ترجمة وتحرير نون بوست
قبل 4 سنوات كان أحد الوعود الانتخابية لرئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو دعوة اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في سوريا إلى كندا، أظهر الكنديون من الساحل إلى الساحل دعمهم للمبادرة من خلال جمع التبرعات ورعاية أسر اللاجئين.
بعد الانتخابات نفذ ترودو وعوده سريعًا بتوطين 25 ألف لاجئ سوري، ووفقًا لمبادرة إعادة التوطين المعروفة باسم “عملية اللاجئين السوريين”، أُعيد توطين 26.172 لاجئ سوري في كندا خلال 118 يومًا ما بين نوفمبر 2015 وحتى فبراير 2016، حيث هبطت أول رحلة جوية نظمتها الحكومة يوم 10 من ديسمبر 2015.
تعد كندا رائدة العالم في إعادة توطين اللاجئين، فقد وطنت مؤخرًا لاجئين أكثر من أي دولة أخرى، لكن “عملية اللاجئين السوريين” لم يسبق لها مثيل، والحدث الوحيد الذي يمكن مقارنته بها كان قبل 35 عامًا بوصول 60 ألف لاجئ هندي صيني إلى البلاد.
تمتلك كندا تاريخًا طويلًا من الترحيب باللاجئين من جميع أنحاء العالم، ويشعر اللاجئون السوريون بقوة هذا الترحيب
ومع مرور 4 سنوات، كيف يتعامل هؤلاء اللاجئون السوريون؟ إن النتائج الإجمالية لتوطين اللاجئين السوريين وتجربة الدمج تعد إيجابية، وهي تُظهر توجهات مشجعة فيما يتعلق بتكيفهم مع الحياة في كندا والمشاركة في المجتمع، لكن التحديات لا تزال قائمة.
استقبال اللاجئين السوريين
يقول التقرير الصادر عن دائرة الهجرة والمواطنة واللجوء بشأن نتائج دمج اللاجئين السوريين إنهم يعيشون بحالة جيدة للغاية في كندا، تمتلك كندا تاريخًا طويلًا من الترحيب باللاجئين من جميع أنحاء العالم، ويشعر اللاجئون السوريون بقوة هذا الترحيب.
هذا الشعور بالترحيب تُرجم إلى شعور 90% من السوريين الكنديين بالانتماء لكندا و84% بالانتماء للمجتمع المحلي حسب التقرير، يقوم اللاجئون بالتواصل وتقوية الروابط من خلال فرص التطوع وإقامة صداقات في المراكز المجتمعية ومدارس الأطفال.
بالمقارنة مع مجموعات اللاجئين الأخرى التي وصلت كندا في الوقت نفسه، فإن اللاجئين السوريين تمكنوا من الوصول إلى السكن الخاص بهم واستخدامه وكذلك خدمات الدعم الأخرى التي تمولها الحكومة الفيدرالية بنسبة كبيرة بما في ذلك خدمات المعلومات والتوجيه والتدريب على اللغة.
يحضر معظم اللاجئين السوريين الذين تدعمهم الحكومة، خدمات التوجيه وورش العمل الإعلامية، ويحصل 80% منهم على دروس اللغة التي تمولها الحكومة، وفي عام 2018 أصبح أكثر من 90% من اللاجئين قادرين على إتمام المهام اليومية مثل التسوق وزيارة الطبيب باللغة الإنجليزية.
مقارنة باللاجئين الآخرين، فإن اللاجئين السوريين متقدمين فيما يتعلق بالتوظيف والعثور على عمل، ففي عام 2018 أي بعد عامين أو ثلاثة من الوصول إلى كندا تمكن 57% من السوريين الكنديين من العثور على عمل بينما لا يزال 23% منهم يبحثون، وتزداد رواتب اللاجئين السوريين في كندا بشكل كبير، كما أن استخدامهم للخدمات الاجتماعية المحلية يشبه استخدام مجموعات اللاجئين الأخرى.
