الأمر بالخوف من امتلاك حليفة واشنطن لهذا النوع من الطائرات، وليس مجمل الصفقات الروسية العسكرية إلى مصر؛ وإن كانت واشنطن تتحفظ على تعاون أي دولة حليفة لها، مع غريمتها التقليدية، بأي شكل ممكن.
ولم تمانع الولايات المتحدة بشكل جاد في حصول مصر على طائراتٍ مقاتلة من طراز “MIG-29M2” المتطورة، النسخة الأقرب على الإطلاق لمقاتلات “MIG-35″، حيث كان الظهور الرسمي الأبرز لهذه الطراز في مصر، مسلحة بصواريخ “X-31” (كريبتون) المضادة للسفن، عندما زار السيسي إحدى القواعد الجوية المصرية أكتوبر/ تشرين 2018، وقد وقع البلدان في فبراير/ شباط 2014 عقدًا لتوريد 46 مقاتلة من هذا النوع، من المفترض أن ينتهي العام القادم.
تمكنت مصر في نفس الفترة تقريبا من الحصول على بطاريات دفاع جوي روسية متطورة بمديات متنوعة، مثل منظومة “Tor – M2E” وشقيقتها “BUK – M2E” اللائي تعملان على مديات قصيرة ومتوسطة للتصدي للصواريخ الجوالة والمقاتلات المتطورة
وفي نفس القاعدة، ظهرت مروحيات “Kamov Ka-52” الهجومية، والتي تعتبر النسخة الروسية المقابلة لمروحيات “أباتشي” الهجومية الأمريكية، حيث تسلمت مصر حتى الآن قرابة 35 مروحية “تمساح النيل” من أصل 46 تعاقدت عليها للعمل تحديدا على ظهر حاملة المروحيات الفرنسية “ميسترال”، ومن المتوقع أن ينتهي تسليم الصفقة العام القادم أو مطلع 2021 في أقصى تقدير؛ علمًا بأن مصر باتت الدولة الأولى في العالم التي تشغل النسخة الأمريكية إلى جانب نظيرتها الروسية.
كما تمكنت مصر في نفس الفترة تقريبًا من الحصول على بطاريات دفاع جوي روسية متطورة بمديات متنوعة، مثل منظومة “Tor – M2E” وشقيقتها “BUK – M2E” اللائي تعملان على مديات قصيرة ومتوسطة للتصدي للصواريخ الجوالة والمقاتلات المتطورة، مع 6 بطاريات من نظام “S-300VM”، للتصدي للأهداف بعيدة المدى، وجميعها منظومات متحركة تعمل على عربات مجنزرة. بالإضافة إلى التعاقد على دبابات “T-90MS” (النسخة الروسية المتطورة المقابلة لعائلة دبابات “أبرامز” الأمريكية) بتحسيناتٍ ثورية في الحماية والتدريع، وإدارة النيران، والقدرات الهجومية؛ لتجمع مصر بين الطرازين الأمريكي والروسي مجددًا، دون تحركات أمريكية جادة لمنعها.
والمرجح أن التحرك الحالي الأمريكي يعود إلى أن المقاتلة الروسية “Su-35” قد صممت من قبل مكتب “سوخوي” في الأساس للقيام بما تسمى “أعمال السيادة الجوية”، أي السيطرة على المجال الجوي، أثناء الاشتباكات الجوية، بفضل قدرتها الفائقة على المناورة، وحزمتها التسليحية الثقيلة البالغة 8 أطنان على 12 نقطة تعليق، بالإضافة إلى محركين، ورادار (بيسا) متطور، وإمكانية رصد 30 هدفا على بعد 400 كم، ومواجهة 8 منها في نفس الوقت. كما تعد واحدة من أحدث المقاتلات الروسية دخولا إلى الخدمة (2014) وأقربها إلى الجيل الخامس؛ حيث تنتنمي إلى فئة مقاتلات الجيل الرابع والنصف (4++)؛ مقارنة بتعثرات متكررة في مشاريع “Mig-35″، و”Su-47″، و”T-50” (باك فا) لأسباب مالية وفنية متنوعة.
