وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ توليه السلطة في مايو 2014، في شباك فشل على مختلف المستويات، الإعلامية والسياسية والاقتصادية، هذا بخلاف القرارات التي تتناقض شكلًا ومضمونًا مع مصالح الدولة العليا، ومع ذلك نجح في تخطيها بسهولة وسلاسة، دون أي مقاومة.
في مقارنة بسيطة حول أسلوب التعامل مع أخطاء السيسي مقارنة بالرئيس الراحل محمد مرسي، لبات يقينًا أن معارضة الأخير (الثورة المضادة) كانت تعمل وفق أجندة وخطة مُحكمة تستهدف إسقاطه، مستغلةً في ذلك أخطاءه، سواء كان مسؤولًا عنها أم لا، لكن العزف عليها وتضخيمها والتلاعب بها جماهيريًا كان علامة فارقة في تشويه صورة الرجل ومن ثم تعبيد الطريق للإطاحة به.
لكن في المقابل، فإن فشل السيسي الذي يفوق عشرات الأضعاف ما وقع فيه الرئيس الراحل، قابله فشل أيضًا في التعامل معه، واستغلاله من التيار المعارض، الذي كثيرًا ما كان يدعي العنجهية والثقة المفرطة التي وضعته في خانة ضيقة للغاية حتى فقد بريقه يومًا تلو الآخر، إلى أن وصل إلى محطته الأخيرة من التشتت والضياع.
ورغم الفشل في استغلال تلك الأخطاء لكشف حالة الزيف التوعوي لدى الشارع المصري، فإن هناك 6 ملفات أساسية تهدد أمن مصر القومي وتضرب بمرتكزاتها الوطنية عرض الحائط، وهي الملفات التي ربما تعيد الحراك الثوري للشارع مرة أخرى، على أرضية مشتركة من مصالح الدولة العليا التي تسبق مصالح الأنظمة والحكومات.
سد النهضة
تعد قضية “سد النهضة” الملف الأكثر خطوةً في مسار مهددات الأمن القومي المصري، فالسد الذي اقتربت أديس أبابا من بنائه يضع مستقبل مصر المائي على المحك، ويهدد بتعريض الملايين من المصريين للعطش والجوع في نفس الوقت، خاصةً أنه سيقلص مساحة الأرض المزروعة كذلك.
وبعد ما يزيد عن 20 جولة مفاوضات قطعها المفاوض المصري خلال السنوات الماضية، ها هو المسار يصل إلى طريق مسدود، في ظل تعنت الجانب الإثيوبي في الاستجابة للمقترحات المصرية، التي يعتبرها تغولًا على حقه في بناء سد فوق أرضه ومائه، بينما تستند القاهرة إلى الاتفاقيات المبرمة في السابق التي تحفظ لها حصتها من المياه (50 مليار متر مكعب سنويًا) وتشكل قرابة 90% من احتياجات مصر المائية.
استند الخبراء إلى أن قوة الموقف الإثيوبي في التمسك بحق البلاد في بناء السد، جاء بضوء أخضر مصري، حين وقع السيسي ونظيره السوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي، ما سُمي “إعلان المبادئ” في مارس 2015، هذا الإعلان الذي أُعتبر اعترافًا رسميًا وموافقةً واضحةً على بناء السد، وهي الخطوة التي كانت تسعى إليها أديس أبابا للحصول على تمويل دولي للبناء.
“إسرائيل” ترى بالعلاقة مع مصر رصيدًا إستراتيجيًا كما هي عنصر حيوي للاستقرار الإقليمي، ونموذجًا للعلاقات المستقبلية المحتملة في الشرق الأوسط” الرئيس الإسرائيلي
في الـ5 من يناير الحاليّ، أعلن الطرفان، المصري والإثيوبي أن المفاوضات بشأن السد وصلت إلى طريق مسدود، وذلك وفقًا لما صرحت به وزارة الموارد المائية والري المصرية، التي أرجعت هذا الفشل إلى تشدد الجانب الإثيوبي ورفضه المقترحات كافة التي تراعي مصالح مصر المائية، فيما طالب الجانب المصري بتدخل وسيط دولي لحل الأزمة.
