ترجمة وتحرير نون بوست
في عام 2019 كتب آلاف الأوراق -ما بين رسائل إلكترونية ومذكرات ونصوص ومقالات- مئات الآلاف من تلك الكلمات كانت للتواصل والاتصال، ومعظمها كان له جمهور على الأقل من شخص واحد ربما حتى ملاحظة سريعة لزوجتي، لكن ليس جميعهم، فكل عام هناك بضعة آلاف من تلك الصفحات لن يقرأها أحد.
لكن كتابة اليوميات قد تكون بضاعة صعبة للأشخاص المنتجين، فلماذا أقضي وقتًا في العمل على شئ لن يراه أحد أبدًا؟ لكن قضاء الوقت في كتابة تلك اليوميات يحقق لك أرباحًا طائلة في حياتك الشخصية والمهنية، فكتابة اليوميات يساعدك في تنظيم أفكارك والتفكير السريع وتوليد أفكار مبدعة، هذه العملية ضرورية للنجاح كرائد أعمال ولتصبح شخصًا أسعد.
لقد بدأت كتابة اليوميات منذ عدة سنوات، وكانت الكتابة عاملًا رئيسيًا في نمو “JotForm” من فكرة صغيرة لشركة كبيرة تضم مئات آلاف المستخدمين، بالنسبة لي تعد الكتابة طريقة لتركيز أفكاري بشكل واضح وفعال، فسواء كنت أعمل على فكرة جديدة أود اختبارها أو أفكر في عرض تقديمي أود تحسينه، فإن كتابة اليوميات تساعدني في العثور على الحل وسط تلك الضوضاء.
ورغم أن الكتابة فنيًا لا ينتج عنها مشاركة مستندات أو وجود أصول يمكن إظهارها، إلا أنها تجعلني قادئًا ورائد أعمال أفضل كل يوم، مما يجعلها تستحق الوقت والجهد المبذول فيها.
أهمية التفكير في القيادة
إن الأفكار هي التفكير الداخلي لتقييم الملاحظات والتجارب والنظر إلى النتائج البديلة والتفسيرات وتوضيح المعنى لاتخاذ قرارات في المستقبل، تظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يشاركون الأفكار أكثر سعادة وأكثر أداءًا من غيرهم، وهو أمر طبيعي فالأشخاص السعداء ذوي الأداء العالي يتعلمون من أخطائهم.
لا بأس بأن تشعر أن الكتابة ليست جيدة، فليس من المفترض أن تكون كذلك، فالكتابة الحرة ليس مسودة لأي شئ، لكنها ممارسة لصقل الاتساق والإبداع
يقول العقيد إيرك غيل أن الأفكار هو ما يربط بين الأداء والإمكانات، فالخبرة لا تساوي الحكمة إلا إذا قضيت وقتًا واعيًا في التعلم منها، للتفكير أثناء الكتابة أحب اتباع مجموعة منظمة من الأسئلة، هذه الأسئلة قد تكون تعزيزات عامة ليستمر العمل أو مصممة خصيصًا لبعض مساحات النمو الشخصي والمهني، هناك أسئلة إرشادية هامة مثل:
ما الأفكار والمشاريع التي اتحمس لها؟ ما الذي اتجنبه؟ ما الذي أشعر به تجاه قيادتي؟ ما الذي يساهم في تحقيق سعادتي هذا الأسبوع؟
عندما أضع في اعتباري عدة أسئلة أساسية فإنني أركز على أهم أولوياتي وحينها أرى كيف تتغير إجاباتي، فكما يمكنني تتبع نمو شركاتي من خلال مقاييس نموذجية، بإمكاني تتبع نموي الشخص والمهني طوال الوقت والبحث عن أنماط وفرص.
لقد وجدت أيضًا أن التمسك بقالب معين يحقق وعيًا ذاتيًا أكبر يومًا بعد يوم، فبعد عدة أسابيع من معالجة نفس الأسئلة لم تعد تلك الأسئلة بعيدة عن ذهني، فكل يوم تظهر لي المزيد من الفرص لأتعلم من تجاربي، وممارسة الكتابة بشكل منتظم يجعل تلك الأسئلة متقدة في ذهنك دائمًا.
