بعد انقضاء عام 2019 بأكمله، أصبح من الممكن قراءة وتقييم الأرقام الخاصة بالاقتصاد التركي بالنسبة للصادرات والأرباح العائدة عليها، وكذلك ما جنت تركيا من أعداد السياح الضخمة التي زارت البلاد خلال العام الماضي، إضافة لإنجازات اقتصادية تخص النقل، وهنا يمكن ملاحظة النجاح التركي في هذا الملف بالأرقام.
أرقام ضخمة لعدد السياح
نشرت وزارة الثقافة والسياحة التركية تقريرًا مفصلًا عن أعداد السياح الذين زاروا البلاد خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2019، الذي بلغ نحو 42.91 مليون سائح تقريبًا، مقارنة بنحو 40.72 مليون خلال الفترة نفسها من 2018، وبزيادة بلغت 14.3%. وجاء السياح الروس في مقدمة الأجانب الذين قدموا إلى تركيا خلال هذه الأشهر، حيث بلغ عددهم 6.9 مليون تقريبًا، تلاهم الألمان بنحو 4.8 مليون ثم البريطانيون بنحو 2.5 مليون ثم البلغاريون والإيرانيون.
أوضحت معطيات حديثة صادرة عن منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، أن تركيا احتلت المرتبة السادسة عالميًا من حيث عدد السياح في 2018، وبلغت العائدات السياحية في تركيا خلال 2018، نحو 30 مليار دولار، وسط توقعات نمو العائدات كذلك بنسبة 10% بنهاية 2019، وسط تخطيط الحكومة لاستقطاب 70 مليون سائح إليها بحلول 2023، وجذب عوائد مالية من وراء القطاع السياحي بقيمة 70 مليار دولار.
وحطمت ولاية أنطاليا، جنوب غربي تركيا، سجلاتها السياحية لعام 2019، حيث استضافت قرابة الـ15 مليون سائح، أما إسطنبول قرابة الـ14 مليون سائح بزيادة نسبتها 11.52% عن عام 2018، أما كبادوكيا فقد حطمت رقمًا قياسيًا في عدد السياح، بعدد 3 ملايين و834 ألف سائح، بارتفاع بنسبة 30% مقارنة بالعام 2018.
السياحة الحرارية.. طبق من ذهب
حققت المرافق الحرارية في تركيا إيرادات بلغت قرابة مليار دولار من نحو 3 ملايين سائح، منهم 750 ألف سائح أجنبي، على مدار عام 2019، وذلك وفقًا لرئيس جمعية الصحة والسياحة الحرارية (TESTUD) يافوز ييلّيك.
وفيما يخص السيّاح الأجانب الأكثر زيارة لمنشآت المياه الحرارية في مختلف المناطق التركية، قال ييليك إن الصينيين يتصدرون القائمة، يليهم مواطنو ألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وماليزيا وإسبانيا والبرازيل وأذربيجان والنرويج ولوكسمبورغ والتشيك وجمهورية شمال قبرص التركية وجورجيا وتركمانستان والكويت والبحرين وإيران.
وتابع ييليك: “السياح الأجانب الذين ينفقون ما بين 650 و750 دولارًا في المتوسط في نظام الإقامة الشامل، تصل نفقاتهم إلى ما يزيد على الألف دولار في المناطق الأخرى، ممّا يوفر المزيد من تدفق النقد الأجنبي إلى بلادنا. وفي هذا السياق، ينبغي لبلدنا الغني بالسياحة أن يركز على الينابيع الحرارية والسياحة البديلة فضلًا عن سياحة البحر والرمل والشمس”.
صادارت الملابس التركية
بلغت عائدات تركيا من صادرات الملابس الجاهزة والمنسوجات خلال عام 2019، 17 مليارًا و701 مليون دولار أمريكي، وذهبت معظم صادرات قطاع الملابس والمنسوجات إلى دول الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط، بحسب بيان مشترك صادر عن وزارة التجارة ومجلس المصدرين الأتراك.
وحقق قطاع الملابس والمنسوجات العام الماضي زيادة بنسبة 0.4% مقارنة بعام 2018، ليشغل 9.8% من إجمالي الصادرات، وكانت دول الاتحاد الأوروبي الوجهة الرئيسية لصادرات القطاع خلال 2019 بقيمة 12 مليارًا و230 مليون دولار.
أما عن دول الشرق الأوسط، فقد جاءت في المركز الثاني بقيمة مليارين و22 مليون دولار، ورابطة الدول المستقلة في المركز الثالث بقيمة 953 مليون دولار، كما حققت صادرات تركيا من الملابس زيادة ملفتة إلى دول القارة الإفريقية، بنسبة 15.8% مقارنة بعام 2018 لتصل إلى 836 مليون دولار.