وقبل أيام معدودة، أعلنت كل من مصر وإثيوبيا والسودان والولايات المتحدة والبنك الدولي في بيان مشترك الاتفاق من حيث المبدأ، على ملء خزان سد النهضة على مراحل بطريقة تعاونية تراعي الظروف الهيدرولوجية وتأثير السد على المخزون المائي لدى دولتي المصب، مصر والسودان.
أضاف البيان في ختام جولة مفاوضات عقدت بواشنطن من يوم الإثنين وحتى الأربعاء، أن المراحل اللاحقة من الملء ستتم وفقًا لآلية يتم الاتفاق عليها وتلبي الأهداف الإثيوبية للملء إلى جانب تدابير ملائمة لمصر والسودان خلال فترات طويلة من سنوات الجفاف والجفاف المطول.
أثارت تلك الخطوة تفاؤل البعض بشأن حلحلة الأزمة، لكن دون أي تفاصيل بشأن تراجع الجانب الإثيوبي عن خططه في بناء السد، وهي الوعود التي قطعها الشريك الإثيوبي قبل ذلك أكثر من مرة، لكن سرعان ما تراجع عنها، في سياسة اعتبرها البعض “تسويفية” لكسب المزيد من الوقت حتى اكتمال بناء السد المتوقع أن يكون يوليو هذا العام، حتى يتحول الوضع إلى أمر واقع.
التفريط في الغاز لمصلحة قبرص و”إسرائيل”
استهل السيسي ولايته الأولى بتوقيع الاتفاقية الإطارية لترسيم الحدود البحرية المصرية مع كل من قبرص واليونان (رغم رفض الحكومة المصرية توقيعها منذ 2006)، أسفر هذا الترسيم عن تنازل مصر عن مساحة تعادل ضعف مساحة دلتا النيل في مصر، كما صرح الدكتور نايل الشافعي المحاضر في معهد ماساتشوستس للتقنية وأحد المهتمين بقضايا الغاز.
أوضح الشافعي كذلك أن حقول ليفياثان الإسرائيلي وإفروديت القبرصي يقعان ضمن المياه الاقتصادية المصرية الخالصة، وبتوقيع السيسي على الاتفاق مع قبرص يكون قد اعترف بالتنازل عن حقوق مصر في تلك الثروات، كما أسفر ذلك التنازل عن منح اليونان منطقة اقتصادية خالصة لجزيرة كاستلوريزو (المتنازع عليها مع تركيا)، فيتحقق بذلك تلامس حدود اليونان مع قبرص، ويؤدي هذا الإجراء لتلاصق الحدود البحرية لكل من “إسرائيل” وقبرص واليونان، بما يسمح بتمرير أنبوب للغاز الإسرائيلي والقبرصي لأوروبا، دون أن تدفع “إسرائيل” وقبرص أي رسوم لمصر.
وفي سياق آخر، وتحت عنوان “يوم تاريخي.. إسرائيل تبدأ بضخ الغاز الطبيعي إلى مصر” نشر الموقع الرسمي باللغة العربية للخارجية الإسرائيلية على فيسبوك “إسرائيل تتكلم بالعربي” بيانًا مشتركًا تضمن إعلان وزيرا الطاقة المصري والإسرائيلي طارق الملا ويوفال شتاينيتز بدء تدفق الغاز الطبيعي من حقل ليفياثان في “إسرائيل” إلى مصر، أمس الأربعاء، حيث سيتم استخدام الغاز في السوق المحلي المصري لإنتاج الكهرباء وفي الصناعة.
وحسب البيان، فإن ضخ الغاز من “إسرائيل” إلى مصر اليوم “يمثل تطورًا مهمًا يخدم المصالح الاقتصادية لكلا البلدين، حيث سيمكن هذا التطور “إسرائيل” من نقل كميات من الغاز الطبيعي المتوفر لديها إلى أوروبا عبر المصانع المصرية للغاز الطبيعي المسال، وذلك في إطار دور مصر المتنامي كمركز إقليمي للغاز”.
