بدأ الأمر بتصريحات لثوار ليبيا أكدوا فيها مسئولية مصر والإمارات عن هجمات استهدفت مقرات الإسلاميين وقواتهم التي تحاول السيطرة على مطار طرابلس والتي تكاد تكون أجهزت بشكل كامل على قوات المنشق الليبي اللواء خليفة حفتر.
الرئيس العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي قرر أن ينفي تلك المعلومات المؤكدة، وقال في اليوم التالي لتصريحات المتحدث الرسمي باسم كتائب ثوار ليبيا، في حوار رؤساء تحرير الصحف المؤيدة للانقلاب العسكري: “لم نقم بأي عمل عسكري خارج حدودنا حتى الآن”، وأضاف السيسي أنه لا توجد طائرة ولا أي قوات مصرية في ليبيا، “ولم تقم أي طائرة مصرية بأي عمل عسكري داخل الأراضي الليبية .. فقواتنا داخل أراضينا”.
وأوضح السيسي حينها أن مصر معنية مع دول الجوار بأمن وسلامة ليبيا، مشيرًا إلى أن بلاده تجري مشاورات حول سبل تحقيق الاستقرار في ليبيا.
قبل تصريحات السيسي بيوم واحد، اعترف “محمد بوصير” المستشار السياسي لقائد عملية الكرامة الليبية اللواء خليفة حفتر، بتلقيهم دعمًا غير مسبوق من مصر للجيش الليبي، رافضًا الكشف عن نوعيه هذا الدعم.
وكشف بوصير أن هناك: “دعمًا كبيرًا غير متوقع ومسبوق من جانب مصر لدعم ليبيا ضد حربها على الإرهاب الموجود على أرضها”، مشيرًا إلى أنه سيكشف ما تقوم به مصر من دعم الجيش الليبي ضد حربه على الإرهاب، مؤكدًا أنه لا يستطيع الكشف عن نوعية الدعم الآن ولكنه سيصرح به قريبًا.
وفي اليوم الذي تلى تصريحات السيسي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية – أمس الإثنين – بيانًا نفت فيه بشكل قاطع قيام طائرات عسكرية مصرية بقصف مواقع داخل ليبيا.
صحيفة نيويورك تايمز أكدت الخبر وقالت إن المصريين والإماراتيين هاجموا ليبيا، كما نقلت “بي بي سي” عن مسئولين أمريكيين قولهم إن مصر والإمارات العربية كانتا وراء الغارات الجوية التي شنت في ليبيا خلال الأسبوع الماضي مستهدفة إسلاميين يتقاتلون من أجل السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس.
وصرح مسئول أمريكي رفيع المستوى لبي بي سي أن الولايات المتحدة لم تستشر بشأن الهجمات، وأنها فوجئت بها.
وأفادت تقارير بأن الغارات الجوية في طرابلس نفذتها طائرات إماراتية مستخدمة قواعد عسكرية في مصر.
وقال المسئول الأمريكي الذي لم تعلن الشبكة البريطانية عن هويته إن بلاده قلقة بشأن أن تكون أسلحة أمريكية استخدمت في تلك الغارات، في انتهاك للاتفاقات التي بيعت بناء عليها تلك الأسلحة.
وقال تقرير نيويورك تايمز إن الإمارات وفرت الطائرات الحربية، وطائرات التمويل الجوي والأطقم، بينما سهلت مصر سبل الوصول إلى قواعدها الجوية.
من اللافت في قصة القصف أن المشاركة الإماراتية المزعومة – إن صحت – ستكون ثاني عمل عسكري حقيقي لجيش الإمارات في تاريخه بعد حرب تحرير الكويت
— Omar Elhady (@ElHady) August 26, 2014
https://twitter.com/ahmedwagih/status/504125136576843776
وأكد مسئولان أمريكيان في واشنطن لوكالة فرانس برس أن “الإمارات العربية المتحدة شنت الغارات على مواقع لميليشيات إسلامية في ليبيا مستخدمة قواعد مصرية”، بدون أن يوضحا ما إذا كانت الولايات المتحدة قد أُبلغت بهذه العمليات.
الأمريكان ليسوا غاضبين من هجوم الإمارات و #مصر على #ليبيا ، لكنهم يعتبرون أن عدم استشارتهم في الأمر تجاوز غير مقبول. ما بين الحبايب حساب!!
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) August 26, 2014
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات من داخل ليبيا تؤكد أن المسحلين التابعين لحفتر قد استخدموا أسلحة إماراتية في محاولتهم الانقلاب العسكري في البلاد، وتنفيذ ما يسمونه “عملية الكرامة” لاستعادة ليبيا من أيدي الإسلاميين المنتخبين.
