ترجمة وتحرير: نون بوست
بات الذكاء الاصطناعي موجودا في كل تفصيل في حياتنا. إنه يمثل جزء في الحياة المهنية، حيث يمكنه القيام بمهامنا بشكل أفضل منّا أو يعدنا بمساعدتنا في قراراتنا وتحليلاتنا وتفسيراتنا. ويشمل حياتنا اليومية أيضا، من خلال الأدوات التي نستمع لها وتجيبنا “بذكاء”، وصولا إلى السيارة أو جهاز الطيران المستقل، التي تمثل الحل بالنسبة للغد.
ما هو الذكاء الاصطناعي حقا؟ هل يمكن أن نتحدث عن الذكاء والتقدم الحقيقي للإنسانية؟ لنأخذ بعض الأمثلة. بفضل التعلم العميق، يعتبر النظام ذكيا إذا قمنا باختباره على نحو 100 ألف صورة تعود لقطط، وكان قادرا على التعرف على نحو 95 بالمئة من صورها بنجاح. في المقابل، يحتاج الطفل البالغ من العمر سنتين إلى صورتين فقط للقط حتى يتعرف على هذا الحيوان في أي صورة تعترضه وذلك بنسبة نجاح 100 بالمئة.
الأطراف الفاعلة تحب توفير المتعة
لقد تحدثنا كثيرا عن السيارة ذاتية القيادة، التي تعد إنجازا رائعا من الناحية التكنولوجية. مع بعض الإخفاقات، يصح القول إن سيارة غوغل ذاتية القيادة قد سحقت أحد المشاة عن طريق الخطأ. ووفقا للفرضيات، لا ينبغي على المترجل العبور سوى على ممر مخصص. وبناء على ذلك، كم عدد حالات الوفاة التي قد تحدث لنا إذا ما أجريت الاختبارات في فرنسا؟
إن الانضمام إلى إحدى هذه “الثورات” يعد بمثابة فرصة للفت الأنظار، والنجاح ربما، وإعادة إطلاق الشركة بالتأكيد
ما الذي يعتبر ذكيا في كل هذا؟ إجمالا، لا شيء تقريبا. توجد خوارزميات معالجة الصور والإشارات والتعرف على الأشكال منذ فترة طويلة، لكنها تتحسن يوما بعد يوم. وينطبق الشيء ذاته على علاج اللغة الطبيعية، الذي يعد موضوعا “قديما”، والذي يتم تطوير الخوارزميات من أجله خاصة مع الميزانيات التي نريد تكريسها له. إن تطوير هذه الخوارزميات لم يدّع أبدا استخدام الذكاء الاصطناعي، بل النماذج الرياضية واللغويات ومعالجة الإشارات. فلماذا نتحدث عن حلول الذكاء الاصطناعي؟
في الواقع، نحن نتحدث عن ذلك لأن الجهات الفاعلة في مجال علم الحاسوب، إلى جانب التقنيات الرقمية بشكل عام، تعشق توفير المتعة في الوقت الذي نعيش فيه ثورات (مفترضة) دائما، كما هو الشأن بالنسبة للثورات التكنولوجية التي قامت بها آبل، والبلوكشين والمؤسسة المخلة، الحوسبة السحابية، البيئة الافتراضية، البيانات الضخمة.
تقرير مذهل
إن الانضمام إلى إحدى هذه “الثورات” يعد بمثابة فرصة للفت الأنظار، والنجاح ربما، وإعادة إطلاق الشركة بالتأكيد. يمكن أن يصبح ذلك حكوميا أيضا مع الرغبة في جعل الذكاء الاصطناعي اقتصاد الغد. منذ فترة طويلة، أعدّ دي غول مخطط “حساب” سنة 1966، الذي ولّد خطة شركة “بول” الفرنسية المتخصصة في مجال الحوسبة، إلا أنها لم تؤدي إلى شيء. فيما بعد، نجد خطة “فرنسا الرقمية 2012” لإيريك بوسون (2008) لإنشاء رابط بين جميع الفرنسيين، والذي وصل بعد الفشل المرير لخدمة مينيتل، التي عرقلت عملية وصول الإنترنت على المستوى العالمي.
