تمر الأيام سريعًا لتصبح شهورًا والشهور تصبح أعوامًا والأعوام تصير عقودًا، لنجد أن العقد الثاني من الألفية الثانية بعد الميلاد انتهى وحمل معه العديد من الذكريات جميلة كانت أو أليمة ولكنها في النهاية عبارة عن لحظات اجتمعت معًا لتكون صفحات في سطور التاريخ، وفي عالمنا المفضل لكرة القدم هناك العديد من الذكريات التاريخية التي لا تنسى مهما مرت الأيام.
في هذه السطور ومع بداية عام 2020 نسترجع معًا بعضًا من أبرز الأحداث واللقطات التي صنعت تاريخ العقد الفائت.
رأسية راموس تأتي بحلم العاشرة
زيدان يسجل هدف البطولة التاسعة
منذ أن أحرز زيدان بيسراه هدفه في مرمى ليڤركوزن في 2002 وحصل ريال مدريد على بطولته المفضلة (دوري أبطال أوروبا) ليفوز الملكي بالبطولة التاسعة والثالثة في آخر خمسة أعوام، ظلت البطولة العاشرة حلمًا بعيد المنال بعد إخفاق جيل الجلاكتيوس في إحراز البطولة مرة أخرى ثم اعتزالهم وبداية جيل متخبط لا يرتقي لطموحات الجماهير.
حتى أتى موسم 2013/2012 مع جوزيه مورينيو (متخصص الفوز بدوري الأبطال) وكبر الحلم بوجود الأسطورة كريستيانو رونالدو مع بنزيما ودي ماريا وأوزيل والمحارب راموس، واستطاع الريال الوصول للدور نصف النهائي ومواجهة بروسيا دورتموند بقيادة الاسم الصاعد في عالم التدريب يورجن كلوب، وبعد مواجهتين في دور المجموعات استطاع الفريق الألماني الفوز برباعية مقابل هدف للنجم الجديد ليڤاندوفسكي في ألمانيا، وفي الإياب كان الريال قريبًا جدًا من العبور بعد الفوز بثنائية نظيفة وإضاعة الكثير من الأهداف لينتهي حلم العاشرة، ولكن بإحياء الأمل في الصدور المدريدية مرة أخرى.
ليأتي موسم 2014/2013 برحيل مورينيو وتولي المخضرم كارلو أنشيلوتي للفريق بمساعدة من زيدان (آخر من حقق الحلم للملكي) وبعد بداية مثالية في دور المجموعات بالفوز في خمس مباريات والتعادل في واحدة ثم اكتساح شالكة في دور الـ16 بتسعة أهداف في المبارتين ثم لحظة انتقام من بروسيا وكلوب في دور الربع النهائي والفوز 2/3 بمجموع المباراتين ثم اكتساح للبايرن ميونيخ حامل اللقب بخماسية نظيفة في نصف النهائي.
راسية راموس الشهيرة
وأخيرًا الاقتراب من الحلم والصعود للنهائي في لشبونة في 24 من مايو 2014 ومواجهة الجار المزعج أتليتكو مدريد لينتهي الشوط الأول بتقدم أتليتكو بهدف جودين واستبسال دفاعي من لاعبي أتليتكو وجرت الدقائق كالثواني في أعين جماهير الملكي حتى مرت الدقائق الـ90 كاملة وبدا أن الحلم تبخر مرة أخرى خاصة بعد مرور 3 دقائق من الوقت الضائع، وفي ركنية أخيرة للريال ومحاولة يائسة يتقدم سيرجيو راموس إلى منطقة الجزاء منتظرًا كرة يرفعها مودريتش إلى نقطة الجزاء تمامًا لتجد رأس راموس الذي يحولها إلى المرمى في أبعد نقطة عن يد كورتوا حارس أتليتكو في ذلك الوقت، لتتجه المباراة للوقت الإضافي الذي انهار فيه لاعبو أتليتكو مدريد وتألق لاعبو الميرينجي وأحرزوا ثلاثة أهداف أخرى لبيل ومارسيلو وكريستيانو (هداف البطولة برقم إعجازي 17 هدفًا).
ليتحقق حلم العاشرة أخيرًا بعد غياب 12 عامًا شهدت تفوقًا للخصم اللدود برشلونة، وتصبح رأسية راموس مفتاحًا لقلب الأميرة المتمنعة وبداية لسيطرة مدريدية أعقبها الفوز بثلاث بطولات أخرى لدوري الأبطال.
