تعيش المناطق السورية الخاضعة للحماية التركية المباشرة حالة من الأمان النسبي بسبب التحالف التركي الروسي الإيراني، الذي جنبها القصف الوحشي لحلفاء نظام الأسد الروس والإيرانيين، وذلك منذ انطلاق عملية نبع السلام العسكرية في سبتمبر/أيلول عام 2016 المشتركة بين الجيش التركي وفصائل من الجيش السوري الحر، عُرِفَت لاحقًا في أواسط عام 2017 باسم “الجيش الوطني”، فيما تزايدت حدة القصف على مناطق أخرى محررة لا تشكل مناطق نفوذ تركي، انتهى أغلبها إلى عمليات تهجير واسعة من الغوطة الشرقية وحمص وجنوب دمشق ودرعا إلى الشمال السوري، فيما بقيت إدلب حتى اليوم تعاني ضبابية الاتفاقات التركية الروسية، التي تدفع ثمنها كل فترة على شكل حملات تدمير واسعة تنتهي غالبًا بسقوط مناطق جديدة بيد الروس وتهجير أهلها.
تخضع مناطق العمليات العسكرية التركية الثلاثة “درع الفرات – غصن الزيتون – نبع السلام” إلى نفوذ تركي مباشر، عن طريق انتشار قواعد عسكرية تركية تدير كتلة “الجيش الوطني” المشكل من فصائل من الجيش الحر، إضافة إلى إدارتها مدنيًا عن طريق مجالس محلية تتبع ولايات تركيا الجنوبية (غازي عنتاب وكلس وأورفة) وأجهزة شرطة تشرف عليها تركيا أمنيًا، وتشمل هذه المناطق أجزاء من ريفي حلب الشمالي والشرقي إضافة إلى شمالي محافظة الرقة وأجزاء من الريف الشمالي الغربي لمحافظة الحسكة، التي تجنبها سيطرة تركيا جحيم آلة القتل الروسية والإيرانية، فيما تعاني من خطر مختلف كان العلامة المميزة لتنظيم داعش حتى فترة قريبة، إلا أنه اليوم يُنفَذ بأياد مختلفة بحسب الجيش الوطني الذي يكرر اتهام “قسد” بالمسؤولية عنه.
لم تتوقف يومًا المفخخات في المنطقة سواء قبل السيطرة التركية أم بعدها، لكن وتيرتها المتصاعدة منذ انطلاق عملية “نبع السلام” في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، مع تكثيف استهدافها المباشر للمدنيين في الأسواق ونقاط التجمع، زاد من الغضب الشعبي على الجهات الأمنية في المنطقة، بسبب الفشل المتكرر في ردعها.
وفي الوقت الذي أصبحت فيه من المسلمات مسؤولية قوات سوريا الديمقراطية – المعروفة اختصارًا باسم “قسد” – عن التفجيرات بالنسبة لكثير من أهالي المنطقة المستهدفة، تكرر قسد نفيها تلك الاتهامات مكيلةً إياها إلى تركيا التي تتهمها بالمسؤولية عنها.
المدنيون هم الضحايا
بدأت أولى عمليات التفجير في المنطقة إبان عملية “نبع السلام” في بلدة سلوك، بعد 10 أيام من إعلان الجيش الوطني سيطرته عليها إثر معارك مع قوات قسد، حيث نجم عن انفجار سيارة مفخخة في 23 من أكتوبر/تشرين الأول في البلدة مقتل طفلين وجرح عدد من المدنيين، دون أي خسائر في قوات الجيش الوطني المتمركزة في البلدة.
ثم توالت الانفجارات في بلدات ومدن سلوك ورأس العين وتل أبيض، إضافة إلى مناطق أخرى لم تتم السيطرة عليها في العملية الأخيرة مثل الباب وأعزاز وجرابلس، مستهدفة المدنيين بشكل أساسي وإن حاول بعضها استهداف قوات من الجيش الوطني.
تنوعت وسائل التفخيخ خلال 20 حادثة درسها هذا التحقيق في الفترة الممتدة منذ بداية عملية نبع السلام وحتى تاريخ كتابته، بين العبوات الناسفة التي تُلصق بسيارات – غالبًا ما تتبع لفصائل الجيش الوطني – والدراجات النارية المفخخة أو حتى أسطوانات الغاز، حيث نشرت قوات الشرطة في مدينة أعزاز بتاريخ 15 من ديسمبر/كانون الأول الماضي بيانًا يتحدث عن رصدهم لأسطوانة غاز مفخخة وردت إلى أحد محلات التبديل، طالبين من الأهالي أخذ الحيطة والحذر في أثناء تبديلها.
