ترجمة وتجرير فريق نون بوست
في الوقت الذي كان فيه مرشحو الرئاسة الديمقراطيون يتصارعون فيما بينهم في مرحلة التصويت المبكر في مختلف الولايات خلال سنة 2019، أنشأت حملة إعادة انتخاب دونالد ترامب آلية إعلان متطورة على مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع الناخبين المحافظين وتطوير قائمة بريدها الإلكتروني وتحسين خدمة الرسائل.
يظهر تحليل حديث أجرته صحيفة “الغارديان”، أن حملة ترامب أنفقت على مدار سنة 2019 حوالي 20 مليون دولار على أكثر من 218 ألف إعلان مختلف على فيسبوك. وضمن هذه الإعلانات، تصدرت بعض الصور ومقاطع الفيديو أخبار الصفحة الأولى نظرا لمحتواها الذي يحرض على كراهية الأجانب، وإشاعة الفزع، والحقد والمغالطات.
لكن الحملة تقوم كذلك على أسلوب معتاد في الترويج تنتهجه منصات التواصل الاجتماعي يقوم على حيلٍ تسويقية كلاسيكية مصممة لجمع بيانات المستخدمين. ويبدو أن حملة ترامب التي تعرض هذه الإعلانات، التي تعتبر خالية من المحتوى إلى حد كبير ومصممة لزيادة المشاركة بمجرد القيام بطلب بسيط مرارا وتكرارا، كانت فعالة.
أثار تفوق ترامب على فيسبوك مخاوف الديمقراطيين. وفي تصريح له لصحيفة “الغارديان”، أورد براد بارسكال، الذي صمم حملة ترامب الرقمية خلال سنة 2016 وعينه ترامب مدير حملته الانتخابية لسنة 2020، في إطار تبجحه بتطور الحملات على فيسبوك: “تركز الحملة على جمع البيانات، إذا حاولنا التواصل معك في العالم الافتراضي، فنحن نريد أن نعرف من أنت وكيف تفكر لننقلك إلى قواعد البيانات التابعة لنا، وذلك حتى نتمكن من تطويعها والتعلم مجددا لنفهم ما يحدث”.
توضيحًا للطريقة التي يتوخاها ترامب في التواصل مع الأمريكيين على فيسبوك في دورة انتخابات 2020، أنشأت صحيفة الغارديان” قاعدة بيانات تضم جميع إعلانات الحملة البالغ عددها 218.100 إعلان التي أُطلقت في خضم حملة 2019، بالاعتماد على واجهة برمجة التطبيقات لأرشيف الإعلانات السياسية على فيسبوك (إيه بي آي). ويعتبر هذا التحليل لإعلانات حملة إعادة انتخاب ترامب على فيسبوك الأكثر شمولية حتى الآن.
يتفوق ترامب على منافسيه الديمقراطيين على فيسبوك. والمرشح الديمقراطي الذي يتصدر قائمة المرشحين الأكثر إنفاقا هو توم ستاير بـ 16.8 مليون دولار مقابل 12.704 إعلانا فقط نشر على المنصة الافتراضية على مدار السنة، بينما يعد العمدة السابق لبلدة ساوث بيند في ولاية إنديانا، بيت باتيغياغ، هو الأقرب من العدد الجملي لإعلانات ترامب بـ 74.286 إعلانًا.
كل ما يمكن قوله بشأن الإعلان الوحيد الذي يعتبر ناجحا من بين مئات الآلاف من الإعلانات المنشورة على فيسبوك ضمن حملة ترامب لسنة 2019، أنه كان مضجرا بامتياز. وقد ورد في نص هذا الإعلان الذي يظهر في أعلى صورة ترامب ما يلي: اعتمد “استطلاع الموافقة الرسمي”. “اعتمد استطلاع الموافقة الرسمي وصوت لترامب الليلة قبل 11:59 ليُحتسب صوتك في النتائج الرسمية”.
تهدف إعلانات “استطلاع الموافقة الرسمي” إلى جعل مؤيدي ترامب يقومون بـ “مسح أداء وظيفي” مصمم لجمع عناوين البريد الإلكتروني. وقد حصدت الرسالة المتكونة من جملتين مكررتين تظهران في أعلى صور دونالد ترامب 48.9 مليون “انطباعا” على الأقل، وهو مقياس يشير إلى عدد المرات التي عرض فيها الإعلان للمستخدمين. أطلقت الحملة هذا الإعلان مئات المرات كل بضعة أيام بعدد إجمالي يصل إلى 3578 مرة، وذلك بين شهري أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، على الرغم من أن الموعد النهائي الذي تكرر في نص الإعلان كان “الساعة 11:59 في نفس الليلة”.
