ترجمة وتحرير نون بوست
لقد كان الشهرين الماضيين مزدحمين للغاية بالنسبة للدولة الإسلامية “داعش”، فبعد أسبوعين من الاستيلاء على الموصل – ثاني أكبر المدن العراقية – أعلنت داعش الخلافة يوم 29 يونيو، وتزعم أنها تتحدث باسم المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار مسلم، شقت الدولة طريقها نحو بغداد حيث حكومة يهيمن عليها الشيعة، في بداية شهر أغسطس، انتقلت داعش إلى الشمال ناحية المنطقة الكردية في العراق حيث مرت على أقليات العراق في طريقها، هاجمت المسيحيين والأيزيديين وحتى السنة من سكان تلك البلاد، تهديد داعش وصل إلى عاصمة الأكراد في أربيل، باراك أوباما حينها أذن بطلعات جوية وضربات ضد التنظيم في العراق، بينما كانت تتوسع داعش في الأراضي السورية غربًا.
الدولة كانت سابقًا مجموعة عملت ضد الاحتلال الأمريكي في العراق، لكنها أنشأت دولة في العراق قبل أن يطردها السنة من مناطقهم بتشكيل الصحوات، استطاعت الدولة الحفاظ على وجود بسيط في العراق إذ كانت تبتز أموال الناس في الموصل، وكانت تنفذ هجمات في العراق حتى اندلعت الثورة السورية ثم الحرب الأهلية التي كانت بمثابة النعمة الكبرى لداعش.
وبفضل الإقصاء الشيعي تعاونت العشائر السنية مع داعش، وبسبب ضعف قوات الأمن والجيش العراقية التي هربت من مواجهة الدولة، تمكنت داعش من الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي العراق.
إذن كيف تقوى داعش اليوم؟ على الرغم من أن معظم المسلمين يرفضون أيديولوجية داعش الوحشية، إلا أن المجموعة استطاعت استقطاب أكثر من 6000 مقاتل في سوريا وحدها منذ يونيو الماضي حسب بعض التقديرات.
وعلى الرغم من أن الضربات الجوية الأمريكية أبعدت داعش عن بعض المناطق في جبل سنجار وسد الموصل، إلا أن باراك أوباما أوضح أنه لا ينوي العمل على القضاء على التنظيم؛ فلهزيمة التنظيم ينبغي أن يقف سنة العراق ضده، في سوريا ليس هناك حساب لما تفعله داعش، حتى مع الهجمات التي شنها نظام بشار الأسد مؤخرًا ضد الجماعة في سوريا، إلا أن الجماعة لا تزال هي الأقوى على الساحة السورية بين قوات المعارضة، في 24 أغسطس الجاري استولت داعش على مطار الطبقة بعد أسبوع من الاستيلاء على سلسلة من القرى التي يسيطر عليها المتمردون قرب حلب.
الجماعات الجهادية تميل عادة لإثبات أنهم شديدو السوء في الإدارة والحكم، وتفقد الجماعات عادة الدعم الشعبي وتتعثر في أهدافها الطموحة مثل بناء الدولة، لكن صعود الأيديولوجيا التي تمثلها داعش مع وجود فراغات متعددة في العالم العربي تسمح لمثل هذه المجموعات بالبقاء؛ مما يجعلهم مصدر إزعاج على الأقل، هذا ينطبق أيضًا على تنظيم القاعدة في اليمن، والجهاديين في مالي.
يصف مسئولون غربيون داعش على أنها أقوى وأعقد من كل الجماعات الأخرى، وتراها بعض التقديرات أكبر تهديد أمني يواجه المنطقة منذ 9/11. حرب سوريا ليس لها نهاية في الأفق، والعراق تبقى في الفوضى. إن أفضل السيناريوهات للمنطقة يرجح أن داعش ستبقى لعقود قادمة.
المشكلة ليست في سوريا والعراق وجيرانهما، فمع الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين يأتون من أماكن متفرقة حول العالم، العديد من البلدان في خطر حقيقي عند عودة هؤلاء إلى ديارهم.
المصدر: إيكونوميست