إن من اختار مكان التفجير لا يمكن أن يقصد به أي هدف عسكري أو ما يشابهه، بل الهدف الوحيد هو قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين
إلا أن أكثر وسائل التفخيخ حصدًا لأرواح المدنيين كانت السيارات المفخخة، التي أدى انفجار إحداها من نوع “فان” أمام الكراج في مدينة الباب بتاريخ 16 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019 إلى قتل 15 مدنيًا وجرح أكثر من 30 آخرين، ناهيك عن الأضرار المادية الكبيرة.
تحدث لـ”نون بوست” سعد الحاج أحد أعضاء “مركز هوز للتطوير المجتمعي” في مدينة الباب، الذي يقع مقره في الطابق الثاني قبالة الكراج عن ذلك الانفجار قائلًا: “من اختار مكان التفجير لا يمكن أن يقصد به أي هدف عسكري أو ما يشابهه، بل الهدف الوحيد هو قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين”، فالكراج والشارع قبالته نقطة حركة كثيفة للأهالي من قاطني المدينة أو الوافدين إليها عبر الكراج، ولا يوجد في محيطه أي مقرات عسكرية أو حكومية مدنية حتى، فقط سوق ومدنيون.
من المسؤول عن التفجيرات؟
يَتهم الناشطون وعدد كبير من المسؤولين المدنيين والعسكريين في المنطقة قوات قسد بالمسؤولية عن التفجيرات، حيث يعزون ذلك إلى رغبة الأخيرة بزعزعة حالة الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن قسد ليست المستفيد الوحيد من أمر كهذا، فما زال نظام الأسد يعتبر المناطق التي تضم فصائل الجيش الحر عدوًا لا صلح معه، وهكذا الأمر بالنسبة لتنظيم داعش الذي يحمل ثأرًا طويلًا تجاه أولى المناطق التي خاضت معارك المواجهة المسلحة ضده، ومع غياب تبني أي من الأطراف رسميًا للعمليات الإرهابية التي تشهدها مناطق الشمال السوري، بقيت المسؤولية عنها أمرًا محط تساؤل!
حتى وقت قريب كانت تُحلل العمليات الإرهابية المنفذة تبعًا لأسلوب تنفيذها، وعلى الرغم من أن معظم التفجيرات التي حدثت في الشمال تمت بواسطة دراجات نارية أو عبوات ناسفة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتكهنات بشأن الجهة المسؤولة عنها، لسهولة تنفيذها من أشخاص يمكن تجنيدهم بالمال مقابلها، فإن انفجار كثير منها في أسواق شعبية تجعل الفاتورة من الضحايا المدنيين ثقيلة، بما يتطلب أن يكون منفذها مؤدلجًا بطريقة لا تدع له حسًا إنسانيًا يؤرقه! إضافة إلى السيارات المفخخة التي قُتِل عدد من سائقيها في العمليات المنفذة يقتضي تفسيرًا آخر غير التجنيد بالمال، فمَنْ هذا الذي يضحي بحياته مقدمًا لقاء مبلغ مالي لن يعيش ليصرفه؟
هذا ما جعل الخلايا الأمنية المؤمنة بقضيتها حد التضحية بالنفس، تفسيرًا منطقيًا – على الأقل نظريًا – لحوادث التفجير في الشمال، لتنحصر المسؤولية عنها بين جهتين متطرفتين هما: تنظيم داعش وحزب PKK التي تُعتَبَرُ “وحدات حماية الشعب” YPG امتدادها السوري الذي يشكل نواة قوات قسد، حيث يمتلك الأخير مجموعات عقائدية قاتلت لأعوام في جبال قنديل ضد الحكومة التركية، قامت خلالهم بتنفيذ بعض العمليات عن طريق عناصر انتحارية.
لكن كل ذلك تغير منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019.
