ترجمة وتحرير: نون بوست
اختُطف ما لا يقل عن عشرة متطوعين إسبان قاتلوا ضد تنظيم الدولة وسُجنوا منذ سنة 2017 على يد البرزاني. وتابعت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية خطوات هذه القضية لإعادة التطرق إلى ما يحدث في واحدة من أكثر معاقل ممارسة العقوبات وحشية في العالم.
يحتوي سجن البرزاني على زنزانتين كبيرتان بجانب بعضهما البعض وساحة فناء صغيرة يُعلقون فيها أكياسا مصنوعة من المطاط في قضبان أبواب الزنزانات. وتُستخدم هذه الأكياس المطاطية بمثابة دولاب وخزانة ملابس. ويعتبر هؤلاء الأشخاص مكلفون بشؤون السجناء وبكل شيء آخر في المكان. خلال الأيام الحارة، يطلق هؤلاء مجموعة من المواد الكثيفة والمتعفّنة التي تعمل على تلويث تلك الحفرة. وعموما، يقع المستوصف في الجانب الآخر من هذا الممر الذي يتسم بوجود زنزانات العقوبة التي تقوم فيها قوات الأمن الداخلي الكردية أو كما تعرف باسم الأسايش باللغة الكردية عادة بتعذيب وقتل المساجين.
في الأثناء، يختفي جزء من المساجين الآخرين، حيث يُنقلون إلى تركيا أو بقية السجون الأخرى، المنظمة في دوائر متحدة المركز وفقا لطريقة جحيم دانتي. وينتمي حراس السجن إلى التركمان، أحد العشوب التركية، وهو ما يجعل الأمور أسهل. والجدير بالذكر أن درجة التعذيب ترتفع في حق السجين وفقا لخطورة الجريمة المزعومة التي قام بها. كما يزعم بعض كبار السن من السجناء أنهم قضوا سنوات في مقصورة مساحتها لا تتجاوز مترا مكعبا، كما حُرموا تمامًا من الحركة دون أن يتم إطلاق سراحهم لقضاء الحاجة.
في هذا الإطار، يضع الأكراد بعض هذه المراكز الخاصة في سراديب الموتى في بعض القرى القوية علما وأن هذه المسألة لا تعد من بين الإشاعات. لذلك، قدمت المعارضة في مدينة السليمانية العراقية بيانات شاملة وعشرات من الشهادات التي تسكت عنها صحافة النظام. من جهتها، تراقب المنظمة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السجن من وقت لآخر. في المقابل، يخضع موظفو هذه المنظمة لمراقبة النظام ما دفعهم إلى عدم إصدار أية شكوى. وفي الواقع، يُخفي القيمون على السجن المعتقلين الذين يقبعون في زنزانات العقاب خلال زيارة ممثلي هذه المنظمات.
لا يعتبر هذا السجن مكانا لتنفيذ المحاكمات الجنائية، لكنه مصيدة من تصميم أمريكي يُصوَّر كمركز احتجاز مؤقت، ويُستخدم لاحقًا لاحتجاز الأشخاص بشكل مكثّف
عادة ما يتوفر في سجن قوات الأسايش اثنان من النزلاء الموثوق بهما للقيام بحراسة السجن من إحدى زوايا المكان. وحتى وإن استطاع أحد السجناء الإفلات من أنظارهم، فستعترضهم بوابة فولاذية سميكة مثبتة بثلاثة أقفال وحارسين مسلحين. ومع ذلك، يفصل شارع السجن عن منطقة المكتب حيث يتم تنظيم الاستجوابات وتحميها بدورها بوابتان وجدار سميك يحيط بمركز جهاز الشرطة السياسة.
في الواقع، لا يعتبر هذا السجن مكانا لتنفيذ المحاكمات الجنائية، لكنه مصيدة من تصميم أمريكي يُصوَّر كمركز احتجاز مؤقت، ويُستخدم لاحقًا لاحتجاز الأشخاص بشكل مكثّف. وعموما، عبر ممرات هذا السجن أكثر من عشرة إسبان ورجال ميليشيات ومتطوعين مدنيين من الميليشيات اليزيدية والسريانية والكردية الذين يقاتلون ضد تنظيم الدولة وتركيا وحلفائهم من القوات الخارجية أو كما يسمون “النازيين الإسلاميين”.
