ترجمة وتحرير: نون بوست
العمارات الحديثة والأسواق وغيرها من الأماكن الأخرى، تعد إحدى الأعذار التي يتحجج بها الكثير من الأشخاص الذي يحبون خوض تجربة جديدة والتجول في المدن العتيقة والمقاهي، حيث يمكنهم تناول كوب من الشاي ولعب الدومينو. ومرحبا بكم في هذه المدينة المغربية التي نادرا ما نجدها ضمن الجولات السياحية. لكن ما الذي يجب القيام به هناك؟ دعونا نقُم بجولة.
تتمركز مدينة تطوان على سفح جبل درسة ضمن مجموعة من الجبال الصغيرة في منطقة الريف. وعندما تطأ قدماك أرض هذه المدينة، فكأنك تتلذذ مذاق هذه الجوهرة المغربية. وعموما، يعد ذلك بمثابة اكتشاف لمتعة المشي في مدينة واقعة بالمملكة العلوية دون أن تصطدم بمجموعة من السياح ولا الباعة المتجولين الذين يرغبون في “اصطيادك” بأي ثمن.
على الرغم من جمالها وارتباطها الوثيق بتاريخ إسبانيا، لا يوجد سوى عدد قليل ممن يعبرون المضيق لزيارة هذه المدينة. ووفقا لمحمد، وهو سائق التاكسي الذي يقودنا إلى الفندق، “إذا لم يكن الأمر بفضل كتاب ماريا دوينياس “ذي تايم إن بيتوين” وتجسيده اللاحق في مسلسل تلفزيوني، لكنّا نتحدث عن وجهة لا يأتي إليها الإسبان سوى من سبتة وعدد قليل من المناطق الأخرى”.
يقدم مركز الفن الحديث بتطوان وجهة مثيرة للاهتمام لاكتشاف الإرث الاستعماري «بفضل القارة التي ينتمي إليها ومحتواه»، وهو يستحق ذلك بحسب أكده المكتب السياحي.
لقد كانت العاصمة القديمة للمحمية الإسبانية، التي امتدت من شماليَ المغرب ونشأت بين سنتي 1912 و1956، وهي تحتفظ برائحة ونفس هذه الحقبة في مدينة تطوان الجديدة المعروفة باسم “شانتي”، التي تضم الأثار التي خلفها حوالي 20 ألف إسباني الذين عاشوا هناك، والذين كان أغلبهم من المسؤولين أو العسكريين. كما تعد شبكة حضرية ذات تصميم غربي تتشكل من مجموعة ممتازة من الإنشاءات التي تعود إلى عهد الاستعمار ذات الطراز الحديث على غرار مبنى محكمة العدالة أو كنيسة نويسترا سينيوا دي لا فيكتوريا أو مبنى الاتحاد وفينيكس الإسباني.
يقدم مركز الفن الحديث بتطوان وجهة مثيرة للاهتمام لاكتشاف الإرث الاستعماري «بفضل القارة التي ينتمي إليها ومحتواه»، وهو يستحق ذلك بحسب أكده المكتب السياحي. وتعد محطة القطار القديمة هناك بمثابة مثال على الحضارة العربية الجديدة المصممة من قبل خوليو رودريغيز. ويضم التصميم للمبنى الداخلي الجذاب مجموعة مختارة لفناني تطوان المعاصرين.
تصاميم حداثية
في قلب المدينة، التي يقطنها حوالي 381 ألف ساكن، نجد شارع محمد الخامس، وهو شارع شاسع مليء بالمشاة والمقاهي والمحلات التجارية، التي تمثل مدينة تطوان الجديدة (المعروفة باسم شانتي) بأكملها، من قلب المدينة في ميدان مولاي مهدي إلى ميدان الحسن الثاني الكبير. وهناك، بعيدا عن العديد من المقاهي التي تسود فيها ألعاب البارتشيس والدومينو، نجد القصر الملكي.