التفجير بالخداع
في الـ10 من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي فجرت قوة من الجيش الوطني سيارة مفخخة على أطراف بلدة “حمام التركمان” في ريف الرقة الشمالي، بعد أن أبلغ سائقها الحاجز بأنه يشك أن قوات قسد فخختها، إثر احتجازه لديهم ومصادرة سيارته بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
بعدها بثلاثة أيام تمكن حاجز عسكري لفصيل جيش الشرقية من كشف سيارة مفخخة “حلفاوية” قرب قرية صقيرو التابعة لناحية تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، حيث صرح قائد الفصيل الرائد حسين حمادي لموقع الخابور بأنهم اكتشفوا أن صاحب السيارة من أبناء بلدة سلوك – يعمل تاجرًا للخضار – اعتقلته وصادرت سيارته قوات قسد في منطقة عين عيسى أواخر أكتوبر/تشرين الأول، لتفرج عنه في الـ13 من نوفمبر/تشرين الثاني بعد أنْ استلم سيارته التي قادها باتجاه مناطق سيطرة الجيش الوطني، حيث تمكن عناصر من الجيش الوطني من تفجيرها على الحاجز قرب القرية، في إشارة إلى أن قوات قسد فخخت السيارة دون علم صاحبها!
ثم جاءَت حادثة الانفجار الذي هز مدينة عفرين في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني قرب دوار النيروز، عندما انفجرت سيارة من نوع سوناتا في عصر يوم الجمعة 29-11-2019، ونجا من انفجارها سائق السيارة ومرافقه من مهجري مدينة البوكمال بأعجوبة.
انفجار عبوة ناسفة منذ لحظات كانت مزروعة بإحدى السيارات بالقرب من دوار نيروز وسط مدينة عفرين .#عفرين #سوريا pic.twitter.com/M2oXm0A4o1
— Shero Alo (@SheroAlo1) November 29, 2019
صور ملتقطة للتفجير عند دوار النيروز في عفرين
تمكن موقع “نون بوست” من التواصل مع والد السائق الذي أخبرنا قصة ابنه الغريبة، فبحسب والد “م. س. م” الذي فضلنا عدم إيراد اسمه حمايةً له، فإن ابنه يعمل بتجارة السيارات في مدينة الباب التي استقروا فيها بعد تهجيرهم من المنطقة الشرقية، وبحسب طبيعة عمله يتواصل ابنه مع عدد من أصحاب مكاتب تجارة السيارات في كل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، من منطقة إدلب غربًا الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني، وصولًا إلى مناطق الشرق السوري الخاضع لسيطرة قوات قسد.
وتجمَع أصحاب هذه المكاتب غرف مشتركة على برامج التواصل الاجتماعي مثل whatsapp وfacebook، حيث ينشرون فيها صور ومعلومات السيارات التي يريدون بيعها، فإذا أراد صاحب مكتب آخر شراء سيارة منها، يتفق مع من عرَضها على سعرها وعلى مكان استلامه لها، فيرسلها المكتب البائع مع سائق إلى المكان المتفق عليه.
وضمن طريقة العمل هذه يحدث غالبًا أن يبقى بين أصحاب هذه المكاتب مبالغ مالية، وهذا ما حدث مع “م. س. م” الذي كان له دَيْن على “أبو محمد” صاحب مكتب سيارات في مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات قسد، وعند مطالبته لأبو محمد بالمبلغ أخبره الأخير أنه يمتلك سيارة من نوع “سوناتا” يريد أنْ يبيعها لزبون في مدينة عفرين بمبلغ يوازي قيمة الدَين، فاتفقا على أن يرسل أبو محمد السيارة إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في بلدة الغندورة شمالي غرب مدينة منبج، ومن هناك يتسلم “م. س. م” السيارة ويقوم بإيصالها إلى الزبون في مدينة عفرين، الذي سيتسلم منه السيارة بدوره ويعطيه المبلغ المالي الذي يدين له به.
وهكذا في صباح يوم الجمعة انطلق “م. س. م” إلى بلدة الغندورة ليتسلم السيارة من سائق أوصلها إليه، ومنها أخذ السيارة إلى مدينة الباب حيث قام بغسلها وصيانتها!