في شأن ذي صلة، شهد معظمهم كيفية وقوف السجناء في الغالب في طابور لطلب المغفرة من حارسين عنيفين متنكرين في زي الأطباء لإعطائهم المضادات الحيوية التي يتم توزيعها كمسكنات للألم أو نوع من الحبوب الملونة منتهية الصلاحية لتخفيف العذاب النفسي عوضا عن علاج الحالة الطبية. وفي الحقيقة، يُقدَم الدواء الوهمي لأصحاب الجرائم العادية الذين يريد النظام الانتقام منهم.
في هذا الصدد، قال الدكتور ديليل: “لمعرفة ماهية النار، من الضروري أن تحترق”. من جهة أخرى، يواجه أولئك الذين مروا من هذا السجن صعوبات متعلقة أساسا بالمشاكل النفسية التي لا تزال مغمورة أو عاجزة عن القيام بأي نشاط لعدة أيام أو أسابيع أو أشهر. وفي جميع الحالات، يعاني هؤلاء المساجين دون المثول أمام القضاء أو استدعاء المحامي ودون محاكمة أو أدلة أو حتى شرعية وهمية وحتى دون معرفة التهمة المنسوبة إليهم.
غالبًا ما نقرأ تدوينات رؤساء المنظمات التي تحكم هذه المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي على حساباتهم على تويتر يتحدثون عن نظامهم القضائي. ومن جهتهم، يتساءل الضحايا الإسبان حول النظام القضائي في أربيل. وتكمن المفارقة في أن هذه الممارسات تُسمى داخل السجن بالنظام.
صورة التقطها خفية الإسباني أغير في سجن سينوني في العراق، حيث احتُجز مؤقتًا قبل سجنه في أربيل.
في هذا السياق، صرح الدكتور ديليل، أحد أوائل الإسبان الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي الحرس البريتوري التابع لبارزاني وهو أصيل مدينة غاليسيا الإسبانية، وشغل منصب الرقيب السابق في الجيش الإسباني وأحد المتطوعين الذين خدموا في سوريا أو العراق، قائلا: “من المرجح أن يتحول أي شخص يتحدى بارزاني على الفور إلى إرهابي خطير، حتى وإن لم يتجاوز التحدي مجرد مشاركة صورة للمقاتلين الأكراد”. وعلى العموم، نجا الدكتور ديليل من الكثير من المهالك على غرار السجن لمدة مئة يوم والعزل والتعرض لهجوم جوي وللضرب من قبل حراس السجن. كما تعرض الدكتور لانفجار لغم مما تسبب في إصابته بالشظايا على مستوى الدماغ.
يعتبر ديليل أحد الناجين، حيث عثرنا عليه في مدينة الميريا. وفي السابق، مكث ديليل في مدينة ليون حيث يعيش رابانال ديل كامينو. وعلى الرغم من جميع هذه الصعاب وإرادة أسرته، كان ديليل على وشك أن يستقل طائرة للعودة إلى جوار سجن سينوني في العراق، حيث كان يعمل مسعفًا. من ناحية أخرى، تزرع القوة الأمنية “أسايش” ة القدر نفسه من القلق والخوف تماما مثل ما حدث سابقا في ستاسي القديمة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية أو ما فعله نظام فرانكو السياسي.
حوّل درع الإفلات من العقاب الأنظمة إلى جلادين ماهرين، حيث عُزل ديليل وتعرض للضرب المبرح في خلايا العزل، في حين كان خطؤه يتمثل في إنقاذ الأرواح البشرية حينما كان يعمل طبيبا في سنيار. وبسرية تامة، وصف سكان مدينة هاولار العراقية قوات الأمن بأنهم قوة عمياء وعنيفة في خدمة مجموعة من البلطجية الذين يقودون العناصر التابعة للبرزاني. وتحمل هذه القوات العلم الكردي وتدافع عن قومية قبلية وعلمانية عفا عليها الزمن، كما سيطرت على المؤسسة تلو الأخرى بغية الاستيلاء على كل موارد البلاد تقريبا.
لا نتحدث بمنطق الحكم على قيمة هؤلاء الأشخاص ولا نتيجة للغضب الذي عبّر عنه المساجين الإسبان السابقين بعد مغادرة هذا المكان. وفي الواقع، توجد أقاليم قليلة في العالم أكثر فسادًا من الجزء الذي تحكمه هذه القوات في كردستان، وقلة من ضباط الشرطة الذين يمارسون الوحشية أكثر من فرع أربيل الكردية. ويمكن التحقق من ذلك من خلال العديد من التقارير الصادرة عن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمة الشفافية الدولية.
