عند قراءة كتاب العمق الاستراتيجي لأحمد داوود أوغلو عدت أكثر من مرة للبحث عن تاريخ كتابة هذا العمل الضخم، وذلك لأني لم أكن لأصدق أن كتابا كتب قبل ما يزيد عن 15 سنة نجح في تقديم وصف دقيق لواقع السياسة الخارجية التركية اليوم ووصف أدق لما يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية التركية خلال السنوات العشر القادمة، كأن كاتبه كان على يقين بأنه سيكون وزير خارجية تركيا ثم رئيس وزرائها.
وأحمد داوود أوغلو لا يمكن أن يختزل في كتاب “العمق الاستراتيجي” فقط، فخلال حياته الأكاديمية نشر “مهندس السياسة الخارجية لتركيا الجديدة” عدد من الدراسات والأبحاث باللغتين التركية والانجليزية حول مختلف القضايا والملفات؛ حول “الإسلام” و”السياسة”، وحول “الشرق” و”الغرب”، وكذلك حول “الأزمة العالمية” التي صورها في شكل مدينة حديثة فائقة التطور مقلوبة على رأسها.
غلاف كتاب الأزمة العالمية لداوود الأوغلو (نشر بالتركية فقط):
وما لا يتداول كثيرا حول أحمد داوود أوغلو هو أنه أحد أبرز مؤسسي وقف العلم والفن (BISAV) في سنة 1986، حيث أصبح هذا الوقف وجهة للشباب الراغبين في توسعة معرفتهم حول علوم لم يتمكنوا من دراستها ضمن اختصاصاتهم الجامعية مثل السياسة والفلسفة الإسلامية والجغرافيا السياسية وتاريخ شعوب المنطقة وغيرها من العلوم التي فتحت الأبواب أمام مئات الشباب المتميزين للمشاركة الفعالة في الحياة السياسية في تركيا، مما جعل داوود أوغلو محاطا دائما بنخبة شبابية واسعة الاطلاع؛ سواء داخل حزب العدالة والتنمية أو أثناء عمله على رأس وزارة الخارجية.
وبالإضافة إلى كل ما اشتهر به أحمد داوود خلال سنوات عمله السياسي من حنكة ورؤية سياسية وقدرة واسعة على تطوير العلاقات الدبلوماسية، كان للرجل مواقف كثيرة أظهرت فيه الحس الإنساني الذي طبع في شخصيته خلال نشأته في مدينة “كونيا”، عاصمة التصوف ومدينة الشيخ جلال الدين الرومي. ومن أبرز هذه المواقف:
دخل داوود أوغلو قطاع غزة خلال حرب 2012 رفقة زوجته ضمن الوفد الوزاري العربي المتضامن مع القطاع، وخلال تلك الزيارة قام داوود أوغلو بزيارة أحد مستشفيات القطاع وجلست بصفة فردية مع عدد من الجرحى واستمع إليهم، فكان له هذا الموقف:
https://www.youtube.com/watch?v=zO7La7RpPeU
وبنفس الأسلوب، زار داوود الأوغلو المسلمين الفارين من المذابح البوذية في بورما، وجلس معهم واستمع لقصص معاناتهم، وكان له هذا الموقف:
https://www.youtube.com/watch?v=DQS0Fb_ozC0
صورة حديثة لداوود أوغلو أثناء استقباله للجرحى الفلسطينيين بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة:
بعض التعليقات العربية على خبر تولي أحمد داوود أوغلو لمنصب رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية:
تشرفت بالعمل مع أحمد داوود أوغلو رئيس وزراء تركيا الحالي في لجنة لوضع الخطة العشرية لمنظمة التعاون الاسلامي.
رجل دولة و صاحب فكر راقي.
— Nihad Awad نهاد عوض (@NihadAwad) August 27, 2014
اقرأوا سيرة رئيس وزراء تركيا الجديد السيد أحمد داوود أوغلو وقارونها بسيرة رئيس وزراء الكويت جابر المبارك لنعرف مدى فداحة مصيبتنا وصمتنا عنها
— CDM : طارق المطيري (@al_tariq2009) August 21, 2014
أردوغان اختار أحمد داوود أوغلو رئيساً للوزراء..كانت لي فرصة دردشة مع هذا الرجل ٢٠١١ وقال لي عراب التجربة التركية إن سر نجاحها الحلول العملية
— عثمان آي فرح (@ayfaraho) August 21, 2014
وخلال بحثي عن الآراء البسيطة والمبسطة للمواطنين الأتراك في أحمد داوود أوغلو، حصلت على هذا التعليق المختصر من أحد سائقي التاكسي في مدينة اسطنبول: “الأمريكان هم أكثر من يخافونه.. هذا الرجل يعرف جيدا ماذا يفعل وإلى أين يذهب، والأمريكان يعرفون هذا جيدا ولهذا يخافونه”، وهذا الرأي يترجم وباختصار الصورة الذهنية لأحمد داوود أوغلو لدى من ييدونه أو يحترمونه من الأتراك، حيث يلقبونه بالـ “هُوجا” وهي كلمة تركية تنطق سابق “خوجا” ومعناها بالعربي “المعلم”، وقد استخدمت هذه الكلمة لعنونة أحد أكثر الكتب مبيعا في تركيا خلال السنوات الماضية، والذي كتبه “جوركان زنجين” حول “تأثير داوود أوغلو على السياسة الخارجية التركية”.
غلاف كتاب “هوجا”: