هل حلمت لسنوات أن تكون كاتبًا؟ أن تنشر عملك؟ إن أصعب شيء في نشر رواية ما ليس عملية النشر ذاتها، بل الانتهاء من الكتاب نفسه، ذلك الجزء من المعاناة لا يُنشر، إنه صعب التخيل.
يمكنني إخبارك دون أي درجة من درجات التردد أن أصعب شيئًا في كونك كاتبًا هو أن تكتب، إن الكتب لا تكتب نفسها، لذلك عليك إنجاز تلك المهمة بنفسك للأسف!
ذلك الحلم لا يتحقق بالطبع إلا بوجود شيء تكتبه بالفعل، إنها عملية صعبة ومخالفة لكل التوقعات أيضًا. أنت تجلس من اللاشيء فقط لكتابة أحد الكتب، بل تجلس وتُفكر، ثم تجلس من جديد، مرارًا. قد تكتب سطرًا واحدًا، وقد تكتب خمسة آلاف كلمة، وقد تقف عند النهاية دون أن تعرف كيف تكتبها. الأحداث برأسك لكنك فقط لا تستطيع، إنها عملية صعبة، فالطريقة التي تنجز بها العمل ليست معقدة، لكن عليك فقط أن تأخذ خطوة ثم الأخرى.
في هذا المقال سوف أوضح لك بعض النقاط التي ستساعدك في إنهاء عملك:
1- الفكرة الواضحة والبداية الجيدة
ما الذي يتطلبه الأمر لإنهاء رواية ما أو كتاب ما؟ كي تصل للنهاية عليك أولًا أن تبدأ بفكرة واضحة، فالوضوح قد يكون أكثر الخطوات التي نتجاهلها عند بدء الكتابة، عليك أن تحدد ما الذي ستكتبه.
إن الفكرة أو ما نُسميه الإلهام يُشكل 10% من العمل، وما تبقى منه يعتمد على الإعداد.
تقول الكاتبة الكندية مارغريت آتوود Margaret Atwood في أحد اللقاءات الصحفية: “يمكنك الحصول على فكرة في وقت قصير للغاية، الصعب في الأمر أن تجلس وتعمل عليها”.
إن العمل على الفكرة يجلب المزيد من الأفكار الجديدة، ربما لن تظل فكرتك الأولى هي التي سينتهي بها الكتاب، لذلك ليس عليك القلق من إلقاء بعض الأفكار التي تظنها غير مفيدة. وجود الفكرة الواضحة ربما يعطيك انطباعًا أنك قادر على بدء روايتك، خط السطر الأول فيها، بل والنهاية أيضًا، لكن هل هذا حقيقي؟
للأسف لا، ليست كل الأفكار الواضحة تُولِّد بدايات جيدة، لذلك عليك أن تكون قارئًا، فجميع الكتاب كانوا مجرد قُرَّاء في وقت ما، ستدهشك بالتأكيد بعض البدايات، تلك البدايات التي تقدم فيها وعدًا للقارئ بأن شيئًا كبيرًا سيحدث، أو يحدث بالفعل.
عليك أن تكتب شيئًا يجعل القارئ يرغب في الاستمرار، لا تدعه يتصارع مع الصفحات الأولى من العمل
دعنا نلقي نظرة على بعض الافتتاحيات العظيمة لبعض الروايات مثل “موبي ديك” للكاتب الكبير هرمان ملفل Herman Melville الذي قال فيها: “ليكن اسمي الذي أُعرف به هو إسماعيل”.
ماذا يعني هذا؟ لماذا علينا أن ندعوه إسماعيل؟ ما اسمه الحقيقي؟ ولماذا يخفيه؟ هل هناك سبب؟ لماذا يفضل إسماعيل إذن؟ تلك أسئلة تأتي لرأسنا ما إن نقرأ تلك الافتتاحية أو افتتاحية الكاتبة توني موريسون Toni Morrison في روايتها “الفردوس”: “لقد أطلقوا النار على الفتاة البيضاء أولًا، وبالنسبة للبقية فإنهم يستطيعون أخذ وقتهم…”. أخبرني أنك تستطيع التوقف بعد تلك الكلمات.. من هؤلاء؟ لماذا أطلقوا النار على تلك الفتاة بالذات؟ ماذا عن الباقيات؟
هناك أيضًا الافتتاحية العبقرية الخاصة برواية “المسخ” لفرانز كافكا Franz Kafka: “استيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة، فوجد نفسه قد تحول في فراشِه إلى حشرة هائلة الحجم”.
