في عصر الثلاثاء، الـ 13 من مارس/آذار 2018 توجه رئيس هيئة الترفيه السعودي (رئيس اتحاد الكرة السابق) تركي آل الشيخ مستقلاً سيارته الفارهة إلى مقر النادي الأهلي المصري بمنطقة الجزيرة بمحافظة الجيزة، بعد تعيينه رئيسًا شرفيًا له بناء على قرار من رئيس النادي محمود الخطيب عقب فوزه في الانتخابات التي جرت قبل هذا الموعد، ليصبح بذلك أول رئيس شرفي لنادٍ مصري.. لتبدأ معها الرحلة المثيرة للجدل حتى اليوم..
المشهد ذاته يتكرر هذه الأيام لكن بصبغة إماراتية.. ففي الثاني من ديسمبر الجاري كان نادي الزمالك المصري في استقبال الملياردير الإماراتي ورجال الأعمال الشهير خلف الحبتور، والذي كان في استقباله رئيس النادي مرتضى منصور وأعضاء مجلس الإدارة.
الزيارة سبقتها زيارة أخرى لرئيس النادي لمنزل الحبتور في القاهرة، وكان ذلك برفقه نجله أمير، حيث نشر رجل الأعمال الإماراتي عبر حسابه على توتر مقطع فيديو لاستقباله لمنصور زيله بتعليق جاء فيه “سعدت باستقبال المستشار مرتضى منصور في منزلي في القاهرة. رغم أنها المرة الأولى التي نلتقي بها، إلا ان الزيارة كانت ممتعة تخللها حديث شيق وكأننا أصدقاء منذ زمن طويل. يا مرحباً به”.
تكرار المشهد بعد أكثر من عام ونصف أثار موجة من الجدل على منصات السوشيال ميديا، التي تساءل روادها بالطبع عن احتمالية أن يكون الحبتور النسخة الإماراتية من آل الشيخ، وذلك بعد أن أثبتت التجربة على مدار السنوات الماضية مدى توظيف كلتا الدولتين تحديدًا، الإمارات والسعودية، لقوتهما الناعمة لتحقيق أجنداتهما الخارجية..
تواجد رجل الأعمال الإماراتي “خلف الحبتور” في مقر نادي #الزمالك اليوم الأثنين بناءً على دعوة رئيس النادي له. pic.twitter.com/KfLKJEju7c
— Sarah Abdelbaky (@SarahAbdelbaky1) December 2, 2019
من هو الحبتور؟
يعد الحبتور أحد أبرز مليارديرات الإمارات، فهو المؤسس ورئيس مجلس الإدارة في “مجموعة الحبتور” منذ عام 1970 وحتى اليوم، كما يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة “دبي الوطنية للتأمين وإعادة التأمين”، ونائب رئيس مجلس أمناء “مؤسسة الجليلة”.
بدأ حياته في إحدى شركات الإنشاءات الإماراتية المحلية، لكن سرعان ما تركها ليلتحق بالبنك التجاري الدولي الذي عمل رئيسًا لمجلس إدارته، كما شغل عضوية مجلس إدارة كل من: “المجلس الوطني الاتحادي”، و”غرفة تجارة وصناعة دبي”، و”كلية جون كينيدي للإدارة الحكومية” في “جامعة هارفارد” في الولايات المتحدة الأميركية، كما كان العضو غير الأمريكي الوحيد في مجلس الحكام العالمي في المنظمة الأميركية المتحدة للخدمات “USO” بين 1994 و1997.
“إنه يجب علينا بدول الخليج أن نقول علنا أننا نريد إقامة علاقات مع إسرائيل. أريد أن تكون علاقات الإمارات مع إسرائيل مفتوحة، يمكننا الاستفادة منها سياسيا واقتصاديا في كلا الجانبين”.. خلف الحبتور
إمكانياته الاقتصادية الكبيرة كانت البوابة الأكبر لحزمة من الأوسمة والنياشين والجوائز التي حصل عليها، على رأسها جائزة الطاووس الذهبي للإنجاز في الابتكار والإبداع والتميّز في الأعمال 2018، جائزة الطاووس الذهبي للإنجاز مدى الحياة للأعمال التجارية الإجتماعية تقديرًا لقيادته النموذجية في دولة الإمارات وخارجها 2017، وسام الاستحقاق من الجمهورية المجرية برتبة فارس من قبل “وزارة الخارجية المجرية” 2016، جائزة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة للعمل التطوعي في البحرين تقديرًا لأعماله الخيرية 2015، تكريم من “صحيفة الإمارات اليوم” بمناسبة عيدها العاشر 2015.
