ترجمة وتحرير نون بوست
لم يُخلق العالم من أجل بومة الليل. أنت تكافح من أجل الذهاب إلى العمل قبل الساعة العاشرة صباحًا، الذي يعد وقت شرب قهوة الصباح بالنسبة لك. في ذلك الوقت، قد يلقي عليك التحية شخص لطيف كان يمارس التمارين الرياضية في إحدى الصالات، التي تعد مهمته السادسة في قائمة مهامه اليومية.
في الحقيقة، كنت أبالغ في تخيل حجم الضغط المسلط على هؤلاء الأشخاص الصباحيين، لكنني شاهدت في العامين الماضيين نور الصباح، وأصبحت من أحد هؤلاء الأشخاص. وفي حال كنت تحب البقاء مستيقظًا أثناء الليل لكنك تكره الذهاب إلى العمل في الصباح الباكر، إليك الطريقة المثلى لتتمكن من ذلك.
المشكلة في السهر لوقت متأخر
بعد يوم عمل شاق، تصل أخيرًا إلى المنزل، تجلس أمام التلفزيون وتشاهد البرنامج الذي تحب متابعته. بعد ذلك، عندما يحين وقت النوم المناسب، تشعر أنك ترغب في مشاهدة المزيد منه وتقول في نفسك “لقد كان يومًا شاقًا، ألا يحق لي مشاهدة حلقة واحدة أخرى؟” لذلك يمكنك تشغيل الجهاز، والتضحية ببعض من الوقت المخصص للنوم من أجل نتفليكس، وتستمر هذه الدوامة التي تبقيك متعبًا طوال الوقت.
في هذا السياق، أوضح الدكتور أليكس ديميتريو، مؤسس عيادة مينلو بارك للطب النفسي وعلاج النوم أن “الأيام الطويلة تجعلنا متعبين ومرهقين، ولكن في الواقع ستكون أيامنا أقل صعوبة وأقل إرهاقًا إذا لم نبذل مجهودًا كبيرًا خلالها”. تكمن المشكلة في أن تكون بومة ليل وتنام في الساعات الأولى من الصباح، التي تحدث فيها مرحلة نوم حركة العين السريعة أو الأحلام، وبدلاً من النوم لمدة سبع أو ثماني ساعات في الليلة، يجبر معظم بوم الليل على النوم خمس أو ست ساعات، فضلاً عن أنهم يجدون صعوبة في الاستيقاظ في الصباح”.
في حال كانت هذه الحلقة الإضافية من نتفليكس ستجبرك على التقليل من ساعات نومك، فعليك محاولة فعل شيء حيال ذلك.
في الواقع، لا يستطيع ديميتريو التأكيد بما فيه الكفاية على مدى أهمية مرحلة نوم حركة العين السريعة، حيث قال إنها “مفتاح طاقتنا العاطفية والإبداعية وتعد بمثابة علاج ذاتي”؛ مضيفًا أنها ” تساهم في تحقيق توازن نفسي بطرق أكثر مما يمكنني أن أصفها” ودون الحصول على ما يكفي منها، تواجه ذاكرتنا فضلاً عن مزاجنا الكثير من الاضطرابات”.
في حال كنت تملك حرية الاستيقاظ وقت ما تشاء، فإن الأمور تختلف، بينما في حال كانت هذه الحلقة الإضافية من نتفليكس ستجبرك على التقليل من ساعات نومك، فعليك محاولة فعل شيء حيال ذلك.
تعلم أن تحب الحصول على ليلة نوم جيدة
أورد الدكتور ديمتريو أن “جزءًا من المشكلة المتعلقة بمحاولة تغيير عادات نومك هو المدة بين إحداثك تأخيرًا بسيطًا في وقت النوم لعدة ليال، والشعور بأنك على ما يرام في اليوم التالي، لذلك يستسلم الكثير من الناس قبل أن يلاحظوا أي فرق. في المقابل، يعد الصبر هو مفتاح النجاح، حاول التمسك بهذه العادة لمدة أسبوع، ستصبح الأيام أسهل، وبمجرد أن تصبح الأيام أسهل، ستتعلم أن تحب النوم مجددًا”.