يُكرس الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل أساسي لعمليات النهب، حيث بلغت نسبة التضخم والبطالة ونقص الحريات وأجور الفقر مستويات عالية، وهو ما ألحق أضرارا جسيمة بسكان المنطقة، الذين هيمن عليهم الاستياء
يشمل النهب المنهجي للبلاد النفط والشركات العقارية وشركات الاتصالات، التي يقع توزيعها وكأنها رغيف خبز بين زعيم القبيلة، مسعود برزاني ونجله مسرور بارزاني ونجيرفان برزاني (الرئيس الجديد ورئيس الوزراء الحالي)، إلى جانب بعض الأصدقاء المقربين لهذه العشيرة الذين يسيطرون على الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وبالمعنى الدقيق للكلمة، يعد هذا الحزب بمثابة مؤسسة إجرامية تحظى بدعم من غرب كورسيكا والتشعبات الدولية. وحافظ هؤلاء على وجودهم في السلطة بفضل النسيج الكثيف لخدمات العملاء الذي نُسج حول أعضاء الحزب ورعاتهم من أوروبا وأمريكا الشمالية. وفي هذا السياق، يشير حلاق آشوري من دهوك إلى أنه “في الكثير من الأحيان، لا توجد طريقة لإنشاء شركة صغيرة في كردستان العراق يسيطر عليها البرزاني دون دفع القليل إلى المبتزين الذين ينتمون إلى الحزب”.
إلى جانب ذلك، تعد مواقف السيارات في المباني الحكومية مليئة بالسيارات التي تبلغ قيمتها حوالي 60 ألف دولار، والتي تخص مسؤولي الحزب، وبرواتب اسمية صافية قدرها 400 يورو شهريا. كما أن التأخير في دفع رواتب الموظفين العموميين لمدة تصل إلى سنتين لم يمنع الأسرة من الاستمرار في جمع ثروة هائلة.
من جهة أخرى، يُكرس الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل أساسي لعمليات النهب، حيث بلغت نسبة التضخم والبطالة ونقص الحريات وأجور الفقر مستويات عالية، وهو ما ألحق أضرارا جسيمة بسكان المنطقة، الذين هيمن عليهم الاستياء، وأصبحوا أكثر قبولا لفكرة التعاون مع المقاتلين الأكراد، بما فيهم حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، الذين يعتبرهم الحرس الإمبراطوري لبرزاني بالإرهابيين، سيرا على خطى أردوغان.
وتجدر الإشارة إلى أن تركيا وقطر وعائلة برزاني، يصرون عن نعت ميليشيات وحدات حماية الشعب ووحدات مقاومة سنجار بالإرهابية. بالإضافة إلى ذلك، جرى القبض على الأندلسي، خوان أنطونيو بايو أغير، عندما غادر منطقة سنوني بعد أن عمل ضمن وحدات مقاومة سنجار، حيث تعرض للضرب الوحشي من قبل قوات البيشمركة قبل نقله إلى أربيل، حيث التقى هناك بالصدفة بكل من روبين وديليل.
ماركوس ديليل
ومن المفارقات أن سجون برزاني مليئة أيضا بقوات البيشمركة المسلحة إلى جانب نشطاء ينتمون إلى منطقة الحكم الذاتي التي يحكمونها، المتهمين بالتعاون أو الانضمام إلى ميليشيات روجافا وتركيا. كما يفترض الكثير من الأشخاص أن هذه المنطقة “ستحترق” عاجلا أو آجلا كما “احترقت” بغداد قبل بضعة أسابيع. فكلما انتشر السخط والاستياء، زاد عدد الشباب الذين يفرون إلى قنديل (قاعدة تابعة لحزب العمال الكردستاني) أو إلى شماليَ سوريا. ومن بين أسرى السجن، نجد أطفالا وقع أسرهم أثناء دخولهم أو مغادرة تلك المناطق إلى جانب أشخاص كبار في السن يناهز سنهم الثمانين من العمر. ويكرر هؤلاء الأشخاص أثناء تواجدهم في السجن قائلين: “الكل مرحب به هنا”.
