أوشك العام 2020 بالدخول على تركيا التي تتقدم عامًا بعد عامٍ، حاملًا معه آمال وخطط وقرارات كثيرة ومهمة، قد يرى البعض أنها إيجابية ويرى آخرون أنها سلبية، تتعلق بأمور عديدة معيشية واقتصادية أو تنموية أو سياسية لا يستطيع أحد أن يجزم مدى فعاليتها ونجاحها من فشلها الآن، ولكننا بصدد عرض هذه القرارات التي ستُطبق مع بداية العام، والمهمة بالنسبة للمقيمين في تركيا.
تجديد الإقامة السياحية
أول القرارات التي أحدثت صدى قبل بدء العام الجديد، هو إعلان إدارة الهجرة التركية “بأنه لن يتم تمديد الإقامات السياحية للأجانب، اعتبارًا من 1 من يناير/كانون الثاني 2020، في حال عدم توافر أسباب مبررة للبقاء، لغرض الحصول على تصريح إقامة جديدة غير السياحية”، عبر بيان بموقع الهجرة الرسمي التي أسندت هذه الإجراءات إلى قانون الأجانب والحماية الدولية.
هذا القانون يهدف إلى تنظيم وجود الأجانب في تركيا، من حيث الدخول والخروج والبقاء، بالإضافة إلى تنظيم الأسس والقواعد المتعلقة بتطبيق وتأمين الحماية للأجانب الذين طلبوا الحماية من تركيا بحسب المسؤولين.
ونشرت إدارة الهجرة على موقعها الرسمي بيانًا جاء فيه: “الأجانب الذين نظم لهم تصريح الإقامة قصيرة الأمد للبقاء بغرض السياحة لمدة سنة واحدة، فإنه ووفقًا للفقرة 31 -1(E) من القانون رقم 6458، فإنه في حال عدم توافر أسباب مبررة للبقاء لغرض تصريح الإقامة الجديدة غير السياحية، فاعتبارًا من تاريخ 2020/1/1، فإن طلبات الحصول على تصريح الإقامة وتمديدها لنفس الغرض لن يكون متاحًا”.
وبهذا الخصوص، نقلت وكالة “أنباء تركيا” عن مساعد المدير العام لدائرة الهجرة التركية، كوكتشاه أوك، قوله: “هذا القرار لا يشمل الجنسيات السورية والمصرية والليبية والسودانية، أما باقي الجنسيات فحكمها حكم الأجانب”، وبذلك فإن باقي الجنسيات سيتم التعامل معها وفق القوانين التركية، إذ يمكنهم الحصول على تأشيرة سياحية لمدة 90 يومًا دون عوائق، لكن أشار أوك إلى أنه “يجب عليهم مراجعة السلطات بعد انتهاء هذه المهلة لتثبيت بقائهم في تركيا بطريقة شرعية”.
لكن الأمر لا يدعو للقلق بما جاء عن أوك الذي كانت تصريحاته مطمئنة بالنسبة لباقي الجنسيات، حيث شدد أن تركيا “لم تغلق أبوابها في وجه المظلومين والمستضعفين من أي بلد كان، وفتحت أبوابها لهم وعملت على مداواة جراحهم”، لكنه أكد أيضًا في ذات الوقت أن بلاده “لديها سياسة واضحة في موضوع مكافحة الهجرة غير الشرعية والحد من المخالفات التي يرتكبها الأجانب على أراضيها”.
وبحسب ما أوردت وكالة أنباء تركيا، فإن مضمون مادة عدم تجديد الإقامة القصيرة المدة هو على الشكل التالي: “الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على إقامة سياحية في تركيا هم:
(الأشخاص القادمون لغرض البحث العلمي أو من لديه ممتلكات غير منقولة في تركيا أو من ينشئ اتصالًا تجاريًا أو أعمالًا تجارية أو المشاركون في برامج التدريب في أثناء الخدمة أو الطلاب أو المقيمون لأغراض سياحية أو من يريد تلقي العلاج بشرط ألا يحمل أحد الأمراض التي تعتبر تهديدًا للصحة العامة أو من يملك طلبًا أو قرارًا من السلطات القضائية أو الإدارية ينص على ضرورة وجوده في تركيا أو من يريد الانتقال من تصريح الإقامة القصيرة الأجل إلى تصريح الإقامة العائلية أو المشاركون في دورات التعلم التركية أو الراغبون بالتعلم في تركيا من خلال المؤسسات العامة والبحوث والمشاركة في التدريب والدورات أو من أكمل التعليم العالي في تركيا وقدم طلبًا في غضون ستة أشهر من تاريخ التخرج”.
