وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بخطته للسلام في الشرق الأوسط والمسماة إعلاميًا “صفقة القرن” التي أعلن ملامحها أمس الثلاثاء، الأنظمة العربية في مأزق حقيقي أمام شعوبها والتاريخ على حد سواء، حيث ألقى الكرة مجددًا في ملعب العرب للتثبت من مكانة القضية الفلسطينية على قائمة أولويات الحكام.
ليست المرة الأولى التي يعطي فيها ترامب للحكومات العربية قبلة الحياة في اتخاذ موقف موحد يعيد احترام الشعوب العربية لأنظمتها الحاكمة، ويزيل ما علق بها من اتهامات التآمر والخيانة والتطبيع، فعلى مدار العامين الماضيين منح الرئيس الأمريكي حكام المنطقة أكثر من فرصة لتحسين صورتهم المشوهة شعبيًا.
البداية كانت باعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ونقل سفارة بلاده إليها، داعيًا كل الدول إلى اتخاذ ذات الموقف، ومن بعدها الاعتراف بحق تل أبيب في أراضي الجولان السورية، ومع ذلك جاءت ردود الفعل العربية باهتة لا تتناسب مطلقًا وتداعيات مثل هذه القرارات على مستقبل العرب.
فرصة جديدة يمنحها البيت الأبيض للأنظمة العربية لتبني ردة فعل تتناسب وحجم صفقة القرن التي تستهدف في المقام الأول بحسب ما وصف خبراء “تصفية القضية الفلسطينية” تمامًا، غير أن المؤشرات جميعها تذهب إلى تكرار ذات السيناريو السابق، وأن الرهان على موقف حازم ينتصر للقضية الأم رهان خاسر، الأمر الذي يفتح الباب أمام البديل القادر على التصدي لعجرفة ترامب حتى ولو كانت من قبيل الدعاية السياسية.
https://t.co/tvvvnGEmjo pic.twitter.com/vSV0YPyQrg
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) January 28, 2020
إعلان سياسي
واقعيًا من المستبعد نجاح تنفيذ هذا المخطط بصيغته المطروحة دون موافقة السلطة الفلسطينية، حتى لو حظيت بدعم حلفاء ترامب من الدول العربية، لكن في المقابل ستمنح “إسرائيل” لأول مرة في تاريخها القدرة على رسم حدودها بضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن وفقًا للاعتبارات الأمنية ووفقًا للمصالح الإستراتيجية الإسرائيلية.
كثير من الخبراء والمحللين – من بينهم إسرائيليين – يعتقدون أن إعلان ترامب خطته إعلانًا رمزيًا في المقام الأول، ذو صبغة سياسية بامتياز، وهو ما أشار إليه المعلق السياسي في القناة 13 الإسرائيلية، رفيف دروكر، الذي يرى أن “صفقة القرن” بمثابة صفقة بين ترامب وبنيامين نتنياهو قبيل الانتخابات سواء في “إسرائيل” أم أمريكا، مؤكدًا أن الخطة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام نتنياهو لضم جميع المستوطنات في الضفة إلى السيادة الإسرائيلية من دون أن تدفع “إسرائيل” أي مقابل للسلطة الفلسطينية.
وأوضح في تعليقه على الخطة التي أجريت مشاورات بشأنها في البيت الأبيض بين ترامب ونتنياهو وبيني غانتس، أنها ليست خطة لتسوية سياسية وإنهاء الصراع، وإنما مخطط سياسي منسق بشكل تام بين ترامب ونتنياهو ليكون طوق نجاة لرئيس الوزراء وتعزيز فرصه لتشكيل الحكومة المستقبلية بـ”إسرائيل”.
