رفض المرشح الرئاسي السابق في تركيا، عن حزب الشعب الجمهوري، محرم إينجه، الادعاءات المثارة بشأن توجهه لقصر الرئاسة التركية لطلب الدعم من الرئيس رجب أردوغان للإطاحة بزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو، فيما وصفته بعض الصحف التركية جهود إعادة هندسة قيادة حزب الشعب الجمهوري (أكبر حزب معارض في تركيا).
بدأت العاصفة بعد مقال نشره الصحفي رحمي توران في صحيفة سوزجو يدعي فيه أن شخصًا كبيرًا من حزب الشعب الجمهوري التقى الرئيس أردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة، وطالبه أردوغان بمحاولة الفوز برئاسة حزبه ووعده بدعمه، ويدعي الصحفي توران أن أردوغان قال لهذا الشخص: “يجب أن تكون رئيس حزب الشعب الجمهوري من أجل أمن تركيا”، ليرد الأخير: “هناك عوائق أمامي”، ويعود أردوغان ليشجعه بالقول: “فكر وقرر، هذا مهم من أجل خير البلاد، سأساعدك في هذا الخصوص”.
زاد من تسليط الضوء على الحدث ذكر الصحفي توران في مقاله بسوزجو أرقام لوحات السيارات التي دخلت القصر الرئاسي وساعات دخولها وبعد أن نشر توران مقالته توجهت كل الأنظار إلى المرشح الرئاسي السابق محرم إينجه الذي يتعرض لمحاولة إقصاء داخل حزب الشعب الجمهوري بعد بزوغ نجم أكرم إمام أوغلو بعد فوزه برئاسة بلدية إسطنبول
وأكد الصحفي أنه حصل على المعلومة من شخص مطلع في حزب الشعب الجمهوري، وفي هذا السياق أكد رئيس الحزب في لقاء تليفزيوني صحة اللقاء لكنه تحفظ على ذكر اسم الشخص.
زاد من تسليط الضوء على الحدث ذكر الصحفي توران في مقاله في سوزجو أرقام لوحات السيارات التي دخلت القصر الرئاسي وساعات دخولها، وبعد أن نشر توران مقالته توجهت كل الأنظار إلى المرشح الرئاسي السابق محرم إينجه الذي يتعرض لمحاولة إقصاء داخل حزب الشعب الجمهوري بعد بزوغ نجم أكرم إمام أوغلو بعد فوزه برئاسة بلدية إسطنبول، فالأخير لا ينافس كليجدار أوغلو على مقعد رئاسة الحزب كما يفعل محرم إينجه.
حتى انتخابات البلدية في يونيو الماضي كان محرم إينجه أهم شخصية معارضة قادرة على منافسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلا أن عقدة محرم إينجه كانت دائمًا داخل الحزب، فشعبيته خارج الحزب كانت أكبر من شعبيته داخل الحزب ولم ينجح مرتين متتاليتين في الفوز على كمال كليجدار أوغلو في رئاسة حزب الشعب الجمهوري، وبعد فوز أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول أصبح عمل إينجه داخل الحزب صعبًا، فهو لم يعد نائبًا في البرلمان لأن ترشحه للرئاسة حرمه من الترشح للبرلمان كما أن فوز إمام أوغلو غطى على نجوميته.
مباشرة عقد محرم إينجه مؤتمرًا صحفيًا أوضح فيه أنه منذ انتخابات 24 من يوليو/حزيران 2018 يتعرض لحملة تشويه من داخل حزبه وليس من المنافسين، وآخر اتهام له بأنه التقى بالرئيس في القصر قبل أيام سرًا ضمن ادعاء محاولات القصر لتغيير هيكلية الحزب المعارض.
وقال محرم إينجه إنه اتصل بكلجدار أوغلو وأكد له أنه لم يذهب القصر وأن الأصابع تتجه إليه، داعيًا أن يعقد مؤتمرًا صحفيًا برفقة رئيس الحزب ليوضح أنه لم يذهب للقصر من أجل المحافظة على صورة الحزب، لكن رئيس الحزب تجاهل دعوته – على حد قوله -، مما دعاه لعقد مؤتمر وحده من مدينته يلوا وليس من مقر الحزب، وهذا مؤشر لاحتمال انطلاقه بعمل مخالف لرؤية حزبه انطلاقًا من مدينته.
لقد حصل محرم إينجه في الانتخابات الرئاسية الماضية على 15 مليون صوت بنسبة 30%، وكل هذه الأصوات جاءته من ناخبي حزب الشعب الجمهوري، فميرال مرشحة الحزب الجيد حصلت على 3 ملايين صوت ورئيس حزب السعادة حصل على 400 ألف وحصل صلاح الدين ديمرتاش مرشح حزب الشعوب الديمقراطية على 4 ملايين، فيما حصل الرئيس رجب طيب أردوغان على 26 مليون صوت حينها، مما جعله يفوز من الجولة الأولى.
