فقد الحشد الشعبي مهندسه، ورجل إيران الأول في العراق، إذ أعلنت الهيئة مقتل نائب رئيسها، أبو مهدي المهندس، فجر الجمعة مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في غارة أمريكية استهدفت موكباً تابعاً للحشد، وذلك عقب خروجه من مطار بغداد الدولي.
يعتبر المهندس رسمياً نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، لكنّه أيضًا يُعد على نطاق واسع القائد الفعلي للحشد. أدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمتها السوداء، كما صنفته ضمن الإرهابيين المطلوبين لديها، ولم تتردد في فرض عقوبات مالية عليه أو تجميد أي أصول تحمل اسمه وملكيته.
من هو المهندس؟
اسمه جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، ويُلقب باسم أبو مهدي المهندس، ويحمل في إيران اسم جمال إبراهيمي وهو متزوج من إيرانية. ولد في منتصف الخمسينيات في البصرة ودخل عام 1973 الجامعة التكنولوجية، قسم الهندسة المدنية، وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة عام 1977.
عمل مهندساً في تخصصه، وحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، ودرس الدكتوراه في التخصص نفسه، كما درس مقدمات الحوزة العلمية في البصرة.
“المتهم” والمطلوب دولياً
يُعد المهندس أحد أبرز الأسماء المطلوبة للسلطات القضائية الكويتية والأمريكية والشرطة الدولية، بعد اتهامه بتفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في ثمانينيات القرن الماضي، الحادثة التي تبناها فيما بعد حزب الدعوة، في محاولة لضرب الدعم الكويتي للعراق في حربه مع إيران.
حُكِم على المهندس بالإعدام، لكنه نجح في الفرار من الكويت متجهًا إلى إيران، باستخدام جواز سفر باكستاني، تبع هذا الفرار اتهامات من المخابرات الغربية بمحاولة اختطاف إحدى طائرات الخطوط الجوية الكويتية عام 1984، ومحاولة اغتيال الأمير الكويتي الراحل، جابر الصباح.
تولى المهندس قيادة فيلق بدر، الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، حيث شارك في عمليات تخريب استهدفت النظام العراقي في حينها، وبعد عام 2003 وتغير النظام في العراق، حصل المهندس على الجنسية الإيرانية وتسلم منصب مستشار قائد ما يسمى بقوات القدس قاسم سليماني.
دوره السياسي
بعد عام 2003، لعب دوراً مهماً في العملية السياسية وكانت أهم أدواره تشكيل الائتلاف الوطني الموحد والائتلاف الوطني العراقي، ومن ثم التحالف الوطني الحاكم حاليًا. وبعد عامين تقريبًا، أصبح المهندس لفترة قصيرة عضوًا في البرلمان العراقي عقب انتخابات عام 2005.
إلى جانب ذلك، التصق اسم المهندس بغالبية العمليات التي حققت ونفذت أجندة إيران وتدخلاتها في العراق ودول المنطقة، ما جعله أكثر الشخصيات نشاطاً وانتماءً لطهران وسياساتها، إذ يُعرف بلقب “عنصر مفوض” من قبل إيران، بحسب تحليل نشره معهد واشنطن في 2015.
مؤسس كتائب حزب الله العراقية
أسس المهندس كتائب حزب الله العراقية 2007، وله تاريخ طويل من العمل مع الفصائل الموالية لإيران، ما جعله يعمل مستشارًا لقاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
إضافة إلى ذلك، توجهت اتهامات أخرى له، لإصداره أوامر لعناصر كتائب حزب الله بقمع المتظاهرين والتصدي لهم في موجة الاحتجاجات الأخيرة في العراق، والتي خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى.
أول موقف رسمي
بعد ساعات من اغتيال المهندس، أكد رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي أن “اغتيال قائد عسكري عراقي يشغل منصباً رسمياً، يعد عدواناً على العراق دولةً وحكومةً وشعباً”.
وأضاف عبد المهدي في بيان إدانته للحادثة قائلاً: “إن القيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية يعد خرقاً سافراً للسيادة العراقية واعتداءً صارخاً على كرامة الوطن وتصعيداً خطيراً يشعل فتيل حرب مدمرة في العراق والمنطقة والعالم”.
أبعاد الصراع؟
تحولت الساحة العراقية إلى حلبة صراع بين واشنطن وطهران، وتنعكس الخصومة بينهما على المؤسسة الأمنية العراقية أيضاً، إذ قامت الولايات المتحدة بتدريب وتسليح وحدات النخبة، ولا سيما وحدات مكافحة الإرهاب، فيما قامت إيران بتمويل وتسليح معظم قوات الحشد الشعبي، والتي يعد أبو مهدي مهندس تأسيسها.
وإلى الآن، لا يبدو واضحاً من سيكون بديلًا للمهندس، لكن بالتأكيد سيكون من الصعب العثور على شخص يمتلك العقلية نفسها ويُقيم العلاقة ذاتها مع إيران.