تشير محادثات بين “م. س. م” وشريكه على برنامج whatsapp اطلع عليها “نون بوست” أنهم كانوا يشكون بأن السيارة مشبوهة، وفي أحد المحادثات يمازحه شريكه بقوله “رح تنفجر بيك”، وهو ما دفع “م. س. م” لفحص السيارة بشكل دقيق جدًا دون أن يجد فيها ما يثير القلق، وذلك قبل أن ينطلق بها برفقة قريب له إلى مدينة عفرين، حيث أوقفه حاجز على مشارف المدينة شك بالسيارة وفتشها بشكل دقيق، وعندما لم يجد فيها ما يثير القلق سمح لسائقها ومرافقه بدخول المدينة بعد أن صور هويتيهما إضافة إلى تصوير السيارة.
في مدينة عفرين ركن “م. س. م” السيارة قرب دوار النيروز، حيث ترجل منها مع قريبه واتصل برقم الزبون الذي يفترض أن يتسلمها منه، ورغم محاولات الزبون أن يقنعه بقيادة السيارة إلى مطعم معروف في المدينة حيث ينتظره هناك، فإن “م. س. م” أصر على انتظاره عند الدوار معتذرًا بجهله مكان المطعم، وبعد أٌقل من دقيقة على إنهاء الاتصال انفجرت السيارة!
لم يُسجِل الانفجار سقوط أي ضحايا لحسن الحظ الذي صادف وصولها إلى المدينة مع يوم الجمعة، وقام سائق السيارة الذي أصيب بعدد من الشظايا بمغادرة المدينة مذعورًا مع قريبه إلى مدينة الباب، حيث سلم نفسه فيها إلى الشرطة العسكرية، التي نقلته إلى شرطة عفرين حيث ما زال محتجزًا على ذمة التحقيق.
بعد فحص بَدَن السيارة المفخخة، تبين أن المواد المتفجرة وُضِعَتْ باحترافية عالية داخل “الشمعات” في البابين الخلفيين، إضافة إلى وضع كمية أخرى في الربع الأخير الخلفي من سقف السيارة، وذلك كله داخل غلاف السيارة الخارجي، مما جعل السيارة تمر من التفتيش الذي قام به سائقها إضافة إلى الحاجز على مشارف مدينة عفرين، وربما من الحاجز الذي دخلتْ منه السيارة إلى الشمال قادمة من مناطق سيطرة قسد.
كما تبين أن الانفجار تم عبر صاعق يعمل باتصال هاتفي على شريحة مرفقة به، رغم أن المادة لم تنفجر كلها مما ساعد بحماية جزء من البدن ساعد في معرفة طريقة التفخيخ.
وبحسب والد “م. س. م” فإن علاقة ابنه بصاحب مكتب السيارات في مدينة منبج “أبو محمد” قديمة، وليس ذلك أول تعامل بينهما، وهو ما يدفعه لتوقع أن يكون أبو محمد نفسه جاهلًا بكون السيارة مفخخة.
أجرى نون بوست على خلفية تواصله مع والد السائق مقابلة مع العميد أحمد كردي قائد الإدارة العامة للشرطة العسكرية في المنطقة، للاستفسار عن بعض تفاصيل القصة وفاجأنا فيها بمعلومات جديدة.
فبحسب العميد يتم التفخيخ في السيارات المُعدَة للتفجير غالبًا بشرائح أوزانها 200 أو 400 غرام، مصنوعة من مادة الـ”تي إن تي” المركز ومخلوطة بمواد “السيفور والسيليلوز”، التي تجعل قوة انفجارها هائلة، لكن المفاجأة كانت بأن العميد أكد لنا وجود معلومات لديهم بأن قوات قسد تستخدم عناصر من تنظيم داعش المعتقلين لديها في عمليات التفخيخ هذه، وهذا ما يجعله يتم بطريقة احترافية اشتهر بها عناصر التنظيم.
يضيف العميد أحمد كردي أن السيارات يتم تفخيخ ما نسبته 80% منها في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد، وترسل منها إلى المناطق المحررة في الشمال السوري، بينما يتم تفخيخ الباقي في المناطق المحررة عبر خلايا تابعة لقوات قسد، وقد تمكَنتْ الجهات الأمنية من إلقاء القبض على عدد من هذه الخلايا التي تحفظ العميد عن ذكر تفاصيل عنها.