وتنظر الدول الأجنبية بشكل عام إلى هذه الطراز باعتباره البديل الأمثل والأكثر كفاءةً لتعويض مقاتلات “F-35″، ولمواجهة خطر الطائرات الشبحية من الجيل الخامس بشكل عام، في حال استخدمت المقاتلة بتناغم مع منظومات القيادة والسيطرة المؤمنة جيدًا، وطائرات الإنذار المبكر والحرب الإلكترونية، وطبقات الدفاع الجوي المتنوعة والمتكاملة، خاصة رادارات ما وراء الأفق.
وقد نجحت الصين في إقناع روسيا بتوريد 24 مقاتلة من هذا النوع بالفعل، كما تخطط تركيا بجدية للحصول عليها في حال تعقدت صفقة حصولها على مقاتلات “F-35” الأمريكية. وبحسب شارلي جاو، الخبير العسكري، في كلية جرينييل خلال حوارٍ مع “ناشيونال إنترست”، فإن هذه المقاتلة ستعوض مصر عما ينقصها في مجال القتال الجوي بعيد المدى؛ نظرًا لتسليحها بصواريخ “R-77″، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تحظر تصدير صواريخ “AIM- 120 Amraam” بفئاته المتنوعة إلى مصر، منذ بدأت تبيعها مقاتلات “F-16” مطلع الثمانينيات، على حد قوله.
وبالفعل، تفتقد مقاتلات “Rafale” الفرنسية باهظة الثمن، التي تعاقدت مصر على شراء 24 مقاتلة منها حتى الآن، إلى هذه الميزة أيضًا؛ حيث يقتصر تسليحها الجوي في القتال ضد المقاتلات الأخرى على صواريخ “Mica RF” الرادارية التي يصل أقصى مدى لها إلى 80 كم، في حين يستطيع “R-77” الإصابة بتقنية “Fire and Forget” حتى مدى 120 كم، وتصل بعض نسخه إلى مدى 200 كم، تتدخل في تحديدها الظروف الجوية وطبيعة المعركة.
الغريم
السبب الثاني للتهديدات الأمريكية لهذه الصفقة على الأرجح، هو خوف واشنطن العام من انفضاض حلفائها الإستراتيجيين عنها، والارتماء في أحضان الخصم الروسي؛ وهو ما يعني خسارة سياسية وإستراتيجية، وإهدارًا لمئات المليارات من الدولارات، وفقدان الآلاف من فرص العمل.
في المقابل، يتهم هؤلاء الحلفاءُ واشنطن، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، بحرمانهم مما يريدون من الأسلحة، في نفس الوقت الذي تمنح “إسرائيلَ” أسلحةً أكثر تطورًا، بكميات وأعداد ضخمة، وبميزات تنافسية. حيث تؤكد التقارير الواردة من أمريكا أن مصر طلبت التعاقد على 20 مقاتلة من طراز “F-35” عام 2018، ولكن طلبها قوبل بالرفض من كل المستويات. في حين، بدأت “إسرائيل” فعليا التدرب على مقاتلات من نفس النوع في مناورات جوية دولية، بعد شرائها من أمريكا.
بالإضافة إلى ذلك يؤكد أحمد الباز الخبير في العلاقات الدولية والباحث في مركز أبو ظبي للدراسات السياسية، أن “روسيا قد نجحت في تصدير نفسها سياسيًا للأنظمة العربية كحليف إستراتيجي موثوق به، بعد تدخلها مباشرة لحماية نظام الأسد في سوريا، مقارنة بأمريكا التي تخلت عن نظام مبارك، بعد اندلاع ثورة يناير 2011”. كما أنها، بحسب الباز، “أظهرت انفتاحًا على تصدير كل أنواع الأسلحة، بتسهيلات مالية، دون تساؤلات عن طريقة ومكان استخدام هذا السلاح، كما فعل الرئيس الروسي عند عرضه منظومة “S-400” على المملكة العربية السعودية، بعد فشل منظومات “باتريوت” الأمريكية في تأمين شركة “أرامكو” النفطية من الهجمات الجوية؛ في حين يقيد الكونغرس وأعضاؤه مستوردي السلاح من استخدامه بمحددات مثل حقوق الإنسان”.