رفع الحد الأدنى
أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التركية رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في تركيا إلى ألفين و943 ليرة مع بداية العام الجديد، ليصبح الراتب 2324 ليرةً تركيةً بعد اقتطاع الضرائب والتأمين الصحي.
ومنذ أيام، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة التركية، زمرد سلجوق، إن الحد الأدنى لأجور العاملين في تركيا زاد بنسبة 15.9% كحد أدنى، لافتة إلى أن الحد الأدنى لأجور العاملين المتزوجين وعندهم ثلاثة أطفال، بلغ 2479 ليرةً و21 قرشًا، وذلك بعد اقتطاع الضرائب والتأمين الصحي، إضافة إلى أن دعم الشركات الراعية للعاملين بمبلغ 75 ليرةً سيستمر.
علاوة على ما سبق ذكره، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أشار مؤخرًا في تصريحاته الصحفية إلى أنه قد تكون هناك مفاجآت سارة بشأن موضوع الحد الأدنى للأجور في تركيا خلال العام القادم.
توفير فرص عمل
قالت الحكومة التركية إنها سوف تعلن عن عدد كبير من فرص العمل الجديدة خلال الفترة القادمة بحلول عام 2020، كما أكدت أنه ستُفتح فرص للعمل في جميع المجالات الصناعية والخدمية، مهما كانت جنسية المتقدم للوظيفة، مع توافر الشروط المطلوبة.
كما أعلنت وزارة التربية الوطنية التركية عن توافر شواغر لـ20 ألف معلم، وذكرت الوزارة في بيان عاجل الجمعة أن تقديم الطلبات سيبدأ في الفترة من 6 إلى 10 من يناير 2020، وبيّنت أن الامتحان الشفهي سيكون من 5-22 من فبراير، وستظهر النتائج في 25 من فبراير.
وأشارت إلى أن سيجري تلقي الطعون على النتائج في الفترة ما بين 26-28 من فبراير، وستصدر النتائج النهائية في 6 من مارس، مضيفة إلى إنه سيتم تلقي تفضيلات التعيين بين 9-13 من مارس، وستعلن نتائج التعيين في 18 من مارس 2020.
مكافحة التدخين
تعمل الحكومة التركية على مواصلة مكافحتها للتدخين والحد من انتشاره بين الشباب، وذلك عن طريق تغليف السجائر بعبوات موحدة بسيطة خالية من الألوان والبريق الجذاب، وذلك بعد إعلان وزارة الزراعة والغابات التركية إشرافها على اللائحة التنفيذية لقرار تغليف عبوات السجائر بشكل بسيط، في خطوة من المتوقع أن تكون زجرًا للمدخنين.
وأكدت الوزارة أن المنتجين بدأوا بإنتاج عبوات عادية للسجائر ومنتجات التبغ المماثلة، بينما ستنتهي مبيعات المنتجات التبغية القديمة ذات العلامات التجارية في 5 من يناير 2020، على غرار بعض الدول مثل فرنسا وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا.
كما يفرض النظام الجديد على مصنعي السجائر، استخدام عبوةٍ واحدةٍ قياسية، دون أي شعارات أو رسوماتٍ أو علاماتٍ مشابهة تساعد على ترويج المنتج، ويحتل 14 تحذيرًا صحيًا بالإضافة إلى صور السرطانات والأمراض المنفّرة، المساحة الإلزامية التي تشغل 85% من حجم العبوة.
كما أطلقت وزارة الصحة خطًا ساخنًا خاصًا للمواطنين للإبلاغ عن الانتهاكات التي يرتكبها المدخنون، بينما يتيح تطبيق “Green Detector” للمستخدمين إخطار السلطات فورًا بالأشخاص والأماكن التي لا تدعم إجراءات منع التدخين فيها.
نظام إدارة النفايات صفر
أعلنت وزارة البيئة والتحضر في تركيا عن نظام Zero لإدارة النفايات بهدف تقليل حجم النفايات غير القابلة لإعادة التدوير، كما أن هدفه منع وتقليل النفايات بدلًا من زيادة إعادة تدويرها، وقالت الوزارة في لائحة نشرت مسبقًا، إن المؤسسات العامة والمنظمات والمحافظات التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 250.000 مسؤولة عن إدارة النفايات بحلول عام 2020.