نذكر من بين الذين اختطفتهم وحدات الأمن التابعة لديكتاتورية برزاني الكردية منذ سنة 2017، وجرى احتجازهم لاحقا في سجن أربيل، ميركساس، وماركوس ديليل، وخوان أنطونيو بايو أغير، وروبن، وفرناندو سانشيز وغراسا نانوك الذي لقي حتفه مؤخرا، وبابلو برييتو، وألبيرتو جي. وهناك أيضا ما لا يقل عن أربعة أشخاص آخرين، إلى جانب صحفي، فضلوا عدم الكشف عن هويتهم.
من جهتها، ترفض السفارة تقديم العدد الدقيق للإسبان، لكن الصحيفة نجحت في إحصاء عددهم الذي يصل إلى حوالي 11 شخصا، وتمكنت أيضا من التحدث مع جزء كبير منهم. كما كان سانشيز غراسا نانوك، وهو متطوع سابق في وحدات حماية الشعب الذي فقد حياته قبل أسابيع قليلة عندما كان يحاول زرع علم حزب العمال الكردستاني في قمة جبل هملونج هيمال، في السجن.
يعتبر مسرور برزاني، نجل مسعود برزاني، المسؤول المباشر عن نظام السجون والجهاز القمعي، الذي لديه بدوره مساعد ذو شخصية غامضة تعرف باسم عصمت أرغوشي، حيث يحظى باحتقار وكره شديد بسبب الجرائم التي ارتكبها كما أنه يمثل مصدر رعب بالنسبة للسجناء. ويعدَ أرغوشي الشخص الذي قرر مصير جميع السجناء الإسبان الذين دخلوا إلى السجن دون أية تهم معروفة، خلف الشاشة المظلمة لغرفة التحقيق، والمسؤول عن التعذيب بامتياز.
تدعم العديد من التقارير التي قدمتها منظمات إنسانية إلى جانب الكثير من البيانات، حجم المطاردة التي يرعاها نظام برزاني ضد العرب، إلى جانب عمليات السجن الهائلة للعراقيين الأبرياء الذين ليست لديهم أية صلة بتنظيم الدولة
يتذكر الناشط والسجين السابق من قوة الأسايش غيسثي بابلو برييتو، البالغ من العمر 41 سنة، بشكل خاص السجناء الذين يتقاسمون مرهم بيرمثرين فيما بينهم الذي فركوا به أجسادهم للقضاء على الجرب ونوع آخر من الطفح الجلدي الذي قالوا إنه بمثابة داء الليشمانيات الذي يصيب البشر. ويُلقي بارزاني بحوالي 600 شخص من الرجال وكبار السن والأطفال والمرضى في أسوأ سجونه ويعاملهم كالحيوانات. وفي هذا الإطار، روى الأشخاص الذين مروا عبر هذا المكان قصصا عن سجناء يتبولون الدماء في المرحاض أو يموتون في إحدى زوايا بسبب إصابتهم بمرض مجهول دون أن يساعدهم أحد، أو مراهقين يتعرضون للضرب بوحشية بعصا على أبواب الزنزانة، ثم يقع إعادتهم إلى الحفرة التي كانوا فيها فاقدين للوعي من قبل سجاني الشرير عصمت أرغوشي.
علاوة على ذلك، حاول الطبيب ديليل أن ينقذ حياة أحد السجناء الذين انضموا إلى تنظيم الدولة من سكتة قلبية لكن دون جدوى. وفي هذا الصدد، قال أحد الإسبان الذين اختطفهم النظام، وهو من مدينة ملقا ويعرف باسم أغير الذي عمل كعنصر ميليشيا لدى وحدات مقاومة سنجار ووحدات حماية الشعب (كلاهما يقاتلان يدا بيد ويحكمهما نموذج الكونفدرالية الديمقراطية): “في الواقع، كان هذا الرجل فلاحا فقيرا من أصل عربي حاول الهرب من كركوك لكن ألقي به في هذه الحفرة”.
تدعم العديد من التقارير التي قدمتها منظمات إنسانية إلى جانب الكثير من البيانات، حجم المطاردة التي يرعاها نظام برزاني ضد العرب، إلى جانب عمليات السجن الهائلة للعراقيين الأبرياء الذين ليست لديهم أية صلة بتنظيم الدولة، بعد تنفيذ جملة من العمليات المستوحاة من السياسات العنصرية الأكثر وحشية. ويمتد الاضطهاد إلى الحركة السياسية الآشورية، حيث تصر إدارة البرزاني على أنها الحامية الكبرى للمسيحيين.
