ترجمة وتحريرنون بوست
يعتبر القلق بلا شك من الحالات المتفشية في عصرنا الحالي. وحسب منظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 260 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من اضطرابات القلق، أي ما يعادل 3.5 بالمئة من سكان العالم. ولكن أولئك الذين يعانون من القلق دون الوصول إلى درجة الإصابة باضطراب القلق كثيرون.
أشارت دراسة استقصائية حول تصورات وعادات السكان الإسبان حول الإجهاد، نُشرت في سنة 2017، إلى أن القلق يعد ثاني أكثر الأعراض المتكررة لدى أولئك الذين يعانون من الإجهاد. ووفقا لهذه الدراسة، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن حوالي 42 بالمئة من السكان يتعرضون للحظات من التوتر “بشكل متكرر أو مستمر”، وأنه في حوالي 39.5 بالمئة من الحالات يكون القلق هو النتيجة، فهذا يعني أن هذه المشكلة تؤثر على حوالي 7.7 مليون إسباني، أي واحد من كل ستة أشخاص.
إلى جانب المساعدة المهنية التي تعتبر مهمة أو أساسية في العديد من هذه الحالات، من الجيد معرفة الطرق الطبيعية التي تساعد على الحد من القلق الذي غالبا ما يطغى على الحياة اليومية بالنظر إلى عدة عوامل، تشمل بالأساس كثرة ساعات العمل، وكثرة الالتزامات الاجتماعية، والصعوبات الاقتصادية، والمشاكل الزوجية.
وفي هذا التقرير، سنسلط الضوء على البدائل الطبيعية التي تساعد على مكافحة القلق.
ممارسة الأنشطة البدنية
يشير موقع “سنفاسالود” للصحة إلى أن النشاط البدني من إحدى الطرق الرئيسية التي ذكرها الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع لتقليل مستويات التوتر لديهم. هذا أمر منطقي، لأن التمرين يحفز إنتاج النوربينيفرين، وهي مادة تعمل على تعديل استجابة الدماغ للإجهاد. كما تساعد هذه التمارين على إفراز هرمون الإندورفين، الناقل العصبي المعروف باسم “هرمون السعادة”، إلى جانب إفراز الدوبامين والسيروتونين والهرمونات الأخرى التي تساهم في توليد هذه الأحاسيس اللطيفة.
المشي في الطبيعة
أظهرت الدراسات الحديثة أن المشي في الغابة والريف والبيئات الطبيعية الأخرى يساعد على التخلص مما يسمى “بالتذمر المفرط”، والأفكار التي تعود إلى الذهن مرارا وتكرارا، والتي يمكن أن تصبح مهووسا بها وتسبب لك التوتر والقلق. من ناحية أخرى، اكتشف نفس الباحثين أن التجول في الطبيعة له فوائد أخرى، على غرار تحسين الذاكرة التشغيلية على المدى القصير التي تعد ضرورية للمهام المعرفية المعقدة، مثل القراءة أو العمليات الحسابية.
تجنب التسويف
يرتبط الإفراط في التسويف، الذي يكمن في تأجيل المهام الضرورية لتخصيص الوقت للقيام بمزيد من المهام الترفيهية، بالإجهاد والقلق بالإضافة إلى تدني الأداء الأكاديمي والمهني وتفاقم بعض الأمراض. كيف يمكن أن نحارب هذا الميل إلى تأجيل المهام إلى يوم غد؟ تتمثل بعض النصائح البسيطة في تصور مدى جودة “القيام بذلك” في وقته، والتفكير في الأضرار التي قد تنجر عن ترك المهمة معلقة، فضلا عن منح نفسك جوائز صغيرة على كل تقدم تحققه.