أول اختبار حقيقي لهذه الخطة التي يسميها الفلسطينيون “صفقة تصفية القضية الفلسطينية” سيكون بحال انتخب ترامب رئيسًا لولاية ثانية
فالخطة تشكل قشة الإنقاذ لرئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يواجه تهمًا بملفات الفساد، تكاد أن تزج به داخل السجون فضلًا عن هدم مستقبله السياسي، بجانب إمكانية تعزيز فرصه للفوز على رئيس تحالف “أزرق – أبيض”، غانتس، وتشكيل حكومة مستقبلية عقب حسم انتخابات الكنيست التي ستجري في 2 من مارس/آذار المقبل.
الأمر كذلك ينطبق على ترامب الذي يواجه إجراءات لعزله في الكونغرس، ومن ثم جاء توقيت هذه الصفقة لإشغال الرأي العام الأمريكي والعالمي بتداعياتها ومناقشتها وتبادل وجهات النظر حيال بعض تفاصيلها، ما يوجه الأنظار بعيدًا عن أزمته الداخلية التي ربما تجهض حلمه في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.
وعلى الأرجح فإن أول اختبار حقيقي لهذه الخطة التي يسميها الفلسطينيون “صفقة تصفية القضية الفلسطينية” سيكون بحال انتخب ترامب رئيسًا لولاية ثانية، وحين تحقيق هذا الشرط فإن ما حدث لا يعدو كونه تدخلًا مباشرًا في الانتخابات الإسرائيلية تحقيقًا لمكاسب سياسية مشتركة بين الرئيس الأمريكي وصديقه المقرب رئيس الحكومة الإسرائيلية.
How Isreal’s Disease has spread !#صفقة_القرن_لن_تمر #القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية #صفقه_القرن pic.twitter.com/yXuUesVgSM
— حـ،،ُّ،ــون (@hasson_official) January 29, 2020
توقيت مناسب
بجانب الأبعاد السياسية في إعلان ترامب عن الخطة والمكاسب المتوقعة، فإن كشف تفاصيلها جاء في وقت يعاني فيه المشهد العربي من انقسامات حادة، لم يشهدها الجسد العربي منذ توقيع الرئيس المصري الراحل أنور السادات لاتفاقية كامب ديفيد في 1979.
وفي جولة سريعة على الخريطة العربية نلاحظ حالة اختلاف وتباين وشقاق فريدة من نوعها، وعلى المستويات كافة، فخليجيًا تعاني دول مجلس التعاون من انقسام حاد منذ يونيو 2017، حين أقدمت السعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر على قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ورغم مساعي الوساطة، فإن الأمر ما زال على وضعيته الأولى.
وفي اليمن وسوريا وليبيا.. يعاني الشارع العربي من تحزب واستقطاب سياسي وعسكري وأمني، فضلًا عن تأجج الأوضاع الداخلية في العراق ولبنان والسودان، بخلاف انكفاء القاهرة على أزماتها الداخلية، وانشغال الرياض بخطتها الليبرالية الساعية لتحسين صورة ولي عهدها.
بين رافض ومؤيد وداع إلى دراسة الخطة بتأن قبل الحكم عليها، تباينت ردود الفعل العربية حيال الصفقة المعلنة، فيما التزمت بعض العواصم الصمت
الأمر لم يتوقف عند تلك الأزمات فحسب، بل جاءت هرولة بعض العواصم العربية لتطبيع علاقاتها مع تل أبيب لتسكب الزيت على النار، وتؤجج مشاعر الاحتقان بين الشعوب العربية بعضها البعض، حتى وصل الوضع إلى تمثيل بعض الدول العربية خلال إعلان ترامب صفقته وكان في مقدمتهم الإمارات والبحرين وسلطنة عمان.
لم يجد ترامب أرضًا خصبة لكشف صفقته كتلك التي وجدها في الأرضية العربية الممزقة، حتى إن تناولت محاورًا تنسف مرتكزات القومية العربية وتهدم جدران وثوابت القضية الفلسطينية التي دفع العرب للزود عنها عشرات الآلآف من الأرواح وعشرات السنين من المقاومة والتصدي للاعتداءات الغاشمة.
