بحلول عام 2025 سيكون عدد سكان العالم من الجيل الثاني أو ما يعرف بـ “جيل ألفا” حوالي المليارين، ويُقصد بجيل ألفا، هو الجيل الذي ولد بين عامي 2010 و2025، وهو الجيل الذي نشأ بين أكناف التكنولوجيا منذ نعومة أظافره، فهم نموا جنباً إلى جنب مع أجهزة iPhone و iPad والتطبيقات الذكية.
يعيش بعضهم في منازل ذكية ويتحدثون إلى مساعد صوت ذكي كل صباح قبل الذهاب إلى المدرسة، لم يعرفوا الحياة دون الإنترنت أو ألعاب الفيديو، ولا يمكنهم تخيل كيف كانت الحياة بدونهم. إذ كان التعليم من أكثر من المجالات تأثرًا بالتكنولوجيا والرقمنة، فاليوم لم يعد طلاب المدارس والجامعات يرغبون في التعلم من خلال قراءة الكتب ونسخ النصوص، وإنما يريدون استغلال امتيازات التكنولوجيا لاستخدامها في الفصول الدراسية.
ووفقًا لجيني كوتزي، المعلمة المهنية والعضو المؤسس لمدرسة كراوفورد المرموقة في لوتشيا التابعة لمجموعة ADvTECH، “هؤلاء الأطفال هم الجيل الأكثر ارتباطًا وتعليماً وتطوراً على الإطلاق، لذلك عند التعليم، ينبغي للمدرسة أن توفر بيئة تعزز التعليم لدى هؤلاء”. ولكن، قد تجد بعض المؤسسات التعليمية والمعلمين صعوبة في تلبية متطلبات أطفال جيل ألفا إذا أهملوا تحديث أنفسهم ومنهجيتهم ومناهجهم الدراسية من أجل تبني نهج جديد في التعليم.
التكنولوجيا والواقع المعزز في قطاع التعليم بالأرقام
تبلغ نسبة المراهقين الذين يملكون هواتف ذكية حول العالم 80%، ومن المتوقع أن يصل حجم قطاع تكنولوجيا التعليم، أو كما يُطلق عليها بالإنجليزية اسم EdTech، نحو 252 مليار دولار بحلول عام 2020، بمعدل نمو سنوي قدره 17٪.
مع توقع أكثر من مليار مستخدم للانضمام إلى هذا الاتجاه بحلول عام 2020، فهناك مجموعة من الفرص التي تنتظر المؤسسات التعليمية والشركات، ولا سيما أن التوقعات تشير إلى ازدهار وارتفاع متواصل، فعلى الأرجح، يتوقع المراقبون أن تبلغ قيمة سوق الواقع المعزز 61،39 مليار دولار بحلول عام 2023.
في العام الماضي، أظهرت 3 دراسات أن استخدام الواقع المعزز في الفصول الدراسية يجعل الطلاب أكثر انشغالًا بالمادة، ويتعلم الطلاب بشكل أعمق باستخدامه. كما بيّنت إحدى الدراسات بين طلاب التسويق أن إدخال التكنولوجيا يجعل 87٪ من الطلاب أكثر حضورًا و 72٪ منهم أكثر تفاعلًا ومشاركةً في الفصل.
ما هو الواقع المعزز، وما فوائده في قطاع التعليم؟
يبدو من الاسم أنها تقنية تعزز العالم من حولنا، ويتم ذلك من خلال إدخال بيانات افتراضية إلى عالم المستخدم الحقيقي، بمعنى دمج المعلومات الرقمية في بيئة المستخدم في الوقت الحقيقي. بهدف مساعدة الطلاب في الحصول على المعلومات ومعالجتها وتذكرها بسهولة، إضافة إلى جعل عملية التعلم بحد ذاتها أكثر جاذبيةً ومتعةً.
يُذكر أنه لا يقتصر استخدامه على فئة عمرية واحدة أو مستوى تعليمي معين، حيث يمكن استخدامه بشكل متساوٍ في جميع مستويات التعليم؛ من التعليم ما قبل المدرسة حتى الكلية، أو حتى في العمل.
ومن أهم فوائد الواقع المعزز في التعليم:
١- الوصول إلى المواد التعليمية في أي وقت وكل مكان.
لدى الواقع المعزز القدرة على استبدال الكتب المدرسية الورقية والنماذج المادية والملصقات والأدلة المطبوعة بمواد تعليمية محمولة وأقل تكلفة، ونتيجةً لذلك، يصبح التعليم أكثر سهولةً.
2- لا يوجد معدات خاصة مطلوبة.