من جهتها، رفضت القوات الآشورية الشرعية الوحيدة في أربيل، أبناء النهرين، المشاركة في الانتخابات الأخيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتيال الشامل والممنهج الذي يميز الانتخابات في جنوبيَ كردستان. وتعرض أغير، للعنف من قبل قوات البيشمركة التابعة لبرزاني في اليوم نفسه الذي احتُجز فيه في سجن سنوني (سنجار، العراق) حيث نُقل، مثله مثل أي شخص آخر، إلى أربيل. ووفقا لبيانات معروفة، يحتل أغير المرتبة الأولى من حيث المدة التي قضاها في السجن: حوالي أربعة أشهر، إذ أجبروه هو ورفاقه على البقاء واقفين قبالة الحائط، لمدة 24 ساعة، حيث يقومون بضرب الشخص بعنف شديد إلى أن ينهار.
بابلو برييتو، متطوع في معسكر النازحين في مخمور، الذي اختطفه برزاني.
توفي الشخص ذو الأصول العربية الذي لم يتمكن ديليل من إنقاذه، شأنه شأن الكثيرين داخل تلك الزنزانة الجماعية حيث تمكنوا من تركيز ما يصل إلى 180 شخصا في مساحة تبلغ مساحتها 55 مترا مربعا. إنها أحجية إنسانية لوحشية لا توصف، حيث غالبا ما تثار معارك بسبب المكان، إذ لا يوجد سوى بلاطة واحدة على الأرض، كما يظل السجناء أحيانا محرومين بشكل دائم من النوم مما يسبب لديهم حالة من النوم القهري الجماعي.
أشار عدد كبير من الإسبان إلى أنه يتعين عليهم أكل أرز غير مطهو جيدا مع حفنتين من الخبز وحفنة من الفول أو الطماطم الفاسدة وقليلا ما يقدمون الدجاج بكميات محدودة. وهناك أدلة تؤكد أن أرغوشي يحتفظ بمعظم الأموال المخصصة لطعام الأسرى. وبالمثل، ينتقل البارزاني عادة في سيارات ألمانية كبيرة تبلغ قيمتها 120 ألف دولار، بينما يدرس أطفاله في أرقى الجامعات الأوروبية.
يعتبر قادة تلك المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي، من أكثر البيادق المخلصين للحلفاء في الحرب ضد تنظيم الدولة، وهو ما يفسر تسلح جيوشهم خلال السنوات السابقة بفضل دول مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا
مع ذلك، في الفناء الخارجي لسجن أسايش غيشتي، كثيرا ما أكد السجناء وجود جنود ودودين من قوات التحالف وكندا ودول أوروبية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع أحد غض البصر عن الفضائح التي تحدث داخل قلعة مسرور بارزتني وخارجها، إذ أقر العديد من القادة الغربيين مثل وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أو الرئيس الفرنسي، ماكرون، بدعمهم للسلطة التنفيذية الكردية في اجتماعات شخصية مختلفة مع الدكتاتوريين.
يعتبر قادة تلك المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي، من أكثر البيادق المخلصين للحلفاء في الحرب ضد تنظيم الدولة، وهو ما يفسر تسلح جيوشهم خلال السنوات السابقة بفضل دول مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا. كما تم استخدام الأسلحة نفسها التي قدمها الأوروبيون لقمع المقاومة الكردية، في تحركات القوات على طول الحدود التركية.
من جانبه، التقى السفير الإسباني شخصيًا في بغداد، خوان خوسيه إسكوبار ستيمان، في فبراير\شباط الماضي بمسرور بارزاني لمناقشة القضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين البلدين. وخلال الاجتماع، لم تتم الإشارة إلى سجل حقوق الإنسان، الديكتاتورية الكردية أو التعذيب الذي مارسه الإسبان على يد جهاز الأمن الذي وجهه مسرور نفسه. ولم تر حكومة إسبانيا أنه من المناسب طلب تفسيرات لخطف مواطنيها وتعذيبهم.
السفير الإسباني، خوان خوسيه إسكوبار، خلال الاجتماع الذي عقده هذه السنة مع الديكتاتور نيشيرفان بارزاني.