لم يكن ليجرؤ #ترمب ليُحدّث نفسه ، لا أن يُعلن عن خطة ، لبيع #فلسطين إلا لأنه وجد تخاذل العرب وتآمر بعضهم سراً وجهراً على #القضية_الفلسطينية ..
نقل سفارة أميركا إلى #القدس ولم يجد رد فعل عربي .. وهو ما دفعه للإعلان عن #بلفور_2 ..#صفقة_القرن #لا_لصفقة_القرن #القدس_عاصمة_فلسطين pic.twitter.com/YLm78YaBnD
— جابر الحرمي (@jaberalharmi) January 29, 2020
رد فعل باهت
بين رافض ومؤيد وداع إلى دراسة الخطة بتأن قبل الحكم عليها، تباينت ردود الفعل العربية حيال الصفقة المعلنة، فيما التزمت بعض العواصم الصمت دون إبداء أي رد فعل حتى كتابة هذه السطور، البداية كانت مع السعودية التي ثمنت جهود الرئيس ترامب التوصل لسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحثت على بدء مفاوضات مباشرة بين الطرفين برعاية أمريكية للوصول إلى حل عادل وشامل.
الأمر ذاته تبنته القاهرة، فعلى لسان خارجيتها دعت الطرفين المعنيين إلى الدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية والوقوف على أبعادها كافة وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات، أما سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة فقال إن بلاده تقدر الجهود الأمريكية المستمرة للتوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين و”إسرائيل”، وأن الخطة تشكل مبادرة جادة لمعالجة الكثير من القضايا العالقة.
إعلان الصفقة في هذا التوقيت يتضمن بالون اختبار لجهود الدبلوماسية الإسرائيلية في تطبيع العلاقات مع الدول العربية
فيما أعلنت الخارجية القطرية أنها تقدر المساعي الأمريكية لإيجاد حلول للصراع العربي الإسرائيلي “طالما كانت في إطار الشرعية الدولية”، بينما أكدت الخارجية الأردنية إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط.
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في بيان له، أوضح أن بلاده تدعم كل جهد حقيقي يستهدف تحقيق السلام العادل والشامل الذي تقبله الشعوب، داعيًا إلى إجراء مفاوضات جادة ومباشرة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، بما في ذلك حماية مصالح المملكة.
وفي المقابل هناك ما يزيد على عشر دول عربية لم تكشف موقفها بعد من الصفقة، على رأسها المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا والكويت ولبنان والعراق، فيما تذهب الترجيحات إلى دراستهم للموقف تجنبًا للوقوع في موقف حرج سواء مع شعوبهم أم الإدارة الأمريكية.
بالونة اختبار
فريق يذهب إلى أن إعلان الصفقة في هذا التوقيت يتضمن بالون اختبار لجهود الدبلوماسية الإسرائيلية في تطبيع العلاقات مع الدول العربية، كذلك تقييم مساعي تل أبيب في ضرب المرتكزات القومية العربية التي كانت في مقدمتها رفض الكيان الإسرائيلي ودعم القضية الفلسطينية وفتح المجال أمام الشارع العربي للتعبير عن رأيه في هذه القضية التي تعتبر قضيته الأولى.
نجح الإسرائيليون خلال الآونة الأخيرة في تعميق التقارب مع بعض الدول العربية على رأسها الإمارات وعمان والبحرين والسعودية، وهو ما تجسد في التصريحات الدافئة المتبادلة بينهما بجانب تبادل الزيارات والمشاركات على كل المستويات، سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية.
كثير من الحكام العرب يعتبرون أن تل أبيب بوابة استرضاء واشنطن، وعليه سعى كل حاكم إلى تقديم أوراق اعتماده لنيل رضا العم سام عبر الهرولة نحو التطبيع وتقديم قرابين الولاء والطاعة، وهو ما تفسره المواقف الأخيرة لكثير من الساسة والشخصيات العامة في الحلف الداعم لإدارة دونالد ترامب.
