ترجمة وتحرير نون بوست
يعتبر الانتباذ البطاني الرحمي أحد الأمراض المزمنة الذي تعاني منه النساء في سن الإنجاب، وهو عبارة عن شعور بالألم في منطقة الحوض قبل وأثناء أو بعد الحيض. كما يتسبب المرض في نزيف حاد للغاية ولعدة أيام متتالية. وفي هذا السياق، يوضح خوان أنطونيو غارثيا فيلاسكو، مدير عيادة التلقيح بالمساعدة والخصوبة بمدريد، أن “حوالي 10 بالمئة من النساء يعانين من هذه المشكلة، على الرغم من أن جميعهن لا يعانين من الأعراض نفسها خاصة وأنه غالبا ما تختلف شدة وحدة الألم من امرأة لأخرى”.
وفقا لهذه النسبة المئوية، في إسبانيا، لم تؤثر هذه الحالة سوى على حوالي مليوني امرأة، على الرغم من أن الرقم قد يكون أعلى بكثير لأن معظم هذه الحالات تُكتشف في وقت متأخر. وفي هذا الصدد، صرح الخبير قائلا: “لا توجد طريقة بسيطة تسمح بالتشخيص السريع للمرض الذي يشتمل على أربع مراحل مختلفة”.
في هذه الحالة، لا يكشف الفحص بالموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي سوى الإصابات عندما يكون الانتباذ البطاني الرحمي متقدما للغاية ولا توجد مؤشرات حيوية يمكنها تحديد المشكلة في الوقت المناسب لتحسين نوعية حياة النساء التي يعانين من هذه الحالة”. وعموما، تجعل المعرفة الضئيلة بهذا الاضطراب في صفوف السكان، حدوث “تأخر في التشخيص يتراوح بين خمس إلى سبع سنوات منذ أن تبدأ المرأة بأعراض التهاب بطانة الرحم الأولى”، وذلك بحسب الخبير.
في الواقع، يعني هذا التأخير في التشخيص في حد ذاته أن أكثر النساء اللاتي يذهبون لاستشارة الطبيب تتراوح أعمارهن بين 25 و35 سنة، وهي المرحلة العمرية التي تفكر فيها أغلب النساء في الإنجاب وتجربة مرحلة الأمومة على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد.
من المهم أن يقيّم أطباء أمراض النساء ما إذا كانت المرأة تريد أن تكون أمّا (الآن أو في المستقبل) قبل الخضوع لعملية جراحية
الجراحة، الخصوبة والأمومة
على الرغم من أن الانتباذ البطاني الرحمي ليس مرادفا للعقم، إلا أن الخبير يؤكد أنه “يمكن لحوالي 40 بالمئة من النساء اللاتي يعانين منه أن يصبحن أمهات دون الحاجة إلى علاج الخصوبة”. في المقابل، يمكن أن يؤثر ذلك على الخصوبة في بعض الحالات، خاصة في أخطر المراحل.
علاوة على ذلك، يتميز هذا المرض بوجود أنسجة بطانة الرحم، التي توجد عادة داخل الرحم، خارج هذا العضو. وعلى ضوء ذلك، تشرح مديرة وحدة البيولوجيا البردية في عيادة التلقيح بالمساعدة والخصوبة ببلنسية آنا كوبو، أن العلاقة المباشرة بالعقم تعود إلى حقيقة أن “هذا النسيج المنتبذ الذي لا ينتمي إلى المبيض يدمر احتياطي المبيض، مما يقلل من فرص الحمل على المدى المتوسط والطويل”. وفي الوقت الراهن، لا يوجد علاج لهذا المرض، لكن هناك علاجات تختلف بحسب شدتها وتتراوح بين استخدام المسكنات والجراحة.
في الحالة الأخيرة، يمكن أن تتأثر الخصوبة بدرجة أكبر. لهذا السبب، من المهم أن يقيّم أطباء أمراض النساء ما إذا كانت المرأة تريد أن تكون أمّا (الآن أو في المستقبل) قبل الخضوع لعملية جراحية، حيث أظهرت دراسة حديثة بقيادة كوبو “أنه من الأفضل الحفاظ على الخصوبة مع تجميد البويضات قبل الجراحة، للحصول على أفضل النتائج الإنجابية في المستقبل”.
