أحمد سيف .. رحل تاركًا لأولاده السجن والكرامة

Screen Shot 2014-08-27 at 7

أعلنت أسرة المحامي الحقوقي المصري أحمد سيف الإسلام وفاته، في الرابعة والنصف من عصر اليوم الأربعاء.

https://www.facebook.com/samiajaheen/posts/10154566028225541

“أنا أسف إني ورثتك الزنازين اللي أنا دخلتها .. لم أنجح في توريثك مجتمع يحافظ على كرامة الإنسان .. وأتمنى أن تورث خالد حفيدي مجتمع أفضل مما ورثتك إياه”، كانت تلك جزء من رسالته لولده علاء عبد الفتاح، في يناير 2014، داخل زنزانته، والتي لم تمكنه من رؤية أبيه إلا عقب دخوله في الغيبوبة، ليراه في غرفة العناية المركزة عقب قيام قوة من السجن بنقله لرؤيته.

ذلك هو “أحمد سيف” المحامى من مواليد حوش عيسى بالبحيرة، تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1977، والد لثلاثة أبناء هم علاء عبد الفتاح، منى سيف، وسناء سيف، وزوج للدكتورة ليلى سويف.

دخل سيف الإسلام السجن عدة مرات، الأولى كانت عام 1972 على خلفية مشاركته في مظاهرات الطلبة للمطالبة بتحرير سيناء، ثم سجن مرة أخرى عام 1973 بعد مشاركته في الاحتجاجات ضد السادات لتأخر قراره بالإعلان عن الحرب ضد إسرائيل، أما المرة الثالثة فكانت عام 1983 في عهد مبارك والتي تعرض فيها لتعذيب شديد.

نفس الزنزانة التى سجن فيها علاء، كانت سجنًا لسيف أربعة مرات كان أولها عام 1972 ليومين فقط، وآخرها 2011 ليومين أيضًا، سجن سيف فى عهد السادات مرتين، ومرتين فى عهد مبارك، ولكنه دائمًا ما تذكر سجنه تذكر عهد مبارك لأنه كان الأصعب بالنسبة له.

كانت المرة الأولى لاعتقاله على إثر مظاهرات الطلبة من أجل تحرير سيناء، ثم فى عام 73 احتجاجًا على خطاب السادات وتأخر قرار الحرب مع إسرائيل، أُفرج عنه قبل الحرب بأيام ولكن بعد قضائه 8 أشهر في السجن، كانت المرة الثالثة عام 83 في سجن القلعة تلك كانت الأبشع بالنسبة له، تعرض لتعذيب شديد بالكهرباء، وكسرت قدمه وذراعه بتهمة تأسيس حزب شيوعي، قبض على 16 وأُفرج عن 11 وبقى سيف وأربعة بتهمة حيازة السلاح.

فقد سيف الشعور بقدمه ويده من فرط الألم وتقدم ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة، لكن بمرور 32 عامًا على تلك الواقعة لم يحقق فيها، أفرج عنه بكفالة وعقب انعقاد جلسة حكم عليه بالحبس خمس سنوات في القضية التي عرفت باسم “تنظيم الحركة الشعبية”، ورغم ذلك رفض سيف الهرب إلى لندن حيث تواجدت زوجته ليلى سويف وابنه الأكبر علاء، لكنه سلم نفسه، مفضلاً أن يقضى 5 سنوات في بلده بدلاً من الهرب منها.

استغل سيف تلك السنوات في الحصول على ليسانس الحقوق، وولدت منى سيف أثناء تلك الفترة مثلما وُلد خالد وقت سجن علاء، في نفس السجن “سجن الاستئناف”، الذى سجن فيه علاء لأول مرة في 2006، “وكأنني لم أورث لأبني إلا السجن والزنزانة .. تذكرت وأنا أزوره لأول مرة في السجن نفسي وأنا سجين .. كنت أعرف ما هي الإجراءات التي يقوم بها الآن على الجانب الثاني وهم يخطرونه أن له زيارة .. دخلت سجن الاستئناف بعد أربعين عامًا وأنا أعرف إجراءات المسجون ولا أعرف إجراءات السجين”.

“حزنت لأن الثورة كأنها لم تقم .. الظلم مازال مستمرًا .. فأنا فيما أنا فيه من 72 إلى 2011 .. متي ينتهي اعتقال النشطاء والسياسيين؟! متي ينتهي تعذيبهم واعتقالهم متي نعيش في بلادنا أحرارًا؟!”، يروى سيف تفاصيل اعتقاله للمرة الأخيرة قائلاً :”آخر مرة كانت يوم موقعة الجمل فبراير 2011 قوات أمن كثيفة جاءت واعتقلتني أنا وكل من معي في مركز هشام مبارك من مراسلين وصحفيين وأخذوا كل الملفات وأجهزة الكمبيوتر، وقتها ضحكت وقلت للضباط الذين يحققون معي: لقد أصابتكم هيستيريا، نظام مبارك ينهار، أيام وقد تكون ساعات وستضطرون للإفراج عنا ومن الجائز أن نعتقلكم نحن، وبالفعل أفرجوا عني بعد يومين”.