وفي 2006 صنف ضمن “أعظم 500 شخصية عبقرية في القرن الواحد والعشرين”، كما نال جائزة “التميّز الخليجي” في الإمارات من رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في “منتدى التميز الخليجي”في 2005، واخنير سفير فوق العادة من “المعهد الأميركي للسيرة” عام 2004، وأدرجه “المعهد الأميركي للسيرة” ضمن كتابه “روّاد الفكر العالمي” خلال 2005، وأسماه المعهد أيضًا أحد عباقرة الإمارات في مجال الإنجازات القياديّة، ونال “جائزة السلام العالمي” من “المؤتمر الثقافي الأميركي الموحّد”.
خلف الحبتور الكفيل المنتظر للزمالك يطالب العرب بالتطبيع مع اسرائيل لان عدونا الاكبر ايران وليس اسرائيل https://t.co/jHU7pkcGUj
— FaDi SAmi (@FigaroO8) December 4, 2019
داعية تطبيع
الطريف في الأمر أن رئيس نادي الزمالك الذي صرّح قبل أيام بعدم اللعب في قطر مباراة كأس السوبر الإفريقي أمام الترجي التونسي بزعم التطبيع القطري الإسرائيلي لم يجد حرجًا بالمرة في الاحتفاء بالحبتور الذي يعد رأس التطبيع الأبرز في المنطقة وأحد أركانه ذات النفوذ الكبير.
قبل عدة أيام أجرى رجل الأعمال الإماراتي حوارًا مع مجلة “عامي” اليهودية الأمريكية، دعا من خلاله دول الخليج إلى التطبيع الكامل مع إسرائيل، حيث قال الحبتور “إنه يجب علينا بدول الخليج أن نقول علنًا أننا نريد إقامة علاقات مع إسرائيل. أريد أن تكون علاقات الإمارات مع إسرائيل مفتوحة، يمكننا الاستفادة منها سياسيا واقتصاديا في كلا الجانبين”.
رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور يقول في مقابلة مع مجلة عامي اليهودية الأمريكية: “يجب علينا بدول الخليج أن نقول علنا أننا نريد إقامة علاقات مع إسرائيل. أريد أن تكون علاقات الإمارات مع إسرائيل مفتوحة، يمكننا الاستفادة منها سياسيا واقتصاديا في كلا الجانبين”@chusidel@ami_magazine pic.twitter.com/OKzU5au7GQ
— إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) November 27, 2019
المجلة الأمريكية نشرت صورة الملياردير الإماراتي على غلافها الرئيس، في عددها الأخير، وكتبت تحت تلك الصورة مقتطفات من الحوار المطول معه، حول التطبيع مع إسرائيل وصنع السلام في منطقة الشرق الأوسط، الأمر ذلك نشرته الخارجية الإسرائيلية على صفحتها الرسمية على تويتر.
موقع “إسرائيل بالعربي” علق على حوار الحبتور قائلًًا: اختلاف في المظهر والمعتقد واحد: الصحفي اليهودي الأمريكي شالومي زييانتس، يحاور في دبي الملياردير الإماراتي الشهير، خلف الحبتور، الذي يرتدي الزي الإماراتي الجلباب والشماغ… فيما يعتمر زييانتس القبعة اليهودية [كيباه].
لا يمكن التأكيد بالقطع على تكرار الحبتور لسيناريو آل الشيخ وإن تم تغليفه بالعلم الإماراتي، غير أنه من المؤكد أن ماحدث خلال الأيام الماضية بالونة اختبار حقيقية للشارع الرياضي المصري لاستنساخ كفيل خليجي جديد للكرة المصرية
لم يكن الحبتور شاذًا فيما دعا إليه بشأن حثّ الخليجيين على التطبيع مع الكيان الصهيوني، فالرجل يتماشى وبصورة كبيرة مع المزاج العام الإماراتي، فهو فقط يردد ما قاله قبل ذلك محمد بن راشد حين أكد “نحن نتقبل وجود إسرائيل وسنتعاون معهم”، ومن بعده عبدالله بن زايد الذي صرح بأن “من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”.
وفي تصريحات سابقة قال وزير الدولة للشئون الخارجية أنورقرقاش إن “مقاطعة العرب لإسرائيل خاطئة للغاية”، فيما سبقه لذلك ما أدلى به قبل ذلك مدير شرطة دبي الأسبق ضاحي خلفان حين قال: “نحن واليهود أبناء عم”، ليكمل البحتور سلسلة التطبيع التي تعززت في الأونة الأخيرة لتشمل كافة القطاعات متجاوزة ذلك التصريحات الكلامية وفقط.