من شأن مخطط “الذكاء الاصطناعي” الذي أطلِق على هامش ما يعرف بتقرير فيلياني لسنة 2018، أن يعطي معنى للذكاء الاصطناعي. إنه تقرير مذهل يعتبر أن كل شيء مرتكز على الرياضيات، مما يعني أن جميع النماذج الرياضية التي يمكننا تطويرها، تقع تحت الذكاء الاصطناعي.
أما عملية الاحتيال فقط ظهرت مع ارتكاب الخطأ الأول، الذي تمثل في إجراء دراسة حول الذكاء (اصطناعيا كان أم لا) من قبل عالم رياضيات بارز، في حين أنه كان من المفروض استدعاء مختص في علم الأعراق أو عالم أنثروبولوجيا أو عالم في الإدراك أو اختصاصات أخرى متعلقة بالعلوم الإنسانيات.
أن تتعرف على قطة في صورة، وتدع السيارة تقود نفسها بنفسها، وتجد في عدد كبير من المعلومات إحصائيات، وغيرها من المهارات الأخرى، كل ذلك يكشف مدى السرعة في التنفيذ أكثر من الذكاء. ولكن لسائل أن يسأل: ما هو الذكاء الذي طوره البشر وبعض الحيوانات؟ يتمثل ذكاءهم في استغلال عناصر بيئتهم ومعرفتها من أجل تلبية حاجياتهم، أو لحل مشكلة ما، أو لتوفير الحلول، أو لاكتشاف طريق لتحقيق هدف ما.
الذكاء المتعدد
يتعدد الذكاء، ويعد الإدراك بمثابة الخطوة الأولى للفهم وفي بعض الحالات إضفاء الطابع الرسمي على المعرفة التي ينفذها البشر. وهنا يكمن موضوع الاهتمام الحقيقي الذي يمكن أن يؤدي بنا إلى “الذكاء الاصطناعي”. نحن هنا في مجال العلوم اللينة (الإنسانية) وليس العلوم (الرياضيات) الصعبة.
إذا كان لدينا الذكاء الاصطناعي دون “مزايدة” على هذه التطورات، فسنحتفظ بمواردنا اللغوية، خاصةً أننا سنتجنب إثارة غضب الجمهور عن طريق تحطيم بيانات أو محو ملايين الوظائف.
ما نقوم به اليوم مع أجهزة الكمبيوتر عمومًا يتمثل في التعرف على الصوت أو الصور الثابتة أو المتحركة باستخدام خوارزميات مفهومة وواضحة وموارد حوسبية أكثر قوة. كل ما يقوم به الحاسوب أمر مهم، ولكن الأهم أنه يفعل ذلك بشكل أسرع من الإنسان، وذلك يكسبه القدرة على التعامل مع كميات كبيرة من البيانات.
إن هذا الاختلاف في سرعة المعالجة بين الإنسان والآلة مستمد في الأصل من أجهزة الحاسوب الأولى. ولكن ما الجديد في ذلك؟ إنه يتمثل في السيطرة على أكبر الخوارزميات المعدة للمعالجة، وخاصة سرعته المتناهية في الحساب. يساعدنا الحاسوب من خلال سرعته، لكن بأي حال من الأحوال لا يظهر ذكاء واضحا. وهذا ما نسميه بالذكاء الاصطناعي، أي الذي يحدد الخوارزمية بسرعة، متقدمة أو متطورة.
إذا كان لدينا الذكاء الاصطناعي دون “مزايدة” على هذه التطورات، فسنحتفظ بمواردنا اللغوية، خاصةً أننا سنتجنب إثارة غضب الجمهور عن طريق تحطيم بيانات أو محو ملايين الوظائف.
يعد هذا التطور مجرد حلول حالية في الروبوتات، وقدرات الحوسبة. ويعتبر الذكاء الاصطناعي اليوم عملية احتيال يستفيد من تسويقها الفاعلون الرئيسيون في تكنولوجيا المعلومات. هذه الأنماط، هذه الخطط، هذه الشعارات هي بلا شك محرك لموردينا، لذلك دعونا نفعل كل شيء بينما نكون مطلعين على الواقع ومدى قابلية تطبيق هذه النزوات في شركاتنا.
المصدر: لوموند