ترجمة وتحرير نون بوست
أكد مسؤولون في جهازين استخباريين مؤخرًا أن أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي هو خليفة أبو بكر البغدادي خليفة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الذي قُتل على يد القوات الأمريكية في شهر أكتوبر، بعد مقتل البغدادي أشارت وسائل إعلامية مختلفة إلى الصلبي كخليفة للبغدادي استنادًا إلى بيان رسمي من الجماعة أشار إلى اسم عبد الله قرادش.
لكن بعد ذلك انتشرت تقارير متضاربة بشأن مقتل البغدادي من عدمه ولم يؤكد المسؤولون في الاستخبارات خليفته، ومع ذلك أعلنت وزارة خارجية الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل رأسه.
يعد الصلبي تركمانيًا من مدينة تلعفر العراقية، وحقيقة تقدمه سريعًا في صفوف الجماعة تكشف فعالية التركمان العراقيين في تلك الجماعة الإرهابية، هناك 3 أسباب لذلك: ترتبط أولًا بمصير الضباط العراقيين الذين فقدوا حياتهم المهنية بعد الغزو الأمريكي في 2003 وقرار حل الجيش العراقي، الأمر الثاني مرتبط بتجربة السجن المشتركة، والثالث بمدينة تلعفر الريفية في ظلال الموصل.
العلاقة العسكرية
جند تنظيم “داعش” الضباط الذين فقدوا عملهم وآمالهم في المستقبل بعد حل الجيش العراقي بواسطة قوات التحالف المؤقتة عام 2003، أو الذين فقدوا وظائفهم بسبب سياسات اجتثاث البعث اللاحقة التي أثرت على العراقيين العرب والتركمان السنة.
في 2014 بعد أن غزا تنظيم داعش الموصل وسيطر على ما يقرب من ثلث العراق، كان العراقيون يسيطرون على معظم المناصب القيادية بما في ذلك الضباط المخضرمين للجيش العراقي في عهد حزب البعث.
أعاد ضباط سابقون في قوات الأمن العراقية لصدام، تشكيل العراق والمنطقة في 2014
ووفقًا لأسمائهم الأخيرة، فمعظم قادة الجماعة كانوا عراقيين عرب أو تركمان سنة ذوي مهن ترتبط بالجيش أو الأمن، وقد وصل معظهم إلى رتبة عقيد وخدموا في السلاح الجوي أو المخابرات العسكرية.
كان أحد أعضاء مجلس الشوري – أعلى هيئة تنفيذية في الجماعة – أبو مسلم العفري التركماني الذي خدم في المخابرات العسكرية والقوات الخاصة في عهد البعث، وهو تركماني من تلعفر خدم في الجيش العراقي تحت قيادة صدام حسين.
وإذا كانت مجموعة من العقداء المنقسمين الذين أطلقوا على أنفسهم الضباط الأحرار قد قاموا بانقلاب عسكري في بغداد عام 1958 باسم العلمانية العربية أو القومية العراقية، فقد أعاد ضباط سابقون في قوات الأمن العراقية لصدام، تشكيل العراق والمنطقة في 2014.
علاقة معسكر بوكا
لكي يتقدم هؤلاء الضباط في المناصب العسكرية في أثناء حكم صدام، كان عليهم في الماضي إثبات علمانية حزب البعث، هؤلاء الضباط السابقون الذين انضموا وتقدموا في صفوف داعش ربما ولدوا مسلمين سنة من جديد وأصبحوا أكثر تدينًا في أثناء حملة صدام الدينية في التسعينيات التي سعت لإعادة إدخال الدين في الحياة العامة العراقية بعد مآسي حرب الخليج عام 1991 وفرض العقوبات.
بعض الضباط الآخرين ربما كانوا يسعون بسخرية للتلاعب بقوة الإيمان، وربما أصبح بعضهم أكثر إيمانًا خلال اعتقالهم بعد عام 2003 في معسكر بوكا وآمنوا حقًا بالمظهر الديني لداعش، ومثل البغدادي كان الصلبي معتقلًا في معكسر بوكا الذي تديره الولايات المتحدة بالقرب من الحدود العراقية الكويتية، ويبدو أنه داخل هذا السجن اجتمع البغدادي وبقية قادة داعش كنواة لتنظيم الدولة الإسلامية.
بمجرد الإفراج عن السجناء وبعد أن أصبحوا أكثر قوةً وصلابةً بسبب الاعتقال، سيعيدون إحياء الجماعة الضعيفة بعد مقتل قادتها أبو أيوب المصري – صانع قنابل مصري – وأبو عمر البغدادي – أحد الضباط الذين عملوا تحت قيادة صدام حسين أيضًا – في أبريل 2010 خلال غارة مشتركة شنتها القوات الأمريكية والعراقية قرب تكريت.
علاقة تلعفر
إن حقيقة وجود شخصيتين بارزتين في داعش من أصل مدينة تلعفر الريفية بالقرب من مدينة الموصل الأكثر تحضرًا يكشف دينامية سابقة في التاريخ العراقي، فصدام وعشيرته جاؤوا من ريف تكريت وسيطروا على بغداد بواسطة حزب البعث وانقلاب عسكري، أما ريف تلعفر الذي يصادف أنه تركماني فقد سيطر على الموصل بواسطة داعش ومجموعة من الضباط العراقيين السابقين.
وحتى اليوم ما زالت الموصل ملاذًا لبقايا داعش الذين سعوا للذوبان مرة أخرى في المدينة، أحد الأسئلة المطروحة عن وجود الصلبي في موقع الخليفة الجديد هو أن التركماني لن يكون له نسب عربي مثل البغدادي الذي يدعي أنه من نسل النبي محمد، وهو نسب زائف استخدمه التنظيم لتبرير قيادته.
يُقال إن الصلبي – رغم أنه تركماني – ينحدر من قبيلة قريش، الذي يعد شرطًا أساسيًا للخليفة في الفقه السني، وسواء كان هذا النسب حقيقي أم مزيف فهو يكشف دينامية أخرى في الشرق الأوسط يُعد فيها الأصل العرقي أمرًا ثابتًا.
من الناحية التاريخية فقد انتقلت القبائل العراقية ونسل النبي محمد إلى المناطق الثقافية التركية والكردية والفارسية والهندية وتبنوا لغة وثقافة تلك المناطق.
إن مسار الصلبي في داعش ليس رمزًا على أي حال لجميع التركمان العراقيين الذين انقسموا إلى سنة وشيعة وعانى كلاهما من الوحشية تحت حكم داعش. إنها بالأحرى قصة عن تأثير الإقصاء والسجن في بعض أفراد هذا العرق سواء من خلال الحرمان من فرص العمل بعد عام 2003 أم إهمال الريف العراقي قبل وبعد حكم صدام.
المصدر: ميدل إيست آي