ترجمة وتحرير نون بوست
يُقال إن دونالد ترامب اختار أن يدعو اثنين من السياسيين الإسرائيليين ولم يدع أي فلسطينيين إلى واشنطن لإطلاق خطته للسلام من أجل حل الصراع القائم منذ عقود، سوف يطير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومنافسه بيني غانتز نهاية هذا الأسبوع من أجل مناقشات منفصلة مع الرئيس الأمريكي بشأن ما أطلق عليه صفقة القرن.
تقول القيادة الفلسطينية التي قطعت الاتصال مع واشنطن منذ سنوات إنها لا تثق في الولايات المتحدة كوسيط نزيه، حيث إنها اكتشفت بشأن الخطة من الإعلام الإسرائيلي، وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: “موقف الفلسطينيين الواضح والثابت هو رفض أي مبادرات من ترامب”، كما أضاف صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أن أي اقتراح يتجاهل احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية سيسجله التاريخ كاحتيال القرن.
تشير تسريبات الإعلام الإسرائيلي إلى اتفاق لا يمكن للفلسطينيين قبوله – إذا كانوا يريدون حقًا أن تكون لهم دولة ذات سيادة – فوفقًا لقناة 13 الإسرائيلية، تتضمن الخطة منح “إسرائيل” سيطرة كاملة على القدس مع تمثيل رمزي للفلسطينيين.
سوف تملك “إسرائيل” أيضًا سيادة على مستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة، مما يعني فعليًا الحصول على ثلث الأراضي الفلسطينية، تقول التسريبات أيضًا إن الخطة تجعل السيادة الفلسطينية مشروطة بأشياء مثل التجريد العسكري الكامل لغزة ونزع سلاح حماس، وهي شروط لا يمكن لأي قائد فلسطيني تنفيذها.
تقول الخطة الاقتصادية التي أعلنوها في البحرين العام الماضي إن الفلسطينيين سيحصلون على حوافز اقتصادية مقابل حقوقهم
هكذا يبدو أن الاتفاقية لا تهتم بحل مشكلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتغاضي عن مبادئ السلام المقبولة مع إضفاء الشرعية على الواقع الحقيقي (الامتلاك الفعلي لمعظم أراضي الضفة الغربية) حتى لو خالف ذلك القانون الدولي، ومع عدم وجود أي قوة عالمية أخرى تقدم مبادرة بديلة فقد تنجح خطة أمريكا.
وبغض النظر عن التسريبات، غرد جاسون جرينبلات مستشار ترامب في “إسرائيل” لمبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف – الذي قال إن ضم المناطق الواقعة تحت سيطرة “إسرائيل” في الضفة الغربية سيكون ضربة مدمرة لتقدم السلام في المنطقة – قائلًا إنه لا بد من التحقق من الواقع فيما يتعلق بالضفة الغربية، كان جاريد كوشنر – زوج ابنة ترامب – مهندس الخطة قد أوضح تمامًا أن عبارة “حل الدولتين” – المقبولة بشكل كبير لحل الأزمة – لن تكون موجودة في الخطة.
الأمر ليس مفاجئًا تمامًا، فعند كشف الجانب الاقتصادي من الخطة في البحرين العام الماضي، تجنب كوشنر الحديث عن احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية والحروب القريبة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل في غزة ورغبة الفلسطينيين في إقامة دولة.
بدلًا من ذلك تحدث عن مجتمع فلسطيني يستطيع أن يحصل على فائدة مالية إذا استسلم فقط، تقول دكتورة يارا هواري السياسية البارزة في مؤسسة “الشبكة: شبكة السياسات الفلسطينية”: “تقول الخطة الاقتصادية التي أعلنوها العام الماضي إن الفلسطينيين سيحصلون على حوافز اقتصادية مقابل حقوقهم، ووفقًا للعناصر الجغرافية للخطة، فلا أعتقد أبدًا بإمكانية إقامة دولة فلسطينية”.
يتفق نواه جوتشلك – مدير السياسات الإنسانية في أوكسفام أمريكا – على أن خطة إدارة ترامب ليست اتفاقية سلام لكنها خريطة طريق لاحتلال دائم، ودعا الكونغرس الأمريكي والمرشحين الرئاسيين لرفض تلك الخطة، وأضاف “إضفاء الشرعية على انتهاكات الحقوق المستمرة وترسيخ الانقسامات السياسية القائمة يضعف مظاهر السلام في الخطة ويقوض أي أمل باقٍ للولايات المتحدة للعمل كوسيط موثوق بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المستقبل”.
يبدو أن وقت وطريقة تنفيذ الخطة مدفوع بجدول الأعمال المحلية الأمريكية والإسرائيلية وليس بسبب الصراع، فترامب يتجه للانتخابات بينما يخضع للمحاكمة، ويخوض نتنياهو حملة لإعادة انتخابه بينما يواجه لائحة اتهام.
وفقًا لهواري فالرجلان يدركان جيدًا مأزقهما المتوازي، وأضافت: “لقد رأينا المحادثة بين مايك بنس – نائب ترامب – ونتنياهو في اليوم التالي لاتهام ترامب وقد قال بنس إن ترامب لا يمكن إيقافه تمامًا مثل نتنياهو، مما يظهر أن خطة ترامب تسير جنبًا إلى جنب مع إعادة انتخاب نتنياهو”.
تتفق تمارا كوفمان – الزميلة في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز – مع ذلك حيث تقول: “في تلك اللحظة وفي تلك الظروف فهذه المقترحات عن النتائج المحلية تتعلق بمساعدة ترامب ونتنياهو على تعزيز كل منهما للآخر في الدوائر الانتخابية المحلية حيث يواجه كل منهما تحديات سياسية”.
أشار المعلقون الإسرائيليون للأمر نفسه، حيث قال يوسي فيرتر في جريدة هآرتز: “خطة ترامب تولد قضية من العيار الثقيل التي من شأنها أن تغطي على قضية حصانة ترامب في محاكمة الفساد، وحتى التوقيت مثالي للغاية، فاجتماع ترامب ونتيناهو وغانتز في واشنطن سيكون يوم الثلاثاء وهو نفس اليوم الذي سيجتمع فيه الكنيست لمناقشة تأسيس لجنة برلمانية لمعالجة طلب الحصانة الخاص بنتنياهو”.
لقد بدت الخطة كأنها انتصار لحق “إسرائيل” وضوء أخضر فعلي من واشنطن لضم الأراضي الفلسطينية، هذا الأمر يجعل من الصعب على غانتز أن يتحدث عن الحصول على معقد نتنياهو في رئاسة الوزراء أو الحديث عن أي شيء لا يمثل وحدة كاملة.
في الوقت نفسه سترفض القيادة الفلسطينية تلك الخطة بلا شك وستقدم المزيد من الدعم للرواية الفلسطينية لإظهارهم كمفسدين وليسوا دعاة سلام، فالسلام لم يكن ما يقدمونه حقًا.
المصدر: إندبندنت