انتخابات الجزائر.. لماذا دعم “الآفلان” مرشح الحزب الغريم؟

25-1

شهدت سوق المواقف في الجزائر، خلال الساعات القليلة التي سبقت فتح مكاتب الاقتراع في البلاد، تطورات مثيرة للجدل، حيث أعلن الحزب الحاكم في الجزائر (جبهة التحرير الوطني) تعرف اختصارًا بـ”الآفلان” وكان يرأسها الرئيس السابق بالبلاد عبد العزيز بوتفليقة، دعم المرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي في الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها اليوم الخميس.

ويعد المرشح الرئاسي عبد المجيد تبون (رئيس الحكومة ما قبل الأخيرة للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بعدما قضى 17 سنة في التجوال بين الوزارات)، أكبر الخاسرين من هذا القرار، حيث كان يأمل في أن تغلب قيادة “جبهة التحرير الوطني” العلاقة السياسية والقرب منها، بالنظر إلى عضويته في اللجنة المركزية للحزب (أعلى هيئة بين مؤتمرين)، كما أنه معروف لدى قواعدها.

سابقة في تاريخ العتيد

ظل الحزب منذ إعلان المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية)، قائمة المترشحين الخمس للانتخابات الرئاسية، مترددًا في إعلان موقفه النهائي، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الحزب، بسبب وضعه السياسي غير المريح وتفاقم أزمته الداخلية خاصة بعد إيداع كبار قيادييه سجن “الحراش” بتهمة الفساد، أبرزهم اثنين من أمنائه العامين هما جمال ولد عباس (وزير الصحة الأسبق) ومحمد جميعي، إضافة إلى عدد من وزراء ونواب وسيناتورات (شيوخ مجلس الأمة) تورطوا في قضية تمويل الحملة الانتخابية للرئيس السابق بوتفليقة.

المرشح الرئاسي

ودعا حزب جبهة التحرير الوطني، في مذكرة وقعها علي صديقي – خليفة محمد جميعي على كرسي مبنى حيدرة (أعالي العاصمة الجزائر) -، أمناء المحافظات ورؤساء اللجان الانتقالية، إلى تعبئة المناضلين والمواطنين والتصويت بكثافة لضمان فوز المرشح الرئاسي ووزير الثقافة والأمين العام لحزب التجمع الديمقراطي بالنيابة عز الدين ميهوبي”، وجاء في نص المذكرة: “لمتابعة مجريات عملية الاقتراع وضمان الوجود الفعلي للحزب، أدعوكم لاتخاذ كل التدابير الضرورية لتوفير المعلومة”.

وأضاف الأمين العام بالنيابة: “كما أحثكم على مواصلة تعبئة المناضلين والمحبين والمتعاطفين والمواطنين وتحسيسهم بضرورة المشاركة المكثفة لضمان الفوز لمرشح القطب الوطني السيد عز الدين ميهوبي”.

زوبعة

وخلَف قرار الحزب العتيد (حزب جبهة التحرير الوطني) بدعم مرشح الحزب الغريم التجمع الوطني الديمقراطي، زوبعة كبيرة في صفوف الحزب، خاصة أن قيادات كثيرة تطعن في شرعية الأمين العام بالنيابة علي صديقي وفقًا لما ينص عليه القانون الداخلي لـ”الآفلان”.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، بتعليقات غاضبة وتدوينات رافضة لهذا القرار، وأعلن عضو مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان الجزائري)، محمود قيساري، رفضه القاطع لقرار صديقي، وأكد أن جبهة التحرير الوطني لن تدعم مرشحًا خارج الآفلان.

وفي تدوينة على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أوضح السيناتور قيساري أن “قيادة العتيد الحقيقية آثرت التراجع خطوة للوراء، لمَّا أدركت أن الشعب يتوق للتغيير”، مشيرًا إلى أن الحزب لم يدخل غمار الرئاسيات باسم الجبهة وهو خير دليل على وقوفه بجانب الشعب.

المرشحان الرئاسيان

وأكد “عدم دخول جبهة التحرير الوطني للرئاسيات لا يعني على الإطلاق أنه ليس لديه من إطارات الحزب شخصية لقيادة البلاد حتى يصل بِه الأمر لدعم مرشح من حزب طالما كان قاطرته”.