نموذج عن مضمون إعلانات فيسبوك الأكثر شعبية لحملة ترامب 2020.
يعتبر أي تحليل لإعلانات فيسبوك محدودا، لأنها تصور جانبا واحدا من جوانب الحملة السياسية؛ فالرسائل التي تُكون صالحة على المنصة لا تعكس بالضرورة إلا أكثر “ما هو ناجع على فيسبوك”. ما يوفره فيسبوك من بيانات من خلال واجهة برمجة التطبيقات لأرشيف الإعلانات السياسية محدود أيضًا. وفي حين أن الحملات قد تأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل عند تحديد مجموعة الناخبين الذين يجب استهدافهم من خلال إعلان ما، فإن فيسبوك لا يوفر للباحثين والصحفيين سوى معلومات ديموغرافية وجغرافية حول الفئة العمرية والجنس التي حقق فيها الإعلان أفضل أداء (مثلا 17 بالمئة ممن شاهدوا الإعلان هم رجال تتراوح أعمارهم بين 45 و54 سنة و22 بالمائة منهم في تكساس).
لا يوفر فيسبوك سوى بيانات حول الأموال التي أنفقت وعدد الانطباعات لكل مجموعة إعلانات. ووفقًا للبيانات المتوفرة، شاهد من 0 إلى 999 مستخدما لفيسبوك ما يناهز 158.909 (أو 72 بالمائة) من الإعلانات التي عرضتها حملة ترامب في سنة 2019. يعني هذا الفارق غير الدقيق أنه في مجموع يمكن لهذه الإعلانات أن تحصد من 0 حتى 158 مليون انطباع بغض النظر عن المكان.
جعل فيسبوك من تحليل العنصر “الإبداعي” عسيرا في الإعلانات السياسية. تنشأ إعلانات فيسبوك مثل المنشورات التي يمكن للمستخدم العادي نشرها، مع جزء من النص (“النسخة”) أعلى صورة أو مقطع فيديو ورابط مؤدي لصفحة أخرى. وتسمح واجهة برمجة التطبيقات لأرشيف الإعلانات السياسية بتنزيل النسخ الـ 218.100 الإعلانية الخاصة بترامب فقط وليس الصور أو مقاطع الفيديو.
بعبارة أخرى، لا يمكن الولوج إلى الصور أو مقاطع الفيديو إلا من خلال عناوين يو آر إل الفردية، التي تتوفر في شكل يتطلب استخدام “رمز الدخول”. كان استخراج الابتكار من عناوين يو آر إل لجميع الإعلانات البالغ عددها 218.100 إعلان يتجاوز قدراتنا التقنية. ومع ذلك، يوفر التحليل رؤية جديدة حول الرسائل التي اختارت حملة ترامب الاستثمار فيها وما الذي يجعل ناخبي ترامب يشاهدونها وينقرون عليها.
إعلانات سلع حملة ترامب
مرور سنة على إعلانات ترامب
أنفقت حملة ترامب 19.4 مليون دولار على 218.100 من إعلانات فيسبوك المختلفة في سنة 2019، والتي شوهدت ما بين 633 مليون و1.3 مليار مرة. في الواقع، لم تقدم الحملة 218.100 رسالة مختلفة تمامًا. بدلاً من ذلك، كما حدث مع إعلان “استطلاع الموافقة الرسمي”، عُرضت مئات الاختلافات البسيطة في عدد أقل من الإعلانات المتميزة. عثرنا على 1840 إصدارًا متميزًا من النسخة الإعلانية، حيث أُديرت الحملة في أي مكان من إصدار واحد إلى أكثر من ثلاثة آلاف إصدار. في بعض الحالات، تظهر الاختلافات داخل شريحة معينة من الإعلانات (أي عندما تكون هناك اختلافات في الصورة أو الفيديو المصاحب لنسخة الإعلان) ولكن ليس في إعلانات أخرى (أي إذا كان الاختلاف الوحيد يعتمد على خيارات استهداف الحملة).
في الوقت الذي ينشر فيه ترامب إعلانات على صفحة فيسبوك على مدار السنة، تصاعدت في الخريف حدةّ الاستفسارات حول اتهامات سحب الثقة الموجهة إليه. كان يوم الجمعة 27 أيلول/ سبتمبر أكثر يوم أُنفقت فيه مبالغ طائلة على إعلانات فيسبوك (317.362 دولار أمريكي) ــ واليوم نفسه الذي صدر فيه بلاغ أوكرانيا. أما اليومان الثاني والثالث الأكثر تكلفة فكانا يومي 20 و21 كانون الأول/ ديسمبر ـ الجمعة والسبت بعد اقتراح عزله من قبل مجلس النواب. وكان اليوم الرابع موافقا لـ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد يوم من بدء جلسات الاستماع في مجلس النواب بشأن سحب الثقة.