بينما تعزف الحكومات العربية على أوتار التأرجح بين الدعم والدعوة لدراسة متأنية للخطة، جاءت مواقف دول أخرى أكثر وضوحًا وحسمًا
للمرة الثالثة على التوالي تجد الحكومات العربية نفسها أمام خيار صعب لا يمكن تجاهله، يتطلب منها اتخاذ موقف واضح لنصرة القضية الفلسطينية خاصة والقضية العربية من الاحتلال بوجه عام، لكن كالعادة خسر المراهنون على تبني توجه موحد قادر على إحداث التوازن في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.
حالة من الانبطاح التام شهدتها أروقة الحكم في العالم العربي لا سيما حيال القضية الفلسطينية، وبعدما كانت الأرض العربية تهتز تحت أقدام الملايين من الشعب العربي نصرة لأشقائهم الفلسطينيين، دخل اليوم الجميع سراديب الصمت والخذلان، وهو ما شجع ترامب وغيره على التجرؤ على الثوابت العربية وتحويل ما كان بالأمس خيالًا غير قابل طرحه ولو من باب الأمنيات إلى واقع يلامس الأرض.
يذكر أنه منذ 2011 تذيلت القضية الفلسطينية قائمة أولويات النظم العربية التي باتت منشغلة بأوضاعها الداخلية، ما دفعها لاستخدام المبدأ الميكافيلي في الحفاظ على كراسيها، حتى لو كان ذلك من خلال غض الطرف عن جرائم الاحتلال، أو عن طريق مباركة بعض هذه الانتهاكات بصورة ضمنية، تارة عن طريق ادعاءات دعم جهود السلام وأخرى عن طريق تحميل الداخل الفلسطيني مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع.
ما البديل؟
بينما تعزف الحكومات العربية على أوتار التأرجح بين الدعم والدعوة لدراسة متأنية للخطة، جاءت مواقف دول أخرى أكثر وضوحًا وحسمًا، على رأسها الموقف التركي الإيراني، حيث جاء رافضًا للصفقة شكلًا ومضمونًا، واصفًا إياها بمخطط لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.
أنقرة اعتبرت في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن الصفقة “ولدت ميتة، وأنها لا تسعى إلا لقتل حل الدولتين وسرقة الأراضي الفلسطينية”، مضيفة “السلام لن يحل في الشرق الأوسط ما دام الاحتلال قائمًا.. تركيا لن تسمح بالخطوات الرامية لشرعنة الاحتلال وظلمه”.
من جانبه شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستواصل جهدها للعمل من أجل قيام دولة فلسطين المستقلة في الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا رفضه لمثل هذه المبادرات التي تستهدف تقويض القضية وإجهاض حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية.
وفي السياق ذاته شهدت العاصمة التركية، أنقرة، أمس الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية، رفضًا للصفقة، وقد جاءت الوقفة تلبية لدعوة وجهتها العديد من المؤسسات الإغاثية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، حيث احتشد المحتجون أمام السفارة للتنديد بالخطة الأمريكية.
وحرص المحتجون – بحسب مراسل الأناضول – على رفع لافتات عليها عبارات مناصرة للقدس من قبيل “القدس إسلامية” و”سلام على القدس” و”نحن يقظون من أجل فلسطين”، ورددوا هتافات مناهضة للولايات المتحدة و”إسرائيل”.
إيرانيًا.. وصفت طهران ما أسمته “خطة العار التي فرضها الأميركيون على الفلسطينيين” بأنها “خيانة العصر ومحكومة بالفشل”، مبدية استعداها لوضع الخلافات جانبًا والتعاون الحثيث مع كل دول المنطقة لمواجهة “مؤامرة ترامب”، كما وصفتها.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في تغريدة له تعليقًا على الصفقة قال إنها – أي خطة السلام الأمريكية – ستكون بمثابة كابوس على المنطقة والعالم أجمع، داعيًا دول المنطقة إلى التوحد والتحرك معًا ضد الخطة، واصفًا إياها بأنها “مشروع حلم لمقاول مفلس”.