وعلى النقيض من ذلك، أعلنت القيادة الموحدة لحزب جبهة التحرير الوطني (تضم قياديين بارزين في الجبهة)، مساندتها للمترشح للانتخابات عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي.

وقالت القيادة في بيان لها: “المشاورات وصلت إلى اتفاق بمساندة ودعم ميهوبي، وأعطت 10 أسباب جعلتها تساند مرشح “الأرندي” في الرئاسيات “، ووصفت ميهوبي بـ”أحد الإطارات الصالحة، المستقلة والشجاعة، وجاء ترشحه تطوعًا، وخدمة للوطن”.

الجبهة منقسمة

مساندة جبهة التحرير الوطني للمرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي، تطرح تساؤلات عديدة، خاصة أن المترشح عبد المجيد تبون مناضل في الحزب وعضو في اللجنة المركزية.

وخلال حديثه عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عدم دعم جبهة التحرير للمرشح الرئاسي عبد المجيد تبون، يقول القيادي في الحزب يوسف ناحت: “إذا كان فعلًا يؤمن تبون بالآفلان لماذا لم يترشح باسمه مثل ميهوبي الذي ترشح باسم الأرندي، وهل الآفلان أسوأ شعبيًا من الآرندي (التجمع الوطني الديمقراطي)”.

ويعتقد يوسف ناحت، أن “عبد المجيد تبون استصغر الحزب ولم يرد منه تدعيمه علانية تخوفًا من أن يعاقبه الشعب بانتمائه له وحتى في أثناء لقاءاته الإعلامية تجنبها بشيء من الاستهزاء، ولم يقل أنا مناضل فيها أو قيادي بها، فلماذا يدعمه اليوم العتيد؟”، ورفض المرشح الرئاسي البارز، رئيس الحكومة السابق عبد المجيد تبون، الاستناد إلى الجبهة في سباقه الرئاسي، وأظهر تنكرًا لعلاقته بالحزب تجنبًا لردة فعل شعبية ساخطة، بعد بروز مطالب بحله.

غازل المترشح للرئاسيات عز الدين ميهوبي، في الأسبوع الأخير من عمر الحملة الانتخابية، “الحزب العتيد” بعد أن تعهد مرشح “التجمع الوطني الديمقراطي” بتأسيس قطب وطني مع عدة فعاليات يتقدمهم حزب جبهة التحرير الوطني إذا أصبح رئيسًا للجمهورية

وعن بقية المترشحين، يقول القيادي في جبهة التحرير إن المرشح الرئاسي علي بن فليس (رئيس حزب طلائع الحريات المعارض)، غادر “الآفلان” وأنشأ حزبًا وأراد أن يخترقه بما بقي من مؤيديه ولم يطلب تأييده كحزب وبرنامج يتعارض مع مبادئه، ويشير إلى أن “مطلبه بحل البرلمان والمجالس المحلية التي تمتلك فيها جبهة التحرير الأغلبية لا يخدم الحزب إطلاقًا”.

ويرى يوسف ناحت أن “حزب التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني قوة سياسية في البلاد) الوحيد الذي يضمن في الظرف الحاليّ استمرار جبهة التحرير كحزب وطني شريك له في النضال والحكم”.

وغازل المترشح للرئاسيات عز الدين ميهوبي، في الأسبوع الأخير من عمر الحملة الانتخابية، “الحزب العتيد” بعد أن تعهد مرشح “التجمع الوطني الديمقراطي” بتأسيس قطب وطني مع عدة فعاليات يتقدمهم حزب جبهة التحرير الوطني إذا أصبح رئيسًا للجمهورية.

وقال ميهوبي في تجمع شعبي له في محافظة الأغواط (تبعد عن الجزائر العاصمة نحو400 كيلومتر)، إنه سيعمل إذا حظي بثقة الشعب الجزائري على رصِّ الصف ببناء جدار وطني وإعادة ترميم التيار الوطني بعد الهزات التي تعرض لها في الفترة الأخيرة.

خلافات