القضايا والأعداء
إذا حاولت استنتاج القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للناخبين الأمريكيين من إعلانات الرئيس على فيسبوك، تجد أن الشاغل الأول للناخبين لم يكن الرعاية الصحية (كما أظهرت استطلاعات الرأي المستمرة) وإنما المخالفات المفترضة في وسائل الإعلام الرئيسية. بعبارة أخرى، وردت وسائل الإعلام و”أخبارها المزيفة” في 18.25 بالمئة من إعلانات ترامب في سنة 2019 – أكثر من أي قضية أخرى. وتأتي قضية ترامب المميزة ــ الهجرة والجدار الحدودي ــ في المرتبة الثانية، ثم تتبعها إجراءات سحب الثقة، والاقتصاد، وحقوق السلاح، والمحكمة العليا.
من جهة أخرى، تظهر المقترحات والمبادرات السياسية الفعلية بشكل أقل تواترًا، على الرغم من أن الحملة عرضت شرائح صغيرة جدًا من الإعلانات حول “قانون الخطوة الأولى”، والإجازة العائلية مدفوعة الأجر، و”اختيار الرعاية الصحية”، والقسوة على الحيوانات بشكل مثير للاهتمام. في حين لم يذكر إعلان واحد أزمة المناخ أو البيئة.
إعلانات حملة ترامب حول الإساءة إلى الحيوانات تُظهر صورا لحيوانات لطيفة.
إن ذكر الأعداء السياسيين والمظالم سمة شائعة في إعلانات ترامب، حيث عرضت الحملة عدد إعلانات تذكر عبارة “مطاردة الساحرات” أكثر بـ 10 أضعاف من عدد الإعلانات التي تذكر الإرهاب، وعددا من الإعلانات المتعلقة بخططه الخاصة للتجارة أو الاقتصاد التي يعد عددها تقريبا بنفس عدد الإعلانات التي تحذر من “الاشتراكية”. كما ذكرت العديد من الإعلانات خصوم ترامب السياسيين بالاسم، وكانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، من أكثر الأشخاص المذكورين (والمتهجم عليهم)، يليها زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، ورئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب آدم شيف، والنساء اليمينيات: على غرار النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز وإلهان عمر.
يذكر عدد قليل نسبيا من إعلانات ترامب خصومه الديمقراطيين المحتملين لسنة 2020، على الرغم من ذكر كل من إليزابيث وارين وجو بيدن وبيرني ساندرز وبيتو أوروك في بعض الإعلانات بالاسم. كانت وارن التي أُشير إليها بكتابتين مختلفتين لكلمة “بوكاهونتاس”، أكثر الأشخاص الذين ذكرتهم الإعلانات وأولهم.
ربما اعتاد الأمريكيون على لغة ترامب الخشنة المستخدمة على تويتر وخلال تجمعاته، كما وضعت حملته الكثير من لمساته الشعرية في إعلاناته على فيسبوك. بالإضافة إلى تسمية وارن “بوكاهونتاس” أو “بوكوهونتاس”، أشار ترامب إلى ساندرز باسم “بيرني المجنون” وأشار إلى بايدن باسم “جو النعسان”، وغالبا ما تُلقب بيلوسي “بالكاذبة والمحتالة”. سُمي شيف بـ “آدم شيف الصغير” أو “شيف الماكر”، وأُشير إلى عضو الكونغرس الديمقراطي أل غرين، الذي مثل أول الداعين لعزل ترامب، بـ “منخفض الذكاء أل غرين”، وسمي الديمقراطيون في الكونغرس بشكل عام بـ “الهمج الديمقراطيين عديمي الفائدة”.
تعرِض العديد من إعلانات الفيديو تسجيلات صوتية تحتوي على تحذير لترامب من أن تهدد أحداث سخيفة، مثل تلك التي يزعم فيها أن الديمقراطيين “يشجعون بصراحة ملايين الأجانب غير الشرعيين”، بـ “تدمير أمتنا”. في بعض الأحيان، تبدو هذه التسجيلات غير متماسكة، حيث أورد ترامب في أحد مقاطع الفيديو قائلا: “إنهم يمتلكون صائدي السحرة، ولديهم كل هذا الهراء، وهل تعلم، يدرك الناس ذلك، وهذا هو السبب في أن أعدادنا في الاستطلاعات مرتفعة للغاية”.