وداخل حزب الشعب الجمهوري لو نظرنا لانتخابات رئاسة الحزب في 2014 و2018 عندما تنافس كليجدار أوغلو ومحرم إينجه، فقد حصل كليجدار أوغلو على قرابة 700 صوت وحصل إينجه على 400 صوت في المرتين تقريبًا، بمعنى أنه لو خرج من الحزب فهذه الأرقام ستصبح لها دلالة ما.
تفيدنا هذه الأرقام أن أي احتمال لخروج محرم إينجه – وهو مرجح في حال قضي على آماله بقيادة الحزب – سوف يسحب معه مجموعة كبيرة من الأصوات وهو أمر مهم لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة.
هناك تحالف حاليّ الآن بين كليجدار أوغلو وإمام أوغلو وهذا التحالف أقصى محرم إينجه، ولو كانت خطط حزب الشعب معقودة على ترشيح شخص للرئاسة غير محرم إينجه وعلى سبيل المثال إمام أوغلو فهناك احتمال أن يرشح إينجه نفسه كمستقل وهذا سيخدم أردوغان بشكل جيد.
فبافتراض أن محرم إينجه سيحصل على ثلث ما حققه من الأصوات في الانتخابات الماضية فإن هذا الأمر سيجعل تحالف أحزاب المعارضة القائم (حزب الشعب الجمهوري، الحزب الجيد، حزب الشعوب الديمقراطية، حزب السعادة) ضد الرئيس أردوغان تحالفًا ضعيفًا لن يستطيع الفوز على الرئيس أردوغان أو حتى التوجه لجولة انتخابية ثانية في الانتخابات الرئاسية القادمة.
من خلال متابعة التكهنات أشارت مصادر مقربة من حزب الشعب الجمهوري أن متين فيزي أوغلو رئيس نقابة المحامين في تركيا الذي تحسنت علاقته جيدًا مع الرئيس التركي مؤخرًا بعد أن كان معارضًا شرسًا من المحتمل أن يكون الشخص المعني بالتسريبات
تلقي هذه الأزمة داخل حزب الشعب الجمهوري بظلالها على مستقبل تركيا، كما تؤكد أن حزب العدالة والتنمية ليس الحزب الوحيد في تركيا الذي يعيش خلافات مع كوادره السابقين، بل إن الأحزاب الأخرى تعيش أزمات وربما أكبر من أزمة حزب العدالة والتنمية بكثير.
ومن خلال متابعة التكهنات، أشارت مصادر مقربة من حزب الشعب الجمهوري أن متين فيزي أوغلو رئيس نقابة المحامين في تركيا الذي تحسنت علاقته جيدًا مع الرئيس التركي مؤخرًا بعد أن كان معارضًا شرسًا من المحتمل أن يكون هو الشخص المعني بالتسريبات لكن هذا غير مرجح لأن فيزي أوغلو لا ينافس على رئاسة حزب الشعب الجمهوري كما أنه زار القصر الرئاسي علنًا رغم الانتقادات الكبيرة التي تلقاها.
وفي هذا السياق ألمح الصحفي التركي سليمان أوز اشيق في صحيفة تركيا إلى أن الشخص الذي التقى أردوغان هو أكرم إمام أوغلو ولكن هذا لا يتفق مع سلوك أكرم إمام أوغلو وعلاقته مع رئيس حزب الشعب كمال كليجدار أوغلو، بل إن بعض الصحفيين مثل أمين بازارجي في صحيفة ستار أشار إلى أن هذه التسريبات وضعت لفتح الطريق أمام أكرم إمام أوغلو.
ومن زاوية أخرى نفى رئيس وحدة الاتصال في الرئاسة حدوث اللقاء، كما نفى وجود لوحات سيارات في إدارة المرور تتطابق مع الأرقام التي أوردتها التسريبات، ونفى أيضًا ناطق باسم حزب العدالة والتنمية أي لقاءات، مشيرًا إلى أن هذه تصفية حسابات داخل حزب الشعب الجمهوري وأن عليهم الاعتذار من الرئيس أردوغان لإدراج اسمه في هذه الادعاءات.
تعد هذه الأزمة بين إينجه وكليجدار أوغلو من أخطر الأزمات التي يواجهها حزب الشعب الجمهوري ولو لم يستطع تجاوزها فإن خطط الحزب لتجميع المعارضة ضد حزب العدالة والتنمية محكومة بالفشل.