تقرع سنة 2020 أجراسها قريبًا وتدعونا لاستقبال العام الجديد والاستعداد لكل ما يحمله من تجارب وحظوظ جديدة، وكعادة البعض منا، نقضي هذا الوقت من كل سنة في تقييم العام الذي مضى وصناعة أهدافًا جديدة، وكأن الأمر بات تقليدًا سنويا اتفقنا عليه ضمنيًا للتخطيط للمزيد من التجارب والمحطات الحياتية المختلفة، ولكن في بعض الأحيان، ننسى أن التخطيط لأي هدف يستلزم خطة مالية واضحة ومريحة للمضي قدمًا تجاه ما نريد.
ولذلك، إن لم تكن من الذين يعدون خطة مالية بشكل سنوي، فأنت بلا شك بحاجة إلى التفكير مجددًا في أهدافك المالية المستقبلية أو على الأقل تجنب أخطاء السنة الماضية، لكي لا تكون الأعباء المالية عائقًا أمام إنجازاتك السنوية من جهة، وحتى تزيد مدخراتك وتنميها من جهة أخرى.
أعددنا لك، في نون بوست، خارطة طريق مالية لعام ٢٠٢٠ قد تساعدك، في حال كنت ترغب، في تنظيم أمورك المالية واستغلال مواردك الحالية بشكل مثمر في السنة القادمة.
راجع مصروفات العام الماضي
في الخطوة الأولى، من الجيد أن تبدأ بمراجعة مصروفاتك لعام ٢٠١٩، لكي ترى أين ذهبت أموالك في العام الماضي، وتجيب نفسك على هذه الأسئلة: كم من الأموال أنفقت على الضروريات؟، وهل أفرطت في الإنفاق على الكماليات؟، وما حجم مدخراتك مقارنة بدخلك ومصروفاتك السنوية؟
وإن كانت الأمور قد خرجت عن السيطرة العام الماضي أو لم تتبعها حتى، فلا بأس، لا زال أمامك عامًا كاملًا لتحديد نفقاتك وأولوياتك، والأهم، أن تتبع الخطوات التالية وتطبقها بكثير من الإلتزام والجدية، لكي تجني ثمار عملك في الأعوام القادمة، وتستقبلها بالقليل من الندم على ما اهدرته من أموال.
وخاصةً لو اتبعت قواعد الميزانية 50/30/20، التي تلزمك على تخصيص 50٪ من راتبك الشهري على الضروريات (السكن، الطعام، الفواتير)، و30٪ على الاحتياجات الكمالية (المطاعم والملابس والأمور الترفيهية)، و20٪ على المدخرات وسداد الديون.
رشد مصروفاتك
نصيحة بديهية ومملة، لكنها من أهم الأدوات التي تساعدك على مقاومة العالم الاستهلاكي الذي نعيش فيه ويحاصرنا بآلاف العروض والخصومات التي لا حصر لها، والتي تقع أمام أعيننا منذ اللحظة الأولى التي نستخدم فيها أجهزتنا الذكية وحتى خلال مرورنا في شوارع المدينة
عدا عن محيطنا الاجتماعي وبما فيه من أشخاص يستفزون رغباتنا في اقتناء المزيد من الأشياء مثلهم، وهي كلها أشياء تحاول التسلل إلى محفظة نقودنا للسطو على أي مبلغ نملكه، مهما كان مقداره، ولذلك لا ينبغي أن نستهين بكم المصروفات غير الضرورية التي ننفق أموالنا عليها، والأخطر منها المصروفات السامة مثل “مصروفات العادة” التي تحولت إلى جزء أساسي من يومنا، وعلى ذلك، عليك إعادة النظر بالقائمة التالية:
أولًا: استغني عن شراء قهوة ستاربكس، واستمتع بفنجان آخر في المنزل أو في المكتب على حساب رب العمل.
ثانيًا: اصنع وجبة الغذاء بك في المنزل، واحتفظ بنقودك في جيوبك لا في جيوب أصحاب سلاسل المطاعم المشهورة.
ثالثًا: إذا كنت مدخنًا، فلا داعي للحديث عن التكاليف المباشرة وغير المباشرة، المتعلقة بالصحة والعناية بالأسنان، ولذلك من الأفضل كسر هذه العادة، لدواع مادية وصحية.