ريمونتادا برشلونة
في العام 2017 وتمتع برشلونة بجيل من اللاعبين المميزين بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي ومعاونة المتألق نيمار والشرس لويس سواريز وسطوع أسطورة الـMSN، ينتظر جمهور برشلونة الفوز بدوري الأبطال بعد خسارته العام الفائت وما زاد الطين بلة فوز ريال مدريد باللقب الـ11 في 2016.
وتأتي مواجهة دور ثمن النهائي ومواجهة الطامح الثري باريس سان چيرمان، وفي مواجة الذهاب في حديقة الأمراء بباريس اكتسح أبناء عاصمة النور أبناء كاتالونيا بأربعة أهداف نظيفة كادت أن تتضاعف لولا رحمة القدر بجماهير برشلونة الثائر دائمًا، وبحسابات الكرة وتألق الباريسيين بوجود دي ماريا وكاڤاني كانت بطاقة الصعود شبه محسومة.
لتأتي مواجهة الإياب في الكامب نو في 8 من مارس 2017 وبحضور 96 ألف متفرج في حدث مثير للإعجاب، ويحرز سواريز هدفًا في الدقيقة الثالثة ليرتفع الحماس بين الجماهير خاصة بعد نهاية الشوط الأول بتقدم برشلونة بهدفين نظيفين وبعد مرور خمس دقائق فقط من الشوط الثاني يحرز ميسي الهدف الثالث من ركلة جزاء، لترتفع الإثارة إلى عنان السماء في انتظار تحقيق برشلونة للهدف الرابع وتحقيق المعجزة، إلا أن كاڤاني كان له رأي آخر وأحرز هدفًا صاروخيًا في الدقيقة 62 لتصبح النتيجة 1/3 مما يعني أن برشلونة يجب عليه إحراز ثلاثية أخرى على الأقل دون استقبال أهداف وتمر الدقائق سريعًا ويتأكد الجميع من صعود باريس للدور التالي خاصة بعد أن مرت 88 دقيقة كاملة والوضع كما هو ويتبقى فقط دقيقتان بخلاف الوقت الضائع.
تصل الكرة إلى نيمار الذي يحاول المرور على حدود منطقة الجزاء ليتم عرقلته ويحصل على ضربة حرة مباشرة يسددها بنفسه محرزًا الهدف الرابع ليصفق الجميع للاعبي برشلونة على روحهم القتالية وخروجهم المشرف الوشيك جدًا، إلا أن حكم المباراة كان له رأي آخر واحتسب ركلة جزاء لسواريز في الدقيقة الأولى من الوقت الضائع ليحرزها المتوهج نيمار وتصبح النتيجة خمسة مقابل واحد ويتبقى هدف واحد لتحقيق المعجزة وتتعلق عيون الملايين في العالم أجمع بالكامب نو في شاشات التليفزيون منتظرين حدوث معجزة يتذكرونها دائمًا ويحكونها لأبنائهم وأحفادهم.
لتأتي الدقيقة الأخيرة والكرة في أقدام نيمار يرفعها عرضية قطرية إلى داخل منطقة الجزاء لعل وعسى، لتأتي أقدام سيرجيو روبرتو بالهدف السادس وهدف المعجزة الكروية وأحد أبرز المباريات في التاريخ، ليصعد أبناء المدينة الثائرة برشلونة لمواجهة يوفنتوس، ورغم الخروج من البطولة، فإن هذه المباراة ستذكر في التاريخ دائمًا كإحدى أفضل مباريات العودة في النتيجة في تاريخ كرة القدم.
وللغرابة فإن هذه المباراة كانت لعنة على فريق برشلونة الذي ذاق بعدها من نفس الكأس في آخر عامين بعد الفوز على روما بثنائية في الذهاب ثم الخسارة بثلاثية نظيفة والخروج من البطولة عام 2018، ثم الفوز على ليڤربول بثلاثية نظيفة في الذهاب والخسارة برباعية والخروج في الإياب العام الماضى.
ورغم ذلك ستظل كلمة ريمونتادا (la remontada) وتعني العودة باللغة الإسبانية مرتبطة بمباراة برشلونة وباريس وأصبحت مرادفًا كرويًا للعودة في النتيجة.
معجزة ليستر
ليستر سيتي فريق إنجليزي شبه مجهول لمتابعي الكرة في العالم، قبل العام 2015 كانت أكبر إنجازاته في الدوري الإنجليزي أنه كان الوصيف في عشرينيات القرن الماضي ووجوده في التشامبيونشيب أكبر من وجوده في البريمييرليج، حتى إنه في 2009 كان في الدرجة الأدنى من التشامبيونشيب أو ما نعرفه بالدرجة الثالثة.