وبموجب اتفاقيات مبرمة من عامين تقريبًا، كانت مصر قد كشفت عن استيرادها 85 مليار متر مكعب من الغاز من “إسرائيل” على مدى 15 عامًا، وهو الغاز الذي اكتشفته تل أبيب جراء اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعتها القاهرة مع اليونان وقبرص، سالفة الذكر، الأمر الذي أثار حفيظة المصريين بصورة مستفزة.
عرف المشهد الإعلامي تحولات كبيرة، منذ تولي السيسي، كان أبرزها ظهور “أذرع إعلامية” وانتشار ما يسمى “المال المخابراتي”، وصولًا إلى ترسانة قضائية حكمت قبضتها على الصحافة والصحافيين، حتى تحولت مصر بحسب وصف الجهات الحقوقية الدولية إلى “سجن كبير للصحفيين”
عززت هذه الخطوات من عمق التطبيع والعلاقات الدافئة بين مصر و”إسرائيل”، حيث بعث الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين برسالة إلى نظيره المصري بمناسبة بدء تدفق الغاز الطبيعي من “إسرائيل” إلى مصر، ذيلها بتوقيع اسمه ريفلين باللغات الثلاثة: العربية والعبرية والإنجليزية.
وقال ريفلين في الرسالة: “تدفق الغاز يحمل معه فوائد لاقتصادينا بعد أكثر من 40 عامًا من العلاقات السلمية”، مضيفًا “تعاوننا السياسي والأمني يعتمد على أسس متينة توفر الاستقرار والأمن لشعبينا، وأعتقد أنه بامكاننا توسيع التعاون المتبادل ليشمل مجالات مدنية إضافية”، وتابع ريفلين قائلًا: “إسرائيل ترى بالعلاقة مع مصر رصيدًا إستراتيجيًا كما هي عنصر حيوي للاستقرار الإقليمي، ونموذج للعلاقات المستقبلية المحتملة في الشرق الأوسط. إن اتفاق الغاز الطبيعي الذي نحتفي به اليوم هو مجرد مثال واحد على الطرق العديدة التي يمكننا من خلالها العمل بشكل أوثق، مما يعود بالنفع على الجميع. آمل أن يرى كل من القطاع الخاص ورجال الأعمال، الذين استقبلتهم بترحاب في مقر إقامتي في أورشليم القدس الأسبوع الماضي فرصة لتطوير العديد من هذه المشاريع”، بحسب صفحة الخارجية الإسرائيلية على موقع فيسبوك.
جدير بالذكر، أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لم يكن مثار غضب الشارع المصري، فتلك التوجهات ليست وليدة اليوم، وإن تعززت بصورة بات يمثل فيها السيسي كنزًا إستراتيجيًا لتل أبيب، دفع الإعلام العبري للدفاع عنه ومناصرته في العديد من المعارك التي خاضها، بوصفه الرئيس الأكثر قربًا للإسرائيليين مقارنةً بالرؤساء السابقين، حتى الراحل محمد أنور السادات نفسه الذي وقع معاهدة كامب ديفيد.
التورط في المستنقع الليبي
حالة من القلق تخيم على الشارع المصري خشية توريط الجيش المصري في الأزمة الليبية، بعدما لمح السيسي إلى دعم قوات اللواء متقاعد خليفة حفتر، في هجومها على العاصمة طرابلس خلال مواجهة حكومة فايز السراج المعترف بها دوليًا، وهي التلميحات التي قسمت المصريين إلى فريقين، مؤيد ومعارض.
وما إن أنهى السيسي كلمته في احتفال عيد الميلاد داخل الكنيسة الأرثوذكسية، حتى تصدر وسم (#ارحل_متورطش_الجيش) قائمة الوسوم الأعلى تداولًا في موقع تويتر في مصر، كرد سريع من نشطاء منصات التواصل الاجتماعي على حديث الرئيس الذي أشار إلى عدم انجرار مصر للحروب هنا وهناك.
