يقف وزراء حكومة بنيامين نتنياهو عاجزين مصدومين مذهولين أمام ظاهرة “نزوح” آلاف المستوطنين الإسرائيليين من تجمعات ومستوطنات غلاف غزة إلى عمق الكيان في الجنوب والوسط والشمال، ولم تستطع حكومة نتنياهو إيجاد حلول سحرية لهذه القضية المؤرقة.
خرج بعض الوزراء عبر الإعلام ووجهوا رسائل لجبهتهم الداخلية الهشة، قال أحدهم لمستوطني غلاف غزة من يستطع أن يهرب فليفعل ! وقال وزير آخر: من يغادر سوف نساعده، بيد أن وزير المالية الإسرائيلي يائير لابيد رد بقوة على هذا الأمر بقوله “لا يمكن للحكومة أن تطلب من المستوطنين المغادرة لأنه يعتبر إقرار حكومي رسمي بالهزيمة وانتصار للمقاومة في غزة”.
هكذا بات المشهد في ظل القصف المتواصل من المقاومة الفلسطينية للمستوطنات والتجمعات العسكرية في غلاف غزة بواسطة قذائف الهاون التي يصل مداها من 7 – 12 كيلو باختلاف أنواعها وأعيرتها الثقيلة .
إذا إسرائيل تخفق مجددا في حماية مواطنيها وفي معالجة القضايا والظواهر التي تؤرقهم منذ بدء الحرب على غزة، ومشكلة نزوح آلاف المستوطنين عن بيوتهم في غلاف غزة “معقدة” أمام المستويات السياسية والأمنية والعسكرية في الكيان.
وباتت هذه المشكلة الكبيرة تثير صدعاً كبيراً وخللاً واسعاً في الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتُشكل عامل ضغط على حكومة نتنياهو، وأصبحت المعيار الأوضح للضغط على قادة الكيان لمعرفة ما اذا قد حقق الجيش إنجازات أم أن الاخفاقات لا زالت ترافقه منذ بدء الحرب التي دخلت يومها الـ50 على التوالي.
ولا يعرف القادة الإسرائيليون كيف يسدون فجوة النزوح المتواصل من غزة إلى العمق وباتت حملة النزوح الواسعة تغلق هذه الفجوة في ظل الجبهة الفلسطينية المتماسكة والقوية والغير متفاجئة من حملة النزوح الكبيرة للمستوطنين من حولهم.
وباتت قذائف الهاون التي تطلقها الأجنحة العسكرية للمقاومة الفلسطينية في غزة تُحرج قادة السياسة والعسكر في إسرائيل وتعطي ردة فعل عكسية عليهم وتزيد من دهشتهم وذعرهم وصدمتهم.
الهاون السلاح الأكثر فتكاً .. وصف أطلقه معلقون “إسرائيليون” على التكتيك العسكري الذي اتبعته المقاومة الفلسطينية في الآونة الأخيرة ، لأنها غير قابلة للرصد قبل الإطلاق وغير قابلة للاعتراض.
ويُمثل هروب مستوطنو غلاف غزة أنه استعداد لمواجهة أكبر قد تكون قادمة خلال الساعات المقبلة، وتطرح تلك المشكلة المؤرقة عشرات الأسئلة أمام نتنياهو وحكومته التي تعاني فشلا فادحا منذ شن الحرب على غزة.
وبات الحلم الوحيد أمام ملايين الإسرائيليين داخل الكيان – ليس فقط في غلاف غزة – العيش بالهدوء ولا يأملون غير ذلك فبعد أكثر من شهر ونصف من الحرب ودك المقاومة الفلسطينية للمستوطنات والمدن والتجمعات الإسرائيلية بآلاف الصواريخ والقذائف باتت إسرائيل تبحث فقط عن “الهدوء”.
ووصل تكتيك المقاومة في قصف الأهداف والتجمعات الإسرائيلية بسلاح “الهاون” إلى مدى أكبر في إرهاق الاحتلال عسكرياً وأمنياً واقتصادياً ومعنوياً وشعبياً على صعيد الشارع والجبهة الداخلية التي أثبتت ضعفها أمام الضربات الفلسطينية القوية والمؤثرة.
حالة من الخوف والهلع بلغت مستويات قياسية كبيرة كما يتحدث المراسلون العسكريون والأمنيون للإعلام العبري، حيث رسمت حالة الهلع القياسية معادلة جديدة لتوازن الرعب أمام أهل غزة الذين لا يزيدهم العدوان وضراوة القصف والمجازر البشعة إلا إصراراً على الثبات والصمود.
يهربون إلى الجنوب والوسط والشمال على الرغم من الصناعات العسكرية الإسرائيلية التكنولوجية المتطورة .. كيف يحصل هذا؟ سؤال بات يطرحه كافة الإسرائيليين بقوة؟!
هل عجزت تلك الصناعات التي صدع الجيش رؤوسنا بها طوال الوقت عن حمايتنا هل عجزت عن وقف قذائف الهاون … ماذا عن القبة الحديدية التي تُكلف الدولة ميزانية باهظة؟
هذه هي الصورة فالأمور وصلت إلى مرحلة صعبة وقاسية أمام نتنياهو وحكومته المتصدعة من الداخل وتعاني انشقاقات كبيرة بين الأحزاب والائتلافات الإسرائيلية المختلفة.