يبدو أن الجهود الروسية قد بدأت تؤتي أكلها، حيث تظهر أحدث التقارير العسكرية أن السعودية قد استجابت لعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وشرعت تستأنف مفاوضات توريد عدد من بطاريات “S-400” الدفاعية بعيدة المدى
ووفقًا للباز، فإن “الوصول إلى المياة الدافئة في الشرق الأوسط يعد حلمًا روسيًا قديمًا تبنّاه القيصر الروسي” أزوف” ومنعته الدولة العثمانية من تحقيقه، وعاود الرئيس بوتين إحياءه واحدًا من الأهداف الإستراتيجية الروسية، نظرًا لتجمد الموانئ الروسية وخروجها عن العمل معظم العام، بالإضافة إلى رغبته في جعل بلاده قريبة من الناتو وأمريكا، لذلك فقد حرصت موسكو على تكوين تحالفات عسكرية رسمية مع مصر، التي تطل على البحر المتوسط، كما ثبتت وجودها الرسمي باستئجار ميناء “طرطوس” في سوريا”.
وبالفعل يبدو أن الجهود الروسية قد بدأت تؤتي أكلها، حيث تظهر أحدث التقارير العسكرية أن السعودية قد استجابت لعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وشرعت تستأنف مفاوضات توريد عدد من بطاريات “S-400” الدفاعية بعيدة المدى، التي وقعت عقود شرائها عام 2017، كما بدأت الإمارات، في نفس الوقت، التفاوض على شراء مقاتلات “Su-35” التي شاركت بالفعل في تمويل تطويرها، وكانت على وشك الحصول عليها 2017.
كاتسا
ولكن يظل السؤال الأهم الآن: كيف يمكن للولايات المتحدة عقاب بلد على شرائه سلاحا يدفع فيه مليارات الدولارات من خزينة شعبه ويقول إنه قد طلبه منها (أمريكا)، ولما رفضت بيعه إليه، لجأ إلى بديله في دولة أخرى؟ الإجابة ببساطة:”كاتسا”.
“كاتسا” هو اختصار لقانون “مكافحة أعداء الولايات المتحدة الأمريكية من خلال العقوبات” أو (Countring America’s Adversaries Through Sanctions Act)، الذي يعتبر مظلةً تشريعية حديثة أقرها مجلس الشيوخ الأمريكي نهاية يوليو/ تموز 2017، لدمج كل القرارات والإجراءات السابقة لمعاقبة الثلاثي: روسيا، وكوريا الشمالية، وإيران على تجاوزاتهم الحقوقية والأمنية ضد النظام الدولي الذي تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مسؤولة عنها، وقد صدّق عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثاني من أغسطس/ تموز من نفس العام.
وعلى نحوٍ إجرائيّ، ينصّ القانون على معاقبة كلّ الكيانات والمؤسسات والأفراد التي تتعاون مع هذه الدول الثلاث؛ ولكن روسيا اعتُبرت هي المستهدفة الأولى من هذا التشريع، بعد تورّطها في دعم النظام الروسي عسكريًا، بالإضافة إلى تدخلها العسكري في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ومزاعم مسؤوليتها عن تدخلاتٍ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عبر هجمات سيبريّة. وقد فُرضت عقوبات على كل الكيانات المتحالفة مع روسيا بشكل مباشر أو من الباطن بموجب هذا التشريع، ومن ضمنها بطبيعة الحال شركة “روسبورن إكسبورت” التي تتولى مسؤولية تصدير الأسلحة الروسية إلى الزبائن؛ وهو ما يعني أن كل المتعاملين مع روسيا، خاصة في المجال العسكري، واقعون تحت سطوة هذه القانون.
