ترجمة وتحرير نون بوست
بالنسبة لـ عظيمول حسن -19 عامًا- فالحياة قبل دخوله أكبر مخيم للاجئين في العالم كانت مشغولة للغاية، فقد كان يستيقظ مبكرًا لزيارته معلمه الخاص قبل الذهاب إلى المدرسة، ثم يجلس حتى وقت متأخر كل مساء لإنهاء واجباته، وفي أيام الجمع كان يلعب كرة القدم مع أصدقائه، لقد كان مهاجمًا.
أما الآن أصبحت أيامه مختلفة تمامًا، فالتعليم محدود في المخيم ولم يعد يمارس الرياضة لضيق المكان، لكنه طور شغفًا آخر واتجه للتصوير ووسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي منحه إحساسًا بوجود هدف.
يقول حسن: “أعلم أن انستغرام منتشر جيدًا في جميع أنحاء العالم، الروهينجا يعانون بشدة وأريد أن أحكي للجميع عنهم، لذا التقط الصور وأرفعهم على الإنترنت، ربما التقط 10 صور في اليوم وأشارك اثنين منهم على الإنترنت”.
لكن تقديم لمحة عن الحياة داخل مخيم كوكس بازار -الذي أصبح مأوى لأكثر من مليون لاجئ روهينجي فروا من العنف والتعذيب في ميانمار- أصبح غاية في الصعوبة منذ أن بدأت الحكومة البنغلاديشية حملة قمعية تقول أنها لأسباب أمنية، تتضمنت إجراءات الحملة حجب مؤقت لخدمات الإنترنت ومصادرة الهواتف المحمولة.
يقول حسن أن ضعف الإنترنت جعل نشر الصور على انستغرام أمرًا صعبًا، ويضيف: “الوضع أصبح صعبًا لأسباب أخرى أيضًا، فجدي في الجانب الآخر من المخيم ولم أعد أستطيع مهاتفته إذا كان هناك أمر طارئ، هذا ما يثير حنقي”.
لاقت صور حسن تشجيعًا من البرنامج الحواري “مناظرات الدوحة” ومنظمة “Fortify Rights” لحقوق الإنسان، يقول حسن: “أكثر صورة أفضلها هي تلك الصورة التي تُظهر رجلًا ذراعه ممدودة وتكشف عن ندبة جرح”.
يحكي حسن قائلًا: “ذهبت إلى مقهى لأشرب الشاي فالتقيت رجلًا لم يكن يتحدث لكنني رأيت تلك الندبة، فسألته كيف أصُبت بها؟ أخبرني الرجل الذي يرافقه أنه قُبض عليه من قبل الجنود في ميانمار وتعرض للضرب المبرح ثم قيدوه بشدة مما ترك تلك الندبة في ذراعه، حينها التقطت له هذه الصورة”.
لم يكن حسن المصور الشاب الوحيد في المخيم، فقد كانت أومل -18 عام- تلتقط الصور لنفس السبب، تقول أومل: “تعلمت كيف التقط الصور بفضل التدريب الذي حصلت عليه في برنامج مناظرات الدوحة ومنظمة فورتيفاي رايت، والآن أمارس التصوير كل يوم”.
تضيف أومل: “أريد أن أتعلم وأقدم المزيد لمجتمعي، لكنني الآن أشعر بالخوف والقلق فالكثير من الناس تعرضوا لمصادرة هواتفهم وهاتفي هو الكاميرا الوحيدة التي أملكها، لذا أخشى من استخدام الكاميرا في الخارج حتى لا أفقدها”.
هناك آخرون يشاركون مقاطع الفيديو ومعلومات أخرى على قناة “Rohingya Vision” على يوتيوب ومقرها ماليزيا وكذلك عبر موقع “Arakan Times”، وُلد جمال -22 عام- في المخيمات، فقد جاءت أسرته إلى بنغلاديش في التسعينيات من القرن الماضي كجزء من التدفق الأول للاجئي الروهينجا، يقول جمال أن الأشياء تغيرت كثيرًا منذ وصول الوافدين الجدد قبل عامين.
يضيف جمال: “قبل ذلك كانت الحياة مريحة إلى حد بعيد، كنا نتنقل في البلاد ولم يكن هناك مصادرات للهواتف المحمولة، وسمعت من كبار السن أننا سنحصل على بطاقات دائمة للبقاء في بنغلاديش، كان هناك محادثات عن عملية دمج بالمجتمع، لكن هذه المحادثات توقفت الآن”.
يقول جمال أن لديهم مجموعة على واتساب حيث يشاركون التقارير، فهو يعمل لدى “Arakan Times” حيث يرسل إليهم كل ما يراه هنا، هذا الموقع يركز على قضية عودة اللاجئين لموطنهم وحصولهم على حقوقهم، ويضيف: “يرغب معظم الروهينجا في العودة إلى البلاد، لكن قبل ذلك يريدون تأكيدًا على تحقيق مطلبهم في الحصول على الجنسية”.
يرغب عظيمول في أن يحكي معاناة الروهينجا للعالم أجمع
وبسبب حظر الإنترنت -الذي تم إلغاؤه هذه الأيام- فقد اضطر جمال للعمل كعامل، كان قبل ذلك يسجل مقاطع الفيديو واللقاءات ويرسلها إلى وكالات الأنباء، لم يكن يكتب المقالات فقد كان يكتبها آخرون، لكنه كان يشارك كل ما يحدث هنا.
توثيق الحياة في مخيم كوكس بازار يتجاوز مجرد نشر حكايات الناس، إنه يمنح الناس في المخيم شعورًا بالأهمية ووجود هدف، يقول جمال: “إنه إحساس جيد وعمل جيد نقوم به، فهو يعني أن عملي قد يساعد المجتمع وينشر قصصه في جميع أنحاء العالم، إنه يمنحني شعورًا بالتركيز والتمكين، الحياة صعبة كثيرًا من دون هذا العمل”.
المصدر: الغارديان