نالت مدينة إسطنبول نصيبها الأكبر من الصادرات بنسبة 69% مقارنة بباقي الولايات التركية، حيث بلغت قيمة صادراتها 12 مليارًا و230 مليون دولار، فيما احتلت ولاية بورصة المركز الثاني بقيمة مليار و570 مليون دولار، وأخذت إزمير المركز الثالث بقيمة مليار و299 مليون دولار.
زهور تركيا تعود بملايين الدولارات
أعلنت جمعية مصدري أزهار ونباتات الزينة في تركيا على لسان رئيسها إسماعيل يلماز، أن البلاد حققت عائدات بقيمة 110 ملايين دولار خلال عام 2019، من صادرات الزهور، الذي قال إنهم يتوقعون وصول هذا الرقم إلى 125 مليون دولار العام المقبل.
وقد وصلت صادرات هذا القطاع إلى 83 دولة، بزيادة قدرها 10% مقارنة بعام 2018، وكانت أبرز البلدان المستوردة للزهور التركية: هولندا وبريطانيا وأوزبكستان وألمانيا ورومانيا وبلغاريا، فيما بدأ التصدير هذا العام إلى دول جديدة مثل سنغافورة وليتوانيا وروسيا البيضاء.
العسل التركي ينافس عالميًا
حققت تركيا عائدات بقيمة 10 ملايين و456 ألف دولار من صادرات العسل في عام 2019، وأوضح اتحاد مصدري شرق البحر الأسود، أن صادرات العسل التركي تصل إلى 41 دولة حول العالم، مبينًا أنه تم تصدير خلال الفترة المذكورة نحو ألفين و445 طنًا من العسل.
واحتلت ألمانيا المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للعسل التركي وذلك بقيمة 3 ملايين دولار، وتلتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبعدها جاءت المملكة العربية السعودية، وصدرت تركيا خلال موسم العام الماضي عسلًا إلى دول لم تصدر إليها خلال الموسم الذي سبقه كالصين وليبيا وبلغاريا والبوسنة والهرسك وماليزيا واليونان والصومال وأفغانستان والمغرب.
البندق يحطم الأرقام
قال اتحاد مصدري البندق ومشتقاته في منطقة البحر الأسود في تركيا، إن عائدات البلاد من صادرات البندق خلال العام الماضي، بلغت مليارين و28 مليون و727 ألف دولار، بزيادة وصلت إلى 14.5% مقارنة مع صادرات عام 2018.
فقد صدّرت البلاد، خلال العام الماضي، 319 ألفًا و772 طنًا من البندق إلى 121 دولة، وهذا الرقم يعد رقمًا قياسيًا جديدًا من حيث الكمية في تاريخ البلاد.
وأوضح رئيس الاتحاد إلياس أديب سواينج، أن تركيا صدرت في 2018، 279 ألفًا 250 طنًا من البندق، بقيمة مليار و635 مليونًا و235 ألف دولار، وأشار إلى أن إيطاليا تصدّرت قائمة الدول المستورة للبندق من تركيا في 2019، متخطية بذلك ألمانيا التي تصدرت القائمة طيلة السنوات التسعة الماضية.
وأضاف أن تركيا صدرت إلى إيطاليا العام الماضي، 83 ألفًا و898 طنًا، بقيمة 547 مليون و588 ألف دولار، تلتها ألمانيا بـ73 ألفًا و476 طنًا، بقيمة 434 مليونًا و806 ألف دولار، ثم فرنسا بـ22 ألفًا 719 طنًا، بقيمة 147 مليونًا و75 ألف دولار.
ولفت سواينج، إلى ارتفاع صادرات تركيا من البندق إلى الصين بشكل مستمر وخاصة في 2019، حيث بلغت 11 ألفًا و180 طنًا، بقيمة بلغت 87 مليونًا 179 ألف دولار، مقابل 6 آلاف و825 طنًا، بقيمة 45 مليونًا و725 دولارًا في 2018، وبهذه الأرقام، ارتفع ترتيب الصين في قائمة الـ121 دولة المستوردة للبندق من تركيا لتصبح في المرتبة الـ6 بدلًا من الـ12.
85 ألف سفينة تعبر المضائق التركية
أظهرت بيانات وزارة المواصلات والبنية التحتية التركية، أن إجمالي عدد السفن المارة من مضيقي البوسفور وجناق قلعة (الدردنيل) التركيين، خلال 2019، نحو 84 ألفًا و871 سفينة، حيث بلغ عدد السفن المارة من مضيق البسفور في إسطنبول، 41 ألفًا و112، بينما بلغ عدد السفن المارة من مضيق جناق قلعة 43 ألفًا و759.