كما قالت الوزارة إن المؤسسات والمنظمات العامة ستنتقل إلى نظام إدارة النفايات الصفري في الأول من يونيو 2020، وكذلك البلديات الحضرية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 250.000 في 31 من ديسمبر 2020.
مجموعة ضرائب
رفعت الحكومة التركية قيمة الضريبة 22% على جواز السفر وشهادات القيادة ومخالفات السير والضريبة على الهاتف الأجنبي، حيث ستطبق التعرفة الجديدة بدءًا من العام المقبل 2020، بناءً على قرار رسمي نُشر مؤخرًا في الجريدة الرسمية التركية.
وتبلغ رسوم الضريبة على جواز السفر التركي الصالح لعشر سنوات في العام الحاليّ 811 ليرةً تركيةً، بالإضافة إلى مبلغ 133 ليرةً بدل الجواز، ويساوي مجموعهما 944 ليرةً تركيةً، وستصبح الرسوم في العام 2020، 1156 ليرةً تركيةً تقريبًا.
كما ستصبح قيمة الضريبة على الهواتف الأجنبية في العام المقبل 1837 ليرةً تركيةً بعد أن كانت 1500 ليرة في العام الحاليّ، بعد أن رفعت الحكومة التركية رسوم تقييد جهاز الهاتف الخلوي القادم من خارج تركيا بنسبة 200% في يوليو/تموز الماضي.
أما بالنسبة لشهادة القيادة فسيكون مجموع رسومها في العام المقبل 986 ليرةً تركيةً بينما تبلغ 809 في العام الحاليّ، كما شمل رفع الضرائب ضريبة السيارة السنوية (MTV) التي ارتفعت بنسبة 12%، وتختلف بحسب نوع السيارة وقدرة محركها.
فئات من العملة ستفقد قيمتها
أعلن البنك المركزي التركي أنه ستنتهي فترة التداول بفئة معينة من الليرة التركية مع بداية العام الجديد 2020، وهذه الفئة هي (E 8) فقط التي تضم كل من: 1 ليرة، 10 ليرة، 20 ليرة، 50 ليرة، 100 ليرة، من عملة الليرة الجديدة (YENİ TÜRK LİRASI) بحيث تنتهي فترة التداول بها لمدة 10 سنوات مع نهاية يوم 31 من ديسمبر 2019.
ويأتي هذا القرار تطبيقًا لإعلان حمل رقم 26516 نُشر في الجريدة الرسمية يوم 8 من مايو/أيار 2007، حيث أفاد في حينه أن الأوراق النقدية من الفئة السابقة سيتم وقف التداول بها في 1 من يناير 2010، على أن تنتهي فترة استردادها في 31 من ديسمبر 2019.
يتوقع الكثير من المطلعين على الاقتصاد التركي، أن عام 2020 سيكون أفضل بكثير مما سبق
وبموجب ذلك ستصبح تلك الفئة المتداولة حاليًّا في الأسواق بلا قيمة مع بداية العام الجديد 2020، أما تلك التي جرى طباعتها بعد عام 2010 فلن يسري عليها قرار الاستبدال وستبقى صالحة للتداول، ولفت البنك المركزي إلى أنه يمكن استبدال الأوراق النقدية من فئة (E 8) قبل إغلاق العمل في فروع البنك المركزي وبنك زراعات في 31 من ديسمبر 2019.
إن هذه القرارات قد تبدو جيدة للبعض، وقد تبدو عكس ذلك للبعض الآخر، لكن يصعب التقييم في الوقت الحاليّ وهي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، كما أنها حتى ولو دخلت حيز التنفيذ فيصعب الحكم عليها إلا بعد رؤية تأثيرها، لكن وعلى أي حال يتوقع الكثير من المطلعين على الاقتصاد التركي، بأن عام 2020 سيكون أفضل بكثير مما سبق.
فقد توقعت وكالة “فيتش” الدولية للتصنيف الائتماني، في تقرير تقييمي أصدرته عن توقعات الدول الأوروبية النامية، اكتساب تركيا مزيدًا من الاستقرار الاقتصادي في العام 2020، إلى جانب استمرار التعافي وأن يتراجع معدل التضخم ويبقى عجز الحساب الجاري تحت السيطرة، واعتبرت أن عام 2020 يوفر فرصة لتنفيذ الإصلاحات التي من شأنها التغلب على نقاط الضعف الائتمانية الهيكلية.