أفرزت سادس انتخابات رئاسية في عهد التعددية السياسية في الجزائر، رئيسا جديدا للبلاد، هو عبد المجيد تبون، رئيس جديد من جماعة عبد العزيز بوتفليقة، من المنتظر أن يصطدم بحراك شعبي كبير، في ظلّ الرفض الكبير للانتخابات التي أجريت أمس.
سادس رئيس للجزائر
حصل عبد المجيد تبون على أربعة ملايين و945 ألفاً و116 صوتاً، بنسبة إجمالية تُقدر بـ 58.15% من أصوات الناخبين، وفق رئيس السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر، وأوضحت الهيئة أن نسبة المشاركة بالاقتراع الرئاسي الذي أجري أمس بلغت 41.14%، ليكون تبون الرئيس المنتخب السابع للجزائر.
وخاض تبون، البالغ من العمر 74 عاما، الانتخابات كمرشح مستقل، وتفوق تبون على أربعة مرشحين آخرين هم علي بن فليس وعز الدين ميهوبي وزير الثقافة السابق ووزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة، وعبد العزيز بلعيد العضو السابق في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني.
يعتبر الرئيس الجزائري المنتخب عبد المجيد تبون، وفق عديد الجزائريين، أحد الشخصيات التي أعادها النظام إلى الساحة
وحصل المرشح عبد القادر بن قرينة على 1.477.735 صوتا أي نسبة 17.38% من المقترعين، والمرشح علي بن فليس على 896.934 صوتا أي 10.55% من مجمل الأصوات، وحصل المرشح الرابع عز الدين ميهوبي على 7.26 % من الأصوات بينما جاء عبد العزيز بلعيد أخيرا بـ6.66 % من الأصوات المعبر عنها.
وأوضحت هيئة الانتخابات أن نسبة المشاركة داخل البلاد وصلت إلى 41 %، في حين بلغت النسبة الإجمالية في الخارج 39%، وبلغت نسبة المشاركة النهائية بالمجمل 39.83 %، وهي أدنى نسبة على الإطلاق تسجّل في انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد.
هذه النسبة المتدنية، جاءت نتيجة حملة المقاطعة الكبيرة لهذه الانتخابات، خاصة بمنطقة القبائل، حيث لم تتعد النسبة في بجاية وتيزي وزو 1%،، أكبر مدينتين في المنطقة التي تضم نحو عشرة ملايين نسمة من أصل 42 مليونا في البلاد. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن سلطة الانتخابات قولها في بيان “المجلس الدستوري سيعلن عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، في الفترة ما بين 16 و25 ديسمبر/كانون الأول الجاري”.
ويعد تبون البالغ من العمر 74 عاما سادس رئيس للجمهورية في الجزائر منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1962، بعد كل من أحمد بن بلة (1965-1963)، وهواري بومدين ( 1978-1965)، والشاذلي بن جديد – 1992-1979)، واليامين زروال ( 1999-1994)، وعبد العزيز بوتفليقة ( 2019-1999).
رجل النظام
يعتبر الرئيس الجزائري المنتخب عبد المجيد تبون، وفق عديد الجزائريين، أحد الشخصيات التي أعادها النظام إلى الساحة، ويرى النظام في تبون وفق هؤلاء “حصان طروادة” القادر على رصّ الصفوف دون الخوف من تغوّله واللعب لمصلحته.
ويعد تبون أحد أبرز رجالات النظام الجزائري. تبوأ عديد المناصب السامية في الدولة، وكان أول منصب وزاري له سنة 1991 في وزارة الجماعات المحلية، ثم شغل منصب وزير للاتصال، وبعدها وزيرا للسكن والعمران والمدينة.
يرى النظام أن وصول عبد المجيد تبون لقصر المرادية من شأنه أن يلملم أركانه في هذه الظرفية الحرجة التي تعرفها الجزائر
كما عيّن تبون وزيرًا للسكن والعمران عام 1999 ووزيرًا للاتصال عام 2000، وعاد لوزارة السكن والعمران عامي 2001 و2002، وهو نفس المنصب الذي تبوأه منذ عام 2012، قبل أن يتم تعيينه مكلفًا بمهام وزير التجارة بالنيابة سنة 2017 مكان بختي بلعايب الذي غادر الوزارة لظروف صحية.
يعتبر عبد المجيد تبون، أقصر رؤساء الوزراء في الجزائر حيث تولى رئاسة الحكومة الجزائرية في 25 مايو / أيار 2017 وأقيل في 15 أغسطس/ آب من نفس السنة بعد بسبب المس برجال أعمال مقربين من السلطة والتلويح بمحاسبتهم، فضلاً عن قيامه بتحركات يراها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحاشيته تعديًا على صلاحيات الرئاسة.
وسبق أن أكّد الصحفي الجزائري رياض المعزوزي في تصريح لنون بوست أن تبون هو “المرشح الأول للنظام أو بالأحرى الطائفة المدافعة لما تبقى من النظام”، ووفق المعزوزي ” قام النظام الجزائري بتلميع صورة عبد المجيد تبون وتكريسه كبطل شجاع يحارب الفساد، قبل إقالته في صورة المغضوب عليه.
استمرار الحراك
فوز عبد المجيد تبون بمنصب رئاسة البلاد، من شأنه أن يزيد في زخم الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي، خاصة وأنه كما قلنا في الأعلى أنه أحد أبرز رجال نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
يؤكّد فوز تبون بالرئاسة أن استقالة عبد العزيز بوتفليقة من رئاسة الجزائر في شهر أبريل/نيسان الماضي، لم تكن كفيلة وحدها بأن تضع حدّا لنظام حكم البلاد طيلة عقود عدّة، فقد كانت تلك الاستقالة مجرّد رجة خفيفة عمل الحاكمين الفعليين للبلاد على تجاوزها بطرق شتى.
تواصل الاحتجاجات في مدن الجزائر
ويرى النظام أن وصول عبد المجيد تبون لقصر المرادية من شأنه أن يلملم أركانه في هذه الظرفية الحرجة التي تعرفها الجزائر، ومن شأنه أيضا أن يرتب الأوراق من جديد، خاصة وأن حكام البلاد أقصوا معظم الشخصيات التي تمثّل لهم إحراجا، حتى يكسبوا ودّ الجزائريين.
ويطالب عدد من الجزائريين برحيل كلّ رموز نظام بوتفليقة عن المشهد السياسي في البلاد، والمرور نحو مرحلة انتقالية تؤسس لانتقال ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب في دولة يحكمها القانون والمؤسسات ولا مكان فيها للفساد.