شرب منقوع الأعشاب
إن شرب منقوع بعض الأعشاب من بين العادات المعروفة منذ عدة قرون في ثقافات عديدة وذلك بفضل خصائصها المختلفة، خاصة وأنها تساعد على تعزيز الاسترخاء وتزيل القلق. لقد أثبت العلم هذه التأثيرات عند شرب أنواع معينة من الشاي، على غرار شاي البابونج، الزيزفون، الناردين الطبي، وشاي العبعب (الذي يستخدم على نطاق واسع لدى الهندوس). وبالنسبة لبعض الأعشاب الأخرى، من قبيل شاي كافا وزهرة الآلام، لم تتمكن الدراسات بعد من تقديم نتائج قوية. وفي أي حال، إن مجرد تخصيص بعض الوقت لإعداد هذا المشروب والجلوس لشربه يمكن أن يساعدك على التقليل من حدة وتيرة يومك وبالتالي تخفيف الشعور بالقلق.
التأمل والتنفس
أكدت الكثير من البحوث العلمية أن طرق التنفس المختلفة العلمية وتقنيات الاسترخاء الأخرى تعود بالكثير من الفوائد على نفسية الإنسان إلى جانب جميع الممارسات الدينية الأخرى المرتبطة بالتأمل. ومن بين هذه الفوائد الحد من التوتر وخطر الإصابة بالاكتئاب، وبذلك يحمي الإنسان نفسه من مشكلة القلق ومخلفاته العديدة. وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص الذين يمارسون أنشطة التأمل والتنفس بشكل منتظم ولفترات طويلة من الزمن يستفيدون أكثر من غيرهم من هذه الأنشطة.
التنفس في كيس
على عكس تمارين التنفس المذكورة سابقا، التي لوحظت آثارها الإيجابية خاصة على المدى الطويل، فإن التنفس في كيس ورقي يعد بمثابة محاولة التحكم في ما يسمى فرط التنفس الذي عادة ما يأتي للإنسان مرفقا بموجات من القلق الحادة. وتتمثّل هذه الطريقة في التنفس بأكثر الطرق الطبيعية الممكنة بين ست واثنتي عشرة مرة عن طريق الفم والأنف باستخدام كيس ورقي.
تساعد هذه الطريقة الشخص على الحد من فرط التنفس عن طريق إعادة الرقم الهيدروجيني للدم إلى نسب محايدة وطبيعية، حيث يستعيد الدم التوازن بين الأكسجين وثنائي أكسيد الكربون. ومع ذلك، ينبغي على الشخص توخي الحذر عند التنفس في الكيس لأن الكثير من المختصين لا يشجعون مثل هذه الطريقة. قد تكون نتيجة هذه الطريقة في التنفس كارثية في حال كان الشخص يعاني من الربو والوذمة الرئوية وداء الانسداد الرئوي المزمن، من بين أمراض أخرى.
الكتابة
للكتابة آثار علاجية عديدة على المستوى النفسي. وقد أفاد علم النفس بأن الحفاظ على مذكرات شخصية أو مجرد كتابة بعض المواقف المؤلمة يمكن أن يحسن الصحة العاطفية وحتى البدنية للشخص. لذلك، تعتبر الكتابة تمرينا علاجيا من شأنه أن يقلل من التوتر والشعور بالقلق.
تزيين المنزل بالنباتات أو حديقة
خلال شهر أغسطس/ آب من السنة الماضية، تصدّرت أخبار أطباء من مركز مانشستر للتدريب في المملكة المتحدة العناوين الرئيسية للعلاج الذي بدأوه مع المرضى الذين يعانون من القلق والاكتئاب. وتتمثل هذه الطريقة في منحهم نباتات داخلية حتى يهتموا بها ويجلبوها معهم في حصص علاج قادمة.
حيال الشأن، قالت أوغوستا وارد، واحدة من المتخصصين المسؤولين عن المبادرة، إن “اعتناء الإنسان بأي شيء في محيطه له العديد من الفوائد على المستوى النفسي، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم حديقة ولا يمكنهم العيش مع الحيوانات الأليفة”. يمكن تصبح رعاية النباتات سواء داخل المنزل أو في الحديقة وسيلة لمكافحة خطر القلق أو بعض المشاكل الأخرى المرتبطة به. بالإضافة إلى ذلك، تحسّن النباتات الداخلية نوعية الهواء.