في شأن ذي صلة، قال الدكتور ديمتريو إن “الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة مثيرة للغاية”. وتابع المصدر ذاته “لا يجد الكثير من الناس صعوبة في النوم بعد قراءة كتاب مقارنةً بتصفح المواقع الإلكترونية. تمتع بمزيد من الهدوء وأنشطة الاسترخاء خلال ساعة أو ساعتين قبل التخطيط للنوم”. وتعتبر الكتب والكتب الصوتية والاستماع إلى الموسيقى أو حتى التأمل من طقوس النوم المثالية، لذلك تأكد من ألا تعبث بهاتفك أكثر من اللازم قبل وقت النوم.
إن النوم أفضل من قراءة الأعمال الأدبية العظيمة، بعد الساعة العاشرة مساء.
علاوة على ذلك، يجب تجنب ممارسة التمارين الرياضية وتناول وجبات دسمة والتعرض إلى الأضواء الساطعة، لاسيما مصادر الضوء الأزرق مثل الشاشات، قبل ساعة أو ساعتين من وقت النوم، ولا تقلل الأضواء الزرقاء من مستوى الميلاتونين فحسب، مما يجعل من الصعب النوم، بل تجعل نوعية النوم التي تحصل عليها خلال الليل سيئة أيضًا.
شخصيًا، أجد أنه من الأسهل الذهاب إلى الفراش في وقت مبكر إذا سمحت لنفسي بالشعور بالملل قليلاً في المساء. إن النوم أفضل من قراءة الأعمال الأدبية العظيمة، بعد الساعة العاشرة مساء.
حدد هدفًا تستيقظ من أجله
أشار الدكتور ديميتريو إلى أحد مرشديه، الدكتور رافائيل بيلايو، الذي سأل أحد المرضى قائلا: “ما الذي تستيقظ من أجله؟”. في الواقع، يعمل الكثير من الناس لفترة طويلة، ويمرون بأيام صعبة، “وتعتبر الأمسيات بالنسبة لهم فترة الراحة الوحيدة فلماذا يذهبون للنوم مبكرًا “فقط لمباشرة يوم آخر من العمل مرة أخرى؟ ولكن بدلاً من ذلك، يوصي الدكتور ديميتريو بأن يكون “هناك أمر مبهج أو مرغوب فيه نتطلع إليه في الصباح” قبل التوجّه إلى العمل. تعتبر أمور مثل القهوة والأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الهاتف الذكي دون انقطاع كلها مناسبة، حتى أنه استخدم ألعاب الفيديو كحافز لدى بعض الشباب لجعلهم يستيقظون باكرًا.
يمكنك ممارسة التحكم عندما تكون مستيقظا بشكل كامل أكثر مما يمكنك التحكم عندما تغفو.
يعدّ الخروج إلى ضوء النهار صباحًا رائعًا أيضًا، إذ يعمل الضوء فيزيولوجيًا كمؤشر طبيعي للنظم اليوماوي في أجسامنا. بعبارة أخرى، كلما زادت نسبة الضوء الذي تحصل عليها في الصباح، كان النوم في تلك الليلة أسهل، وينبغي عليك تجنّب ارتداء النظارات الشمسية من البداية.، وإذا كان بإمكانك جدولة كل ما تستيقظ من أجله في الصباح، سيكون ذلك أفضل. إن تحديد هدف ممتع وافقت على القيام به يعتبر طريقة مضمونة لدفعك إلى الاستيقاظ باكرًا. يعدّ راكبو الأمواج من أوائل الناس الذين يستيقظون في وقت مبكر في هذا العالم، حيث لا يسعهم تفويت جاذبية شروق الشمس على الأمواج مع الأصدقاء.
أكثر ما أحبه في الاستيقاظ مبكرًا هو مقدار الوقت الذي يمنحني إياه قبل الذهاب إلى العمل، بدلاً من النهوض من السرير والذهاب مباشرة إلى العمل، أستيقظ ببطء وأتوجه إما إلى صالة الألعاب الرياضية لممارسة التمارين أو أتنزّه مع كلبي لفترة طويلة. كما أنني أقوم بالأمور التي عادة ما أتركها (على مضض) للمساء، مما يمنحني مزيدًا من وقت الفراغ في وقت لاحق من اليوم.