على عكس الواقع الافتراضي، الواقع المعزز لا يتطلب أي أجهزة باهظة الثمن، نظرًا لأن 73٪ من جميع المراهقين يمتلكون حاليًا هاتفًا ذكيًا، فإن تقنيات AR متاحة على الفور للاستخدام لغالبية الجمهور المستهدف.
3- مشاركة الطلاب في الدرس.
يمكن أن يكون للتعلم التفاعلي تأثيراً إيجابياً كبيراً على الطلاب، فهو يبقيهم منشغلين طوال الدرس ويجعل التعلم ممتعًا وبعيدًا عن الجهود المرهقة.
4- تحسين مهارة التعاون.
التعليم بهذه الصيغة يكسر الجمود الموجود في الطرق الكلاسيكية في التعليم ويساعد على التفاعل، حيث يشارك جميع الطلاب في عملية التعلم في نفس الوقت، مما يقود إلى تحسين مهارات العمل الجماعي.
5- زيادة فاعلية عملية التعليم
الواقع المعزز في التعليم يساعد الطلاب على تحقيق نتائج أفضل من خلال التصور والانغماس الكامل في الموضوع، فكما هو معروف قد تكون صورة واحدة تساوي شرح ألف كلمة، فبدلاً من القراءة النظرية، يمكن للطلاب رؤيتها بأعينهم وكأنهم جزءًا من الواقع.
6- تدريب آمن وفعال في مكان العمل.
تخيل أن تكون قادرًا على التدريب في جراحة القلب أو تشغيل مكوك الفضاء دون تعريض أشخاص آخرين للخطر، ودون المخاطرة بملايين الدولارات في حالة حدوث خطأ.
7- مناسب لكل مستويات التعليم.
سواء تم استخدمه في ألعاب تعليمية لتدريب رياض الأطفال أو التدريب أثناء العمل، لا تقتصر AR على حالة استخدام واحدة فقط أو فئة عمرية واحدة.
8- تجربة تعليمية جذابة
يقول المثل الصيني الشهير: “إذا لقنتني المعلومة أنساها، وإذا أريتني إياها أتذكرها، وإذا ناقشتني بها أفهمها”، ولذلك، يعتبر التعليم عن طريق المشاركة واحد من أكثر طرق التعلم فعالية، حيث تنقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى، مما يلزم الطلاب على الاعتماد على منهجية النقاش والمشاركة بدلًا من الاكتفاء بالاستماع والتلقي فقط.
9- التعلم بأسعار معقولة
قد تكون المواد التعليمية التقليدية باهظة الثمن، ولا تستطيع جميع المدارس والمراكز التعليمية شراءها وصيانتها.
10- حرية التجربة
يمكن أن يتيح الواقع المعزز مزيدًا من الحرية والاستقلال للطلاب عندما يتعلق الأمر باستكشاف الموضوعات، في الكتاب المدرسي، يقرأ الطلاب أو يستمعون فقط إلى الكلمات الموجودة على الصفحة، بينما في AR يقوم الطلاب باستكشاف المعرفة بأنفسهم.
أمثلة لاستخدامات الواقع المعزز في التعليم
تعددت استخدامات الواقع المعزز في التعليم، وفيما يلي أبرز الأمثلة لاستخداماته:
الواقع المعزز في الفصول الدراسية
التطبيق الأكثر شعبية للواقع المعزز في التعليم هو استخدام تطبيقات AR مباشرة في الفصول الدراسية، في هذه الحالة يمكنهم مساعدة المعلم في شرح موضوع ما، وتقديم تمثيل مرئي للمادة، ومساعدة الطلاب على اختبار معرفتهم في الممارسة العملية. يمكن العثور على تطبيق AR لأي موضوع تقريبًا، بما في ذلك الكيمياء والهندسة وعلم الحيوان والقواعد النحوية وحتى البرمجة.
الدراسة عن بعد
باستخدام الواقع المعزز، يمكن للطلاب التعلم حتى لو كانوا خارج الفصول الدراسية، والأكثر من ذلك، يمكن أن يكون التعليم عبر الإنترنت أو التعليم عن بعد أسهل وأكثر فاعلية من خلال المواد التعليمية بمساعدة AR.
على سبيل المثال، قام Modly، وهو تطبيق لتعلم اللغة، بتضمين مؤخرًا مدرسًا افتراضيًا قائمًا على AR لمساعدة المستخدمين على ممارسة مهاراتهم كما لو كانوا في بيئة حقيقية.