The so-called “Vision for Peace” is simply the dream project of a bankruptcy-ridden real estate developer.
But it is a nightmare for the region and the world
And, hopefully, a wake-up call for all the Muslims who have been barking up the wrong tree.#LetsUniteForPalestinians pic.twitter.com/j2CJ9JaH9c
— Javad Zarif (@JZarif) January 28, 2020
كما دعا ظريف دول المنطقة إلى التحرك معًا في مواجهة الخطة التي تسعى أمريكا لفرضها على الفلسطينيين، موجهًا رسالة لعموم المسلمين في مختلف دول العالم قال فيها: “أتمنى أن يكون هذا الإعلان بمثابة جرس إنذار لكافة المسلمين للتوحد بشأن فلسطين”.
رد الفعل حيال الخطة الأمريكية ربما يدفع الفلسطينيين إلى أن يكونوا أكثر براجماتية في التعاطي مع الكثير من الملفات، ويحثهم على إعادة النظر في خريطة تحالفاتهم الخارجية، فالمواقف العربية خلال السنوات الماضية التي تعرضت فيها القضية الفلسطينية إلى طعنات مميتة تميزت بالخذلان الذي أفقد الشارع الفلسطيني الثقة في الحكومات العربية.
وفي هذا الإطار يعتبر البعض أن صفقة ترامب ربما تكون الهدية الأكبر لمحور إيران – تركيا، لتعزيز حضورها داخل فلسطين رغم التهديدات العربية، خاصة في هذا التوقيت الذي يتأجج فيه الصراع الأمريكي الإيراني من جانب وتوتير العلاقات مع أنقرة جراء حزمة من الملفات من جانب آخر.
ومن ناحية أخرى فالصفقة من المتوقع أن توحد الشعب الفلسطيني بجميع فصائله ضد الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج والشرق الأوسط، وهو ما تجسده المواقف الرسمية من التيارات كافة، بدءًا من سلطة حركة فتح بقيادة الرئيس محمود أبو مازن الذي رفض تلقي اتصالات من ترامب وصولًا إلى حركة حماس وبقية حركات المقاومة التي أجمعت على كلمة واحدة وهي رفض الخطة المقدمة بكل تفاصيلها.
وبصرف النظر عن استبعاد تطبيق خطة السلام التي قدمها ترامب على أرض الواقع، إلا أنها ربما تغير خارطة التحالفات في المنطقة، مقسمة إياها إلى ثلاثة أقسام، الأول: الحلف الداعم للصفقة ويمثله أمريكا وإسرائيل وحلفهما وفي مقدمته الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، بجانب بعض الدول الأوروبية الداعمة للخطة، أما القسم الثاني فهو الرافض تمامًا للصفقة ويمثله السلطة الفلسطينة وتيارات المقاومة بجانب تركيا وإيران، فيما يتمحور القسم الثالث حول الدول المتحفظة بشأن إصدار موقف رسمي، رغبة في مسك العصا من المنتصف.
وتلبي الخطة المقدمة المتطلبات الأمنية لـ”إسرائيل” بالكامل، ولا تطلب من دولة الاحتلال تحمل مخاطر أمنية إضافية، وتمكنها من الدفاع عن نفسها بمفردها ضد أي تهديدات، فيما تؤكد أن القدس عاصمة للكيان المحتل، بجانب قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح “تعيش بسلام” إلى جانب “إسرائيل”، مع احتفاظ “إسرائيل” بالمسؤولية الأمنية غرب نهر الأردن، وتجريد حركات المقاومة من السلاح بخلاف السماح للإسرائيليين بضم المزيد من الأراضي.