حذر النشطاء من تكرار تجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أنهك الجيش بحرب اليمن، في حين نوه آخرون إلى قصف طيران إماراتي مسير – داعم لحفتر – للكلية العسكرية بطرابلس وقتلهم 30 من طلبتها، وهو ما كان مثار إدانة الكثير من المنظمات الدولية.
تساءل آخرون عن الدوافع الحقيقية وراء الدخول في حرب في ليبيا، ومدى استعداد مصر لتحمل تبعاتها، معددين ما يرونه من أسباب منطقية للحرب تتوافر في سياق الحديث عن دول أخرى، كما الحال مع سد النهضة الإثيوبي والاستيلاء على غاز شرق المتوسط وجزيرتي تيران وصنافير.
يارب استرها على مصر .وابعد عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن وجنبها الدخول فى حرب ليس لنا فيها اى منفعة او ضرورة او سبب #ارحل_متورطش_الجيش
— الدكتور (@qbd4QrMCAO3DvNV) January 8, 2020
الديون المتراكمة
حالة من الثراء غير المسبوق شهدتها الديون المصرية، الخارجية والداخلية، منذ 2014 وحتى اليوم، الأمر الذي بات مثار تساؤل البعض بشأن قدرة الدولة على سداد تلك الديون، ومن يتحمل فاتورة السداد، في إشارة إلى أن الأجيال القادمة هي من تتحمل هذا العبء الثقيل.
ووفقًا لأحدث الأرقام المعلنة من البنك المركزي المصري، فإن الدين الخارجي لمصر وصل في نهاية مارس/آذار الماضي إلى نحو 106.2 مليارات دولار، مقابل نحو 88.16 مليار دولار في ذات الفترة من العام الماضي، بزيادة بلغت نحو 18.1 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 35.1% من الناتج المحلي.
فيما ارتفع الدين العام المحلي على أساس سنوي بنسبة 20.25% ليصل إلى 4.108 تريليون جنيه (241.9 مليار دولار) نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بما يمثل 78.2% من الناتج المحلي، منه 85.3% من الديون المستحقة على الحكومة، و8.3% على الهيئات الاقتصادية، و6.4% على بنك الاستثمار القومي.
العديد من الخبراء استبعدوا قدرة الحكومة على سداد الديون بشكل كامل في الوقت الذي حددته سابقًا، أغسطس 2021، خاصةً في ظل توسع عمليات الاقتراض من الخارج والإنفاق على المشروعات غير ذات الجدوى الاقتصادية، معتبرين أن ما استطاعت الحكومة المصرية فعله خلال الفترة الماضية هو إعادة تدوير القروض، بمعنى الحصول على قروض جديدة لسداد الديون والفوائد للقروض القديمة، والعمل على إطالة أمد الديون، حيث انتقلت من الديون القصيرة الأجل إلى المتوسطة الأجل والطويلة الأجل.
خنق الحريات السياسية والإعلامية
عرف المشهد الإعلامي تحولات كبيرة، منذ تولي السيسي، كان أبرزها ظهور “أذرع إعلامية” وانتشار ما يسمى “المال المخابراتي”، وصولًا إلى ترسانة قضائية حكمت قبضتها على الصحافة والصحافيين، حتى تحولت مصر بحسب وصف الجهات الحقوقية الدولية إلى “سجن كبير للصحفيين”.
وكشفت منظمة “مراسلون بلا حدود” النقاب عن نتائج تحقيق أُجري بشأن ملكية وسائل الإعلام في مصر، تحت عنوان “وسائل الإعلام تحت سيطرة شبه كاملة”، حيث أصبحت أغلب المنابر الإعلامية تحت سيطرة النظام الحاكم، وباتت خاضعة مباشرة لسلطة الدولة أو أجهزة المخابرات أو تابعة لأملاك الأثرياء المقربين من الحكومة، بعد مضي ثماني سنوات على اندلاع الثورة المصرية.
