ترجمة وتحرير نون بوست
يعتقد سبنسر كابلان، وهو طالب مبتدئ في جامعة ديوك، أن “إسرائيل” استُهدفت بشكل غير عادل في الحرم الجامعي، وأنه شعر بالخطر بصفته طالبًا يهوديًا بعد أن عُثر على لوحة جدارية رُسم عليها الصليب المعقوف من قبل طلاب ديوك لتكريم ضحايا.
مذبحة العام الماضي في كنيس في بيتسبرغ
على الرغم من ذلك، أوضح كابلان بأنه لم يشعر بالارتياح تجاه الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب الأسبوع الماضي والذي يستهدف معاداة السامية في الجامعات. وفي هذا السياق، قال كابلان، الذي يبلغ من العمر 20 سنة: “أخشى من أن يسفر هذا الأمر عن نتائج عكسية بالنسبة لليهود، ويعيد صياغة النقاش من خلال تغيير التساؤل من “هل هذه معاداة للسامية؟” إلى “هل يعد ذلك قمعًا لحرية التعبير؟””.
على الرغم من أن المعارك حول القيود المفروضة على حرية التعبير والمناقشات الدائرة حول الصراع الـ”إسرائيل”ي الفلسطيني استمرت لفترة طويلة في الجامعات الأمريكية، إلا أن الطلاب من مختلف الأطياف السياسية عبروا عن قلقهم من الكيفية التي سيؤثر بها الأمر الذي أصدره ترامب على حياتهم اليومية، داخل وخارج مقاعد الدراسة.
من المرجح أن يدعم الأمر الذي أصدره ترامب، والذي من شأنه أن يحمي الحقوق المدنية لليهود، تحقيقات وزارة التعليم حول الاتهامات بالتحيز ضد اليهود التي تواجهها العديد من جامعات النخبة. وعموما، جاء الأمر الأسبوع الماضي بسبب ارتفاع الهجمات المعادية للسامية، حيث أُصدر بعد يوم من إطلاق النار المميت الذي استهدف متجرا يهودي في نيو جيرسي، والذي تعتبره السلطات عملا إرهابيًا داخليًا.
في الواقع، جاء الأمر في وقت تنامت فيه حدة العنف العنصري والديني في الجامعات. ووفقًا لدراسة استقصائية أجرتها رابطة مكافحة التشهير خلال السنة الماضية، ، بزيادة قدرها 89 بالمئة.
ارتفعت الحوادث المعادية للسامية في حرم الجامعات لتصل إلى 204 حادثة في سنة 2017 بعد أن كانت 108 حادثة في السنة التي سبقتها
في حين احتفلت العديد من الجماعات اليهودية والمحافظة البارزة، فضلا عن أعضاء من الحكومة الإسرائيلية بالأمر التنفيذي، كان طلاب الجامعات أكثر صرامة في ردودهم. من جهتها، أوردت ميغان ويذرز، وهي طالبة يهودية بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، إنها كانت في البداية تدعم إعلان ترامب، حيث قالت مشيرة إلى حادثة وقعت في الربيع الماضي عندما عُثر على منشورات معادية للسامية في مكتبة الجامعة: “لماذا لا تريد أن يشعر الطلاب اليهود بالأمان؟”
من جهة أخرى، تشعر ويذرز بالقلق من أن يبالغ الأمر في تبسيط القضية، حيث أوضحت الناشطة في منظمة هيليل للتوعية بالكلية اليهودية إنها طورت فهمًا أعمق لهويتها اليهودية خلال رحلة إلى “إسرائيل” نظمتها بيرث رايت “إسرائيل”، الممولة جزئيا من قبل الحكومة الإسرائيلية. وقالت ويذرز إن الـ”إسرائيل”يين والفلسطينيين يمثلان جانبي الصراع، ويمكن أن يهدد الأمر التنفيذي التوازن الذي حققته.
كما أعربت ويذرز، وهي مهاجرة من روسيا وبالغة من العمر 21 سنة عن قلقها إزاء توسيع نطاق الحماية الموجهة للأشخاص ذوي الأصل القومي ليشمل الطلاب اليهود. وفي هذا السياق، قالت ويذرز “إنها نوع من المسرحيات التي تدور حول المعادية للسامية، والتي كانت موجودة خلال الاتحاد السوفييتي”.
وفقًا لهذا الأمر، سيقع التعامل مع معاداة السامية بموجب البند السادس من قانون الحقوق المدنية، الذي يحظر التمييز على أساس العرق واللون والأصل القومي، لكنه لا يذكر الدين. كما وسع الأمر التوجيهي تعريف معاداة السامية ليشمل بعض المشاعر المعادية لـ”إسرائيل”، التي يمكن لوزارة التعليم في الوقت الراهن استخدامها عند تقييم ما إذا كانت الحوادث أو الأنشطة تنتهك البند السادس.