التحديات التي يواجهها اللاجئون في كندا
ما زال الشباب والطلاب السوريون يواجهون بعض التحديات في كندا، فبعض الشباب السوري مضطرين لبدء التعليم مرة أخرى، وبسبب ذلك فهم يواجهون تحديات في المدارس خاصة فيما يتعلق باللغة والحواجز الأكاديمية والاجتماعية، هذه الحواجز يجب معالجتها ومراقبتها عن كثب.
يقول نحو ربع اللاجئين إنهم في بعض الأحيان لا يملكون ما يكفي من الطعام، كما أن بعض اللاجئين يعارضون الحصول على خدمات الصحة النفسية الرسمية بسبب الوصمة المتعلقة بالحصول على مساعدة نفسية في مجتمعاتهم.
أظهرت كندا التزامها بتلك القيم العليا، كما تشارك الحكومة الفيدرالية تقارير نتائجها عن اللاجئين بشكل واسع مع المواطنين الكنديين
لذا من الضروري مراقبة تلك النتائج، أيضًا نحن نعتقد أنه من الضروري النظر إلى الاختلافات المحتملة بين الجنسين، وكذلك النظر إلى اختلاف النتائح بالنسبة للاجئين السوريين الذين جاءوا إلى كندا تحت فئات مختلفة من اللاجئين، سواء كانوا تحت رعاية الحكومة أم يحصلون على رعاية خاصة.
جمع بيانات هجرة أفضل
من خلال منهجهم في “عملية اللاجئين السوريين” أظهر صناع السياسة الكنديون أهمية وجود مقياس للأداء وخطة للنتائج منذ البداية، وبتلك الطريقة كان التفكير في الهجرة واللاجئين والمواطنة في كندا تفكيرًا مستقبليًا.
تقدم “عملية اللاجئين السوريين” مثالًا واضحًا لكيفية جمع الحكومة لبيانات قوية ومشاركتها مع المنظمات الدولية والوطنية والمحلية بالإضافة إلى عامة الناس، هذه المعلومات جزء من الجهد المبذول لعرض تكاليف وفوائد التزام كندا الدولي بإعادة توطين اللاجئين.
إن أهمية جمع بيانات هجرة أفضل جزء من أول هدف للميثاق العالمي لهجرة آمنة ومنظمة، ويعد هذا الميثاق العالمي أول اتفاق دولي بشأن منهجية مشتركة في الهجرة الدولية بكل أبعادها، وقعت هذه الاتفاقية غير الملزمة 152 دولة عضو في الأمم المتحدة وتم تبنيها في ديسمبر 2018، وتتضمن 23 هدفًا لإدارة الهجرة بشكل أفضل على المستوى الدولي والإقليمي والوطني والمحلي.
أظهرت كندا التزامها بتلك القيم العليا، كما تشارك الحكومة الفيدرالية تقارير نتائجها عن اللاجئين بشكل واسع مع المواطنين الكنديين، مشاركة البيانات لها أهمية خاصة للسياسيين وقادة المجتمع والأكاديميين والباحثين، كما أنها تسمح بدقة التقارير في وسائل الإعلام.
ثقافة النقاش العام المستنير
في النهاية فإن المعلومات التي جُمعت تساعد في بناء ثقافة النقاش المستنير، هذه الدقة ضرورية للمساعدة في إضعاف الخطاب الشعبوي، لقد كان النجاح في تسجيل ومشاركة تلك المعلومات واضحًا في الانتخابات الفيدرالية الكندية الأخيرة.
ورغم احتمالية أن تكون سياسات الهجرة مثيرة للجدل، فإن النقاش العام في تلك القضية كان متوازنًا ومستنيرًا، أما الحزب السياسي الوحيد الذي وعد العامة بخفض أعداد المهاجرين لم يفز بمقعد واحد.
المصدر: ذي كونفرسايشن