كانت فترة سجن علاء الثانية من أقسى لحظات حياته سُجن فيها نفسيًا، على حد تعبيره، ليس لسجن ابنه ولكن لشعوره بأن لا شيء يتغير.

ربما كان هذا العجوز الشاب هو أكثر من يليق به المثل الشعبي “خبطة في القلب توجع وخبطتين يخلوه حجر”، ربما كانت المرة الأولى التي يلقي بأحد أبنائه في السجن هي الأكثر ألمًا.

سيف الإسلام لم ينكسر وكان أحد أهم مؤسسي مركز هشام مبارك للقانون عام 1999، للدفاع عن المعتقلين الذين يعرف جيدًا كيف تكون معاناتهم.

ظل سيف مدافعًا عن حقوق الإنسان من خلال مركز هشام مبارك الذى شارك في تأسيسه في عام 1999، متوليًا إدارته، ولكنه عقب الثورة قبل سيف عضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان، أخذ عهدًا على نفسه أن يجتهد ليظل وفيًا لمعايير حقوق الإنسان، “عاونوني لأنجز المهمة، لتكونوا صوت الضمير يوقظني من غفلتي، وقوموني بالسيف إذا استدعت الضرورة، قد أكون حالمًا، لِم لا .. ألم تكن ثورتنا حلم بعيد المنال”، لكنه لم يستمر فيه، ولكنه ظل المدافع عن حقوق الإنسان منذ عهد مبارك وضد الأنظمة المتعاقبة منذ قيام الثورة كالقابض على جمرة.

ورغم أسوأ الفترات في تاريخ مصر، كما يقول سيف، ظل سيف يقاوم أذرع الظلم كما يطلق عليها، ورغم استمرارها في نشر طاحونة الظلم على كل من يقول لا للاستبداد الجديد اليى يخيم على سماء مصر وربوعها، كانت كلمات سيف للمعتقلين والمضربين عن الطعام “مش هيخضنا ولا يقلقنا تصور المستبدين الجدد أنهم خالدين، كل المستبدين السابقين تصوروا هذا التصور الساذج وفى النهاية انتصرت الشعوب عليهم، ممكن نتوه، ممكن نتلغبط، ممكن منشوفش الشمس، ممكن قياداتنا السياسية والحزبية تبيعنا وتبيع القضية علشان مكاسب صغيرة وتافهة، ممكن الإعلام يضللنا، ممكن السياسيين يضللونا، ممكن خلافتنا بينا وبين بعض تعطل مسيراتنا واستعادتنا لحريتنا، لكني متأكد أن الجيل الموجود في السجون النهاردة هو الجيل اللي تربى على تقاليد 2005 و2006 اللي كسرت تقاليد الجيل بتاعي، تقاليد الجيل بتاعي كانت بتعظ مع السدود ضد العمل المشترك مش بس مع المختلفين”.

تلك المعركة الصعبة لم يتخل سيف عنها فقط لوجود منصة واحدة لحقوق الإنسان تجمعه بآخرين، تلك التى يعتبرها تقصيرًا للسكة وتسهيلاً للطريق، “نتسند ونتعكز على بعض، اللي يتعب فينا يلاقي أيد حنينه جنبه بتسنده أحسن من العكاز اللي فى أيدى ده، لما بلاقي ناس عاديين في الشارع بيبعتوا سلامهم لعلاء بيسهلوا عليا السكة والطريق”.

“خدوا بالكوا تبرير إهدار كرامة الإنسان شديدة الاتساع، لن نسمح في أى وقت من الأوقات أن نبرر حتى لأنفسنا إهدار كرامة الإنسان، ممكن نبقى أضعف من إننا نواجه موجة القمع، لكن لن نسمح أن يستخدم اسمنا في تبرير موجة القمع ولنطلق على ذلك أضعف الإيمان، إذا لم استطع أن أواجه القمع المباشر لن أسمح لأحد أن يستخدم اسمي في تبرير هذا القمع، اوعوا تسمحوا لحد يجرفكوا من إنسانيتكم”، كانت تلك ربما آخر وصايا “أحمد سيف” قلب عائلة مستمرة في النضال، مازال اثنان منها في داخل السجون.

اهتمام أحمد سيف كان يتجاوز الشأن المصري

مات المناضل “احمد سيف الإسلام” على سرير للمرض ي مستشفى حكومى بسبب أوجاع فى القلب، ميتة مصرية عادية بإمتياز كما وصفها موقع بوابة يناير.

وبعد إعلان الوفاة، طالب مصريون بالسماح لعلاء وسناء، أولاد أحمد سيف الإسلام بحضور جنازة والدهم

المصريون على وسائل التواصل الاجتماعي باختلاف أطيافهم نعوا أحمد سيف الإسلام




https://www.facebook.com/Ammarafandi/posts/732743833437941


https://www.facebook.com/mostafa.f.radwan/posts/10152305803462894


https://www.facebook.com/AmalHamada/posts/10152766592811807



https://www.facebook.com/mohammad.abbas.5209/posts/10152639772290259







المصدر: مواقع مصرية