يصف التعريف، الذي تستخدمه وزارة الخارجية بالفعل، الادعاء بأن “وجود دولة “إسرائيل” يمثل مسعى عنصري” معاديًا للسامية. وفي الحقيقة، أثار هذا الادعاء مخاوف بشأن قضايا تعديل البند الأول، والاحتجاج في صفوف مؤيدي الفلسطينيين. وفي حين لم يرد ذكر “إسرائيل” في الأمر التنفيذي، أوضح أعضاء إدارة ترامب وحلفاؤها أن السياسة تهدف إلى حماية مؤيدي الدولة اليهودية.
في هذا الإطار، كتب جاريد كوشنر، وهو كبير مستشاري البيت الأبيض وصهر الرئيس، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز قائلًا: “معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية. ويعطي إدراج هذه اللغة مع الأمثلة المعاصرة توجيهات مهمة للوكالات لتنفيذ قانون الحقوق المدنية”.
كوشنر اعتبر أن معادات الصهيونية هي معاداة للسامية بالضرورة
من جهته، قال كودي جونسون، البالغ من العمر 20 سنة والعضو في كلية الجمهوريين بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، حيث عُثر على أعمال تخريب معادية للسامية ومتحيزة جنسيا وعنصرية في مبيت وفقا لبيان من مدير الجامعة: “يدل هذا الأمر على أن هذا الرئيس يساند الشعب اليهودي منذ اليوم الأول”.
حققت وزارة التعليم التابعة لترامب في مجموعة من الحالات التي وقعت في الجامعات والمتعلقة بمخاوف من التحيز ضد اليهود وشكاوى من أن النشاط المناهض لـ”إسرائيل” خلق بيئات معادية للطلاب اليهود. وفي الربيع الماضي، وقّعت جماعات يهودية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي على رسالة أدانت خلالها الخطاب المعادي للسامية الذي حدث في اجتماع حكومي للطلاب، حيث طُرد الطلاب الذين طلبوا التمثيل اليهودي بشكاوى حول “الدموع الصهيونية” والهجمات على “إسرائيل”.
في هذا السياق، قال رئيس فرع منظمة جي ستريت بجامعة كاليفورنيا أبي جيلينيك، وهي مجموعة “إسرائيل”ية ليبرالية وقعت على الرسالة، إن ما أمر به الرئيس ترامب يكرس صلات مماثلة، لكن من خلال التركيز على الجانب الآخر من الانقسام السياسي. وأضاف السيد جيلينيك البالغ من 20 سنة أن”الأمر التنفيذي يجعل اليهود ممثلين لـ”إسرائيل” في الحرم الجامعي. لذلك، لا يمكننا أن نعيش بشكل مستقل فيما يربط مصيرنا بمصير “إسرائيل”، إنه موقف غير مريح بالفعل”.
في الوقت نفسه، أكد جيلينيك أن الأمر التنفيذي يتعامل مع معاداة السامية كقضية حزبية على الرغم من أن كراهية اليهود موجودة لدى مختلف الأطياف السياسية حيث “يوجد أشخاص يمينيون يمشون في الكُنس ويقتلون الناس”.
في سياق متصل، قالت الطالبة يهودية في جامعة الأمم المتحدة، غابرييل زوكرمان، البالغة من العمر 20 سنة والعضو في منظمة هليل، “إنها قلقة من أن الأمر التنفيذي يضع زورا معاداة الصهيونية ومعاداة السامية على قدم المساواة” ويسعى لإنهاء انتقادات “إسرائيل”. كنتيجة لذلك، لا ينبغي على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس القلق بشأن انتهاك السياسة الفيدرالية عند وجود مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
خلال الشهر الماضي، كان ينبغي على جامعة ولاية كارولينا الشمالية تضمين ووصف المضايقات المتعلقة بمعاداة السامية في سياساتها لمناهضة التمييز كجزء من قرار صادر عن وزارة التعليم التي حققت في شكوى متعلقة بمعاداة السامية. يذكر أن التحقيق جاء عقب حدث استضافته الأمم المتحدة وجامعة ديوك الربيع الماضي بعنوان “الصراع على غزة: الناس والسياسة والاحتمالات”، استضاف الحدث مغني راب فلسطيني قال في تصريحاته على خشبة المسرح “فكر في ميل غيبسون، إذهب باتجاه معاداة السامية”.