تستخدم الإعلانات المتعلقة بالهجرة الكلمات والصور المظلمة خاصة، وهو ما يثير الخوف من “قافلة بعد القافلة” من المهاجرين أو ما يحث الناخبين على التصويت بنعم أو لا على “ترحيل المهاجرين غير الشرعيين”. وفي الواقع، استخدم إعلان عُرض بعد بدء التحقيق في الإقالة صور جوزيف ستالين وفيدل كاسترو وأعضاء المجموعة الهامشية للحزب الشيوعي الثوري وهم يحرقون العلم الأمريكي، للإيحاء بأن المرشحين الديمقراطيين كانوا “يدمرون القيم الأمريكية”. ويقول الإعلان، قبل ظهور ترامب تحت سماء زرقاء “رجل واحد فقط يمكنه إيقاف هذه الفوضى”.
إعلانات حملة ترامب حول الهجرة
انقر، انقر، انقر
لا يقتصر الأمر على الهلاك والكآبة والخوف، حيث تعتمد العديد من إعلانات ترامب نوعا من التسويق البهيج والوطني الذي يتوقعه المرء من بيع الأثاث في صالة العرض في الرابع من تموز/ يوليو. قد لا تستهدف هذه الإعلانات المنافسين الديمقراطيين لترامب، لكن يبدو أنها تساعد في جمع التبرعات الكبيرة لحملة إعادة الانتخاب. صممت إعلانات فيسبوك للحث على اتخاذ إجراءات عبر الإنترنت، ومن الواضح أن جميع إعلانات حملة ترامب تهدف بشكل واضح إلى إنتاج واحد من أربعة: التبرع بالمال وحضور تجمع أو شراء سلع الحملة أو تزويد الحملة بعنوان البريد الإلكتروني للمستخدم أو رقم هاتفه المحمول.
لتحقيق هذه الغايات، يبدو أن الحملة تستخدم بعض الحيل التسويقية الأساسية والمحفزة للنقر، التي ليس لها أي علاقة تذكر بالسياسة الرئاسية. من بين تلك الإعلانات التي تسعى إلى الحصول على معلومات المستخدم، نذكر على سبيل المثال، أرقام ضخمةً حول مسابقة من نوع ما. عرضت حملة ترامب 5551 إعلانًا على فيسبوك يروج لمسابقات الفوز بقبعتين موقّعتين – “قبعة مليون فقط يجعل أميركا عظيمة مجددًا” و”أول قبعة لنبقي أميركا عظمى”. وتشمل المسابقات الأخرى وجبات مع ترامب في محطات مختلفة للحملات. كما عرضت الحملة أكثر من 30 ألف إعلان تطلب من المؤيدين توقيع “بطاقات” مختلفة لعائلة ترامب – لعيد ميلاد دونالد وعيد ميلاد ميلانيا وعيد الميلاد وعيد الحب وعيد الشكر والعام الجديد.
كانت الاستطلاعات المشابهة لاستطلاع الموافقة الرسمي شكلاً شائعًا من عملية جمع البيانات، حيث وقع تشجيع المستخدمين على النقر على مجموعة واسعة من الأسئلة التبسيطية ولكن الجذابة على ما يبدو:
هل ستختار ترامب أم الديمقراطيين في 2020؟
استطلاع رأي نيويورك تايمز حول خضوع ترامب للمساءلة
استطلاع الرقابة المفروضة على ترامب
هل يجب أن يُعزل ترامب؟ نعم أم لا؟
تأمين الحدود؟ نعم أم لا؟
تصويت حول اشتراكية الرئيس ترامب
هل تعد وسائل الإعلام منصفة تجاه الرئيس؟
في إصدار من الحملة السياسية يقوم على اختبار شركة بزفيد الذي لا يقاوم، توجه الاستطلاعات المستخدمين إلى ملأ استمارة حيث يجب عليهم إدخال عناوين بريدهم الإلكتروني أو أرقام هواتفهم المحمولة لتسجيل إجابتهم. تستخدم الإعلانات التي تشجع على التبرعات اللغة لزيادة الإلحاحية – وغالبا ما تحتوي على وعود بأن تُضاعف “التبرعات”. في أوقات مختلفة على مدار السنة، عرضت الحملة إعلانات تعد بأن التبرعات ستتضاعف “بمرتين” و”ثلاث مرات” و “أربع مرات” وحتى “خمس مرات”. ولكن لا ترتبط الإشارات المتكررة إلى “المواعيد النهائية” بالموعد النهائي الفعلي الذي حددته لجنة الانتخابات الفيدرالية.