الكتابة كجزء من عملية إبداعية
تعد الكتابة الحرة كتابة بلا هدف أو دافع، قد تبدو ممارستها لا هدف منها إلا أن الكتابة الحرة تساعد على اختراق كتل إبداعية وتساعدك على معالجة مشاعرك وتعزيز جهازك المناعي، قد يبدو الأمر بسيطًا فهي مجرد كتابة، لكن بالنسبة للأشخاص المعتادين على مهام واضحة محددة قد يكون الأمر شاقًا، فكيف أعلم أنني أنهيت الأمر بشكل صحيح أو أنني انتهيت؟
لحسن الحظ؛ ليس هناك طريقة صحيحة أو خاطئة للكتابة الحرة، يمكنك تحديد وقت أو طول معين مثل الكتابة لعدة دقائق أو عدد معين من الصفحات في اليوم، لا بأس بأن تشعر أن الكتابة ليست جيدة، فليس من المفترض أن تكون كذلك، فالكتابة الحرة ليس مسودة لأي شئ، لكنها ممارسة لصقل الاتساق والإبداع.
ابتكرت الفنانة والمبدعة جورو جوليا كاميرون كتابًا تدريبيًا بعنوان “أوراق صباحية” يتضمن كتابة 3 وراق يوميًا على طريق الوعي حيث تكتب كل ما يتبادر إلى ذهنك دون تعديل أو تقييم وإطلاق أحكام، كما شددت على أهمية الكتابة في أول اليوم قبل أن تنشغل في العمل.
عندما تكتب يومياتك بشكل منتظم فإنك تعزز التقييم الذاتي والتفكير الإبداعي ومهارات أخرى تستطيع تطبيقها في عملك اليومي
إذا كانت كتابة 3 صفحات في اليوم مرهقة، جرب الكتابة فقط لمدة 15 دقيقة في اليوم بدلًا من ذلك، حدد وقت واكتب حتى ينتهي الوقت، وحاول أن لا تفعل أي شئ آخر خلال هذا الوقت؛ اكتب فقط، قد تكون أول عدة دقائق محبطة لكن بعد ذلك ستجد أن الكلمات تتدفق وستنزعج من صوت المنبه، بعد ذلك أشعر بالطاقة والاستعداد لتطبيق إبداعي من خلال فكرة جديدة أو حل مشكلة كانت تواجهني.
ابتعد عن حاسبك المحمول
يلجأ معظمنا الآن للكتابة الرقمية، وبالطبع تلك الطريقة لها فوائد عديدة في أسرع وسهل الوصول إليها ويسهل تعديلها، لكن هناك بعض العيوب، يستطيع معظمنا الكتابة بشكل أسرع على الحاسب عن الورقة والقلم، ورغم مميزات ذلك، إلا أن اضطرارك للكتابة ببطئ يسمح لك بالاشتباك الكامل مع أفكارك، قد تضع أفكارك في الكتابة الإلكترونية بشكل أسرع لكن عملية معالجة تلك المعلومات تكون أقل عمقًا، مما يؤثر على التعلم والاسترجاع.
تساعد الكتابة الورقية على الحد من المشتتات، ففي أثناء كتابتي هذا المقال تفحصت الأخبار مرة وبريدي الإلكتروني 3 مرات، في كل مرة أترك الكتابة وأعود ثانية أحتاج للوقت والطاقة لاستعادة أفكاري، لكن الكتابة في مفكرة حقيقية يبعدك نوعًا ما عن التكنولوجيا ويسمح لك بالاتصال الكامل مع المهمة التي تؤديها.
اجعل الأمر لصالحك
تعد الكتابة الحرة والأفكار أدوات قيمة، لكن إذا كنت تستخدمها فقط قبل أداء مراجعة ما أو أثناء اجتماع عصف ذهني فإنك بذلك لا تستفيد من إمكاناتهم القصوى، عندما تكتب يومياتك بشكل منتظم فإنك تعزز التقييم الذاتي والتفكير الإبداعي ومهارات أخرى تستطيع تطبيقها في عملك اليومي.
احصل لنفسك على قلم ومفكرة، وبجولة سريعة على جوجل ستجد آراءًا كثيرة حول أدوات الكتابة، تعد المذكرة النقطية “Bullet journal” أداة رائعة للأشخاص البصريين، هناك أيضًا ملايين الخيارات الأخرى، لذا يمكنك العثور على الطريقة التي تناسبك.
لتحقيق الاستفادة القصوى من الكتابة، حددت وقتًا للكتابة الحرة في روتيني الصباحي ووضعته في التقويم كأنه اجتماع للإشارة إلى أهميته، هناك مرة أسبوعية عادة ما تكون في نهاية الأسبوع أفكر فيها في الأسبوع المقبل فأكتب أفكاري ومشاعري وما الذي أعمل عليه وما الذي أود تغييره، ومن خلال كتابة الأفكار والكتابة الحرة بشكل منتظم أحصل على توازن جيد من الواقعية والإبداع وكلاهما هام لنجاحك كرائد أعمال.
المصدر: إنتربنيور