وحققت عائدات تركيا من مضيقي البوسفور وجناق قلعة خلال 2019، نحو 794 مليونًا و290 ألفًا و800 ليرة (136 مليون دولار)، من الخدمات المقدمة للسفن في أثناء عبورها مثل الإنارة والإرشاد والإنقاذ وقطر السفن.
وشكلت ناقلات الغاز الطبيعي المسال والنفطي المسال وناقلات المواد الكميائية والنفط الخام، 18 ألفًا و805 سفن من إجمالي عدد السفن المارة عبر المضيقين.
واستفاد ما مجموعه 26 ألفًا و632 سفينة، من إجمالي السفن المارة عبر مضيق البوسفور، و21 ألفًا و616 سفينة من إجمالي السفن المارة عبر مضيق جناق قلعة، من خدمة الإرشاد البحري للمديرية العامة لأمن السواحل.
وسجل مضيق البوسفور خلال 2019، ما مجموعه 15 حادث سفن، و141 حالة تعطل للسفن، كما سجل مضيق جناق قلعة خلال 2019، نحو 9 حوادث سفن، و222 حالة تعطل للسفن، ومن جهة أخرى، رست بالموانئ التركية 14 ألفًا و974 سفينة من السفن المارة بالبوسفور و17 ألفًا و575 سفينة من السفن المارة من مضيق جناق قلعة.
ارتفاع الصادرات.. مع تزايد معدلات التضخم
بهذه الأرقام والإحصاءات يتضح أن صادرات تركيا سجلت ارتفاعًا ملحوظًا على أساس سنوي، وتراجع العجز التجاري نحو 44.9%، إلى 29.926 مليار دولار مقابل 54.323 مليار دولار في 2018 بحسب وزيرة التجارة التركية روهصار بيكجان.
وأضافت بيكجان إن صادرات بلادها ارتفعت بنسبة 2.04% على أساس سنوي وسجلت رقمًا قياسيًا في 2019، حيث بلغ الارتفاع إلى 180.468 مليار دولار، مع انخفاض الواردات بنسبة 8.99% على أساس سنوي إلى 210.394 مليار دولار في 2019، وأكدت أن التجارة الخارجية خلال الأشهر التسع الأولى من 2019، ساهمت في النمو بمقدار 4.7 نقطة، مشيرة أن ذلك كانت أكبر مساهمة للتجارة الخارجية في نمو الاقتصاد خلال 18 عامًا.
وعلى الرغم من ذلك، فإن معدل التضخم ارتفع على أساس سنوي خلال شهر ديسمبر 2019، فقد أظهرت بيانات رسمية ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين في تركيا أكثر من المتوقع قليلًا إلى 11.84% على أساس سنوي في ديسمبر.
وتوقع استطلاع أجرته رويترز في المتوسط أن يبلغ التضخم 11.56% الشهر الماضي، وكان أعلى تقدير بين الاقتصاديين الـ13 المشاركين 11.9%، وبلغ التضخم 0.74% مقارنة مع الشهر السابق في ديسمبر، وهو ما تجاوز أيضًا توقع الاستطلاع البالغ 0.49%.
ارتفع التضخم السنوي بقوة في 2018 بفعل أزمة عملة رفعت تكلفة واردات تركيا، وفي نوفمبر 2018، بلغ معدل التضخم 21.6%، لكنه عاود الانخفاض إلى 8.55% بحلول أكتوبر 2019، وارتفع مؤشر أسعار المنتجين 0.69% عن الشهر السابق في ديسمبر ليصبح معدل الزيادة السنوية 7.36%، وفقًا للبيانات الصادرة عن معهد الإحصاءات التركي.
تطلعات تركيا في صادرات 2020
تهدف تركيا هذا العام إلى رفع صادراتها إلى 190 مليار دولار أمريكي، حسبما أكد رئيس جمعية المصدرين الأتراك إسماعيل جول، الذي قال إن حصة المنتجات عالية التقنية تتزايد في إجمالي صادرات البلاد، منوهًا إلى أنه يجب على تركيا تخفيض سعر الفائدة إلى مستوى مكون من خانة واحدة من أجل الاستدامة.
في نهاية المطاف فإن تركيا حققت إنجازات واقعية عام 2019 في مجال التصدير ومجالات اقتصادية كثيرة مرتبطة بالقطاعات الأخرى، كقطاعي الاتصالات والنقل، وهذه الإنجازات لا تعني أن الاقتصاد التركي حل جميع مشاكله، لكنه في طريقه نحو التعافي.