وبموجب هذا القانون، عوقبت تركيا بحرمانها من برنامج المقاتلة “F-35” التي تشارك في صناعة هيكلها المعدني، وبعض من مكوناتها الهندسية، وذلك رغم استلامها مقاتلتين من هذا النوع، كان طياروها المستبعدون يتدبون عليهما خلال فترة التدريب في أمريكا، ومشاركتها بأكثر من مليار دولار بالمشروع؛ كعقاب على إصرارها على شراء بطاريات “S- 400” التي تعتبرها واشنطن خطرًا على أنظمة شفرات حلف شمال الأطلسي، وتهديدًا لمقاتلات “F-35. كما عوقبت أيضا شركة “Equimpent Development Department” الصينية بعد شراء الصين نفس البطاريات من روسيا.
مستقبل الصفقة
لم تردّ مصر بشكل رسمي على التهديدات الأمريكية؛ ولكن تصريحًا منسوبًا لـ”مسؤول مصري رفيع المستوى”، يرجح كونه من وزارة الدفاع المصرية، قال إن “مصر التي لا تتدخل في شؤون أي من البلدان، لا تقبل أن يتدخل أحد في شؤونها الداخلية، حتى لو كانت دولة صانعة قرار مثل الولايات المتحدة”. مشيرًا إلى أن “مصر تعتبر هذه الصفقة من أعمال السيادة التي ينبغي التمسك بها واعتبارها خطا أحمر”، وتعزف التصريحات الصادرة من روسيا أيضًا على نفس هذا الوتر؛ حيث أكد “إيغور كوروتشينكو” مدير مركز تحليل تجارة الأسلحة في العالم، في حوار مع” روسيا اليوم”، أن “مصر لن تخضع لابتزاز الولايات المتحدة، وأن الصفقة ستمضي في موعدها”.
فيما يبدو، تفضل مصر الاحتفاظ بسرية عقودها العسكرية النوعية لأسبابٍ عديدة، منها الحفاظ على هامش مناورة سياسية، حال تعرضت لضغوط كبيرة من واشنطن، يمكنها من العدول عن التعاقدات
ويرجح محللون ألا تتسبب هذه الصفقة، بغض النظر عن مصيرها ومساراتها، في أزمة ضخمة بين الولايات المتحدة ومصر على غرار ما حدث مع تركيا؛ نظرًا للعلاقة الجيدة التي تربط بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يصفه بأنه “الديكتاتور المفضل”، و”الصديق الذي يقوم بأشياء عظيمة حتى لو كانت غير معروفة”، “والقائد القادر على احتواء الاحتجاجات”، وهي العلاقة التي دفعت الرئيس المصري إلى طلب وساطة الولايات المتحدة (وليس روسيا) في أزمة سد النهضة الأخيرة.
وفيما يبدو، تفضل مصر الاحتفاظ بسرية عقودها العسكرية النوعية لأسبابٍ عديدة، منها الحفاظ على هامش مناورة سياسية، حال تعرضت لضغوط كبيرة من واشنطن، يمكنها من العدول عن التعاقدات، دون دفع كلفة سياسية إضافية أمام الجمهور، تمهيدا لإلغائها أو محاولة إبرامها سرًا.
ويُشار أيضًا إلى أن الرئيس الأمريكي قد تحفظ على قانون “كاتسا” رغم تمريره، مؤكدًا أنه “قانون معيب يعرقل عمل الرئاسة في التعاون مع الأوروبيين فيما يخص المسألة الأوكرانية”، كما اعتبره “قانون جائر يقوض عمل السلطة التنفيذية لصالح المجالس التشريعية، ويكبل أيدي الرئاسة عن تحقيق المصالح الأمريكية. ويفيد، من حيث يريد أن يضر، الأعداء الثلاثة المراد إيذاؤهم”.
وكانت الهند قد اتفقت مع روسيا على اللجوء إلى طرق دفع غير تقليدية، كالتعاون بعملات محلية، وتبادل السلع المطلوبة (المطلوبة)، للتفلت من العقوبات الأمريكية المُلوَح بفرضها عليها، بموجب “كاتسا”، فيما تغاضت الإدارة الأمريكية والمجالس التشريعية عن تفعيل القانون ضد من “أندونيسيا” التي تعاقدت على 11 مقاتلة من نفس الطراز الذي تعاقدت عليه مصر.