صعد مرة أخرى للدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2014/2013 بعد غياب 12 عامًا، وفي الموسم 2014/2015 كان في المركز الـ14 على بعد 4 مراكز من الهبوط.
في موسم 2016/2015 يأتي المخضرم الإيطالي كلاوديو رانييري لقيادة الفريق في خطوة لتحسين شكل الفريق ليس إلا خاصة أن رانييري ليس مدرب بطولات ومع مجموعة من اللاعبين المجهولين تمامًا بقيادة مهاجم لعب الكرة متأخرًا اسمه جيمي فاردي في الـ29 من العمر كان يلعب في الدرجة السابعة بجانب عمله في أحد المصانع منذ خمس سنوات فحسب، ولاعب قادم من شمال إفريقيا اسمه رياض محرز ولاعب فرنسي قصير اسمه نجولو كانتي وحارس شاب اسمه كاسبر شمايكل.
يبدأ ليستر بداية جيدة ويتوقع الجميع أن يكون مجرد حصان أسود للبطولة، ومع مرور الوقت يصبح ليستر منافسًا على المركز الأول في ظل تراجع تشيلسي ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي إلا أن جميع التوقعات كانت تصب في مصلحة فريقي لندن أرسنال وتوتنهام في ظل ترقب لسقوط متوقع لليستر.
تتويج ليستر بالبطولة
إلا أن رانييري ولاعبيه تمسكوا بالحلم أكثر وكلما مرت الأيام آمنوا بأنفسهم أكثر، وصنع جيمي فاردي التاريخ بالتسجيل في 11 مباراة متتالية، وظل محرز وفاردي يتألقان وتقاسما الجوائز الفردية لأفضل لاعب في إنجلترا، حتى اقترب الدوري من نهايته في ظل تقدم ليستر بثماني نقاط على توتنهام قبل ثلاث جولات من النهاية ورهانات على أن ليستر لن يتحمل ضغوط البطولة، وكان أحد أطرف الرهانات على خسارة ليستر للقب هو رهان قام به اللاعب المصري أحمد حسام ميدو والمحلل لقنوات بي إن سبورت بحلاقة شعر رأسه على الهواء إذا فاز ليستر بالبطولة.
وفي مباراة بين توتنهام وتشيلسي في الجولة 36 فشل توتنهام في الحفاظ على تقدمه بثنائية ليتعادل في النهاية ويصبح الفارق 7 نقاط بين ليستر وتوتنهام قبل جولتين فقط من النهاية ليحسم تتويج ليستر باللقب في يوم تاريخي في الـ2 من مايو 2016 في انتصار صريح للجهد المبذول على أي أحكام مسبقة مبنية على تاريخ سابق، ويقف العالم كله احترامًا لفريق ليستر ولاعبيه.
ورغم تراجع مستوى ليستر بعد ذلك، فإن لاعبيه أصبحوا ملء السمع والبصر وأصبح جيمي فاردي أحد أبرز أيقونات الأمل في مجال الكرة وخارجها بعد أن كان مجرد لاعب هاوٍ يعمل بجانب اللعب ليجد قوت يومه من سنوات قليلة لثاني هداف البريميير ليج بـ24 هدفًا في موسم 2016.
وبالمناسبة فقد نفذ أحمد حسام ميدو وعده وحلق شعر رأسه على الهواء مباشرة بعد فوز ليستر باللقب.
معجزة ليستر تبقى شاهدًا على أنك كلما آمنت بنفسك وقدراتك وتجاهلت الظروف المضادة وفعلت ما بوسعك للتغلب عليها فستقف الأقدار بجانبك بقوة ليتحقق ما تظنه مستحيلًا.
أحمد حسام يحلق شعره على الهواء
عقد ميسي – كريستيانو
لا يمكن أن نذكر العقد الفائت دون التأكيد أنه عقد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، إذ لم يشهد تاريخ الكرة في أي من أوقاته منافسه شرسة كما شهدت تلك السنوات العشرة بين أسطورتين غيرا الكثير من تاريخ كرة القدم.
لذكر إنجازاتهما نحتاج تقارير كثيرة، خاصة أنهما مستمران في المنافسه حتى الآن، ولكن سيظل التاريخ يذكر أن العقد الثاني من الألفية الثانية بعد الميلاد شهد تنافسًا عظيمًا وخياليًا بين لاعبين حفرا اسمهما بين أفضل لاعبي التاريخ.