لم يبتَ بعد في التحقيق الذي أجرته إدارة ديوك. في المقابل، طالب في وقت سابق من هذه السنة اتحاد دراسات الشرق الأوسط في جامعتي ديوك وكارولاينا الشمالية إعادة صياغة برنامجه، انطلاقا من كونه يشتمل على منهج متحيز. وفي هذا الصدد، تساءل بعض الطلاب عما إذا كان بإمكان هذه السياسة أن تعالج بشكل كاف النزاعات المتعلقة بـ”إسرائيل”، على غرار الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، التي طالتها احتجاجات الناشطين المؤيدين للفلسطينيين.
أدان كابلان الطالب في المرحلة الأولى في جامعة ديوك وأحد أعضاء المجموعة التي دعت ليفني، حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي تدعم التدابير الاقتصادية التي تدين احتلال “إسرائيل” للضفة الغربية، كمثال على الاهتمام غير المناسب بـ”إسرائيل” مع أن دولا على غرار الصين لا تواجه إدانة تذكر من الطلاب في حرم جامعة ديوك بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة. وفي هذا السياق، قال كابلان: “لننظر إلى ما تفعله الصين بالإيغور. في المقابل، لا أحد يدعو إلى مقاطعتها، مما يغذي الاعتقاد بأن “إسرائيل” هي مشكلة العالم الوحيدة، كما يصعب تجاهل حقيقة أنها الدولة اليهودية الوحيدة في العالم”.
في سياق متصل، أفاد الرئيس المشارك للجنة الشؤون العامة لـ”إسرائيل” في ديوك ماكس تشيرمان، بأنه يعتقد أن بعض الانتقادات لـ”إسرائيل” ذات جذور معادية للسامية، قائلا: “هناك بعض الطلاب الذين يتكلمون بشراسة شديدة ضد مؤيدي “إسرائيل” في الحرم الجامعي، فهل ينتقدون السياسة الإسرائيلية أم يحاولون قول شيء مختلف؟” ومع ذلك، أضاف تشيرمان البالغ من العمر 21 سنة، “إنه لا يرى الأمر التنفيذي كأداة لقمع الحركة المناهضة لـ”إسرائيل”، وإنما كوسيلة للحماية من التمييز الديني على غرار عدم اعتبار تنظيم الحكومة طلابية جلسة يوم السبت اليهودي لتضييق الخناق على حرية التعبير”.
بالنسبة للعضو المؤسس في مجموعة طلبة أجل العدالة في فلسطين، لما حنتاش البالغة من العمر 21 سنة، يعتبر الأمر التنفيذي الأمر جزءا من جهود الإدارة لاجتثاث المشاعر المعادية لـ”إسرائيل”. وفي هذا السياق، قالت حنتاش: ” نعتبر بشكل واضح للغاية أن هذا الأمر بمثابة حملة عنصرية معادية للفلسطينيين تستهدف النشاط الفلسطيني بطريقة لا تتماهى مع مناصرة حقوق الإنسان الأخرى. ويكشف عدم غضب المحافظين إزاء هذا الأمر أن حرية التعبير ليست مصدر قلق بالنسبة لهم، وإنما هي مجرد تأثير سياسي”.
علاوة على ذلك، أكدت حنتاش، التي ينتمي أجدادها إلى الأراضي الفلسطينية، أنه لم يُسمح لها بالدخول إلى الضفة الغربية، حيث قالت إنها “لم تتمكن من زيارة منزل جديها سوى على خرائط جوجل، في حين لا تزال بقية أفراد أسرتها هناك تعيش في ظل الاحتلال العسكري”.
كما نقلت حنتاش عن المؤيدين اليهود لمجموعتها وبقية المجموعات على غرار صوت اليهود من أجل السلام أن “الأمر التنفيذي سمح للإدارة باتهام اليهود الأمريكيين بالولاء المزدوج”.
فضلا عن ذلك، أكدت حنتاش أن “المساواة بين الصهيونية واليهودية تعتبر تهمة شديدة الخطورة”. وفي هذا الإطار، ردت على الشكاوى التي تعتبر أن النشاط المؤيد للفلسطينيين يجعل الطلاب اليهود يشعرون بعدم الأمان، قائلة إنها “تتفهم تمامًا الارتباط التاريخي الذي يشعر به الأمريكيون اليهود تجاه “إسرائيل”، إلا أنه يجب السماح للطلاب بالتحدث باسم “الشعب الفلسطيني الذي يواجه أكبر قدر من القهر والتهميش في الأراضي المحتلة”.
المصدر: نيويورك تايمز