المصريون على مواقع التواصل الاجتماعي لم يصدقوا إدعاءات الرئاسة المصرية، ولا وزارة الخارجية التي أكدت عدم ضلوع المصريين في الهجوم، وقال بعضهم إن السيسي غير واع لعواقب ذلك على مصر والمصريين، لاسيما المقيمين منهم داخل ليبيا.
قد نضطر لفعل بعض الأشياء أحيانًا، ولكن هل خططت الدولة المصرية لمواجهة عواقب تأكد مشاركة مصر في عمل عسكري داخل ليبيا على المصريين هناك؟
— Omar Elhady (@ElHady) August 26, 2014
وذكر بعض المتابعين أن الهجوم الأمريكي على مصر والإمارات يعبر عن خلاف في وجهات النظر ورؤية كلا الطرفين للتعامل مع بلدان الربيع العربي:
تشهير أميركا بالهجمة الجوية المصرية-الإماراتية الفاشلة على ثوار ليبيا تذكيرٌ لقادة #الليكود_العربي بالتزام حدودهم، فهم مفعولٌ بهم لا فاعلون
— محمد مختار الشنقيطي (@mshinqiti) August 26, 2014
كما أبدى الكثير من المتابعين اعتراضهم على التوجه المصري الإماراتي:
حد عاوز يحارب وناقصه جيش. جيشنا شويه منه بيحاصر غزة، وشويه بيحارب في ليبيا وشويه بيحمي حدود السعودية وشويه بيقتل… https://t.co/jhwM5yPX9q
— aidaseif (@aidaseif) August 26, 2014
دخول مصر معترك الصراع في ليبيا سيزيد من المواجهات المسلحة فالداخل المصري وستأخذ هذه المواجهة شرعية لاشتراك مصر بالعدوان العسكري ع بلد مجاور
— abdelmoneim Mahmoud (@moneimpress) August 26, 2014
الصهاينة السفاحين ..يقصفون غزة بوحشية أكبر من أي وقت مضي ..في حين مصر والإمارات يقصفون ليبيا.. الخيال أنتحر!
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) August 26, 2014
أكدت صحيفة نيويورك تايمز أمس نقلا عن مصادر أمريكية (استهداف مقاتلات إماراتيه لمواقع ميلشيات إسلاميه في ليبيا) وإيران تحتل جزر الإمارات !
— د. عبدالله النفيسي (@DrAlnefisi) August 26, 2014
مجلة فورين بوليسي الأمريكية قالت إن الولايات المتحدة – بالطبع – تعلم بأمر الهجمات المصرية الإماراتية على ليبيا، وقالت إن هذه الهجمات بالنسبة للمصريين والإماراتيين هي النهاية الحقيقية للربيع العربي الذي جاء بالإسلاميين إلى سدة الحكم في تلك الدول.
وتنقل المجلة عن ضابط البحرية الأمريكية السابق والمحلل في معهد درسات الحرب “كريتوفر هارمر” أن الولايات المتحدة تعلم بالتحديد من ضرب وماذا ضرب.
ويضيف التقرير أن الإمارات ومصر من أكثر الدول تحفزًا لقتال ما أسماها “الميليشيات الإسلامية” في ليبيا، خاصة بعد الدعم الذي قدمته الإمارات للواء “خليفة حفتر” الذي خاض معركة “الكرامة” في سعيه للقضاء على ما أطلق عليه “الميليشيات الإرهابية”.
السيسي يحول مصر لبلطجي المنطقة لتنفيذ أجندة #الامارات المجنونة بإنهاء اي اثر للربيع العربي .. ليبيا تم قصفها بطائرات إماراتية منطلقة م مصر
— abdelmoneim Mahmoud (@moneimpress) August 26, 2014
أما معهد دراسات الشرق الأدنى فقد قال إنه “بغض النظر عن حيثيات القصف، إلا أن العملية الإماراتية فشلت”.
يُذكر أنه خلال الثورة الليبية ومعركة الإطاحة بنظام معمر القذافي، رأت الإمارات وقطر مصلحة كبيرة في الإطاحة بالقذافي، لكنهما اختلفا بشكل جذري فيمن يفضلونه في السلطة، ولاحقًا، ومع مجيء الإسلاميين في ليبيا بأغلبية نسبية إلى المجالس المنتخبة، قرر الإماراتيون والمصريون – عقب الإطاحة بالرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي – أن ينتقلوا إلى ليبيا ليقضوا على التجربة الديمقراطية الوليدة، وهو ما ظهر بشدة في دعم انقلاب الجنرال الذي كان جزءًا من نظام القذافي لعقود “خليفة حفتر”.