نعلم في الوقت الراهن بشكل مؤكد أن الحفاظ على الخصوبة فعال للغاية لدى المرضى اللاتي يعانين من الانتباذ البطاني الرحمي نظرا لأنه يضمن القدرة الإنجابية في مرض ذي طبيعة تقدمية
بحسب البيانات التي وقع تحليلها، تحصل النساء اللاتي تقل أعمارهن عن 35 سنة المصابات بهذا المرض، واللاتي يحافظن على خصوبتهن عن طريق تجميد البيض قبل إجراء العملية الجراحية، على بويضات أكثر من أولئك اللاتي أجرين عملية. وعلى وجه التحديد، يقارب معدل المواليد الجدد الأحياء لدى المرضى صغار السن اللاتي لا يخضعن لعمليات جراحية 70 بالمئة، بينما تناهز 50 بالمئة في حالة النساء التي خضعن لعملية جراحية.
بالنسبة إلى العمل الحالي، الذي وقع تنفيذه بشكل رجعي على عينة تتكون من حوالي 485 امرأة، بمتوسط عمر يصل إلى 35.7 سنة، وقع تقييم المرضى اللاتي خضعن لعملية جراحية مقارنة بأولئك اللاتي لم يفعلن ذلك، لتقسيمهم في وقت لاحق حسب الفئات العمرية، حيث تنقسم أعمارهن بين أكبر وأصغر من 35 سنة. وبالنسبة لمؤلفة العمل، تفتح هذه البيانات “مسارا مستقبليا لجميع المرضى اللاتي يعانين من الانتباذ البطاني الرحمي والذين يريدون أن يكونوا أمهات على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل”.
من جانب آخر، نعلم في الوقت الراهن بشكل مؤكد أن الحفاظ على الخصوبة فعال للغاية لدى المرضى اللاتي يعانين من الانتباذ البطاني الرحمي نظرا لأنه يضمن القدرة الإنجابية في مرض ذي طبيعة تقدمية. كنتيجة لذلك، بحسب كوبو، يمكننا القول إنه “من المستحسن أولا تجميد البويضات ثم القيام بعملية، وذلك في الحالات التي تستوجب إجراءها”. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة هي الأولى في العالم حول تجميد البيض بسبب الانتباذ البطاني الرحمي، حيث نشرت فيها أيضا بيانات موضوعية عن حالات الحفاظ على الخصوبة لدى المرضى اللاتي تبين أنهن يعانين من الانتباذ البطاني الرحمي.
عندما نتحدث عن الانتباذ البطاني الرحمي يجب أن ندرك أنه مرض مزمن من شأنه أن يؤثر على القدرة الإنجابية للمرأة.
بالإضافة إلى ذلك، بحسب المؤلف المشارك في الدراسة غارثيا فيلاسكو: “منذ مدة كانت هناك شكوك في الأوساط العلمية التي لم يقع تبديدها بشأن هذه المسألة. ومن المعروف أن جودة البويضات يمكن أن تتأثر في حالات الانتباذ البطاني الرحمي، لكن هناك شك حول ما إذا كان تجميد البويضات من العوامل التي من الممكن أن تؤثر على البويضات”. كما أوضح فيلاسكو أن “أسباب الانتباذ البطاني الرحمي لا تزال غير معروفة. لذلك، لا يوجد أي علاج. وإلى يومنا هذا، يكمن الحل الوحيد الممكن في الجراحة، وذلك في الحالات التي يحدث فيها المرض بشكل أكثر حدة، على الرغم من أن ذلك لا يضمن عدم ظهورها ثانية في المستقبل”.
وعموما، أوضح فيلاسكو قائلا: “عندما نتحدث عن الانتباذ البطاني الرحمي يجب أن ندرك أنه مرض مزمن من شأنه أن يؤثر على القدرة الإنجابية للمرأة. كنتيجة لذلك، تكمن أهمية هذه الدراسة في فهم ما إذا كان الحفاظ على الخصوبة يمكن أن يكون حلا لضمان أن النساء اللاتي يعانين من ذلك ولا يرغبون في الحمل في ذلك الوقت، قد يكون لديهم الاحتمالات المستقبلية نفسها للإنجاب”.
المصدر: كويداتي بلوس