ترجمة وتحرير نون بوست
تغير الاقتصاد كثيرًا في 2010 بطريقة صحية وجيدة بشكل كبير، لكن هناك الكثير لنفعله من أجل انضباط الصورة العامة ودقة أساليبه ونجاح توصياته السياسية، إليكم بعض الطرق التي يجب اتباعها ليغير الاقتصاد من نفسه في العقد الجديد.
إصلاح تعليم الاقتصاد
لقد أصبحت الأبحاث الاقتصادية أكثر تجريبية، لكن المواد التي يدرسها طلاب الجامعة بشكل عام لا تواكب الوضع، فعلى سبيل المثال هناك أدلة جديدة على أن تدني الأجور والسياسات الأخرى أظهرت أن نظرية العرض والطلب التي يتعلمها الطلاب كأحد مبادئ الاقتصاد؛ ليست وصفًا جيدًا لسوق العمل، وهناك بعض الكتب الرائدة التي تمنح الاقتصاد حرية كبيرة تختلف عن الواقع كثيرًا.
في الوقت نفسه يتعلم الطلاب القليل أو لا يتعلمون شيئًا عن التحليل التجريبي، مما يعني أنهم غير قادرين على اختبار النظريات التي يتعلمونها، هناك بعض التقدم في هذا المجال مثل إنشاء مشروع “CORE” وهو عبارة عن مجموعة مجانية من الكتب وغيرها من أدوات التعلم الحديثة، لكن لإصلاح تعليم الاقتصاد يجب على المعلمون أن يتبنوا تلك الأدوات والطرق الحديثة.
ثقافة اقتصادية أقل عدوانية
في السنوات الأخيرة بدأ بعض علماء الاقتصاد في الشكوى من ثقافة النقد العدائية التي تظهر في العديد من غرف الندوات وأوراق المراجعات والأقسام الأكاديمية، تلك الثقافة التي تميل إلى إبقاء المرأة والأقليات خارج المهنة، والتي تسبب في تفكير جماعي بأن قوة النظرية لا يحددها من يتمكن من شرح الأدلة، لكن يحددها من يملك عصابة حقيرة لها صوت أعلى، وبذلك تنتشر النظريات السيئة وتختفي النظريات الجيدة، لكي يصبح الاقتصاد أقرب للعلم يجب أن يصبح أقل شبهًا بنوادي النقاش في المدرسة الثانوية.
إصلاح نظام النشر
إن النشر الاقتصادي يهيمن عليه مجموعة من المجلات التي تلعب دورًا هائلًا في تحديد مهنة خبير اقتصادي أكاديمي، هذا يسمح لمجموعة صغيرة من المحررين التحكم في اتجاه المهنة وخلق نظام هرمي شخصي تكون فيه معرفة الأشخاص المناسبين بنفس أهمية امتلاك أفكار جيدة ونتائج هامة.
هذه المجلات تميل إلى تحديد عدد المقالات التي تنشرها للحفاظ على مظهرها، وإضفاء بعض الغموض على الأبحاث الجيدة وإطالة عملية النشر أكثر من اللازم، تحتاج أقسام الاقتصاد إلى التركيز بشكل أقل على تلك المجلات الخمس المشهورة واسخدام طرق أكثر شمولية لتحديد الترويج والحيازة.
تحسين الاقتصاد الكلي
لقد أدى الفشل في التحذير من الأزمة الاقتصادية والمعركة الشرسة التي تلت ذلك حول كيفية إصلاح الركود؛ إلى تشويه الاقتصاد الكلي، نفذ علماء الاقتصاد الكلي بعض الإصلاحات السلايعة لنماذجهم في أعقاب الأزمة وكان هناك بعض الإضافات لعناصر أكثر واقعية، لكن هذه الجهود ستنهار سريعًا إذا لم يتبنى المجال طرق أكثر تجريبية.
لذا بدلًا من التحقق من توافق النظريات مع النماذج الواسعة للنمو والبطالة، يحتاج علماء الاقتصاد الكلي للبدء في التحقق من كل قطعة في نموذجهم مقابل البيانات التي سبق جمعها، وإذا لم يتوافق النموذج مع الأدلة فيجب التخلص منه.
اكتشف لماذا لا يتكيف العمال
يفترض علماء الاقتصاد دائمًا أن العمال بإمكانهم التكيف مع الصدمات الاقتصادية الكبرى مثل تراجع بعض الأقسام والصناعات والمنافس من الخارج، لكن الأدلة في السنوات الأخيرة تشير إلى أن معظم العمال الذين تم استبدالهم بواردات الصين في بدايات عام 2000 أصابتهم ضربات كبيرة ودائمة في أعمالهم.
أدى اتساع عدم المساواة وبطء تكيف سوق العمل واستمرار الفقر إلى مطالبات واسعة بإعادة توزيع الثروة
هذا التراجع في التنقل يعني أن العمال في أمريكا سينتقلون إلى فرص أقل مما اعتادوا عليه، كما أن برامج إعادة التدريب الحكومية لم تكن فعالة، لذا يحتاج علماء الاقتصاد للتركيز على مصادر أكثر في الإجابة على التساؤلات حول سبب عدم تكيف العمال وكيف نساعدهم للوقوف على أقدامهم مرة أخرى.
إعادة النظر في برامج الرفاهية
أدى اتساع عدم المساواة وبطء تكيف سوق العمل واستمرار الفقر إلى مطالبات واسعة بإعادة توزيع الثروة، تشير أدلة جديدة إلى أن بعض البرامج مثل الدخل الأساسي أقل ضررًا مما كان يُعتقد، أما البرامج التي تدفع الناس للحصول على وظائف فهي أقل أهمية.
في الوقت نفسه هناك سؤال كبير يطرح نفسه حول إذا ما كان هناك مكان لبعض الفوائد المستهدفة مثل إعانات رعاية الأطفال وإيصالات الإسكان في دولة الرفاهية، أم أن الفقراء يجب أن يحصلوا على المال وينفقوه كما يحبون، كما أن سؤال كيفية تصميم دولة رفاهية عادلة وفعالة ومستدامة في القرن الـ21 يستحق الكثير من اهتمام علماء الاقتصاد.
دراسة النظم الاقتصادية المقارنة
يميل علماء الاقتصاد إلى غض الطرف عن الأنظمة الاقتصادية المقارنة هذه الأيام، فمن المفترض أن فشل الاشتراكية أثبت أن السوق الحرة مع بعض أنواع الإنفاق على إعادة توزيع الرفاهية هو النظام النهائي والأمثل، لكن صعود تكنولوجيا المعلومات والتحول في صناعة الخدمات والشعبية المتزايدة للسياسة الصناعية والأهمية المتزايدة للاستدامة يعني أن أنظمة الاقتصاد الآن تختلف بطرق ذات معنى.
في الوقت نفسه فالانقسام القديم بين الرأسمالية والاشتراكية لا فائدة منه في وصف كيفية عمل الأنظمة الحديثة، يحتاج علماء الاقتصاد للعودة إلى جذورهم ودراسة مواطن القوة والضعف للأنظمة المختلفة التي انطلقت في الصين وأوروبا وكل مكان.
المصدر: بلومبرج