اختلاف في المظهر والمعتقد واحد: الصحفي اليهودي الامريكي شالومي زييانتس يحاور في دبي الملياردير الإماراتي الشهير خلف الحبتور، الذي يرتدى الزي الإماراتي الجلباب والشماغ… فيما يعتمر زييانتس القبعة اليهودية “كيباه”@chusidel@ami_magazine pic.twitter.com/KVVSnFpn45
— إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) November 27, 2019
على خطى تركي أل الشيخ
الحبتور الذي بات حديث الشارع العربي في الأونة الأخيرة بسبب تصريحاته المثيرة للجدل والتي كان على رأسها أن “تاريخ الإمارات ليس منذ عام 1971 كما هو موثق لكنه يعود لألأف السنين، حتى قبل سيدنا المسيح عليه السلام” يقترب وبشدة من السير على خطى آل الشيخ.
وكما أطلق على الوزير السعودي بأنه “كفيل الأهلي والزمالك” بسبب الملايين التي منحها للناديين لتدعيم صفوفهما خلال العام الماضي قبل أن ينقلب جمهور الناديين الكبيريين عليه بعد ذلك بسبب ما وصفوه بأنه ليس أكثر من “شوال أرز” ينخر في عظم الرياضة ويحاول بث الفتنة بين المصريين، فإن الوضع ذاته يبدوا أنه سيتكرر مع الحبتور.
أنباء وإن كانت غير مؤكدة بصورة رسمية تشير إلى أن رجل الأعمال الإماراتي سيدعم الزمالك بما قيمته 300 مليون جنيهًا في محاولة لانتشال النادي الأبيض من عثرته المادية التي يعاني منها مؤخرًا، فيما ذهب فريق آخر إلى أن رئيس النادي المصري يسعى للبحث عن كفيل جديد ردًا على تخلي الكفيل السعودي عنه وتودده مرة أخرى للنادي الأهلي، عبر تبادل الزيارات وإبداء الرغبة في المساعدات والمنح مرة أخرى بعد فترة من تعكير الصفو بين الجانبين على إثر اتهامه لمجلس إدارة النادي الأحمر بعدم رد ساعات “روليكس” التي كانوا قد حصلوا عليها كهدايا من الوزير المقرب من ولي عهد المملكة.
رجل الأعمال الإماراتي “خلف الحبتور” يقول: ” تاريخ دولة #الإمارات ليس منذ عام 1971، وإنما منذ آلاف السنين، قبل سيدنا المسيح عليه السلام”?
.
ما تعليقكم ؟ pic.twitter.com/tluUKl3ClN
— تركي الشلهوب (@TurkiShalhoub) December 1, 2019
وكما كان آل الشيخ رأس حربة قوى ابن سلمان الناعمة لتعزيز نفوذ الرياض ومضاعفة تأثيرها على دوائر صناعة القرار في بقية العواصم العربية، على رأسها مصر، تذهب التوقعات إلى أن الحبتور ربما يكون سهم محمد بن زايد لاختراق المجمتع المصري ليكمل سلسلة النفوذ الإماراتي الذي تعزز خلال السنوات الست الأخيرة تحديدًا.
الملياردير الإماراتي خلف الحبتور يزور الزمالك اليوم
وانباء عن تبرعه ب ١٢ مليون دولار دعما للزمالك لحل مشاكل اللاعبين الماديه ? رايك؟ فين فائض الميزانيه ٢٧٠ مليون pic.twitter.com/i0znMEsotq
— أخبار الزمالك ⚽️???1911??? (@Zamalkawy_News) December 2, 2019
يذكر أن النفوذ الإماراتي في مصر تمدد بسرعة فائقة خلال العقد الأخير؛ خصوصًا بعد المشاركة الواسعة من جانب حكومة أبو ظبي في دعم نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث مرت مساعي أبناء زايد لتعظيم حضورهم داخل مصر بثلاثة مراحل، الأولى كانت قبيل ثورة 25 يناير حيث كان التجاهل هو العنوان الأبرز، ثم المرحلة الثانية بعد أحداث 3 يوليو 2013 حيث المنح والمعونات والمساعدات، ثم السيطرة الواسعة على العديد من القطاعات الاقتصادية، التعليم، الصحة، التكنولوجيا، النفط، النقل، العقارات.. وأخيرًا توظيف القوى الناعمة للسيطرة على منظومة اهتمامات المصريين أنفسهم.
وفي المجمل.. لا يمكن التأكيد بالقطع على تكرار الحبتور لسيناريو آل الشيخ وإن تم تغليفه بالعلم الإماراتي، غير أنه من المؤكد أن ماحدث خلال الأيام الماضية بالونة اختبار حقيقية للشارع الرياضي المصري لاستنساخ كفيل خليجي جديد للكرة المصرية، وسيكون رد الفعل أحد أبرز أدوات التقييم لميلاد تجربة جديدة أو وأدها من البداية.