مع قرارها بقصف مسلحي داعش وتقديم المساعدات إلى الحكومة العراقية الهشة في بغداد، وجدت الولايات المتحدة نفسها مصطفة مع مجموعة من شراكات غريبة.
ذلك أن روسيا زودت مساعداتها لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي أُجبر على التنحي، لاستخدامها ضد المتطرفين، في حين زادت طهران من مساعداتها العسكرية لبغداد. والغريب في كل هذا، أن بشار الأسد نفذ سلسلة من الغارات الجوية ضد أهداف الدولة الإسلامية داخل كل من العراق وسوريا، وهو بهذا يؤدي، بطريقة ما، عمل واشنطن.
وقد أوقع الزواج المريح، غير المعلن وغير المعترف به، إدارة أوباما في مأزق؛ فالبيت الأبيض بشر بتدمير آخر مخزونات الأسلحة الكيميائية للأسد، هذا الأسبوع، وهو إنجاز لم يكن ممكنًا من دون بقاء الأسد في السلطة لفترة كافية لتوقيع الاتفاق وضمان إتمامه رغم الكلفة الباهظة لهذا.
مع تعهد كبار واضعي السياسات الأمريكية، مثل وزير الخارجية جون كيري، بـ”تدمير” داعش، تراهن واشنطن على نحو فعال أن الأسد سيكون مستعدًا وقادرًا على مواصلة ضرب المجموعة، ولو أنه سقط وأُطيح به، فإن المتشددين ما كان يمنعهم شيء من الوصول إلى ترسانة أكبر من الأسلحة القوية.
في الجلسات الخاصة، يقر بعض النواب والمسئولين العسكريين بأن الولايات المتحدة في حاجة إلى مساعدة الأسد، حتى وإن لم تتمكن واشنطن من التصريح بهذا أو تنسيق حملتها العسكرية معه.
هناك ثمن هائل لبقاء الأسد في الحكم، وهو ما سجله تقرير الأمم المتحدة الأخير، ذلك أن الحرب الأهلية السورية التي اندلعت بسبب هجمات الأسد العنيفة على المتظاهرين السلميين والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت من قبل قواته، قتلت ما لا يقل عن 191369 شخص بين مارس 2011 وأبريل عام 2014، وفقًا للتقرير.
ولكن هذا الرقم لا يعكس الرقم الحقيقي للوفيات الناجمة عن الحرب، فقد اعتمد واضعو التقرير على إحصاء الوفيات فقط المسجلة بالاسم الكامل والتاريخ والمكان، ففي صراع عنيف مثل الحرب الأهلية السورية، من المرجح أن يكون العدد أعلى بكثير مما هو مصرح به. “مجموع 191369 يمكن أن يُفهم على أنه الحد الأدنى لأعداد القتلى بين مارس 2011 وأبريل عام 2014″، كما أورد التقرير.
على الجانب السوري من الحدود العراقية، فإن مواءمة مصالح الولايات المتحدة مع بشار الأسد أصبحت بارزة بشكل واضح جدًا، ففي حين اتهم الأسد، على نطاق واسع، بالسماح لمتشددي داعش، بل وإغرائهم بالتمدد والتوسع، تحرك الآن، فجأة، لمواجهة أو احتواء المجموعة سريعًا قبل أن تتمكن داعش من تحدي حكمه بشكل مباشر.
وهنا تكمن معضلة أوباما؛ في لحظة معينة، ربما استخدم المعارضة السورية العلمانية لضرب مقاتلي الدولة الإسلامية وجيش الأسد، ولكن أوباما رفض تسليح المجموعات الأكثر اعتدالاً في المعارضة السورية، ليجد نفسه الآن يقاتل مجموعة من المقاتلين الأكثر تطرفًا على جانبي الحدود العراقية السورية.
فهل سيقرر أوباما أن يتحالف مع قاتل دموي ليتخلص من قاتل آخر؟ غالبًا لا!
المصدر: فورين بوليسي / ترجمة: العصر – تحرير نون بوست