ويعزو الكردي تمكُن قوات قسد من إدخال المفخخات إلى الشمال إلى طول خط التماس بين المنطقتين والممتد على مساحات شاسعة، إضافةً إلى قِلة المعدات التي تمتلكها الأجهزة الأمنية لتغطية كل الحواجز على الطرق الواصلة بينهما، فضلًا عن وجود عشرات الطرق الزراعية التي تُنقل عن طريقها الدراجات النارية المفخخة بشكل خاص، ويصعب مراقبتها جميعًا.
تجارة السيارات
بالنسبة لأبو خالد وهو من أبناء ريف إدلب الذي كان يعمل سابقًا كنجار، قبل أن يغير مهنته إلى تجارة السيارات قبل خمسة أعوام، فإن هذه المهنة تعتبر أفضل خيار لمَن يمتلك رأس مال صغير يريد العمل به، خاصة مع غياب الرسوم الجمركية وعدم انتظام حركة وسائل النقل العام في الشمال، التي تزيد الطلب على السيارات، إضافة إلى كون هذه التجارة تضمن لصاحبها حركة المال بشكل دائم، دون أن يتم تجميده في مشروع تجاري ربما يستنزف رأس المال، ولا يضمن استرداده كاملًا في حال فشله، لذلك لجأ كثير من الناس في الشمال إلى مزاولتها بحثًا عن لقمة العيش.
هذا الإقبال على تجارة السيارات وكثرة عدد مزاوليها يجعل من الصعب ضبطها، فغالبية العاملين بها لا يمتلكون مكتبًا يسيرون أعمالهم من خلاله، كما أن لا تراخيص حتى الآن ملزمة لأصحاب المهن في جل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
يجد أبو خالد فكرة اكتشاف تفخيخ سيارة بطريقة احترافية كحالة “مفخخة عفرين” أمرًا مستحيلًا على تاجر السيارات، فأغلب السيارات التي يتم الاتجار بها هي سيارات مستعملة تحمل أبدانها كثيرًا من علامات التصليح، كما أن طبيعة المهنة حاليًّا التي يتم فيها البيع والشراء عبر الصور على المجموعات تدفع تاجر السيارات لعدم الاكتراث غالبًا بفحص دقيق للسيارة، فهو يشتريها على شكل الصورة ويبيعها لزبون على شكل الصورة، ولا يرى السيارة إلا لفترة وجيزة ينقلها فيها من مكان لآخر باستعجال بحثًا عن الربح السريع.
يضيف “أبو خالد” لنون بوست أن معظم من يتاجرون بالسيارات لا يعرفون أصحابها الذين يشترونها منهم بشكل كبير، فهذا سوق مفتوح للعرض والطلب، تشتري السيارة ممن يعرضها إذا أعجبك السعر وكنت تعرف زبونًا يريد سيارة شبيهة، “عملنا أشبه بالسمسرة منه بالتجارة ولا يوجد سمسار يحب أن يؤخر البيع”.
منذ مدة بدأت المجالس المحلية في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي فرض تسجيل السيارات على قاطني المنطقة، في محاولة منها لمواجهة حالة التسيب في سوق السيارات، لكن هذه الخطوة لم تتمكن حتى الآن من حل مشكلة المفخخات في الشمال، خصوصًا مع نشاط سوق تجارة السيارات في المنطقة، وتوجه كثير من أبنائها إلى هذه المهنة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
#الخابور #الحسكة
الجيش التركي يفجر عربة مفخخة سلمها المدني ” محمود مرجان” للحاجز بعد أن قامت بتفخيخها ميليـشيا الــ #PYD_PKK في قرية ام عشبة شرق #راس_العين pic.twitter.com/tBHUHh3ybi
— الخابور (@alkhabour21) December 29, 2019
لا يبدو أن هناك حلًا حقيقيًا لهذه المشكلة في الأفق خاصة أن المفخخات لا تقتصر على السيارات، بل أكثرها يتم عبر وسيلة النقل الأكثر شيوعًا في المنطقة وهي “الدراجات النارية” التي يصعب تسجيلها كما يصعب رصد دخولها إلى الشمال مع وجود عشرات الطرق الزراعية غير المرصودة أمنيًا، التي يسهل على الدراجات النارية عبورها.
وربما يكون الحل الوحيد الممكن هو تجهيز الحواجز الأمنية في محيط المدن التي تشكل أكبر التجمعات السكانية بالمعدات اللازمة للكشف عن المفخخات.. وحتى ذلك الحين.. حمى الله السوريين في كل مكان.