ترجمة وتحرير: نون بوست
تُستأنف محاكمة الصحفي عمر راضي، الذي حوكم بسبب تغريدة، في الثاني من كانون الثاني/ يناير 2020 في الدار البيضاء، في الوقت الذي تتضاعف فيه العقوبات بتهم “إهانة الشرطة” أو “إهانة الملك” أو “ازدراء القاضي” في الأسابيع الأخيرة في البلاد.
تزايدت الدعوات للإفراج عن عمر راضي يوم السبت 28 كانون الأول/ديسمبر بعد يومين من اعتقال هذا الصحفي المغربي والناشط في مجال حقوق الإنسان المتهم “بإهانة قاض”. في شهر نيسان/أبريل 2019، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد عمر راضي حكم محكمة استئناف الدار البيضاء. وكانت هذه المحكمة قد أقرّت مؤخرا أحكاما تصل إلى السجن لمدة 20 سنة، ضد 42 مشاركًا في “الحراك”، وهي الحركة الاحتجاجية السلمية التي هزت الريف المغربي منذ سنة 2016.
انطلقت محاكمة عمر راضي، البالغ من العمر 33 سنة، أمام أنظار محكمة الدار البيضاء الابتدائية منذ مساء الخميس، بعد ساعات من اعتقاله. خلال جلسة الاستماع الأولى، رُفض مطلب الإفراج المؤقت عنه الذي قدمه محاموه. ومن المقرر عقد جلسة الاستماع القادمة في الثاني من كانون الثاني/يناير. وقد يلقى راضي، المحتجز بموجب المادة 263 من القانون الجنائي، عقوبة سجنية تتراوح بين شهر واحد وسنة. في المغرب، تعاقب هذه المادة “أي شخص يُهين قاض أو موظف عمومي أو قائد أو عون من أعوان القوة العامة، بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم”.
في بيان صحفي، تدعو منظمة مراسلون بلا حدود إلى “الإفراج الفوري وعدم تتبع الصحفيين على أساس القانون الجنائي”. وقد نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، التي حضرت الجلسة الأولى للمحاكمة، الرسالة ذاتها يوم السبت، ذلك أن “انتقاد الموظفين حق، ويجب ألا يهدد أحد بالسجن بسبب هذا النوع من السلوك السلمي”، وفقا لسارة ليه ويتسون، وهي رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية لشمال إفريقيا، معتبرة أن هذه الحادثة تلمح “للانتقام السياسي ضد نوع من الصحافة والنشاط النقدي”.
لحسن تولفي، قاضي محكمة الاستئناف، جلاد أشقائنا، لنتذكره جيدًا. في عديد الأنظمة، عاد رجال عديمي الطموح مثله للاستجداء، زاعمين أنهم كانوا “ينفذون أوامر”.
شهد عمر راضي، وهو صحفي استقصائي مقيم في الدار البيضاء، على القيود المفروضة على حرية الصحافة في المغرب في إطار مقال للجنة حماية الصحفيين، نُشر في صيف سنة 2019. وقد أوضح هذا الصحفي السابق في صحيفة لوديسك المغربية على الإنترنت أنه توقف عن التحقيق في قضية فساد مزعومة يتورط فيها ملك المغرب، بسبب الضغوط التي مورست على أحد مصادره. خلال فترة محددة، كان هذا الناشط نائب رئيس الفرع المغربي لمنظمة أطاك غير الحكومية.
يوم 18 نيسان/أبريل، استجوب ضباط شرطة الدار البيضاء عمر راضي لأول مرة طيلة ساعات، بعد نشر سلسلة من الرسائل على تويتر. إثر ذلك، انتقد راضي بورتريه نشرته صحيفة تيل كيل يوم 12 نيسان/أبريل، للحسن تولفي، اعتقد أنه متعاطف للغاية معه، وتجدر الإشارة إلى تولفي هو قاض في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أقرّ الأحكام بالسجن على الحراك.
لم يعاود ضباط الشرطة الاتصال براضي إلا بحلول 25 كانون الأول/ديسمبر. استغرق التحقيق الذي أجري صباح يوم 26 كانون الأول/ديسمبر، 30 دقيقة فقط، بحضور أربعة محامين لراضي هذه المرة، وفقًا للرواية التي قدمها أحد المحامين. ركز التبادل بينه وبين رجال الشرطة على رسالة واحدة، نُشرت على تويتر في شهر نيسان/أبريل، إبان إقرار الحكم الصادر في سنة 2018: “لحسن تولفي، قاضي محكمة الاستئناف، جلاد أشقائنا، لنتذكره جيدًا. في عديد الأنظمة، عاد رجال عديمي الطموح مثله للاستجداء، زاعمين أنهم كانوا “ينفذون أوامر”. لا نسيان ولا مغفرة في حق هؤلاء الموظفين عديمي الكرامة”.
يفيد محتجون من الحراك يقبعون في السجن اليوم بأنهم أدينوا في 2018 بناءً على شهادة وقع الحصول عليها تحت التعذيب على أيدي الشرطة. ويوم الجمعة، قال صحفي من لوديسك، كان قلقا بشأن تشديد القبضة على الصحافة في المغرب في الوقت الحالي، ساخطا: “يُلقى باللوم على عمر راضي للتجرؤ على انتقاد النظام القضائي علنًا، وخاصة القاضي لحسن تولفي. في الواقع، لم يكن ذلك سوى عذر لإسكات الصحفي الذي يزعج السلطة “. وأضاف:” تعددت الاعتقالات والإهانات والعقوبات في حق الأصوات المنشقة”. في الواقع، لا تعد قضية عمر راضي استثناء، بل تندرج ضمن ديناميكية أساسية في المغرب.
في الحقيقة، حُكم على مدون اليوتيوب محمد سكاكي في 26 كانون الأول/ديسمبر بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة “إهانة الملك”. قبل ذلك بأيام قليلة، ووفقا لصحيفة لوديسك، حُكم على طالب في مدرسة ثانوية من منطقة مكناس بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب إعادة إصدار أغنية “عاش الشعب” على فيسبوك، التي تردد كلمات أغنية مغني الراب كناوي. وقد حكم على هذا المغني في شهر تشرين الثاني/نوفمبر بالسجن لمدة سنة بتهمة شتم الشرطة.
في بيان نُشر يوم الجمعة لدعم عمر راضي، كتبت خمس منظمات غير حكومية تونسية أن “المغرب يشهد زيادة في انتهاكات حرية التعبير، مما يؤدي إلى ارتفاع عدد المحتجزين بسبب التعبير عن آرائهم المنتقدة للسلطات المغربية “، معربة عن القلق بشأن “توظيف السلطة القضائية” من أجل إسكات المعارضين السياسيين للنظام.
المصدر: ميديابارت