يمكن رصد استراتيجية أخرى لتجميع رسائل البريد الإلكتروني وهي نداء يطلقه ترامب تحت شعار “أضف اسمك” إلى العديد من المطالب أو القوائم، لإقناعك كمتلقي بأن ترامب سيقرأ القائمة، و”سيبحث عن اسمك”. وكلما ارتفع عدد رسائل البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف التي تجمعها حملات ترامب، قلت الحاجة إلى الاعتماد على فيسبوك للتواصل مع هؤلاء الناخبين.
أمثلة لإعلانات ترامب التي تحث مؤيديه على التبرع بالمال لحملته
إشارة للمستقبل؟
تجعل البيانات المحدودة جدا التي يُتيحها فيسبوك من المستحيل كشف مدى تعقيد آلية الاستهداف التي تقوم عليها إعلانات ترامب. لكن يمكن أن توفر شريحة صغيرة من الإعلانات التي أُطلقت في نهاية سنة 2019 معاينة للحملات الهجومية المستهدفة. بين 22 كانون الأول/ ديسمبر و29 كانون الأول/ ديسمبر، عرضت حملة ترامب إعلانات فيديو تستهدف 10 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي بالاسم – فقط داخل ولاياتهم الأصلية (وربما داخل مناطق الكونغرس الخاصة بهم). وكان جميعهم ديمقراطيين وقع انتخابهم لأول مرة في سنة 2018، ويمثلون جميعًا الدوائر التي صوتت لصالح ترامب في سنة 2016.
باختصار، سيبطل تصويت ممثلكم لعزل ترامب “تصويتكم”. كان استثمار الحملة في الإعلانات بسيطا نسبيًا – حوالي 20 ألف دولار. ومع ذلك، شاهد هذه الإعلانات في كل منطقة من مناطق الكونغرس العشر ما لا يقل عن 20 ألف شخص – وهو عدد أكبر بكثير من الحد الأدنى لفوز كل ممثل في انتخابات 2018.
هل سيحدث فيسبوك الفرق
يُعد التناقض بين إعلانات ترامب على فيسبوك وإعلانات المرشحين الديمقراطيين صارخا، حيث تهيمن برامج الناخبين الديمقراطيين للرعاية الصحية وتغير المناخ والقدرة على تحمل التكاليف في الجامعات وغيرها من قضايا المعيشة على رسائل الديمقراطيين – والتي غالباً ما تهدف إلى الإقناع بدلاً من الإلهام. يمثل عمدة مدينة نيويورك السابق، مايكل بلومبرغ، المرشح الذي يمكن أن تنافس حملته على فيسبوك حملة ترامب.
بعد الدخول في السباق في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، استثمر الملياردير على الفور في حملة ضخمة على هذا الموقع، حيث أنفق أكثر من ستة ملايين دولار على 16.260 إعلانًا – وحصل على عدد انطباعات (أكثر من 500 مليون) أكثر من منافسيه الأساسيين الذين أمضوا أكثر من سنة كاملة في تنظيم الحملات.
عموما، كانت حملة بلومبرغ تحاكي بعض جوانب حملة ترامب، حيث عرضت مئات الاختلافات البسيطة في إعلانات مماثلة التي تهدف إلى إثارة غضب المشاهدين من خلال عرض إعلانات سلبية حول ترامب. إلى جانب ذلك، بدأت حملة بلومبرغ، في كانون الثاني/ يناير، في عرض مجموعة من الإعلانات التي تضم مشاهد لحيوانات لطيفة ومعرضة للخطر.
نشر مايك بلومبرغ أيضًا إعلانات على صفحة فيسبوك عن الحيوانات الرائعة والمعرضة للخطر.
مازلنا بحاجة إلى التريّث للتحقق مما إذا كانت هذه الحيل ستُترجم إلى نصر. ولكن الفكرة القائلة إن إعلانات ترامب على فيسبوك كانت حاسمة في سنة 2016، قد حظيت بتأييد السلطة التنفيذية مؤخرًا التي عينت أندرو بوسورث للإشراف على إدارة إعلانات فيسبوك في ذلك الوقت. في هذا الشأن، كتب بوسورث في مذكرة مسربة “هل كان فيسبوك مسؤولاً عن انتخاب دونالد ترامب؟ أعتقد أن الإجابة هي نعم، ولكن ليس للأسباب التي يفكر بها أي شخص. لم يُنتخب بسبب روسيا أو المعلومات المضللة أو بفضل تحليلات شركة كامبريدج أناليتيكا. لقد اُنتخب لأنه أدار أفضل حملة إعلانية رقمية رأيتها على الإطلاق من أي معلن منذ فترة”.