التسويق في التعليم
هناك إمكانات هائلة في تقنيات AR للتسويق والإعلان، حتى في مجال التعليم، تستخدم عدد من الجامعات في الولايات المتحدة بالفعل جولات بتقنية AR لترغيب الطلاب الجدد ومساعدة الطلاب على الوصول إلى الجامعة. على سبيل المثال، تستخدم كلية المجتمع في مقاطعة بيفر بولاية بنسلفانيا الواقع المعزز لتقديم أنواع مختلفة من المحتوى، بما في ذلك المنشورات المرئية والمسموعة والرقمية. وبالتالي، يوفر التطبيق وسيلة ممتعة وغنية بالمعلومات لاستكشاف الحرم الجامعي.
تحفيز الطلاب نحو المادة
يمكن لمحتوى الرسوم المتحركة في الواقع المعزز جذب انتباه الطلاب وتحفيزهم على الدراسة، مما يتيح للطلاب استيعاب المواضيع بشكل أفضل.
شرح المفاهيم المجردة والصعبة
تمتلك تقنية AR القدرة على جعل الأشياء التي يصعب تخيلها وتحويلها إلى نماذج ثلاثية الأبعاد، مما يجعل من السهل فهم المحتوى المجرّد والصعب. على سبيل المثال، يدمج معهد البوليتكنيك في ليريا في البرتغال AR في دروس الرياضيات، ويقدمها للطلاب بشكل سهل ومفيد ومثير للاهتمام.
تسهيل دراسة المواد التاريخية
يمكن للطلاب زيارة المواقع الأثرية والوصول إلى المتاحف من خلال AR عبر الهواتف الذكية واكتشاف المحتوى التاريخي المتعلق بالكائنات، وهم جالسون على مقاعد الدراسة.
التجارب تصبح ممتعة وأكثر أماناً
لا شك أن التجارب المعملية والعروض التوضيحية هي أحد أكثر الخيارات العملية فعالية لجلب المفاهيم الصعبة إلى الواقع. نظرًا لقيود الميزانية أو المعدات المتاحة أو مخاطر السلامة، فإن العديد من المدارس تحد من نطاق التجارب العملية التي يتعرض لها الطلاب. هذه حقيقة أخرى بدأت تتغير من خلال اعتماد تقنية AR ويتزايد عدد التجارب والعروض التوضيحية التي يمكن للطلاب مشاهدتها.
دروس التشريح
تتيح تطبيقات AR لطلاب كلية الطب التعرف بشكل أدق على تفاصيل الجسم البشري والغوص في أعماقه إلى جانب عرض معلومات وبيانات عن كافة الأجهزة البشرية داخل الجسم.
التجارب الكيميائية
تجارب الكيمياء هو تطور آخر مماثل لما يحدثه الواقع المعزز، فهو يتيح عمل التفاعلات الافتراضية مع تقدم الطلاب من خلال مستويات مختلفة والتعرف على العناصر الكيميائية، ومشاهدة تمثيل وتنبؤ خلط العناصر والذرات وما يمكن أن ينتج عنها.
مشاكل قد تواجه مستخدمي الواقع المعزز في التعليم
على الرغم من الفوائد المدرجة، هناك بعض المخاطر التي يجب أن تأخذها في الاعتبار عند بناء حلول EdTech مع الواقع المعزز:
نقص التدريب اللازم.
قد يواجه بعض المعلمين صعوبة في تطبيق هذه التقنيات الجديدة، فقد تكون مهاراتهم التقنية ضعيفة أو لم يتلقوا تدريب مناسب، مما يسبب عبء على كاهلهم وقد يسببون بنفور الطلاب.
نقص الأجهزة.
يتطلب استخدام الواقع المعزز في الفصل الدراسي وجود قاعدة موارد معينة، على سبيل المثال، ليس كل الطلاب لديهم هواتف ذكية قادرة على دعم تطبيقات AR.
مشاكل قابلية المحتوى.
يحتاج تطبيق AR الذي تقوم بإنشائه إلى العمل بشكل جيد على جميع المنصات والأجهزة. ومع ذلك، من المستحيل عملياً توفير نفس جودة محتوى AR على أي جهاز.
واحدة من أعظم اختراعات البشرية كانت الكتابة، فهي مكنتنا من تدوين المعرفة في شكل ثنائي الأبعاد، وبعد 5000 عام من معرفة كيفية الكتابة، أصبحنا قادرين على تدوين المعلومات ثلاثية الأبعاد باستخدام الواقع المعزز والواقع الافتراضي، وإن الثورة التي يحدثها الواقع المعزز في التعليم، إن جرى تعميمها وتوفرت كل الإمكانات، تشبه ثورة اختراع الكتابة منذ 5000 عام.