تابع مصروفك اليومي
إبدأ بتدوين مشترياتك اليومية، وراجعها في نهاية اليوم أو الأسبوع، وإذا وجدنا على سبيل المثال أن فنجان قهوتك اليومي يكلف دولارين وتكلف وجبة الغذاء 3 دولارات، أي ما يساوي 150 دولار شهريًا، وبدا لك أن هذا المبلغ بسيطًا، فاعلم أن هذه الحسبة لا تشمل سوى جزء صغير من مصروفاتك، فلو أضفنا لها تكلفة علبة السجائر اليومية والتي لنقل تكلف 3 دولارات، فهذا يضيف 90 دولارا شهريًا، وغيرها العديد من مصروفات التسوق والتاكسي وألعاب الأطفال والكوافير، التي نستخف بها ولكنها في الحقيقة تلتهم أموالنا وتزعزع وضعنا المادي.
بتلك الطريقة، ستمنع أي إهدار في أموالك وستتغير عاداتك الشرائية تدريجيًا، حتى تغيب عنها النزعة الاستهلاكية والإشباع الفوري بشكل شبه كامل، خاصةً لو استخدمت إحدى التطبيقات الرقمية التي تسجل فيها مشترياتك وتتابع مصروفاتك اليومية بشكل منظم وواضح.
قم بإعداد خطة مالية شهرية
بعد أن تراقب مصروفاتها وتسجلها بكل تفاصيلها، صنف مواردك والتزاماتك بشكل واضح من خلال استخدام هذا الجدول الذي يحتوي على 5 تصنيفات: إيرادات أو أي دخول شهرية، مصروفات أساسية (فواتير، إيجار، بقالة، مواصلات، تعليم)، ديون أو التزامات (بطاقات إئتمانية، قروض، دعم عائلي)، صندوق طوارئ (حساب بنكي منفصل للحالات الطارئة)، مدخرات واستثمارات (صندوق التقاعد أو التوفير وغيرها)، ومصروفات غير أساسية (مصروفات العادة مثل الملابس والمطاعم وغيرها).
خطة مالية طويلة الأجل
إن خطتك المالية طويلة الأجل، هي تذكرتك لتحقيق أهدافك على المدى البعيد، وتحويلها من خانة الأحلام إلى خانة الإنجازات، فإذا كانت أمنياتك تأتي على شكل منزل أو مدرسة مرموقة لأطفالك، أو سيارة، أو عطلة، فلا بد أن توفر الأموال المطلوبة، ولتحقيق ذلك عليك أن توثق هدفك وتتابع مدى اقتراب خطواتك إليه من، خلال توفير مبالغ مصغرة ومجزأة من دخلك على فترات زمنية محددة.
على سبيل المثال، إذا كنت تريد شراء سيارة، عليك تحديدها نوعها والسعر التقريبي لها والوقت الذي تريد الحصول عليها، ثم اصنع خطة من 3 أو 5 أطر زمنية، وحدد في كل مرحلة زمنية المبلغ الذي يجب أن تدخره لكي تحقق هدفك، وبتلك الاستراتيجية، سترى أن حتى الأهداف المالية التي تحتاج إلى مبالغ كبيرة، يمكنك تحقيقها بسهولة لو نظمت نفقاتك.
أنت أهم مورد تملكه.. استثمر في نفسك!
من الضروري، أن تدرك بأن الاستثمار في تطوير ذاتك بصورة مستمرة، أحد أهم الاستراتيجيات التي تدفعك لتحقيق أهدافك المالية، لأن إتقانك مهارة جديدة، يمنحك فرصة دخل إضافي. على سبيل المثال، إذا كنت من محبي التصميم الجرافيكي، ودعمت شغفك بمعرفة عملية، فسوف تتمكن من تحسين دخلك السابق (إذا كان له علاقة) أو العمل حر على منصات أخرى، وبذلك تستطيع إضافة بعض الدولارات على أموالك خلال أوقات فراغك.
وفي بعض المؤسسات الحكومية والخاصة، يتم تقدير كل ما تكتسبه من شهادات علمية وعملية بالعمل، وتكافؤ بالترقيات والعلاوات المالية.
بالمحصلة، لا يتعين عليك التخلي عن جميع ملذات الحياة بشكل كامل، ولكن من الصواب أن تكون مستقرًا ماليًا وفي أمان مادي على المدى البعيد، ولذلك فإن المفتاح الأساسي لأي خطة مالية، هو الاعتدال والانفتاح على البدائل الجديدة، التي تمنحك المتعة دون الشعور بالندم لاحقًا بسبب كسرك الميزانية أو تجاوزك الحد المعقول للمصروفات.