عليك أن تكتب شيئًا يجعل القارئ يرغب في الاستمرار، لا تدعه يتصارع مع الصفحات الأولى من العمل.
2- الخطوط الرئيسية
عليك دائمًا أن تضع خطوطًا رئيسية للأحداث، تعرف إلى أين ستنتهي روايتك، لا بد أن يكون هناك أيضًا ما يحدث، ليست مجرد أحداث بلا هدف، أو كأن يستيقظ شخصًا ويذهب إلى العمل ثم يعود إلى المنزل هذه ليست رواية، بل ليست أي شيء على الإطلاق.
يقول الكاتب الأمريكي جيري بي. جينكينز Jerry B. Jenkins: حدد الخطوط الأساسية لكتابك، اعط لنفسك بعض الاتجاهات مثل إلى أين تذهب الرواية، لكن ليس عليك أن تعرف كل شيء، أيضًا ليس عليك التمسك بتلك الخطوط الرئيسية إذا شعرت أن روايتك تتخذ منحدرًا آخر أفضل، عليك معرفة أن الخطوط الرئيسية تخدم كتابك، وليس العكس.
3- ضع لنفسك هدفًا
لن يكون هناك وقت مناسب أبدًا لإنهاء روايتك أو كتابتها من الأساس، كل وقت تقتطعه من حياتك لا بد أن يكون له مقابل، لأنك لو انتظرت أن تتفرغ سوف تنتظر إلى الأبد، لذلك فإن الكتابة تأتي على حساب النوم أو مشاهدة المسلسلات، ربما الزيارات العائلية أو حتى احتساء كوب من القهوة مع صديق، إن لكل شيء مقابل والكتابة للأسف لا تختلف عن ذلك كثيرًا.
عليك أن تدرك ذلك جيدًا وتخصص وقتًا من يومك للكتابة وليكن ساعة بشكل يومي، في تلك الساعة سوف أكتب، وضح عدد الصفحات التي ترغب في كتابتها أيضًا، عليك دائمًا أن تدفع نفسك للالتزام بذلك الموعد بشكل يومي، حتى يصبح عادة لا تستطيع الاستغناء عنها، وفكر دائمًا أن السُرعة ليست هدفًا، بل الجودة، جودة هذا الهدف الذي تنجزه، ولا يهم حجمه.
يقول جيري بي. جينكينز Jerry B. Jenkins في محاضرته عن 13 طريقة ستساعدك في الكتابة: “السرعة ليست الأساس بل الجودة، إن كتابة كتاب تُشبه أكلك لفيل، كيف ستأكل فيلًا؟ عليك تقسيمه إلى قطع صغيرة وتأكله، مثل الكتاب، عليك تقسيمه فصل وراء الآخر”.
4- تخطي المنتصف
قد يكون لديك بداية رائعة وواضحة ونهاية أيضًا جيدة للغاية، وبين هذه البداية وتلك النهاية عليك ملء تلك الصفحات، لكنك لا تستطيع ذلك.
عليك أن تعلم إن ما يجعل منك كاتبًا ليست قدرتك على بدء كتاب ولكن قدرتك على إنهائه، لا تتعجل تلك النهاية، اعطها وقتها واجعلها منطقية وفي وقتها المناسب، أما عن تلك الصفحات فأنت في حاجة إلى أن تسأل نفسك: وماذا بعد؟
امسك ورقة واكتب بها الأحداث الآتية، دون تفاصيل، فقط تتبع خط سير الأحداث حتى تصل إلى نهايتك، ثم تبدأ بكتابة تلك المشاهد، لكن ليس عليك أن تضع أي شيء فقط كي تصل إلى عدد الصفحات المحددة فكما يقول جيري بي. جينكينز: “إذا كنت تشعر بالملل، فإن قارئك نائم”.