قم بإحداث التغييرات تدريجيًا
ينبغي أن تكون التغييرات التي تجريها على جدول نومك تدريجية. في هذا الصدد، قال الدكتور ديميتريو إنه “يمكنك ممارسة التحكم عندما تكون مستيقظًا بشكل كامل أكثر مما يمكنك التحكم عندما تغفو”. وأوصى الدكتور بمحاولة الاستيقاظ بحولي “30 دقيقة أبكر من المعتاد كل أسبوع، والقيام في المساء بالأنشطة الهادئة والمريحة التي تساعد على النوم”. خصص حوالي 30 دقيقة كل أسبوع، أو بقدر ما يسمح به جدولك (ومستوى التعب). وبمجرد أن تشعر بالتعب، اذهب إلى النوم ولا تقاوم.
تتبع حالتك المزاجية لمعرفة المكاسب
البشر سيئون في إدراك التغيرات والمكاسب طويلة الأجل. في هذا الشأن، اقترح الدكتور ديميتريو تتبع حالتك المزاجية ومستويات الطاقة وعادات النوم لمدة أسبوعين تقريبًا أثناء النوم، وأوضح أنه من الضروري إدراك أن هناك “فرقًا كبيرًا بين ما تشعر به في الصباح مقابل ما تشعر به خلال اليوم”. في الحقيقة، لن يشعر الأشخاص الليليين بشعور عظيم عندما يستيقظون باكرًا، ولكن كما قال الدكتور ديميتريو: “إن ما تشعر به في فترة ما بعد الظهر يعدّ اختبارًا حقيقيًا لجودة النوم. والجدير بالذكر أن النوم الكافي يساهم في تحسين الذاكرة واستقرار الحالة المزاجية والإبداع والسيطرة على الانفعالات وعادات تناول الأكل والشرب. تتبع هذه العادة لفترة من الوقت قبل أن تقرر أن النوم لمدة ثماني ساعات لا يختلف عن النوم لمدة ست ساعات”.
قد يكون هذا النمط الزمني الخاص بك
إذا كنت من الأشخاص الليليين ولا شيء يستطيع أن يغيّر عادة نومك، فقد يكون هذا بمثابة النمط الزمني الخاص بك، أو أن الاستيقاظ في وقت مبكر والإنتاج مقابل النوم والإنتاج لاحقا يعدّ أمرًا طبيعيًا بالنسبة لك. ووفقًا للدكتور ديميتريو، فإن التطور ربما يكون قد برمج بعض الناس على النوم مبكرًا والبعض الآخر على النوم في وقت متأخر للتأكد من “أن القرية مراقبة بشكل تام خلال الليل”. ومع ذلك، نوّه ديميتريو بأن: “عالمنا الرقمي المثير جعل بالتأكيد الأمور أسوأ. ومن النادر، في ظل عدم وجود الكهرباء، أن نجد أشخاصًا ينامون بشكل مفرط في مجتمعنا، على سبيل المثال، من الثالثة صباحًا إلى العاشرة صباحًا”.
على الرغم من أنني كنت لسنوات من الأشخاص الليليين، إلا أن ذلك كان على ما يبدو في الوقت الراهن نتيجة لعادات النوم السيئة ومشاهدة الشاشة بكثرة حتى وقت متأخر من الليل، وليس بسبب النمط الزمني الخاص بي. من خلال إضافة بعض الانضباط إلى طريقة نومي، وتعلم حب النوم مرة أخرى، وجدت إيقاعًا طبيعيا أكثر. لا أزال أشاهد موقع “نتفليكس” وأمارس ألعاب الفيديو، بل أقوم بذلك في وقت مبكّر من المساء عندما أصبح لدي الكثير من وقت الفراغ، نظرا لأنني استيقظت منذ الساعة 5.30 صباحًا.
المصدر: نيويورك تايمز