وكان القصر محاطا بأعمدة شاهقة، لدرجة أنه يمكن للوهلة الأولى الخلط بينها وبين المآذن، كما أنها منارات على الطراز العصري التي صممها المهندس المعماري إنريكي نييتو، تلميذ غاودي، التي تضيء الساحة عند الفجر. ويرقى هذا الفضاء الحضري، الذي يعد بمثابة انصهار حداثي من أصل إسباني مغربية إلى مستوى الجمالية الوهمية عن طريق المزج بين تطوان الجديدة والقديمة.
لا يهم المكان الذي يمكننا منه الوصول إلى المدينة سواء من باب النوادر المتواضع الذي يطل على الجامع الكبير، أو من خلال باب توت الذي يؤدي إلى زاوية مولاي محمد، أو عبر باب الرواح المركزي الذي يؤدي إلى شارع الطرافين، حيث نجد بائعي المجوهرات ومحلات نسيج ممتازة. وتشير المرشدة السياحية فاطمة، إلى أن “اختراق مدينة تطوان الغامضة عبر أي من بواباتها الثمانية تمثل رحلة عبر الزمن التي تصطدم بتاريخ إسبانيا، عندما رحبت هذه المدينة بالموريسكيين واليهود الذين طردوا من الأندلس من قبل الملوك الكاتوليك”.
نفس أندلسي
وقع تشييد جزء كبير من الطرقات وأهم المباني في المدينة التي وقع الإعلان عنها كموقع للتراث العالمي، تحت تأثير هؤلاء اللاجئين الأندلسيين وذريتهم. وتعد المدينة بمثابة متاهة معقدة تذكرنا بالمدينة الأندلسية، التي تدعوك للتجول بلا هدف من خلال مسار من الشوارع المتعرجة، والزوايا غير المتوقعة والساحات المخفية، حيث توجد أسواق للمواد الغذائية أو الملابس أو الأواني أو المواد المستعملة.
هناك العديد من الطرق لوضع اللمسات الأخيرة على زيارة تطوان، من بينها الصعود عند غروب الشمس إلى واحد من بين العديد من أسطح المنازل في المدينة، التي تقدم مناظر رائعة على أسطح المنازل، وهي تجربة لن يخيب فيها ظنك أبدا
في شارع نياريم، يوجد صانعي الأثاث الخشبي بجوار الدباغين والحرفيين المختصين في مجال الجلد. وفي ساحة سوق الفوقي، نجد صانعي القبعات والسلال التابعين لمدينة الريف. وفي منطقة الملاح أو الحي اليهودي تتركز أيضا العديد من محلات المجوهرات. وفي هذا السياق، قالت فاطمة مبتسمة: “لكن هذه المدينة الضخمة لديها الكثير من الخفايا التي يجب اكتشافها أكثر من أسواقها والعدد الكبير من المباني ذات القيمة التاريخية التي تضمها بين جدرانها”.
تواصل فاطمة حديثها قائلة إن “الأماكن الداخلية للمدينة تشجعك على القيام بجولة هادئة في أزقتها الوحيدة، حيث يمكنك الاستمتاع من خلال التفكير في الزخرفات المرسومة بشكل شعري والتناغم مع صوت الخطوات البعيدة على الرصيف أو التمتع بهمس المحادثة التي تأتي من إحدى الأماكن التي يصعب تحديد مصدرها”.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الطرق لوضع اللمسات الأخيرة على زيارة تطوان، من بينها الصعود عند غروب الشمس إلى واحد من بين العديد من أسطح المنازل في المدينة، التي تقدم مناظر رائعة على أسطح المنازل، وهي تجربة لن يخيب فيها ظنك أبدا. إلى جانب ذلك، تعد الحلوى المحلية (التي تعتبر الأكثر شهرة في البلاد)، جنبا إلى جنب مع الشاي الأخضر المنكه بالنعناع، مزيجا مثاليا للتفكير في كيفية تحول المدينة البيضاء إلى عنبر، مع صوت المؤذن عند غروب الشمس في آخر اليوم.
المصدر: الموندو