في الواقع، اضطرت الشرعية الدبلوماسية إلى الاستعانة بمصادر خارجية في مناسبات عديدة خلال العامين الأخيرين للإسراع في إطلاق سراح مواطنيها، الذين خُطفوا وضُربوا وتعرضوا للتعذيب بمعرفة كاملة من البرزاني ومساعده عصمت أرغوشي. واستخدمت مكاتب القنصل الفخري في كردستان العراق، داود سردار جاف، ابن زعيم قبيلة الجاف، الذي يحظى بتقدير السجناء حيث كان متواجدا خلال إطلاق سراح جميع الإسبان، حيث قدَم يد المساعدة للرهائن دون استثناء.
لا يتحدث صاحب العمل، داود سردار، الإسبانية، كما أنه ليس مسؤولاً في إدارة مدريد. ومن غير المعروف، في الواقع، الشروط التي تقدم بموجبها بهذه الخدمة أو المكافآت التي تلقاها لتمهيد الطريق للشركات، على غرار ريبسول من خلال فروعها، التي تحاول العمل في كردستان. ووفقا لماركوس ديليل، يمكن رؤية أعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني في مكتبه، التي اتهمها المتطوعون الإسبان بالقيام بعمليات الاختطاف والتعذيب.
أكدت السفارة على العائلات عدم الكشف عن أية تفاصيل حول ما حدث هناك، ولا التعبير عن حالات سوء المعاملة “حتى لا يتم المساومة على المفاوضات المستقبلية”. وفي جزء كبير من الحالات، كانت مساعدة وسائل الإعلام التي لم يتمكنوا من إسكاتها حاسمة في تسهيل إطلاق سراح المختطفين من قبل النظام.
في 19 كانون الأول\ ديسمبر، سيُعرض فيلم وثائقي أنتجته مجموعة “الحرية والعبادة” لأول مرة على الساعة الثامنة مساءً في قاعة ميرادور في مدريد. ويصور هذا العمل البؤس والاضطهاد الذي تعرض إليه العديد من الأشخاص، حيث سيتضمن شهادات بعض الأعضاء الذين يشكلون جزءًا من المقاومة الكردية، والذين أسرهم البرزاني
على الرغم أنهم متحدون افتراضيا، إلا أنه خلال الممارسة العملية لا يوجد سوى فرعين مما يسمى “أسايش” أو قوات الأمن الكردية، في كردستان العراق. وتتخذ الأولى من أربيل مقرا لها أي في مناطق نفوذها من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني المذكور أعلاه. ويشرف على الثانية الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو حزب أسسه جمال طالباني، ويسيطر بدوره على قطعة أخرى من كردستان العراق، السليمانية. وعموما، تُعزى الجرائم الفظيعة إلى كليهما، على الرغم من أن حرية التعبير في منطقة طالباني مكفولة، وهو ما يفسر أن تُصبح السليمانية ملاذًا لبعض السياسيين البارزانيين المضطهدين. بالإضافة إلى ذلك، تشترك الحكومتان في توجهاتهما القبلية وممارسة المحسوبية والفساد المستشري ونهب الموارد العامة بشكل منهجي.
في شأن ذي صلة، وُضع الناشط بابلو بريتو في السجن أثناء رحلة متوجهة إلى أربيل من مخيم ماجمور للاجئين، حيث يعمل كمتطوع في الأعمال المدنية. فضلا عن ذلك، ألقي القبض على جميع الإسبان أثناء محاولتهم الدخول أو مغادرة سينيار أو روجافا من خلال المرور قسرا عبر الأراضي المتمتعة بالحكم الذاتي التي يقودها البرزاني.
في 19 كانون الأول\ ديسمبر، سيُعرض فيلم وثائقي أنتجته مجموعة “الحرية والعبادة” لأول مرة على الساعة الثامنة مساءً في قاعة ميرادور في مدريد. ويصور هذا العمل البؤس والاضطهاد الذي تعرض إليه العديد من الأشخاص، حيث سيتضمن شهادات بعض الأعضاء الذين يشكلون جزءًا من المقاومة الكردية، والذين أسرهم البرزاني. كما سيضم العرض أمين العلاقات الدولية للفريق الاستشاري المعني بالبحوث الزراعية، وساندرا إيرياتري، وأمين الاتصال، خوسيه مانويل فرنانديس وكتيبة المقاتلين الكاتالونية، دمهات، التي قاتلت في روجافا في صفوف تابور أنتيفا، وكتيبة الحرية الدولية.
المصدر: بوبليكو