كشف مصدر مصرفي كبير في مصر أن خزانة الدولة تعاني من أكبر أزمة سيولة في تاريخها، وان الحكومة اضطرت للاقتراض من البنوك المحلية أواخر الشهر الماضي من أجل دفع رواتب الموظفين، لكنّ الأهم من ذلك أن عملية الاقتراض الحكومية لو تكررت فان القطاع المصرفي سيتعرض للانهيار خلال فترة وجيزة.
وأوضح المصدر الذي يشغل منصباً كبيراً في أحد أكبر وأهم المصارف المصرية أن البنوك اذا اضطرت لتمويل الحكومة مجدداً، لمرة واحدة فقط، فانها سوف لن تكون قادرة على الوفاء بأموال المودعين في البنوك المصرية، ولن تتمكن من الوفاء بطلبات السحوبات المعتادة التي يطلبها العملاء من بنوكهم، ما يعني أن القطاع المصرفي في مصر سيكون معرضاً للانهيار خلال شهر واحد أو اثنين على الاكثر في حال تكرر السحب الحكومي من أموال البنوك.
وكانت الحكومة قد بدأت في تنفيذ خطة اقتراض 200 مليار جنيه من البنوك المحلية لسداد عجز الموازن وهو ما اعتبره الإقتصاديون بأنه فشل في إدارة الدولة بشكل مبدئي ، خاصةً وأن الحكومة قد أعلنت فور توليها أنها ستعتمد على موارد الدولة ولن تلجأ للإقتراض.
وتقول مصادر ان الحكومة برئاسة حازم الببلاوي اضطرت لاقتراض 81 مليار جنيه (١١.٢ مليار دولار) الشهر الماضي حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها الدورية، ومن بينها رواتب الموظفين، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه خزينة الدولة من أزمة مالية حادة وغير مسبوقة، فضلاً عن انخفاض كبير في احتياطيات النقد الأجنبي المتوفر في البنك المركزي المصري.
ومع تعليق مؤسسات التمويل الدولية للقروض التي كانت تعتزم تقديمها لمصر بسبب عدم الإعتراف الدولي بنتائج الانقلاب العسكري وجد قادة الانقلاب وقادة الحكومة التي عينها الضابط عبدالفتاح السيسي أنفسهم أمام أزمة اقتصادية طاحنة وسط مقاطعة دولية وهو ما دعاهم للإعتماد على القروض المحلية بشكل أساسي وملفت للإنتباه.
ومع استمرار أزمة العملات الأجنبية اقترضت حكومة الانقلاب خلال الأيام القليلة الماضية نحو 549 مليون يورو من بنوك محلية ومؤسسات مالية أجنبية لمقابلة استحقاقات حل أجلها ، حيث طرح البنك المركزى عطاء نيابة عن وزارة المالية لأجل عام يستحق فى 26 أغسطس 2014.
وحول الـ12 مليار دولار التي تكفلت دول الخليج بدفعها لمصر دعماً لاقتصادها يشرح الخبير والمحلل الاقتصادي أنها “لا يمكن أن تحمي الاقتصاد”، مشيراً الى أن الحكومة اضطرت لاقتراض 81 مليار جنيه، ما يعني أن المليارات الاثنا عشر يمكن أن تسد حاجات البلاد لأيام معدودة فقط.
وبحسب الخبير الذي طلب عدم نشر اسمه، فانه على الرغم من أن مبلغ الـ12 ملياراً ليس كبيراً بالنسبة لحجم الاقتصاد المصري الا أن دول الخليج لم تدفعه بالكامل أيضاً حتى الان، كما أن جزء من هذا المبلغ قامت الكويت بتسديده لمصر على شكل مساعدات نفط، أي أنه لم يكن سيولة نقدية.
كما يلفت الخبير الاقتصادي الى أن تكلفة انتشار الجيش المصري في الشوارع منذ 25 يونيو الماضي وحتى الان، مع الاضطرابات التي عمت البلاد منذ ذلك التاريخ، اضافة الى عملية فض الاعتصامات، ربما تزيد تكلفتها عن 12 مليار دولار بكثير، ما يعني ان ما دفعته دول الخليج لمصر لا يغطي في أحسن أحواله تكلفة انتشار الجيش في الشارع، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية الأخرى.
ورغم الدعم الخليجي للضباط المصريين الذين يحكمون الدولة الآن، والذي وعدت به السعودية والإمارات والكويت، بالإضافة إلى الأردن، إلا أن جميع المؤشرات تشير إلى أنه مع معدلا الانفاق والاقتراض الحالي فإن الاقتصاد المصري مُهدد بشكل حقيقي، خاصة مع عدم رغبة المؤسسات الدولية في مساندة الاقتصاد الذي يستهلك العسكر من احتياطه من النقد الاجنبي بمعدلات لا تتحملها مصر.