تحولت معظم الأحزاب والتيارات السياسية إلى جدران خاوية، معدومة الأنشطة والفعاليات، في ظل تشديد القبضة الأمنية، الأمر الذي حولها إلى كيانات كرتونية لا قيمة لها
وحذرت المنظمة، في أغسطس 2018، من قانون مصري لمكافحة الجرائم الإلكترونية، قالت إنه يشرعن ممارسة الحظر والرقابة، وذلك بعد حجب القاهرة ما يزيد عن 540 موقعًا إخباريًا خلال العامين الماضيين، الأمر الذي دفعها إلى احتلال المرتبة الـ161من أصل 180 دولة في الترتيب العالمي لحرية الصحافة خلال سنة 2017.
في الإطار ذاته، ذكرت منظمة العفو الدولية، أن عشرات الحقوقيين المصريين يتعرضون لحملة تخويف كجزء من حملة مستمرة لإسكات المنتقدين، عبر هجمات إلكترونية متصاعدة ضدهم منذ بداية العام، وأظهر تحقيق للمنظمة أن عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان المصريين استُهدفوا في هجمات إلكترونية منذ بداية العام الحاليّ، يأتي ذلك في وقت تشير فيه منظمات حقوقية دولية إلى تردّي أوضاع حقوق الإنسان والحريات الفردية والإعلامية في البلاد.
وفي سياق متصل، تحولت معظم الأحزاب والتيارات السياسية إلى جدران خاوية، معدومة الأنشطة والفعاليات، في ظل تشديد القبضة الأمنية، الأمر الذي حولها إلى كيانات كرتونية لا قيمة لها، هذا في الوقت الذي تفتح فيه الساحات على مصراعيها لحزب “مستقبل وطن” الظهير السياسي للرئيس.
الوضع في سيناء
تشهد سيناء (شمال شرق) تصاعدًا في أعمال العنف منذ 2013، بين قوات الجيش المصري وبعض الجماعات المسلحة هناك على رأسها جماعة “أنصار بيت المقدس” في سيناء التي تحولت إلى “ولاية سيناء” بعد إعلان ولائها لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
ومن أجل التصدي لتلك الجماعات، نشر الجيش المصري أكثر من 40 ألف جندي من وحدات البحرية وسلاح الجو والمشاة، فيما أعلنت السلطات المصرية في الـ9 من فبراير 2018 بدء عملية شاملة في شمال ووسط سيناء، والظهير الصحراوي غرب وادي النيل، وذلك بهدف “القضاء على العناصر الإرهابية في سيناء”.
في تقرير مطول عنوانه: “اللي خايف على عمره يسيب سينا: انتهاكات قوات الأمن المصرية ومسلحي داعش في شمال سيناء“، وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، صورة تفصيلية للمشهد في سيناء الذي قالت فيه بأنه لا يحظى بتغطية إعلامية كافية، في ظل حظر التقارير المستقلة من شمال سيناء وسجْن عدة صحفيين غطوا الأحداث هناك.
إلى جانب ذلك، رصد تقرير المنظمة أن الوضع في سيناء وصل إلى مستوى النزاع المسلح غير الدولي، وانتهاك قوانين الحرب الدولية بين الأطراف المتحاربة، وكذلك قوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية، داعيةً إلى وقف المساعدات الأمنية والعسكرية لمصر على الفور، كما دعت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى تشكيل لجان مستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سيناء، متهمةً السلطات المصرية بالتقاعس في هذا الصدد.
كما بين التقرير، وجود حالات اعتقال جماعية تعسفية وعمليات إخفاء قسري وظروف احتجاز بالغة السوء وحالات تعذيب وقتل خارج نطاق القضاء، إضافة إلى هجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية، وهو ما عزز حالة الاحتقان لدى الكثير من سكان هذه المدينة وفق شهادات موثقة لنشطاء ومواطنين رصدتها منظمات حقوقية عدة.
ختامًا، تُبقي هذه الملفات ذات الحساسية المفرطة للأمن القومي المصري ولمستقبل الملايين من المواطنين، شروخات كبيرة في ثوب نظام السيسي، يمكنها أن تكون نواة لبث الروح مرة أخرى في الحراك الثوري الذي يعاني في الآونة الأخيرة من استفاقة نسبية بعد موت إكلينيكي دام طويلًا.